أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عباس يونس العنزي - إشكاليات جغرافيا التاريخ التوراتي محطات في حوار المفكرين العرب الصليبي و الربيعي و السواح















المزيد.....



إشكاليات جغرافيا التاريخ التوراتي محطات في حوار المفكرين العرب الصليبي و الربيعي و السواح


عباس يونس العنزي
(عèçَ حونَ الْيïي الْنٍي)


الحوار المتمدن-العدد: 4994 - 2015 / 11 / 23 - 16:06
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


منذ ثمانينيات القرن الماضي وبعد نشر كتاب الدكتور كمال الصليبي ( التوراة جاءت من جزيرة العرب ) نشبت سلسلة محاورات فكرية عميقة تناولت أصول القصص التوراتية وبيئتها الأصلية و الجغرافية الحقيقية التي وردت فيها كون تلك القصص ذات أصول تاريخية مضاف الى أبعادها الاسطورية ، وفي هذا المعنى يقول الصليبي حول الأجزاء القصصية في التوراة في كتابه المهم " خفايا التوراة " ( هي في الواقع مزيج من التاريخ الشعبي و الأساطير و الخرافات تم جمعها ثم تنسيقها فضبطها في زمن متأخر من تاريخ بني اسرائيل ) ، ولا يختلف المفكران الدكتور فاضل الربيعي و الاستاذ فراس السواح عن هذا الاقرار رغم تحفظ السواح على تاريخية اليهودية و وجودها في فلسطين حيث يقول ( ان المسح الاركيولوجي لكامل فلسطين لم يجد أثرا للمعتقدات والطقوس التوراتية خلال كامل الفترة السابقة على السبي البابلي ليهوذا ، فلا هياكل للإله يهوه التوراتي و لا معابد و لا مذابح ولا نقوش تذكره بالطريقة التي تقدمه بها التوراة ) لكنه في مقطع آخر ينفي تاريخية التوراة وبني اسرائيل و تسجيلها لأحداث و أماكن حقيقية أثبتت المسوحات الاركيولوجية واقعيتها عبر النقوش و البرديات و الكتابات التي تم العثور عليها في مصر و آشور وبابل و سوريا و يعلل وجود نوع من التطابق في احداث كثيرة ذكرت في التوراة و ما ورد في السجلات المصرية والعراقية بقيام كتبة التوراة اعتماد مصادر القصص الشعبي و الاساطير البطولية المتداولة شفهيا في فلسطين ويقول في كتابه " الحدث التوراتي و الشرق الادنى القديم " ( بأن الاسفار التوراتية ليست تاريخا موثقا يمكن الركون إليه وأن مصدرها الرئيسي هو الحكايا الشعبية و الملاحم و القصص البطولي مما كان متداولا شفاهة في فلسطين والمناطق المجاورة زمن تحرير أسفار الكتاب ) ، وإذ يتفق المفكران الدكتور الصليبي والدكتور الربيعي على تاريخية الحدث التوراتي في جوهره مع تفهم الاضافات الاسطورية اللاحقة فإنهما اجتهدا في حل معضلة أمكنة الحدث التوراتي و جغرافيته ومدى تطابقه مع واقع الجغرافية المقترحة من قبل كل منهما ، ففي حين يسعى السيد السواح للبرهنة على أن فلسطين وباقي بلاد الشام تمثل المسرح الجغرافي لأحداث وقصص التوراة المستلهمة من القصص الشعبي الفلسطيني و الشامي مستندا الى قاعدة واسعة من استنتاجات آركيولوجية ثابتة فإن الدكتور الصليبي ينقل ذلك المسرح بعيدا الى بلاد عسير ونجران معتمدا على مضاهاة اسمية و قراءة جديدة لنصوص التوراة الأصلية غير المصوتة وقد وصف الدكتور فاضل الربيعي كتاب الصليبي بأنه ( يشكل فتحا معرفيا عظيما في الثقافة العربية ) لكنه يرى ( أي الدكتور فاضل الربيعي ) أن أرض التوراة هي اليمن وأن شعب بني اسرائيل هو من القبائل العربية البائدة وقدم لإثبات ذلك سلسلة من الحجج القوية الرصينة مضاف الى سعيه العلمي لتحديد موقع مدينة اورشليم و كونها تختلف عن القدس العربية ، و رغم أنه يشترك كثيرا في منهجه البحثي مع اسلوبي المفكرين السابقين ويعتمد الكثير من طرائقهما التحليلية معا لكنه يرتكز الى اساليبه المبتكرة في البحث داخل النص العبري عن ما ينقض ادعاءات المخيال الاستشراقي الغربي كذلك اعتماده نصوص الهمداني في وصف جزيرة العرب و قراءته للشعر العربي القديم بما يدعم نظريته كما هو واضح في كتبه المهمة.
ونشير هنا الى أن هناك العديد من الباحثين السابقين الذين نظروا في مكان تواجد بني اسرائيل الأصلي و العالم مرجوليوث (كما يؤكد ولفنسون في تاريخ اللغات السامية) كان من أولئك المختلفين في تصوره عن موطن بني اسرائيل الأصلي حيث ذهب الى أن موطنهم ليس شبه جزيرة طور سينا بل كان بلاد اليمن التي خرجت منها أمم كثيرة ويعتمد رأيه على مشتركات اللغتين العربية و العبرية بالدرجة الأساس لكن ولفنسون و دون أن بقدم حججا واضحة قال في ملاحظاته أنه لا يؤيد هذه النظرية ويصفها بغير المطمئنة رغم إنه يناقض ملاحظاته في ذات الصفحة عندما يقول " أن بني اسرائيل جاؤوا بلغتهم العبرية من الجزيرة العربية ومميزات الحياة الصحراوية بارزة جدا في هذه اللغة وقد توارث الاسرائيليون هذه المميزات الى أن استوطنوا فلسطين ولم يكونوا يستنكرون على الأديب أن يستعمل التشبيهات الصحراوية والخيال البدوي " فكيف لهم ان يأتوا بلغتهم من شبه الجزيرة العربية إن لم يكونوا أصلا من سكانها ؟ . كذلك فقد ذكر الدكتور فاضل الربيعي قي كتابه الثر " فلسطين المتخيلة "عن أحد مصادره الموثقة ما نصه ( وذكر حاخام اليهود الأكبر في صنعاء وأسمه يحيى اسحاق " للمؤلف " أنه كان لليهود مملكة عظيمة في اليمن الى الشرق من صنعاء أسسها سليمان بن داود ، وربما كانت هذه المملكة في نجران ) .
يبدأ المفكر السواح بوضع ملاحظة نصها ( ان المشكلة التي خلفها الدكتور الصليبي لا تكمن في محتوى نظريته بالدرجة الأولى بل في المنهج غير التاريخي الذي طبقه على مسألة تاريخية في غاية الحساسية ) وهو ( أي السيد السواح ) بذلك يتجاوز حقيقة ان اللغة و تطورها و اسماء الاماكن و الاحداث و مقارنتها واثبات تطابقها عبر المقارنة المحكمة و المتعددة الابعاد هو بالفعل منهج تاريخي بحت اتبعه الدكتور الصليبي و الدكتور الربيعي وان النتائج التي استخرجاها كانت تاريخية تماما وليست افتراضية او اسطورية .
قدم الدكتور كمال الصليبي قراءة جديدة تماما لكلمة العبري أو العبراني تختلف كليا عما هو شائع من التفسيرات ، فمعظم المستشرقين يرون أن تسمية ابراهيم بالعبري جاءت لأنه عبر النهر وذلك اعتمادا على فهم أحبار اليهود القدماء بينما يرى البعض أن ابراهيم منسوب الى أحد أجداده المدعو عبر لكن ولفنسون يرى ان هذه الكلمة ترجع الى الموطن الأصلي لبني اسرائيل وهو الصحراء وذلك لأنهم كانوا من الأمم البدوية المتنقلة وأن ذكرهم ورد في رسائل تل العمارنة المصرية حيث ذكر بعض امراء كنعان أن قبائل العبيري أو حبيري (Habiri ) تغزو فلسطين وتتوغل من ناحية الصحراء ، لكن رؤية الدكتور الصليبي المتصلة بنظريته حول أصول التوراة تقدم تفسيرا مغايرا ، فالتوراة تقول أن ابراهيم كان يسكن عند ( بلوطات ممرا ) "ب – ء لني ممرء " ومعناها في حرش أو غابة ممرا وليس عند بلوطات ، ولفظة عبري اذا ما قرأت بالغين الذي كان يلفظ بالعبرية ولكنه ليس موجودا بأبجديتها فإنها ستعني المنسوب الى الأرض كثيفة الشجر حيث ان غبر أو الغبرة كما بالعربية تعني الأرض كثيرة النبت والشجر والعبرانيين سيكونون تبعا لذلك الساكنين في الغابات أو الأحراش وهناك قرية ما زالت موجودة الآن في عسير تسمى آل الغبران ( ء لهي ه – عبيريم ) ، وفي سيرة ابراهيم يرد أنه جاء من ءور – كسديم وهي منطقة ( ورية المقصود ) في وادي أضم وليست أور العراقية ، ويستمر الدكتور الصليبي في تتبع مسيرة ابراهيم منطقة بعد أخرى في عسير بما يدعم نظريته ، ويعود ليؤكد في كتابه الآخر ( خفايا التوراة ) ذات القراءة ويقول ( اذا كان لنا أن نشك في أن ممرا التوراتية هي اليوم النمرة في منطقة القنفذة و بأن حبرون هي الآن قرية الخربان في جوار النمرة هذه فليس هناك من شك في أن المكفيلة التوراتية هي اليوم المقفلة هناك وبأن "قرية أربع " هي مجمع القرى الأربع في الجوار ذاته وفي ذلك ما يزيل الشك بأن ممرا هي في الواقع النمرة و بأن حبرون هي في الواقع خربان ) . وفي سياق متابعته لرحلة ابراهيم العبراني يذكر الصليبي موقع شكيم حيث مر ابرام الى جواره ليستقر في ممرا التي هي المروة حاليا بينما شكيم هي الكشمة في رجال ألمع ، لكن السيد فراس السواح يذكر أنه تم التعرف الى شكيم في تل بلاطة ضمن أعمال لجنة تنقيب عام 1913 وبعد ان يشرح ما توصلت اليه تلك اللجنة من اكتشافات ويسرد بعض النصوص المصرية والعراقية التي وردت فيها كلمة شكيم فإنه يعجز عن مجاراة استنتاجات الصليبي و نتائج بحثه التي تستمر بوصف رحلة ابراهيم حيث وصل الى ( ه –نجب ) وهي النقب في رجال ألمع مازال اسمها نفسه ليصل الى مصراييم وهي ليست مصر المعروفة إنما قرية المصرمة بين أبها وخميس مشيط .
وتبدو مسألة الفلستيين ذات أهمية بالغة نظرا لورود هذه التسمية مرات عديدة في التوراة وفي الآثار الأخرى ، ويرى السيد السواح أن أصل تلك المجاميع السكانية هو ما عرف بالحضارة المسينية ( Mycenean ) على البر اليوناني وقد تعرضوا الى هجمات الأقوام البربرية فدمرت كل مراكزهم الحضارية وهاجروا الى مناطق البر الفلسطيني الحالية وتعرضوا لحملات الملك رمسيس الثالث الذي دمر تواجدهم واستعداداتهم ، لكن الدكتور كمال الصليبي له تصور آخر مختلف تماما فهو يرى أنهم الأكثر وضوحا والأكثر حيرة في آن معا وذلك نتيجة دأب الباحثين على تفقد موطنهم الأصلي في المكان الخطأ فهم ليسوا القادمين من كريت أو هم شعوب البحر إنما التوراة تحدثت عن وادي ( كريت ) وهو الكرث وهو رافد لوادي تيه في مرتفعات رجال ألمع ، ويقول الدكتور الصليبي أن هناك واحة تسمى الكراث وأيضا قرية تسمى ( الفلسة ) ، ويرى أن أفضل طريقة لمعالجة مسألة الفلستيين هي بالذهاب مباشرة الى هوية هؤلاء الفلستيين فلائحة الأمم الواردة في الاصحاح العاشر من سفر التكوين تصفهم بأنهم من نسل حام بن نوح فهم ابناء كسلحيم بن مصرييم بن حام وكل هذه الاسماء عرفها الصليبي كمناطق في شبه الجزيرة العربية وهي ايضا اسماء قبائل عربية قديمة ، لكن ما يمكن التوقف عنده طويلا هو ما قدمه الدكتور فاضل الربيعي عن الفلستيين ، فقد طرح تحليلا رصينا اعتمد فيه المقارنة الدقيقة بين مقاطع من سفر صموئيل الأول و بين ما ورد في الكلاسيكيات الاخبارية العربية ، حيث تشير تلك المقاطع التوراتية الى أن بني اسرائيل اصطدموا بجماعة تدعى الفلستيين نسبة الى مكان بعينه يدعى فلس كما يقول الدكتور الربيعي وتمكنوا من الاستيلاء على تابوت العهد في أوبن العيزار ، ويضيف الربيعي أن جغرافية فلسطين لا تحوي مثل هذه الاسماء مطلقا بينما نعرف ان أبان هو جبل من أشهر جبال العرب وبقربه بيت عبادة وثنية هو ( بيت الفلس ) الى جوار جبلي طي الشهيرين سلمى و لبنان ، يقول الدكتور الربيعي ( سجل العرب في أشعارهم ومروياتهم اسم شعب عربي وثني قديم عاش بالفعل في المكان نفسه وعرف نسبه الى بيت العبادة الوثنية " فلس – فلست " ) ، ويستمر الربيعي في تقديم ادلته وبطريقة مبتكرة يزاوج فيها ويقارن بين نصوص التوراة وما جاء به الاخباريون العرب عن الموضوع ذاته وينفي بشكل قاطع ما يذهب اليه السيد السواح وما جاء به من قراءات ، كذلك يرى الدكتور الربيعي ( أن نظرية الأصول الأغريقية للفلسطينيين لا أساس لها سوى وجود كلمة كرت – كرتي التي تم تهجئتها بطريقة مغلوطة فهي كرث بالثاء المعجمة والمقصود بها كراث بن هنوم الأب الأعلى لجماعة يمنية وثنية ) . ويستطرد الدكتور الربيعي في تناول موضوع الفلستيين فبذكر بطون عشائرهم كما وردت في التوراة ومنهم العويين الذين يذكرهم الهمداني في كتابه ويحدد منازلهم بدقة وكما يلي ( وأما البون فقراه : ريده للعويين ، وبيت ذانم للعويين و عثار للعويين وصيحة ومساك وجوب لشاكر ) وكل هذه المناطق في همدان الى الشمال من مدينة صنعاء( أوزال التوراتية ) ويتساءل الدكتور فاضل الربيعي بحق هل ثمة ما يشير الى مصادفة أخرى ؟ .
وفي فقرة أخرى يتعرض الاستاذ السواح الى موقع " بئر السبع " ويقدم القراءة التقليدية لها و لكلمات توراتية مثل ( ه- نجب ) والتي تعني النقب أو الجنوب حيث ان حرف الهاء يمثل اداة التعريف بالعبرية وينطلق من افتراض منطقة شاروحين المذكورة في نص مصري قديم قد تشير الى كونها في جنوب فلسطين إذ أن نفس الاسم يرد في سفر يشوع كونه من اراضي شمعون الى جانب بئر السبع و مناطق أخرى ولذلك يخلص الى نتيجة ان بئر السبع تقع في فلسطين وليس كما ذهب اليه الدكتور الصليبي الذي يقدم لنا قراءة مختلفة تماما ، وواقعيا هناك صعوبات كبيرة لرسم خارطة بئر السبع التوراتية ضمن فلسطين فموقع بئر السبع مرتبط بمنطقة اخرى وهي جرار التي تذكر مرة مترافقة مع عزة وهي غزة حسب التفسير التقليدي للتوراة ( سفر التكوين 10) ومرة تذكر مع شبعة أو بئر السبع ( التكوين 26 ) . ولحل الاشكال ينطلق الدكتور الصليبي من تحديد هوية الكوشيين الذين سيطروا على جرار حيث يرد حسب التفسير الثابت التقليدي والذي تبناه الاستاذ السواح أنهم الحبشيين وطبعا من الصعوبة البالغة تفسير سيطرتهم على جرار في جنوب فلسطين ، و كذلك كلمة كوش التي يرد ذكرها مترافقة مع كلمة أخرى وهي مصرييم حيث فسرت تقليديا على الدوام بأنها تعني المصريين ويعرض الدكتور الصليبي في اطار هذا الاشكال تفصيلا مميزا لتفسير هاتين الكلمتين كونهما مكانين في عسير هما كوثة و المصرمة ( وقد ذكرت سابقا ) أو قرية مصر ضمن وادي بيشة شرق أبها قي منطقة تضم قرى أخرى منها الشباعة و قرر والغريرة في جوار خميس مشيط ، وببراعة ينقلنا الدكتور الصليبي الى الجغرافي اليوناني استرابون والذي رافق القائد الروماني ايليوس غاليوس في حملته على بلاد عسير حيث يكتب عن عودته من نجران الى نيجرا وهي النجيرة القريبة من ميناء ام لج على البحر الأحمر ويؤكد في مجموع استنتاجاته أن الكوثيين ليسوا الحبشيين انما هم القبائل الساكنة حول قرية الكوثة وأن يهوذا التي غزوها هي المنحدرات الغربية لجبال عسير وان ارض الكنعانيين التوراتيين هي غرب شبه الجزيرة العربية وليست فلسطين وأن النقب هي قرية النقب وشور وصفته و مريشة وقادش كلها في الجوار ذاته وكما ذكرتها التوراة بين ناحية خميس مشيط والمناطق الواقعة عبر الشق المائي الى الغرب .
ان الاستاذ السواح يواجه نظرية الدكتور الصليبي في هذه الفقرات بالاندفاع بعيدا في عرضه لسجلات ورسائل مصرية وآشورية قديمة قد تكون فعلا تصف تدخلات فعلية في بلاد الشام لكنها لا تفند نظرية الصليبي ، كذلك استعرض ما ورد في التوراة حول الكوشيين و المصريين وترافق ذلك مع ذكر امم اخرى مثل عيلام و فارس و فوط والهند كل ذلك عده يشكل عائقا حقيقيا امام رأي الدكتور الصليبي وهذه مسألة بحاجة فعلا للبحث والحل و التفسير من قبل الباحثين المناصرين لنظريته ، لكن هنا لا بد من التطرق ولو باختصار الى النص التوراتي الوارد في الأيام الثاني 21:16-17 والذي يقول ( و أهاج الرب على يهورام روح الفلسطينيين والعرب الذين بجانب الكوشيين فصعدوا و افتتحوها ...) فهنا يذكر الكوشيين على انهم بجانب العرب الذين تقع ديارهم في الجزيرة العربية وليس جنوب مصر لكن الأستاذ السواح لم يعلق عليه رغم ما فيه من اشارة قوية تدعم نظرية الدكتور الصليبي فموطن العرب باتجاه الجزيرة من تيماء الى اليمن وليست في جنوب مصر الى جوار الكوشيين ، وأيضا لابد من ذكر ملاحظته التي يتساءل فيها عن سبب اغفال المصادر العربية عن ذكر دولة سليمان واسرائيل ويهوذا رغم تجاورهما بحسب نظرية الصليبي ، وفي الواقع فمن المعروف ان التنقيب الأثري والبحث الأركيولوجي لم يتم بشكل ناضج و شامل في الجزيرة العربية لأسباب كثيرة وهنا تكمن الاجابة التي لا أظن أنها فاتت السيد السواح ولم ينتبه اليها ، يقول جيرالد دي غوري ( من يدري اية كنوز ترقد دفينة في خرائب عسير الدارسة ؟ ) .
لكننا نجد حلا آخر في نظرية الدكتور فاضل الربيعي حيث يحدد مكان بئر السبع و شروحين وغيرهما من المواقع التي أقطعها يشوع للسبط شمعون في بلاد اليمن في تعز حاليا شمال غرب محافظة إب ، يستند في ذلك الى تطابق فعلي بين وصف التوراة للمكان و وصف الهمداني له وكذلك ما ورد في الشعر القديم . يرد في النص التوراتي ( وتخرج مرتفعات شمعون الثانية لسبط شمعون وعشائرهم وكان غورهم وسط بني يهوذة وهي في غورهم : بئر شباع وسمع و مولدة وحضر شعل وباله وعصم والتولد وبتل وحرمه وصقلج وبيت المركبة وعزلة سوس وبيت لبوءة وشروحن : ثلاث عشرة منزلا بعزلاتها ، عيان ورمان وعثار وعشان ) وهذا هو نص سفر يشوع 17:19:21:18 ، وفيه يرد ذكر بئر شباع و شروحين ولننظر نص الهمداني الذي درسه الدكتور الربيعي ودعم به نظريته : ( ....و جبلان العركبة وهي بلد الشراحين ....والعرب ثم يتصل بها سراة الهان فظاهره ضوراان ومذاب ...ونقيل السود وجبل حضور ...وسمع ) أما بئر شباع الواردة في النص العبري فإن الهمداني يصف موقعها تماما وكما يلي ( مصنعة وحاظة وأسمها شباع وهي تـشابه ناعط في القصور والكرف . على باب القلعة موطأ في القاع ....والقلعة بطريقين على كل طريق ماء ..) و يقول الدكتورالربيعي ( وجود عزلة تدعى شباع - حصر شباع في هذا المكان الجبلي حيث سائر المواضع المذكورة في منازل الأسباط مثل شمير ودباس – دوباست يصعب تنسيبه الى مجرد مصادفة لغوية أو جغرافية ) ويضيف في مقطع آخر (ها هنا شرحن – الشراحين قرب ها عربه – وادي العرب ومذاب– مدءب وجبل حضور – حصور وسمع – سمع ، فضلا عن طائفة من الأسماء يصعب ايرادها كلها نظرا لطول النص واسهاب الكاتب في تعداد الاسماء والتي تتطابق تطابقا تاما مع مثيلاتها في نص يشوع ) .. وطبعا يبدو واضحا أن الدكتور الربيعي يقف على أرض غاية في الصلابة وهو يعرض نظريته المدعومة بقوة من تلك المقارنات الرائعة بين النصوص التوراتية ونصوص الهمداني .
ومن الواجب التنويه الى ان الدكتور كمال الصليبي والدكتور فاضل الربيعي اكدا في كتبهما مرارا أن هناك حاجة ضرورية لإعادة قراءة ليس النص التوراتي فقط إنما السجلات والنقوش المصرية والعراقية وغيرها بعيدا عن تأثير القراءة التقليدية للتوراة وقد ناقشا نصوصا عديدة بشكل دقيق منها النص الذي يتعلق بكلمة الأردن الواردة في نصوص توراتية مختلفة حيث قدما عبر اعادة تفسير أكثر من نص توراتي وضمنها الوارد في سفر زكريا 11 : 1-3 ان كلمة الاردن هي ليست النهر الفلسطيني المعروف انما تعني عند الصليبي شفا الجرف الصخري أو القمة أو المرتفع ، وقد اضطر السيد فراس السواح على الاقرار ( والنقطة المصيبة في مقدمة الصليبي عن مسألة الاردن هي أنه فعلا لم ترد الكلمة في التوراة معرفة على انها نهر في كل المواضع التي وردت فيها ) لكنه يذهب الى القول ان السياق الذي وردت به تدل على انها نهر رغم ان بالامكان ايجاد فهم لهذا السياق بما بدعم نظرية الصليبي وحتى النصوص التي ذكرها السواح يمكن تفسيرها وفقا لتلك النظرية فهو يذكر مثلا ما ورد في سفر يشوع 3:13-17 ( .. فعند اتيان حاملي التابوت الى الأردن وانغماس أرجل الكهنة حاملي التابوت في ضفة المياه و الاردن ممتلئ الى جميع شطوطه كل ايام الحصاد ، وقفت المياه المنحدرة من فوق وقامت ندا واحدا بعيدا عن أدام ..) وواضح هنا ان الحديث يدور حول مرتفع تسقط منه المياه ..وهذا ما جاء به الدكتور الصليبي تماما ، أما الدكتور فاضل الربيعي فله فهم جديد آخر لمسألة الأردن فهو يحترم رأي الصليبي لكنه بقدم قراءة مختلفة لهذه الكلمة وكما يلي ( ان الجماعة القبلية البائدة التي تحمل اسم يرد ( يردن ) والتي تقطن عند ضفاف وادي مور وتنسب عند الهمداني الى " يرد بن مهلئيل وينطق بصورة يردن " هي من أعطى أو أخذ اسمه من اسم الوادي وهو كما نرى فرع من اكبر فروع وادي مور ) ويستمر الدكتور الربيعي في اثبات نظريته باسلوب وحقائق مشتقة من مقابلة النصوص التوراتية بنصوص الهمداني وبما يضيق على السيد السواح مساحة دفاعه عن فكرة نهر الأردن الفلسطيني .
أما النص الثاني فهو مجموعة نقوش تل الدوير وهي مجموعة من الشكاوى والتقارير المرسلة من قبل شخص يدعى هوشعيه الى قائده وقد اعاد الصليبي قراءتها واستنتج عكس ما ذهب اليه مفسرو التوراة و أكد أن هذه النقوش لا تذكر أورشليم و لا تذكر مدينة لكش إنما جرت عملية مقصودة أو ناتجة عن جهل لجعلها تطابق النصوص التوراتية ، ويسوق مثلا ما ورد في النقش الرابع ( ويدع كي ءل مسءت لكس نحنو سمرم ككل ه-ءتت ءسر نتنءدني كي لء نرءه ءت عزقه ) وقرأت كما يلي ( وليعرف مولاي اننا نراقب اشارات لكش استنادا الى كل المؤشرات التي اعطاها مولاي لأننا لا نستطيع ان نرى عزقة ) لكن الدكتور الصليبي قرأها بشكل مختلف وفصل كل كلمة بدقة وكما يلي ( ليعرف مولاي اننا ننتظر حمولات الطعام وكذلك كل الأتاوات التي اعطاها مولاي لأننا لا نرى عزقه ) و اختفت في هذه القراءة كلمة لكش التي اعتبرها مفسرو النص مطابقة للمدينة التوراتية أما عزقة فهو اسم شخص وليس مدينة وعن هذه القراءة لم يقل السيد السواح شيئا ولم يحاول ان يثبت صحة الفراءة الأولى ، أما النقش السادس والذي ورد كما يلي ( ءدنيء هل ءتكتب ء ..... ه تعسو كزرت ......سلم ) وترجمته الأمينة هي ( مولاي ألا تكتب ......فعلتم هكذا .......سلم ) لكن ترجمة و . ف . أولبرايت وغيره تقول ( و الآن يا مولاي هل لك ان تكتب لهم قائلا لماذا فعلت هكذا حتى بأورشليم ) !!! وقد وصف الدكتور الصليبي هذه الترجمة بالصفاقة والاعتباط وانعدام الأمانة العلمية وهي نموذج للتحريف والتزييف المرتبطان بغايات سياسية وليس بالعلم والبحث عن الحقيقة .
والنص المهم الآخر هو نقش ميشع ( 850 ق . م) أو النقش الموآبي وهو نقش مطول عثر عليه في المرتفعات الاردنية قرب البحر الميت ويقول عنه الدكتور الصليبي ( الكتابة المطولة المنقوشة على هذا الحجر لها علاقة مباشرة بالتاريخ التوراتي ، اذ انها تتحدث عن امور تتعلق بنص الملوك الثاني 3:4 لكن القراءة الصحيحة لهذه الكتابة لا تنقض اطلاقا المقولة الجغرافية لهذا الكتاب بل تعززها بمزيد من الشواهد ) ويقصد بالكتاب " التوراة جاءت من بلاد العرب " و يدرس القراءات المعروفة لهذا النص وأحدها ترجمة ولفنسون ( التي اعتمدها السيد فراس السواح في رده على نظرية الدكتور الصليبي ) حيث اعاد قراءة بعض الجمل و الكلمات و ترجمها بطريقة مختلفة وعلى اي حال فانه يرى أن هذا الملك الموآبي هزم امام الاسرائيليين في بلاد عسير مما اضطره وجماعته للرحيل الى منطقة شرق الاردن حيث كتب نقشه موضوع البحث وهو يؤكد إن كل ما ورد في النقش ينسجم مع نظريته وأنه ( لا يمكن للحروب بين ميشع وملوك اسرائيل كما رويت بالحجر الموآبي أن تفسر جغرافيا في اطار فلسطين و شرق الاردن ولا يمكن تفسيرها الا في اطار غرب شبه الجزيرة العربية ) ، لا لكن السيد السواح له رأي مختلف تماما فهو لا يقبل بهذا الافتراض – الحل ويقول ( هذا التفسير يضرب عرض الحائط بمضمون النقش و الرواية التوراتية الموازية له ) ويتساءل بمحاورته ( كيف نفسر استمرار وجود موآب كجارة لإسرائيل ويهوذا في الاخبار التوراتية اللاحقة حتى دمار أورشليم ؟ ) ، ويستمر في مناقشة حجج الدكتور الصليبي دون ان يتوصل الى حل بديل قاطع إذ بقيت الخلاصة الناجعة محاطة بالضباب والألغاز رغم ان مسألة اكتشاف هذا النقش في الاردن هي بذاتها محل تشكيك من قبل الكثيرين ممن اهتموا بالموضوع حيث يسود الاعتقاد ان بعض المستشرقين تلاعبوا بالحقائق و لم يكونوا صادقين خدمة لأغراض سياسية بحتة .
أما النص الآخر فهو ما اصطلح على تسميته بنقش السلوان الذي كتب بالكنعانية والتي يسميها ولفنسون لسبب ما بالعبرية القديمة و يصف هذا النقش عملية نحت في جبل لجلب المياه الى بركة داخل المدينة يزعم أنها ( أورشليم ) وطبعا لم تذكر المدينة في النقش و ليست هناك اية اشارة الى اسم ملك أو حاكم فقط وصف لالتقاء اثنين من الحفارين حيث سالت المياه ويقول ولفنسون ان النفق عمر في عهد الملك حزقيال أي حوالي سنة 700 ق . م دون ان يذكر دليلا على زعمه انما اراد ان يؤيد ما جاء في سفر اخبار الأيام الثاني 23 – 30 ( و حزقيا هذا سد مخرج مياه جيحون الأعلى و أجراها تحت الأرض الى الجهة الغربية من مدينة داود وأفلح حزقيا في كل عمله ...) وذكر السواح النفق الشهير الذي وجد فيه نقش السلوان و قال متعسفا بشأنه ( هذا النفق هو النفق المذكور في الرواية التوراتية والتي نفذت منه الى داخل المدينة مجموعة اقتحام الملك داود ) كذلك من غير ان يبرهن قوله ويستطرد قائلا ( وبركة سلوام لا تزال قائمة اليوم في نهاية السفح الغربي للتل الجنوبي الذي كانت أورشليم قائمة عليه ..) أي انه قرر سلفا ان أورشليم التوراتية هي القدس الحالية ودون اي دليل ولا برهان وسنناقش هذا الرأي عند تناول مسألة أورشليم بالتفصيل لكن الدكتور كمال الصليبي تطرق الى مسألة هذا النقش ووصف نسبة هذا النقش الى عهد حزقيا بالزيف وان الأقنية المائية كانت تحفر في كل زمان .
وتأتي حملة شيشانق ملك مصر على أورشليم لتكون موضع الحوار المهم حيث يقول عنها السيد فراس السواح ( إلا إنه يتوجب علينا توخيا للدقة والحذر العلمي أن نعترف بوجود نص واحد غامض هو سجل الفرعون "شيشانق الأول " 945-924 ق . م فالنص مليء بأسماء المدن والمواقع التي قهرها شيشانق في حملته الآسيوية ومعظمها لم يمكن التعرف عليه إلا بشكل تقريبي في فلسطين وسوريا ) وعبارة بشكل تقريبي تعني بوضوح اللجوء الى الاصطناع والافتراض المتعسف وهذا اعتراف كبير بوجود تلاعب بقراءة نصوص سابقة ويؤكد الدكتور كمال الصليبي أن الباحثين تناولوا اسماء المناطق الواردة في السجلات المصرية بطرق ملتوية بسبب عدم وجودها في فلسطين مما أثار نقاشات عقيمة مستمرة لكنه أي الصليبي تناول هذه الحملة كونها تدعيما لنظريته و رسم لها خارطة مسارها في منطقة غرب الجزيرة العربية حيث طابق بين أسماء المناطق التي غزاها شيشانق ووثقها في سجلاته و جداوله وبين اسماء مناطق مازالت قائمة في غرب الجزيرة العربية ، وبلغت تلك الاسماء 150 اسما كلها تطابقت مع تلك التي أشرها الدكتور الصليبي في المسار الذي رسمه للحملة التي ذكرت في موضعين بالتوراة وهما الملوك الأول 14:25-26 وأخبار الأيام الأول 12:2-9.
ومن مسائل الحوار الكبرى التي تناولها السيد السواح وناقض بها كلا من الدكتور كمال الصليبي والدكتور فاضل الربيعي هي مسألة أورشليم التي وصفها بأنها حاضرة كنعان ، يقول السواح ( ورد اسم اورشليم لأول مرة في نصوص مصرية ترجع الى القرن التاسع عشر قبل الميلاد وخصوصا فيما يدعى بنصوص اللعنات ) حيث ورد في أحد تلك النصوص ( 4 – يقرب – آمو حاكم أورشليم وكل بطانته ) كذلك ورد اسم أورشليم في رسائل تل العمارنة بعد نصوص اللعنات بخمسمائة سنة ، ويستنتج بعد استعراضه لنصوص توراتية اطلقت على المدينة اسماء أو القاب أخرى هي : يبوس ، أريئيل . المدينة . القدس ، و بحسب فهمه ( وقد تطابقت جغرافية وطبوغرافية المدينة المكتشفة مع وصوفاتها الواردة في التوراة ) واستند الى نتائج حملة السيدة كاثلين كينون بين عامي 1961 – 1967 حيث استطاعت تحديد المدينة اليبوسية على التلال الشرقية للقدس الحالية دون العثور على المدينة نفسها لاستخدام حجارتها في بناء الطبقات التالية لها كما يرى السيد السواح دون ان ينتبه الى ان المسألة لا تتعلق بالحجارة فقط إنما بمنتجات الحضارة التي كانت سائدة والمدفونة حتما ان وجدت ، وطبعا لا يذكر كيف رسمت السيدة كينون حدود المدينة وعلى اي أسس استندت . ويستطرد السيد السواح في وصف المدينة اليبوسية فيقول أن المنقبين وجدوها تقع بكاملها الى الجنوب من المدينة الحالية على سلسلة تلال القدس الشرقية ، لكنه يعود ليؤكد ( فإن علم الآثار لا يستطيع إعطاء فكرة عن أبنية سليمان و قصوره الفارهة التي أطنب كتاب التوراة في وصفها ) وفي هذا يبدو الارتباك واضحا في دفاعه عن نظريته ، ويذكر أيضا ( وتحيط التلال بأورشليم من ثلاثة جوانب فإلى الشمال الشرقي منها جبل سكوبس ويدعى أيضا جبل المشهد وجبل المشارف والى الشرق جبل الزيتون والى الجنوب جبل المكبر) وهذا الوصف هو لمدينة القدس الحالية لكن هل هذا هو وصف مدينة أورشليم توراتيا ؟ .
حسب سفر صموئيل الثاني 5 : 5 – 10 فإن الملك داود هو الذي أخذ أورشليم و حصن صهيون من اليبوسيين ونقل عاصمته من حبرون اليها ، ويقول الدكتور الصليبي أنه لا توجد أية مدينة في فلسطين بهذا الأسم ( حبرون ) ، ومن الممكن أن تكون حبرون هي موقع الخربان الحالي في منطقة المجاردة في عسير ، وقد أكد الدكتور فاضل الربيعي أيضا أن حبرون غير موجودة في فلسطين وهو ينفي بشكل قاطع أن تكون مدينة الخليل الفلسطينية هي حبرون التوراتية ، ويبرهن على ان حبرون موجودة في اليمن ويقول ( لقد عرفت القبائل الكنانية موضعا يدعى حبرون بالفعل ورسمه الشعراء والرواة طبقا للرسم العربي تارة في صورة حبران وتارة في صورة حبرى ) ويذكر أيضا نصا لكعب الأحبار أورده ياقوت 2:244 ( أول من مات ودفن في حبرى سارة زوجة ابراهيم ) ، والتوراة لا تقول ان داود فتح أورشليم فقد فتحت قبله وسمح لليبوسيين البقاء فيها لكنه فتح حصن صهيون ( مصدت صيون ) وصيون تعرف دائما في التوراة أنها هضبة ( هر صيون ) ويرى الدكتور الصليبي أنها موجودة الان في جبال ألمع غرب أبها وبنفس اسمها ( قعوة صيون ) وقعوة بلهجة أهل عسير تعني جبل أو هضبة ، ويقول النص التوراتي بوضوح ان مدينة داود هي مصدت صيون أي حصن صيون ولم يذكر مطلقا أنها أورشليم . ويدرس الدكتور الصليبي النص التوراتي الذي يصف حرب داود مع اليبوسيين ويعرض التشويهات التي نالت ذلك النص ومنها ما يتعلق بجملة ( ء لهي صبءوت عمو ) حيث فسرت أن الرب إله الجنود معه ، لكن الصليبي يقرؤها بشكل مختلف فيقول أنها تعني أن اله صبءوت ( اسم مكان وليس الجنود ) كان معه ، وصبءوت هي الصبيات في جوار النماص من عسير .
أما الدكتور فاضل الربيعي فقد أبدع وأجاد في بحثه عن أورشليم ، فهو وجد أن القدس ليست أورشليم وأن هناك ثلاثة موضع في اليمن تحمل هذا الأسم الذي تشير له التوراة دوما على إنه جبل والقدس الفلسطينية الحالية لا تقع على جبل كما هو معروف ، كما أن جبل صهيون موجود بنفس الاسم حاليا في اليمن ، و يورد الربيعي نصا للهمداني يصف فيه بيت بوس وهو الاسم الوارد في التوراة للحصن الذي احتله داود وأطلق عليه اسمه ( بيت بوس ينسب الى القيل اليمني ذي بواس بن شراحيل ، حصن منيع وواد فيه بعض الفواكه ويقع الى الغرب الجنوبي من صنعاء بمسافة ساعتين ) ، وفي نصوص أخرى تذكر التوراة وصف بيت بوس التي هي أورشليم واستعرض الدكتور الربيعي نصوصا للهمداني يصف بيت بوس وجغرافيتها بحيث كانت المطابقة مذهلة بالفعل مما يؤيد نظريته بأن التوراة يمنية تماما .
إن هذا المقال اعتمد التكثيف الشديد للمعلومات والمقارنات وهي أكثر من أن تسعها بضعة صفحات لا تغني البتة عن أهمية دراسة كتب المفكرين الثلاث بل هو تحريض على ضرورة قراءة عطائهم الثر و الاطلاع على جهدهم المتميز من أجل الوصول الى حقائق التاريخ بعيدا عن التزييف والتشويه .

عباس يونس العنزي
ed



#عباس_يونس_العنزي (هاشتاغ)       عèçَ_حونَ_الْيïي_الْنٍي#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة البنية ونظرية الكايوس عبر ماركس و دارون
- نهاية الذئب الميكافيلي
- أوان الذبول
- وكلمه تكليما ..
- أغنيتي الأخيرة الى شط العرب
- كبت للأبد ..
- مقدمة في بنية التقديس العقلية اللاواعية
- الابنية العقلية اللاواعية والتكوين البنيوي لوعي الذات
- ألنص وحرية القراءة التفكيكية
- دراسات في التشاؤم - عن معاناة العالم - لآرثر شوبنهاور
- عن تفاهة الوجود - شوبنهاور
- الخلود - محاورة لشوبنهاور
- الحشاشون
- إيجاز في السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي
- أوهام ظل ...
- الصفحة الأولى من روايتي - متاهة الحب الأول -
- خريبط وحلمه الضائع - قصة قصيرة
- تحية الصباح الأخيرة - قصة قصيرة
- هلوسات ..
- السلاطين لن يتعظوا ... استذكارا للدكتور علي الوردي


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عباس يونس العنزي - إشكاليات جغرافيا التاريخ التوراتي محطات في حوار المفكرين العرب الصليبي و الربيعي و السواح