|
عندما يتماهى المجتمع مع الغيب المطلق
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4989 - 2015 / 11 / 18 - 01:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما يتماهى المجتمع مع الغيب المطلق
مروان صباح / ليس سهلاً للمرء ، أن يقبل مسائل افتراضية من هذا النوع ، فأغلب القضايا مع مرور الوقت ، تصبح على الأرجح ، راسخة بالعقل رسوخ لا تقبل التغيير ، وإذا كان للمرء له ، أن يطرح على سبيل الافتراض ، هجرة مواطن أمريكي من الولايات المتحدة إلى العالم الثالث ، من أجل العمل في وظيفة خداماتية كالتى تختص بها شعوب جنوب شرق أسيا أو حتى العرب في أمريكا ،فأن العقل ببساطة شديدة لا يقيم لها أي وزن ، لكن ، العقل بكل أريحية يتقبل ، الهجرة الغربية للعالم ذاته ، عندما تكون ضمن اختصاصات استشارية أو تنفيذية بشتى المجالات أو حتى إنسانية ، وقد يتساءل المرء بالصدفة ، المحضة ، عن تلك الأعداد الكبيرة التى تسكن الولايات المتحدة ، أيعقل ، لا يوجد مواطن أمريكي ، قد هاجر هرباً من جحيم الحياة في بلاده ، بالتأكيد هي ، مسألة شائكة تحتاج بالفعل إلى دراسة أوسع من هذا الطرح ، لكن ، لا علينا من التوسع الآن ، فالتقارير التى تصدرها الحكومات التى تتعاقب على إدارة البيت الأبيض والمنظمات الأهلية العاملة في الولايات المتحدة ، عن الأعداد الهائلة من المشردين والعاطلين عن العمل ، تفسر حال هذه الفئات التى تفضل البقاء بين ولاياتها على الهجرة للخارج ، لأن من الناحية التسولية ، بالطبع ، أمريكا أفضل من أي مكان أخر ، وأيضاً ، مخصصات التى تمنحها الحكومة للعاطلين غير متوفرة في أرجاء العالم ، يعني بتبسيط أشد ، المتشرد في الولايات المتحدة أفضل حال من كبار الموظفين ، الغير فاسدين ، في العالم الثالث .
بالطبع ، هذا نلاحظه حاصل وراسخ في دول الخليج ، ليس لأن ، مقاييس التصنيع أو المجال العلمي متشابهين بين الخليج والولايات المتحدة ، بل لأن ، القوة المالية المتوفرة في الأرصدة الخليجية تسمح لابن الخليج المحافظة على حد معين من المستوى المعيشي ، وهذا ، طيب ويقدر للحكومات ، رغم تعطيلها ، آليات النهوض بالمجتمعات التى من المفترض أن تُنافس الأمم الأخرى ، إلا أن ، في مناطق أخرى من الجغرافيا العربية التى ،أيضاً ، تمتلك البترول ومشتقاته ، مثل الجزائر ، يعاني الفرد الجزائري كما يعاني تماماً ، ابن الصومال أو اليمن ، كأن جميع خيرات الوطن ومنذ الاستقلال ذهبت هباءً منثوراً ، لم يستفيد منها المواطن ، لا ببناء دولة قادرة على أن تحتل مكان بين الأمم المتحضرة ولا أن ينعم المواطن بعائدات البترول كما هو حاصل للخليجي ولا استطاعت الدولة الجزائرية إحداث نهضة في محيط حدودها .
كان في الماضي القريب محاولة جادة من عبد الناصر ، بعدم سماح لأي مصري التعاقد مع الخارج إلا بوظائف معينة ، كالتدريس أو الطب وما شابهما من مهن أكاديمية أو حربية ، لكن ، في المقابل ، وفرت حكومته ، في حينها بدائل ، كالمصانع وغيرها من مؤسسات انتاجية في المجتمع ، وهذا الأمر تغيير على الفور عندما جاء السادات ، بدأت محاولات إفشال المصانع والمؤسسات العامة ، وتم لاحقاً ، خصخصتها الذي ساهم في رفع البطالة بين خرجي الكليات والجامعات وبات استيعاب تدافع الأجيال أمر غير وارد على الإطلاق ، ومع ، تزايد تعداد السكان رضخت الأغلبية الساحقة إلى سياسات جديدة ، قبلت دون أي شروط ، الانصياع لعجلة التصدير والانخراط بالعمالة للخارج ، دون أي رقيب أو حسيب لحياة المغتربين ، بل ، بات الهم الأول والأخير للحكومة ، هو ، عائد العملة الصعبة في نهاية كل أول شهر ، في المقابل ، اختارت دول عديدة في هذا السياق نماذج عالمية مختلفة ، اعتمدت على تصدير مومسات من أجل الهدف ذاته ، وأخرى ، استحضرتهم إلى مدنها من أجل إنعاش السياحة واستقطاب الشركات والمصانع الكبرى .
من العيب أن يتماهى العربي مع الغيب المطلق ، لأن باختصار ، ليس من خصائص جوهره ، على الأخص ، بعد أن تخطى وقارب تعداده البشري ال 370 مليون نسمة ، هناك على أقل تقدير 120 مليون عاطل عن العمل ، ونسبة الأمية ، قد يخجل المرء ذكرها ، فهي تصل إلى 19 % ، من اجمالي سكان الجغرافيا العربية ، وبين الأمية التقليدية والمعاصرة ، تجتاح الوطن العربي بطالة مقنعة ، تمثلت في الوظائف الحكومية والجيش والأمن ، وأخرى ، ثقافية وسياسة وأخلاقية ، لهذا ليس من المعقول ، أن تنحصر خيارات العربي بين الهجرة القصرية ، هروباً ، من جحيم سوء إدارة الاوطان لكي يتورط في جحيم أقسى وأشد أو أنه يبقى في وطنه من باب رفضه لفكرة الغربة ، لكنه ، يتحول ضمنياً إلى قواد ، يتساءل في ذروة الأزمات الاقتصادية ، وهو يقلب كفيه ، عن فرج قريب . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استنزاف للوقت في مصر ، قد تكون خسائره افدح على المدى القريب
-
تحديثاَ شاملاً للدولة التركية في ظل منطقة مختلة
-
تهويل حول الجماعات الإسلامية وداعش،،، يتدرج إلى مستوى النازي
...
-
القسطنطينية مقابل الأندلس والقدس
-
أُسس التدخل الروسي في سوريا وجنوب أسيا
-
استعلاء ناجم عن تفوق فارغ
-
بين البحث عن الاستقلال والتورط بخطط الحاخامات
-
الأخ الكبير يدافع عن الأقليات بعد ما دافع عن الشعوب ال سلافي
...
-
الانتقال من تحت الأقصى إلى ساحاته العلوية
-
مستشرقون الغرب ،، ورثة علماء المسلمين والعرب
-
أهو عشق في تكرار الفشل الأمريكي أم استكمال المشروع .
-
حيرة الكهنة وبراءة المنتفضين
-
هستيرية الأفراح والنجاح
-
الطفل آلان ، يُسقط جميع الأقنعة ،، والسيدة مركيل بألف رجل ..
-
العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة
-
هيهات أن يجيب الرئيس بوتين عن مصير الضفة الغربية ..
-
كيف نعيد الثقة بأنفسنا
-
ننتهي من ضجيج حتى نجد أنفسنا بين ضجيج أشد وأنكى
-
حماس بين البدائل وحتمية الفشل
-
نور الشريف والمشهد الأخير
المزيد.....
-
صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة
...
-
صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
-
وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية
...
-
-بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب
...
-
قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا
...
-
بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في
...
-
وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية
...
-
هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
-
غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر
...
-
أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|