أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - اشتغال الأدب الشعبي في -حكايات شاي الضحى -















المزيد.....

اشتغال الأدب الشعبي في -حكايات شاي الضحى -


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4993 - 2015 / 11 / 22 - 14:12
المحور: الادب والفن
    



إن الإبداع الشعبي قادر على إيجاد مسارب له في النصوص الأدبية الرسمية، كما أنه قادر من خلال هذه المسارب على خلخلة السرديات المتمركزة و التصنيفات الأجناسية، والخروج على المعايير الجمالية للنصوص المعيارية، ففي ظل فلسفة ما بعد الحداثة لم يعد ثمة أدبية وحيدة تفرض معاييرها الموحدة. فالكاتب يسعى عبر التخييل إلى أن يفيد من الأدب الشعبي ربما لتوكيد الهوية ورسم الاختلاف من خلال المقاومة الإبداعية في زمن العولمة وتضييع الهويات المحلية للثقافات المختلفة، وعولمة هذه الثقافات بحيث لا يكون ثمة خصوصية لشعب من الشعوب، لذا يحاول الكتاب أن يعودوا لآدابهم المحلية الشعبية يمتحون منها ، ويعتبرونها روافد مهمة لكتاباتهم الأدبية عبر العودة القوية إلى تراث الشعوب، وإبراز عناصر القوة المضمرة فيه. لذا الرجوع إلى الأدب الشعبي الذي يمثل جزءا من التراث غير المادي للشعوب يمكن المبدعين من إيجاد بنى سردية جديدة تمكن من زحزحة حركة ما بعد الحداثة الساعية إلى دمج الثقافات كافة في ما تزعمه بالجمالية العالمية. وتأتي هذه الإفادات سواء على مستوى التقنيات، تقنيات الحكي الشعبي أو على مستوى الوعي الشفاهي.لذا،فتحليل طرائق اشتغال الأدب الشعبي في السرد تعين الباحثين على قراءة التراث قراءة مغايرة عبر آليات التلقي الحديث.
الكاتبة الحداثية وريثة الساردة الأولى شهرزاد
ارتبط الحكي في الوعي الجمعي دوما بالمرأة، ربما طبيعتها كجدة وأم ساعدتها على أن تقوم بهذا الدور، دور الراوية والساردة لأطفالها، ولعل شهرزاد هي النموذج النسوي الذي اتخذ من السرد وسيلة لمقاومة الفناء، وقد امتزج سردها بالأسطورة والقصص التي قامت على التخييل، والعظة والتعليم. إلى جانب ذلك شكلت المواضعات الشعبية والمجتمعية جانباً كبيراً من هذا السرد النسوي فراحت الأم المثقفة الكاتبة تضمن سردها كثيراً من هذه المواضعات المجتمعية والفلكورية . وقد تجلى ذلك بصورة واضحة في السرد النسوي الذي حمل قضية المرأة على عاتقه، وقد زاوجت المرأة في كتابتها بين المواضعات الاجتماعية والأسطورة؛ لتصنع للمرأة مخرجاً من المعاناة التي ترزح تحت وطأتها.ربما هذا الوعي هو ما دفع الكاتبة الكويتية أمل عبد الله ، أن تهدي كتابها " حكايات شاي الضحى" الذي صدر حديثا عن المكتبة الوطنية في الكويت لكل من علمها الحكي :"إلى أصحاب الحكايات والأفكار، إذ لولاهم ما كتبت حرفا".
منذ العتبة الأولى للكتاب ندرك اشتغال الأدب الشعبي، فالكاتبة لا تضع مسمى إجناسيا حديثا على كتابها، فلم تكتب " قصصا" أو " نصوصا" أو "سرديات" إنما كتبت "حكايات" في إشارة للوعي الشفاهي الذي سيتجلى في الكتاب بأشكال عدة، فبعد أن نتجاوز عتبة الإهداء التي أهدتها لمعملي الحكايات، تأتي العتبة الثالثة في الكتاب وهو التصدير، وبقراءته نزداد يقينا أن الوعي الشفاهي الشعبي هو ما دفع الكاتبة لهذه السرديات، إذ تقول:"هذه الحكايات بتفاوت زمنها في ذاكرتي،صوت كل النساء اللاتي سمعت حكاياهن وأنا صغيرة..كلما بعد الزمن يتساقط من ذاكرتي ذلك الوهج الأخاذ الذي جعل ذاكرتي تلتقط الحكاية بكل ما فيها من فرح وبهجة وحزن وكآبة وأمل ويأس". إنها تصرح أن هذه الكتابة بنت الشفاهة، بنت الوعي الشفاهي والنساء اللاتي سردن حكاياتهن على أسماعها منذ الطفولة.
استطاعت الكاتبة أن تستثمر بنيات وصيغ وأنماط الحكايات الشعبية بوصفها إمكانات لزحزحة تمركز البنية السردية الحداثية، لقد وظفت التراث الشعبي عبر تمثل الموتفيات الشعبية في السرد، وعبر الإفادة من تقنية الحكي الشعبي الذي لا يراهن على التشكيل السردي، بقدر ما يراهن على الحكاية بوصفها الجمالية الأهم في النص، الحكاية بوصفها الرهان الرئيس، بلغة تحاول أن تحافظ على البساطة والشفافية والوضوح، وإقامة جسر قوي مع المتلقي دون اللجوء إلى الشعرية مثلا أو التشكيل السردي أو الغموض أو التجريب في طرائق السرد عبر التقديم والتأخير في الزمان أو عبر تعدد الأصوات والكرنفالية.
الحكي الشعبي رؤية جمالية :
تتمثل الكاتبة طريقة الحكي الشعبي الذي يراهن على الحكاية واللغة البسيطة الواضحة في قصة " رجل الخير" لا تعتمد فقط على طريقة الحكي الشعبي، بل تستخدم التقنيات الجمالية للراوي الشعبي، فنجدها تفتتح النص بتقنية "يُروى أنه عندما وطئت قدماه لأول مرة أرض أفريقيا حيث الفقر والجوع، وقف عبد الرحمن السميط أمام المشاهد المحزنة مذهولا مسلوب الإرادة، توقف عفله عن التفكير، أخذ يجيل النظر في المأساة التي يراها أمامه، اعتصره الألم وهو ينظر هنا وهناك بين مأساة وأخرى، وأيقن بأن من يرى ليس من يسمع".
تتمثل الكاتبة تقنيات جمالية من الأدب الشعبي مثل " يروى أن" ، و"يحكى أن".
كما أنها تتمثل الوعي الشعبي بعدم تحديد الزمان ، فبنية الزمن المفتوحة التي لا تحدد بزمن آني أو فلاش باك أو استرجاعي إنما هي تقنية تفتح الزمن على المطلق هي إحدى ميزات الأدب الشعبي، فنجدها في نفس القصة لا تعمد إلى تحديد زمن بعينه سواء زمن الاسترجاع أو الفلاش باك أو الزمن الآني الحاضر أو حتى الزمن المستقبلي الاستباقي:" هكذا شمر ساعد العمل، وأخذ يحفر الآبار ويشيد البيوت ويبني المساجد والمدارس ويقدم العلاج ..استمر يعمل ويعمل، سقى ملايين العطشى، وأشبع الجياع،وهدى التائه، وأرشد الضال إلى رحاب الإسلام، حتى حان حينه،فانتقل إلى الرفيق الأعلى مصحوبا بدعوات المساكين والفقراء".
في قصة "شمس الأصيل" ذات الوعي الشفاهي يسيطر عليها، فنجد الكاتبة تحكي لنا حكايات الناس ، سيرة الإنسان في المكان، تسرد لنا العلاقة الإنسانية بتفاصيل الحياة، وملامح تشكل الوعي، وتطوره:" كانت عادة أهل الكويت في فصل الصيف بعد صلاة العصر يرشون ساحات البيوت بالماء، ويفرشونها بالحصر، وتوضع فوقها المطارح والمساند، ويحضر الشاي ليجلس الجميع حوله متحلقين وأمامهم صينية الشاي والحب والسبال الحار، ثم يوضع التلفزيون وكان حديث عهد في بعض البيوت وليس كلها".
لا تنسى الكاتبة أن تضع في الهامش تعريفا لبعض المفردات المحلية، شديدة الخصوصية والتي قد تستغلق حتى على القارئ العربي، فتفسر للقارئ في الهامش معنى كلمة " السبال" وتخبره أنه الفول السوداني.
في قصة " خالتي لولوة " تحكي عن الجارات كبيرات السن اللاتي يتجمعن في بيت من بيوت الفريج، ويسردن حكاياتهن، مواجعهن، سعاداتهن، وتعاساتهن، تجعل من تقنية الرواية الشفهية طريقة للسرد:" بدأن تذكرن حياتهن التي كانت بمقاييس العصر الحالي تعتبر صعبة جدا، وكانت هذه الأحاديث لا تخلو من الطرافة والفكاهة، فما كان من خالتي لولوة إن قالت سأحكي لكم قصتي مع خالتي أم منصور زوجي".
سيرة الإنسان في المكان
التأريخ للإنسان وعلاقته بالمكان، هو تيمة من تيمات الأدب الشعبي، فالبطل الشعبي دوما يحكي حكايته عبر علاقته بالمكان سواء كان المكان الدائم المستقر فيه أو المكان المؤقت عبر الترحال, الراوي الشعبي لا يحكي سيرة المكان كنوع من التوثيق الديموغرافي بقدر ما يحكي سيرة المكان ليؤسطر من خلالها بطله.
وهذا ما فعلته أمل عبد الله في قصصها" حكايات شاي الضحى" فلكي تؤرخ للذات الساردة في النص قامت بتأريخ سيرة الأماكن، سينما الأندلس في الكويت، زيارتها للقدس والمسجد الأقصى قبيل حرب 1967، أم علي صديقتها المصرية ذهابها إلى اليمن ضمن وفد إعلامي كويتي ، سيرة تعليمها في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، سيرة تدربها في الإذاعة المصرية، وهكذا تواصل الكاتبة سرد سيرتها عبر سرد سيرة الأماكن:"جاءني تليفون بأن "الأندلس" تهدم،..قمت واقفة باتجاه سيارتي، لم أنتظر خروج السائق، بل أخذت مفاتيح السيارة واتجهت إلى الأندلس،الأفكار تتزاحم في رأسي، وشريط الذكريات يمر أمام عيني الملأى بالدموع. وقفت عند ذكريات أيامها الأولى من شموخ البناء وعظمته التي كانت بالنسبة لنا قصرا من قصور الأحلام التي سمعنا عنها في الحكايات".
ثمة نصوص في هذا الكتاب لا أظنها بنت الوعي الجمالي للسرد، فهي أقرب إلى التوثيق منها إلى التخييل، وكنت أفضل أن كانت الكاتبة قد استبعدتها من كتابها الذي من المفترض أنه منبني على التخييل حتى لو أنه أفاد من آليات السرد الشفاهي والأدب الشعبي، وهذه النصوص التي هي أقرب للتوثيق هي " كلمة لا بد منها" التي تتحدث فيها عن اتحاد كتاب الكويت، أو " دور الإعلام الكويتي في الإمارات" والذي يظهر من العنوان أن ترصد بشكل تاريخي دور الإعلام الكويتي في الإمارات العربية المتحدة، كذلك نص" الريادة والرواد " الذي توثق فيه نشأة الكويت، ودور أسرة " الصباح " في الحكم.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المثقف في صناعة المجتمع..قراءة في كتاب -واحد مصري- لوليد ...
- السوسيولجيا السياسية في رواية أوقات للحزن والفرح
- تعرية الثقافة الذكورية في رواية نوافذ زرقاء لابتهال سالم
- الصراع بين الثقافة المحلية والثقافة الوافدة في إيران
- مفهوم مختلف للدين في أعلنوا مولده فوق الجبل
- اللامنتمي يحتج على قسوة البشر
- فن السياسة والأحكام السلطانية في كتاب-دولة الخلافة-
- هشاشة الخطاب الديني في حركات الإسلام السياسي
- عوائق مراجعة المفاهيم في الفكر الإسلامي
- أول محاولة لقلب نظام الحكم في التاريخ العربي
- الحب العذري عند العرب
- مقال د. سيد ضيف الله عن رواية - عشق البنات - لهويدا صالح
- قراءة في رواية ممرات للفقد ..لدكتور عمار علي حسن
- نجيب محفوظ بين السيرة الذاتية والتخييل السردي .. أصداء السير ...
- طرف من سيرة جدتي دولت
- الكرنفالية وتعدد الأصوات في رواية - كلما رأيت بنتًا حلوة أقو ...
- هل قتل النبي كعب بن الأشرف بكلمته؟!
- الخروج: آلهة وملوك.. أم إثبات حق العودة ؟!
- قراءة في صورة لقاء المثقفين بالرئيس عبد الفتاح السيسي !!
- امرأة الميدان ( حكاية عن شهرزاد يوم جمعة الحداد)


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - اشتغال الأدب الشعبي في -حكايات شاي الضحى -