أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - مصطفى المغراوي - مجتمعُ المعرفة .. مجتمعٌ غير عربي














المزيد.....

مجتمعُ المعرفة .. مجتمعٌ غير عربي


مصطفى المغراوي

الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 19:18
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


نشأ ما يعرف بمجتمع المعرفة بعدما تبدلت سمات المجتمع العالمي وخصائصه الفنية وكذا نظامه المتحول، وكان ذلك نتيجة ظهور عدة إرهاصات توحي بالتغير المطرد في كثير من المجالات الحيوية، حيث شهد العالم طيلة تاريخه الطويل تطورات متلاحقة في طرائق الحياة وأساليب المعيشة، نظرا لظهور مستجدات واحتياجات جديدة. فبعد الاعتماد على الزراعة لردح من الزمن تم التحول إلى التصنيع لسد الحاجيات المتزايدة، عن طريق التخلي عن الآلات اليدوية إلى البخارية ومنها إلى ذوات الاحتراق الداخلي وغيرها، وصولا إلى عهد التكنولوجيات الحديثة، مما أدى إلى قيام ثورة كبرى في مجال المعارف المعلوماتية. وهي الثورة التي قلبَت وعدَّلت من رؤية الأمم إلى العالم، حيث أصبحت المعرفة تؤثر في تشكيل أنماط حياة المجتمعات الإنسانية وصياغة أنظمتها السلوكية، وهندسة أشكال العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية بشكل غَيَّر نظرة هذه المجتمعات إلى المستقبل.
لقد تطورت وتجددت مستويات النظر إلى المعرفة، وتبين أن هذه المعرفة تحولت إلى مصدر قوة يتفوق على مصادر القوة القديمة التقليدية كالأرض ورأس المال وغيرهما، وأصبح بذلك مجتمع المعرفة هو الذي يساهم بفاعلية في إنتاج المعرفة وتطويرها، دون أن يقنع باستخدامها لفهم واقع الحياة أو يتوقف عند الاستفادة منها. بل تجاوز ذلك إلى حسن استعمالها وتوظيفها التوظيف الملائم لروح العصر، ثم تسويقها تسويقا يحمل في ثناياه بذور السيطرة والهيمنة الاقتصادية، فأصبح التقدم يُقاس بمعايير القدرة على إنتاج المعرفة وتحديثها وتراكمها، داخل بيئة طغت عليه روح التنافس بين الدول والمجتمعات المتقدمة، التي تتسابق على اكتساب مصادر القوة والتفوق الحضاري، خصوصا بعد تحوّل الاقتصاد الحديث إلى ما يُعرَف بالاقتصاد المعرفي، الذي تشكل فيه المعرفة الركيزة الأساسية والدعامة اللازمة لمواكبة الركب العلمي والتقني والحضاري.
يتطلب ظهور مجتمع المعرفة توافر جملة من الإمكانيات الخاصة التي تهيئ الفرصة للاضطلاع بالأعمال والأنشطة الكثيرة الموافقة للتحول إلى إنتاج المعرفة، واعتبارها سلعة تشكل مصدر دخل هام للمجتمع المنتج لها. وبذلك فإن مجتمع المعرفة المعاصر يتميز بسمات وخصائص عديدة أهمها: انفجار المعرفة وتوظيفها بشكل متسارع ومتدفق، خصوصا في صناعة المعلومات بوصفها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصاد المعاصر القائم على التطورات التكنولوجية ، إضافة إلى استثمار الوقت و حسن تجويده، ومواكبة البحث العلمي بجوانبه النظرية والتطبيقية لزيادة توليد المعرفة وإتقان إدارتها.
وفي ضوء ما تقدم فإن أي مجتمع يريد أن يصل إلى مكانة مجتمع المعرفة، عليه أن يتسم بخصائصه المعاصرة والمتطورة، فهل ينطبق ذلك على مجتمعنا العربي؟ وأين نحن من هذا التطور العاصف؟
سؤال نجد أجوبته مطروحة في الطريق يعرفها الكبير والصغير والعالم والجاهل، فالدول العربية تواجه العديد من التحديات، بعضها خارجي يفرضه الواقع الدولي والتحولات العالمية الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والعلمية، وبعضها الآخر مرتبط بتحديات داخلية وعلى رأسها مشكل التعليم الذي لا يوازن بين الكم والنوع. الأمر الذي يُعسِّر عملية التكيف مع متطلبات السوق، وذلك بإعداد خِرِّيجين غير ملائمين لمستجدات العصر، في ظل التغيير الشامل الذي طال طبيعة وأشكال مهن المستقبل التي أصبحت تجمع بين ثورة الاتصالات والكمبيوتر، إضافة إلى ضعف كفاءة مراكز البحوث – على قلتها – وضعف الدعم المادي المخصص لها وغير ذلك من النقط السوداء التي تحتاج إلى معالجة دائمة مستمرة لأجل الخروج من هذا النفق الطويل المظلم .
إن مجتمع المعرفة يشكل مشروعا شاملا ومتكاملا للآمة العربية، من خلال القدرة على توظيف العلم لاتخاذ القرارات وتحقيق الغايات، عبر الابتكار والإنتاج بغية تطوير كفاءات الفاعل البشري، وتأهيله في سبيل خدمة التنمية الإنسانية الشاملة، بشحذ القوة وامتلاك المقومات الضرورية لمواجهة العقبات الناجمة عن الإرث التاريخي والواقع الجغرافي. وإلى جانب المعارف العلمية يجب توافر معارف أخرى شتى، كتلك المتعلقة بالمعارف الاجتماعية والقانونية والسياسية المساعدة على تعزيز مكانة المجتمع المدني وتحسين أداء مؤسسات الحكم، ناهيك عن فسح المجال الأوسع لتطبيق الحريات الأساسية كحرية الرأي وحرية التعبير وغيرها من الإصلاحات الجذرية التي تراهن على إرساء النظام الديمقراطي في أقوى تجلياته.
وحتى نفتح الباب على أمام المستقبل المتفائل، يمكن القول أن المجتمع العربي يمتلك جزء كبيرا من مقومات النجاح التي يتمتع بها مجتمع المعرفة، ومنها العنصر البشري المتعلم والقادر على مواكبة وثيرة التطور، إضافة إلى الرأسمال اللازم للرفع من جودة مؤسسات التعليم، ودعم مراكز البحث العلمي وتوفير البيئة التنظيمية التي تشجع على الإبداع والابتكار، والاهتمام بالمبادرات والمواهب الفردية لكي تتمكن من العمل على توجيه دفة المنافسة في الاتجاه الصحيح، وقطع الطريق أمام الأكاديميات التي تستقطب الكفاءات من كل أرجاء العالم، بفضل ما تمتلكه من وسائل جذب و تحفيز، تبدأ بالتعويضات المغرية وتنتهي بتوفير قدر كاف من الحرية والإمكانيات التقنية والإدارية، وهو أمر لا سبيل للتخلص منه إلا بأخذ زمام المبادرة لتجنيب العالم العربي كارثة حقيقية، تظهر تداعياتها بسرعة وضوح في الحاضر وما سيأتي من عقود.



#مصطفى_المغراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين و العلم .. صراع مفتعَل
- التكامل العربي.. البركان الخامد
- حوار الثقافات..عالَم مشروط وُلوجُه
- عولمة الهوية .. مشروع لن يكتمل


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - مصطفى المغراوي - مجتمعُ المعرفة .. مجتمعٌ غير عربي