أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إبراهيم محمود - أي مبارَك هو العيد؟















المزيد.....

أي مبارَك هو العيد؟


إبراهيم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 1364 - 2005 / 10 / 31 - 10:13
المحور: حقوق الانسان
    


مبارَك هو عيدكم أيها الكرد المسلمون: السنيون الأسنَّة منكم، والشيعيون المتشيعون الشيَع فيكم، المتصوفون في مذاهب ومضارب في مهب رياح وقائع الدهورعليهم، المصفوفون داخل عنق زجاجة ممدوحيهم، وخرم إبرة تاريخهم النافذة فيهم، الطوائفيون في قصبات حبورهم السبخية، الباشوات ضد أصولهم دون استثناء، الآغوات بالجملة، البكوات بإطلاق، المشايخ على عروش رتوش، المخاتيردون هوادة، الدراويش على أعلتهم، أصحاب السوابق وخلافهم دون تمييز . الكرد الأقحاح المأخوذون باسلامهم، واسلامهم العملي أبقاهم شذر مذر!

أي عيد هو المبارك باسمكم، وأنتم طوع أمرالقيام بالمنكر والنهي عن المعروف؟

ماهو معروفكم الذي لم تتوقفوا عنده، ومنكركم الذي تنوسمون به كثيراً هنا وهناك؟

عيد مبارك لكم أيها الكرد: الدراويش رغم شدة بأسكم داخلاً،، البؤساء رغم فذاذة غناكم لسواكم، التعساء رغم ضراوة سعادتكم بحضور متبليكم، مهلهلو الثياب والأصحاب، الآمال والآجال، متصحرو الأبدان والأعيان المستقلين، من رمال الويلات المتحركة، بغيركم كثيراً، وبكم عند الضرورة المتداولة. الموزَّعون بين عراء السهول المستملكة لسواكم، ووعيد الجبال المدحولة بأوبئة المعنيين بأمركم دون ترخيص وتمحيص.

مبارك عيدكم، أيها الكرد الأشاوس، الناريون، ذوو الخفة فيما لا يعلمون، الكرد المأخوذون باستمرار في عقر دارهم المسلولة، الكرد الكثيرون في قبائلهم وعشائرهم ومللهم ونحلهم وفرقهم وأجندتهم المقضة لمضجعهم، رغم كل أجراس التنبيه داخلهم وفي الجوار، وخيالاتهم الملهمة للتفريق المتصاعد المنثور فيما بينهم، وأطيافهم المعزَّزة بتواريخ من لا يعنيهم أمرهم، ولهجاتهم المتعالية على بعضها بعضاً، ومعسكرات قبضاياتهم المفتوحة والمغلقة، رغم كل هوائيات وحدة الشعب تاريخياً.

مبارك عيدكم أيها الكرد وأنتم في العيد أكثر شعوراً ببؤس ما تعلمون، وبؤس ما تعيشون، وبؤس ما يفرقكم ويبقيكم فرقاً إلى حين.

مبارك عيدكم، وها هو يزف إليكم بشائر أخوتكم من الذين آووكم وأنتم عراة مزعومون في جبالكم، باستبرق رمالهم الكاوية، وحموكم وأنتم في دياركم بزبرجد تاريخ مشترك في الأصل، كان القصد إبقاءكم خارج التاريخ بالتاريخ الشديد عليكم، والذين أتوكم برحابة عنفهم، وأنتم في ضنك العيش، وضيق عرى زمانكم، في رحابة جغرافيتكم المطوية تحت سنابك أيامكم الكالحة.

مبارك عيدكم وأنتم أدرى بعيدكم: حسباً ونسباً، وكم يساهم في إطالة لحاكم التي لا تدفئكم وتبرئكم، وتنعيم جلودكم التي لا تعرّف بمدنية تخصكم، وإطلاق ألسنتكم من معاقلها، والتي لا تدشن طريقاً فعلياً حقاً باسمكم.

مبارك عيدكم، أنتم أصحاب العمائم المزهوة بريشها الخفي، ذوي الامتيازات وهكتارات النعم المصفَّى مما طاب لهم القول، وساءت بهم الأفعال والأحوال، ومما ترقَّى بهم فعل الذوات وتوليفها، وما تبقّى فيهم من مكرهم بذواتهم داخلاً.

مبارك عيدكم، أيها الناعسون على حد خنجر الآمال المطروحة أمامهم، المدبكون على جمر قلوبهم، ودق طبول خفقان أفئدة أطفالهم، وهم لما يلدوا بعد. المبتهجون باليوم المبارك، الميمون، السعيد، الإلهي بامتياز، على صدى قرقعة أوهامهم فيما هم فيه، وفيما هم مقبلون عليه دون هدىً، رغم بريق الآتي العريض المنكبين.

مبارك عيدكم، وأنتم بأتم البؤس وأفضل الشقاء فيما لا تعرفون فعله.مباركم عيد هذا، وأنا غير شامت بكم، ولا بالعيد ، ولا بمن كان مبتدعه أو مدشنه، وإنما أبكي قوماً، شعباً، هو أنتم، يحتفل بشماتة من أخرجوه عن جادة صوابه، وهو ماض في غي الاحتفال بين ظهرانيهم بجلاء.

مبارك عيدكم، وأنتم في شعوركم الملياري بين أخوتكم الذين كانوا لكم بالمرصاد في معظمهم، ومازالوا، وأنتم منتشون بجنة العدد، متناسين جهنم المعدود فيكم ومن حولكم، حيث لا سلام عليكم يوم سُميتم باسم لم تختاروه، كم هي أسماء الكثيرمن أولادكم في خانات أنتم أسراها، ويوم سُمتم بصفات ومذاهب، وأنتم تزدادون كمالاً فيما لستم فيه، وفيما ليس لكم فيه، وفيما أنتم به أبعد الخلق عن كمال وعي الذات والاسم، باسم من كان كمالهم يتدعم بكم كثيراً.

مبارك عيدكم، وأنتم مسلمون أقحاح، ناسين أو متناسين، بدقة أكثر، قحة أيامكم، وفراسخ معاناتكم المديدة العديدة، بين مطلق القوة عليكم في علياء تستشرفكم، دون أن تشرفكم، ومطلق الضعف إزاءكم في أرض يُخاف عليها منكم، وهم الطارئون عليها، وفي دين داهمكم، رغبة في ذهاب ريحكم، كما تقول وقائعهم وليس العكس.

مباركم عيدكم، حيث البركة تسفّه هويتها النابحة عليكم، وتصيب مواعيدكم التاريخية بالذبحة الصدرية، كلما حننتم إلى ريَّا خلاص، كلما شهرتم ودكم، لمن لا يريدون لكم وداً، وأطلقتم لحاكم، لمن يحفظون لكم صداً.

مبارك عيدكم هذا الذي تهللون لـه، أكثر من تهليل أخوات وخالات وعمات أمهاتكم يوم ولدتكم ذكوراً بحشفات كاملة، وتطربون لمجيئه، أكثر من مجيء العزيزين على قلوبكم الضامرة من فرط التوحش، بعد أوقياس غيابات قسرية، وتوزعون السكر ومرادفاته ومرافقاته، كما لو أن دساكرمرارة الأيام المعمولة فيكم، تذهبها فضفضة ورق السكر الملفوف نفسه بأنامل بروليتارياكم في مهاجرهم داخل و..... طنهم، مثلم تثقلون على كاهلكم بأعباء أخرى كالمعجنات وتوابعها، تلك المحضَّرة من الدقيق المغشوش، والمهرَّب من أهراء القمح المعفن بجواركم، والمباع بالتواطؤ لمن يسيئون بكم الظن علامة فضيلة فارقة خارقة فيهم، وأنتم تزخرفون أولادكم ببهارج أقمشة من قطنكم المرويّ بأوجاعكم، والمغزول بآهاتكم، بنشج دمائكم الرخيصة والمهدورة أصلاً.

مباركم عيدكم، أيها الكرد الصاعدون إلى أعال ٍ، بسلطان مريب في الجوار، المنتشرون في الجوارالغدار بسلطة غير مخوَّلة، المقيمون طي أفئدة عمادها المخاوف، ومزادها صحائف متتاليات الأيام، وسبائك بصيرتها ما يتهددها قياماً وقعوداً. مباركم عليكم عيدكم، وأنتم تبشرون أنفسكم بحميّا كيان، لازال على مبعدة جبال وجبال من التداعي، وتطمئنونها، ومازلتم في بداية الطريق اللاطريق في أكثر من ألف ميله وألف ألف ويله، دون تذكيرممكن بالمفاجآت.

مباركم عليكم عيدكم، وأنتم بمتاعكم التاريخي الذي تلبسونه، حيث يشدكم إلى تحزباتكم وشيعكم كثيراً، وما زلتم تتحدثون باسم الأحزاب، وأنتم قاب قوسين أو أدني من دولة، وتفصلون مناقبها، وأنتم ترتكزون إلى حائط سميك من التشرذمات الصاعرة خدها، والمبرزة أنيابها المضيئة، وباسم قانون مدني، ولازال دخان ما كان يسد آذانكم، قبل أن يعمي عيونكم، لكأن ناركم التي اشتعلت بكم وبسواكم، تلك التي تخص تقسيماتكم التاريخية، قد انطفأت كلياً. مباركم عليكم، لكم، بكم عيدكم، وأنتم كرد أكثر من كونكم مسلمين، وأنتم سنة مبتهجون بمذهبهم، دون تذكُّر ذاكرة السنة المركّزة عليكم، ومن داخلكم وخارجكم معاً، وأنتم شيعة، كما لو أنكم أولو أمرالمذهب هذا، كما لو أنكم شيعة بالجملة من يوم ولدتم إلى يوم تموتون وتُبعثون من قبور، غيرمسماة بما تشتهون غالباً، وأنتم سيول من المتصوفة في صحارى تستقبلكم عبر متاهاتها ولا ترد لكم جميل ماء، كما لو أن الكردية لم تخفق ذات يوم في صدوركم، على إيقاع جبل فيكم شارد، وسهل فيكم مطارَد، ونهرمارد فيكم معنَّى.

مباركم فيكم عيدكم، كما لو أنكم مسلمون بالجملة، والمسلمون غير عابئين بكم، ولو بالمفرق، إلا بالنيل من جملتكم، كما لو أنكم لم تكونوا إيزيديين ذات يوم، أو لستم في البعض الأثير منكم، وسواهم من المذاهب الأخرى التي تقاسمتكم، أو تأهبتم وشببتم عن الطوق باسمها.

مباركم عليكم وفيكم عيدكم، كما لو أن صكوك الغفران الإلهي منحت لكم، وسط فرح مليار مسلم مغتبطين بكم، كما لو أنكم أقمتم عدلاً فيما بينكم، لا خوف عليه، من مدسوس محتمل، وعدو خفي، ومتحامل قائم هنا وهناك.

مباركم لكم عيدكم، وأنتم تسعون إلى نسيان أو تناسي عشرات الينابيع من الدماء التي ضُخَّت من دواخلكم، وباسم ( فرق تسد)، وما زلتم موعودين بانبجاسات مختلفة منها، إن لم تتنبهوا لها، وأنتم تنسون من كانوا كابسين أحلامكم في أنسجتكم، وقد اختبرتم الظلم طويلاً، فعوا أنفسكم، وخوف ظلمها لغيركم وهم أخوتكم وأخوة مصير لكم من جنسكم أو شركائكم في الجغرافيا والتاريخ كثيراً سرياناً، كلداناً، أرمن، وسواهم، فليس للعيد طعم فضيلة، إن لم تتيقظوا لرذيلة التفاوت، وعمى بصيرة القادم من الأيام، إن لم تتجنبوا كبرياء الذات الصاعدة، إزاء من لا يجوز التعالي عليهم، إن لم يكن لعيدكم ما يجعلهم شركاءكم في العيد أبعد من كونه عيداً مذهبياً أو شعبوياً، أو أممياً من نوع خاص.

أي مبارَك هذا العيد وأنتم غير مدركين لأدغال الحزن المستقرة في بيداوات نفوسكم؟

مبارك، ومبروك عيدكم، خارج كل ما تقدم، حين تكونوا أسوة حسنة لأنفسكم، وعليها في لجمها، وأنتم الأَولى بنشردقائق الفرح المرتجى، لمن يرصدون عليكم خطواتكم فيما بينكم ومن حولكم، وعلى مسافات قصية.

مبارك عليَّ عيدي الذي أعلن فيه نفسي، أكثر من كونها مما تظنون أنفسكم حتى الآن، وأكبر مما تمَشهِدون أنفسكم به، وأعمَّ نفاذ رؤيا، وأنتم وسواكم ممن ذكرت وممن لم أذكر، ذاكرات فارعة معاً فيها.



#إبراهيم_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رايتس ووتش وهارفارد تدقان ناقوس الخطر بشأن أثر المتفجرات على ...
- بن غفير يدعو لـ -إعدام الفلسطينيين- لتخفيف اكتظاظ السجون
- الضرب والتعذيب سياسة يومية.. هيئة الأسرى: استمرار الإجراءات ...
- وزارة الدفاع الوطني بالجزائر: إرهابي يسلم نفسه للجيش واعتقال ...
- أميركا تؤكد عدم تغير موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ...
- برنامج الأغذية العالمي: لم نتمكن من نقل سوى 9 قوافل مساعدات ...
- قيس سعيد: من أولوياتنا مكافحة شبكات الإجرام وتوجيه المهاجرين ...
- -قتلوا النازحين وحاصروا المدارس- - شهود عيان يروون لبي بي سي ...
- نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر ...
- برنامج الأغذية العالمي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة: السرعة ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إبراهيم محمود - أي مبارَك هو العيد؟