أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - الشاعر حين يجمع النقيضين..العبقرية ومدح الحاكم















المزيد.....

الشاعر حين يجمع النقيضين..العبقرية ومدح الحاكم


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 20:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




الشاعر حين يجمع النقيضين..العبقرية ومدح الحاكم
لمناسبة رحيل عبد الزراق عبد الواحد
أ.د.قاسم حسين صالح
مفارقة غريبة ان ترحل ابرز شخصية في السياسة وابرز شخصية في الشعر في ستة ايام ،وينقسم العراقيون بين من تشفى بموتهما وبين من رثاهما بأسف بالغ،مع ان احدهما كان العدو الشرس لصدام حسين فيما كان الآخر الصديق المقرّب له!.فبعد ان رحل الدكتور احمد الجلبي في 3 تشرين الثاني الجاري تبعه الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في 8 من تشرين نفسه..مخلفين وراءهما جدلا متضادا يقدم مؤشرا سيكولوجيا عن انفعالية الشخصية العراقية.
في مقالة سابقة..تحدثنا عن الدكتور احمد الجلبي ونخصص هذه للشاعر عبد الرزاق..مبتدئين القول بأن القاريء للعلاقة بين السلطة والشاعر من بدء الدولة الأموية الى الآن يجد انها تتمحور في موقفين:اما ان تغدق على الشاعر ليكون مداحّها واذاعتها واعلامها الجماهيري،واما ان تضطهده اقتصاديا ونفسيا،وان تطلب الأمر قطعت رأسه الذي فيه لسانه.
قليل من الخلفاء والسلاطين والأمراء في امتنا تصرفوا مع الشعراء والفنانين تصرفا حكيما وانسانيا و(براغماتيا) كما تصرف الملك (فيليب)مع الفنان (فيلاسكس).فقد كان هذا الفنان مشتركا في مؤامرة ضد الملك الاسباني فيليب،فاعدم المتآمرين جميعهم الا فيلاسكس فقد جعله فنان البلاط.كان قتله سهلا كالآخرين،غير ان الملك فكّر بذكاء بأن الموهبة تكون في العادة نادرة،وأنه يمكن ان يستثمرها..وكان له ما اراد .فلقد انتج فيلاسكس لوحات فنية رائعة خلدت الملك فيليب،والأهم انها شكلّت انعطافة جديدة في تطور الفن الاسباني،على العكس تماما من موقف سلطة فرانكو التي اعدمت شاعر اسبانيا العظيم الشاب (لوركا)..فخسرت اسبانيا والانسانية موهبة وعبقرية لا تعوّض.
اما في تاريخنا العربي والاسلامي فالحال ادهى وأمّر..اترك استحضار مآسيه لذاكرتكم.لكن اللافت ان سيكولوجيا العلاقة هذه بين الشاعر (والفنان والعالم والمفكر) وبين السلطة لم تتغير.ففي سبيل المثال ،لنأخذ الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد،فما الذي فعله اكثر من مدحه لصدام حسين.والواقع ان مدحه له كان لقاء ثمن يحتاجه مزاج الشاعر:بيت قيل عنه أنه فاخر.وكان (السلطان)ينفّذ له رغباته،حتى انه طلب منه ذات يوم ان تكون في البيت (مسنايه)..فكانت!.
وعبد الرزاق لم يفعل اكثر مما فعله شاغل الدنيا الهائل العظيم (المتنبي)الذي مدح حاكما وضيعا مغتصبا للسلطة ليوليه على امارة ولو بسعة مدينة حلب.ولما لم يستجب كافور لطلبه هجاه المتنبي بافضع ما في قاموس لسان العرب من مفردات بذيئة!.ولم يفعل اكثر مما فعل شاعرنا الخالد الهائل العظيم (الجواهري)الذي كان سكرتيرا للملك فيصل الأول ومدحه بقصائد كثيرة..ومدح ملك المغرب وملك الاردن(يبن الملوك وللملوك رسالة..من حقها بالحق كان رسولا)..ونوري السعيد ايضا :(أبا صباح وأنت العسكري..)..وحتى احمد حسن البكر وصدام حسين :(نعمتم صباحا قادة البعث واسلموا...) ثم هجاهم شرّهجاء بعد انقلاب 14رمضان 1963:
(أمين لا تغضب وان اغرقت...عصابة بالدم شهر الصيام
وان غدا العيد وأفراحه ......مأتما في كل بيت يقام)
ويبقى هو الجواهري صاحب الروائع الخالدات (أخي جعفرا،قف بالمعرّة،دجلة الخير..) والساكن في قلوب العراقيين..والتاريخ.
ثم ألم يكن (عبد الرزاق)افضل من شعراء (كبار) يتنفسون الآن هواء الوطن المحروم منه؟.ومن من هؤلاء الشعراء نظم قصائد وجدانية غاية في الرقة والمشاعر الانسانية الراقية كالتي نظمها عبد الرزاق؟.ومن من شعراء الاسلام ،والشيعة تحديدا،نظم قصائد في (الحسين) كالتي تدفقت بها عبقريته،وهو الصابئي اصلا وفصلا؟!.ثم من (الأخطر)،ان كان في الأمر خطورة سياسية او اخلاقية:الشاعر العبقري والفنان الموهوب والعالم المبدع،أم بعثيون كانوا كبارا في الجيش والمخابرات يحتلون الان مراكز مهمة في الحكومة؟أم الآف الفاسدين الذين نهبوا ملايين الدولارات ولم يحاسبوا؟أم سياسيون في النهار وقادة ميلشيات وارهاب في الليل؟
انا شخصيا اكره في عبد الرزاق عبد الواحد سلوكه،وأدين مدحه للطغاة والطغيان،واساءاته لعدد من المثقفين..غير اننا لا نختلف بشأن عبقريته،بل نكاد نضع موهبته فوق منارة لا تقل علّوا عن منارات المتنبي والمعري والجواهري.نعم..منحه الطاغية لقب (شاعر القادسية)..لكنه منح ايضا وسام بوشكين بمهرجان الشعر العالمي في بطرسبرج،ودرع جامعة كامبردج وشهادة الاستحقاق في مهرجان ستروكا بيوغسلافيا وجوائز وتقديرات اخرى..فلماذا ضحينا بعبقرية شاعر في عصر صار فيه ميلاد شاعر معجزة..عصر الكومبيوتر الذي لا يجود لنا زمانه بشعراء وفنانين ومبدعين كما جادت به الأزمنة القديمة؟.ولماذا لا نتفق من الآن على ان يكون هؤلاء،اعني الشاعر العبقري والفنان الموهوب والعالم المبدع والمفكر الأصيل ..خارج الممنوع من الصرف..السياسي؟
لقد تساءل الكاتب يوسف ابو الفوز في مقالة له بالمدى(هل ينفع العراقيين اعتذار شاعر سلطوي:كيف سيكون اعتذار عبد الرزاق عبد الواحد، وبماذا سينفعنا ؟ وما قيمته ؟ أدرك جيدا ان هناك نوايا طيبة وحسنة عند البعض ممن دعوا عبد الرزاق عبد الواحد للاعتذار، وأن فيهم من يريد صادقا أن يقدم عبد الواحد اعتذاراً عما ارتكب بحق العراقيين في تسويغ الفاشية الصدامية ومديحها، لكي لا يتساوى الضحايا من أمثالنا والجلادين من أمثالهم ـ كما كتب الشاعر عواد ناصر في موقعه على فيس بوك).ويختم مقالته(فليبق هذا الشاعر سلطويا فلا أعتقد أن اعتذاره سيزيل المقابر الجماعية من خارطة العراق،أو يمسح الخردل عن القرى والقصبات الشهيدة في كردستان أو يعيد الحياة لضحايا الحروب المجنونة مع الجيران. وإن اعتذار هذا الشاعر السلطوي لن يطفئ الغضب في عيون عوائل من أبادهم الطاغية غيلة في سجونه أو حروبه المجنونة ، أو يعيد شباب من شردهم في المنافي فصارت للعراقيين بفضل سيده مقابر في مختلف بلدان العالم).
ومع ان هذا الموقف يحمّل الشاعر مسؤولية جرائم الطاغية،الا انه مشروع، شرط ان يكون مبدء" ينطبق على جميع الشعراء الذين امتدحوا الطاغية ونظامه.فالواقع يشير الى ان عددا من الشعراء الذين امتدحوا صدام بقصائد وصفوها ب(العصماء)وكانوا يتباهون بها امام طلبتهم..هم الآن يحتفى بهم في اتحاد الأدباء وتخصص لهم أمسيات..ما يعني ان عبد الرزاق افضل منهم لأنه لم يتلوث برذيلة النفاق. فضلا عن ان الدكتور هاشم عبود الموسوي اشار الى ان( كثيرا من الشعراء الذين طبّلوا وزمّروا للنظام الأسود يحتلون الآن مراكز مهمة في مجال الثقافة والصحافة،وان احدهم هو اليوم مسؤول عن اهم دائرة حكومية للنشر في العراق ،والشخصية الأهم التي انيطت بها فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية).
كان موقفا خاطئا اننا تركنا شاعرا عبقريا يموت في الغربة،والخطأ الآخر،ويمكن تداركه، ان نحرمه من رغبته في ان يدفن في وطن احبه بصدق وشفافية:( ياعراق هنيئا لمن لا يخونك..هنيئا لمن اذ تكون طعينا يكونك..هنيئا لمن يلفظ آخر انفاسه تتلاقى عليه جفونك).
9 تشرين الثاني 2015



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد..من ابتدأه..ومن أشاعه؟ دراسة استطلاعية
- الطموح..هل قتل الجلبي بالسكتة؟! تحليل سيكولوجي
- التطرف الديني وصناعة الموت (2-2) دراسة تحليلية
- حوار المدى 2 تشرين الثاني 2015
- التطرّف الديني وصناعة الموت (1 -2)
- قيم الحسين..هل ستطيح بالفاسدين؟ تحليل سيكولوجي
- hالتظاهرات ..هل احيت قيما ماتت؟ تحليل سيكولوجي
- اشكالية الأدب والنقد والمتلقي
- المواطنة..في تحليل للشخصيتين المصرية والعراقية
- حيدر العبادي..هاوي بس ما ناوي!
- العلمانيون والفاسدون..من سيضحك أخيرا؟
- شراع سفينة التظاهرات..ورياح التغيير
- تحليل سيكولوجي لما حدث ويحدث
- حيدر العبادي..بين التفويض والتقويض
- فقاعات الشتاء السنّي ..فقاعات الصيف الشيعي
- العراقيون..مازوشيون - مقال تحريضي!
- عبد الكريم قاسم..والطائفيون - موازنة اخلاقية
- تساؤل الى الامام علي في ذكرى استشهاده
- داعش تفهمنا افضل مما نفهمها!
- ازمة العقل السياسي العراقي-تحليل سيكوبولتك


المزيد.....




- في ظل الحرب.. النفايات مصدر طاقة لطهي الطعام بغزة
- احتجاجات طلابية بجامعة أسترالية ضد حرب غزة وحماس تتهم واشنطن ...
- -تعدد المهام-.. مهارة ضرورية أم مجرد خدعة ضارة؟
- لماذا يسعى اللوبي الإسرائيلي لإسقاط رئيس الشرطة البريطانية؟ ...
- بايدن بعد توقيع مساعدات أوكرانيا وإسرائيل: القرار يحفظ أمن أ ...
- حراك طلابي أميركي دعما لغزة.. ما تداعياته؟ ولماذا يثير قلق ن ...
- المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عملية هجومية بالمسيرا ...
- برسالة لنتنياهو.. حماس تنشر مقطعا مصورا لرهينة في غزة
- عملية رفح.. -كتائب حماس- رهان إسرائيل في المعركة
- بطريقة سرية.. أميركا منحت أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - الشاعر حين يجمع النقيضين..العبقرية ومدح الحاكم