حرائر تونس يحملن مشاعل التنوير

حسين سميسم

الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 22:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

يندهش من يطلع على الحركة الفكرية النسوية التونسية عمق طروحاتها وجرأتها المنقطعة النظير في تناول اكثر الامور الحساسة وهو الامر الديني ، فقد برزت ظاهرة نسوية - هي الاولى في التاريخ العربي والاسلامي - تعمقت في دراسة النص الديني من موقع حداثوي نقدي ربط النص الديني بتاريخه وبأسباب ظهوره ، وتنتمي هذا الظاهرة الى جيل ولد في سبعينيات القرن الماضي تميز بدراسة النص بوسائل حديثة من خلال اطلاعه على تاريخ النص الديني وعلى المدارس الفكرية الاوربية الحديثة وخاصة المدرسة الالمانية المرتكزة على التحليل التاريخي واللغوي ، وقد توفرت للطلبة التونسيين امكانية ضبط اللغة الفرنسية الى جانب اللغة العربية مما فتح الباب واسعا للاطلاع على مدارس التنوير الاوربية وعدم الاكتفاء بما ضخه لنا الفقهاء المسلمون من ثقافة تبجيلية وثوقية ، وقد وفرت فترة ما بعد الاستقلال جوا من النقاش ساهم فيما بعد في إثراء الثقافة وبروز اهم الكتاب والمفكرين امثال د. هشام جعيط و د.عبد المجيد الشرفي و د. يوسف صديقي وفتحي المسكيني وهم من اصحاب المؤلفات العديدة التي رفدت المكتبة العربية بمصادر لا غنى عنها لكل باحث يريد البحث في النص القراني او في السيرة والحديث النبوي او فيما يواجهه المسلمون من معضلات في تحديث الفكر الاسلامي ، وقد ساهمت هذه المجموعة في انهاض الواقع الثقافي وتطوير البحث العلمي في جامعات تونس ، وساعد تأخر وصول موجة الوهابية والتسليف الى تونس والمغرب وخلوها من شد طائفي ، وصعوبة وصول التاثير الايراني بعد الثورة الايرانية الى كامل المغرب العربي والتجاوب الضعيف مع الاردوغانية التركية ادى كل ذلك الى وجود بحبوحة من الهدوء النسبي فسح المجال لطرح اسئلة جدية ومناقشة الموروث الثقافي الاسلامي ، وكان لوجود شخصية علمائية وطنية كالطاهر بن عاشور صاحب التحرير والتنوير ، ووجود الدكتور عبد المجيد الشرفي بشخصيته العلمية الفذة اكبر الاثر في ظهور جيل من طلابه وطالباته حملوا الراية وباشروا في تاسيس صرح علمي جديد ، فقد ساهمت هذه المجموعة بتأسيس منظمة العقلانيين العرب واشرفت الكاتبة الكبيرة رجاء بن سلامة على مجلة الاوان الثقافية ، وساهمت مجموعة من الكاتبات التونسيات بالسلسلة التي اشرف عليهاالمفكر عبد المجيد الشرفي تحت اسم الاسلام واحدا ومتعددا وقد صدر من هذه السلسلة حوالي ( 15 ) كتابا ساذكرها في ذيل المقال ، وتوضح هذه السلسلة تغير فهم الدين الاسلامي وتفاعله المختلف في البلدان المتباينة الظروف . ويوعز البعض الى ان ظهور الظاهرة الفكرية النسوية في تونس يرجع الى تأثير الدكتور عبد المجيد الشرفي لانهن من طالباته في الجامعة ، لكن الشئ الذي يجب الاشارة اليه انهن لم يكررن الشرفي بل باشرن في بحوث نوعية تجاوزن بها الشرفي نفسه ، فقد قدمت الكاتبة الفة يوسف اطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه بموضوع تعدد المعنى في القران وهو بحث متفرد لحصر تعدد المعني الدقيق للايات القرانية ،وقامت الكاتبة الكبيرة ناجية الوريمي بتقديم اطروحتها الموسومة الائتلاف والاختلاف التي نالت عليها شهادة الدكتوراه بامتياز ، وقد رصدت فيها كيفية قيام المفسرين بتغيير معاني القران عن طريق التركيز على جزء من القصة المذكورة بالنص وبناء المعنى على ذلك الجزء ، ولاحظت كيفيةتفنن المفسر في تغيير تتابع الحدث المشار اليه بالنص لتغييرمسار الحدث ومعناه ، وتغيير المكان او مسحه من الذاكرة لانه يفضح تفاصيل القصة ، كذلك التلاعب بعملية النسخ وابعاد مايحرج المفسر والتلاعب بالسند والمتن للوصول الى صياغة تبجيلية مقدسة تنفي انسانية وتاريخية النص واسباب نزوله ، فهم مرة يفسرون النص على اساس السنة القولية ومرة على اساس السنة العملية ومرة على اساس اسباب النزول ، فالمفسر يحدد هدفه الذهني المسبق ويأخذ ما يناسبه من نصوص واحاديث وقصص تعزز مافي ذهنه ، وهو يرى بأن هذه الصياغات والتفاسيرتخدم الاسلام وينسى انه قد وضع نفسه داخل المعنى مموها نفسه بألوان تشابه ارضية اللوحة وجاء دور الوريمي لتسله من النص سل الشعرة من العجين ، ولتبين حجم دور المفسر الذي يزيد في بعض الاحيان على دور صاحب الشريعة ، كما ادخلتنا بكتابها المذكور الى صالة عمليات الجراحة التجميلية للنص واشارت الى المناطق التي خضعت لتلك العمليات في جسم النص . كما رصدت التناقض العنيف بين مفسري النص وكتاب السيرة النبوية مما حدا بهم لتكفير بعضهم البعض ، كما قامت الوريمي بعرض تاريخي فككت به ماقام به الفقهاء من اضافات وتغيرات لم تكن موجودة في النص الاصلي ، وقد مرت الوريمي مرور العارف بالمكان ودلتنا على اضافات الشافعي والمعتزلة والطبري وكثير غيرهم اعطوا للدين الاسلامي الوان لم تكن في الصورة الاصلية . انني في هذه المقالة القصيرة سوف لن اعرض كتاب الدكتورة ناجية الوريمي للتحليل والنقد ، بل اردت القول بأنه كتاب لاغنى عنه لكل قارئ يريد ان يفهم واحرض على قراءته ، كما اشير الى الجهد الكبير الذي قامت به زميلاتها التونسيات اللائي شكلن هذه الظاهرة الفكرية النسوية النوعية التي لم نلاحظها في باقي المناطق العربية والاسلامية ، وسأدرج مؤلفات كل كاتبة لا على سبيل الحصر لان المنتج الثقافي النسوي التونسي اكبر من هذا بالتاكيد .
د . الفة يوسف : المساجلة في فقه اللغة واللسانيات . الاخبار عن المراة في القران والسنة . تعدد المعنى في القران . حيرة مسلمة في الميراث والزواج والجنسية المثلية .
د حياة عمامو : السلطة وهاجس الشرعية في صدر الاسلام . اسلمة بلاد المغرب . اصحاب محمد ودورهم في نشأة الاسلام . السيرة النبوية .
د . رجاء بن سلامة : الموت وطقوسه من خلال صحيحي البخاري ومسلم . نقد الثوابت ، آراء في العنف والتمييز والمصادرة . العشق والكتابة ، قراءة في الموروث . بنيان الفحولة ، ابحاث في المذكر والمؤنث .في نقد انسان الجموع . الاسلام والتحليل النفسي .
فوزية ضيف الله : كلمات نيتشة الاساسية ضمن القراءة الهيدغرية .
ايمان المخينيني : الانتماء العقدي والفعل السياسي في الطرح الكلامي الجديد .
وفاء ادريسي : المقاربة الجندرية منهجا من مناهج دراسة الاسلام اليومي .
د. نائلة السليني : تاريخية التفسير القراني ، قضايا الاسرة واختلاف التفاسير ، النكاح والطلاق والرضاعة والمواريث .
د. امال قرامي : الاختلاف في الثقافة العربية الاسلامية . الاسلام الاسيوي .
د ناجية الوريمي : في الائتلاف والاختلاف ، ثنائية السائد والمهمش في الفكر الاسلامي القديم . الاسلام الخارجي . حفريات في الخطاب الخلدوني ، الاصول السلفية ووهم الحداثة العربية .
كما توجد بحوث عديدة على صفحات المجلات الثقافية والمواقع المختلفة ، ولو اضفنا لذلك المقابلات المرئية والمؤتمرات الدورية وما منشور بالانترنيت ومحاضراتهن في منظمة مؤمنون بلا حدود لحصلنا على مكتبة ثقافية نسوية تنويرية زاخرة . ومن الجدير ذكره ان المشهد التونسي العام يشهد نهضة ثقافية من جهة وتراجع سلفي عام من الجهة الاخرى ، وتدل سلسلة الاسلام واحدا ومتعددا على حجم النشاط الثقافي الحاصل في تونس ، وقد رايت ذكر ماصدر من تلك الكتب كي اسهل على القارئ امكانية الاختيار ، وهي على العموم موجودة في الشبكة العنكبوتية ويمكن قراءتها مجانا .
اسلام المتكلمين ، محمد بوهلال . الاسلام الخارجي ، ناجية الوريمي . الاسلام السني ، بسام الجمل . الاسلام الشعبي ، زهية جويرو . الاسلام الحركي ،بحث في ادبيات الاحزاب والحركات الاسلامية ، عبد الرحيم بوهاها . اسلام الفلاسفة ، منجي لسود . الاسلام في المدينة ، بلقيس الزريقي . الاسلام الاسود جنوب الصحراء الكبرى ، محمد شقرون . الاسلام الاسيوي ، امال قرامي . اسلام الفقهاء ، نادر حمامي . اسلام المتصوفة ، محمد بن الطيب . اسلام المجددين ، محمد حمزة . الاسلام العربي ، عبد الله خلايفي . اسلام عصور الانحطاط ، هالة الورثاني وعبد الباسط قمودي . اسلام الاكراد ، تهامي العبدولي .

#حسين_سميسم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات