أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - دين النص ودين التأويل _ ح1














المزيد.....

دين النص ودين التأويل _ ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 13:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دين النص ودين التأويل _ ح1

من طبيعة النص وخاصة الذي يحتمل أكثر من قراءة وأكثر من وجه للفهم لكونه نص متسع يحمل ثراء خاص في مكنونه المعرفي ,تتباين الصورة النهائية للمتلقي نتيجة القراءة الفردية الذاتية له وما يلقيه من نتيجة خاصة على ضوء المقدمة الفكرية والطبيعة العملية للنظام العقلي المتدبر للنص , ولكن حينما تكون قراءة عامة تضمحل هنا الفروقات كثيرا وتتوحد الرؤية الجمعية في عدد أقل من الصور المعرفية نتيجة الحوار والنقاش وتضييق مساحة القراءات الشاذة خضوعا لمفاهيم المجتمع القارئ ,لأن المشاركة والحوار تضع مرتكزات ومشتركات حقيقية تتحدد بموجبهما غالبية القراءات وبالتالي تتقارب النتائج العامة .
من هنا مثلا يقال أن النص الواسع أكثر قدرة على البقاء من النص المتضايق على فكرته لأن الأول ممكنه أن يعط أكثر وبالتالي قادر لأن يبقى أكثر , هذه الحقيقية يمكننا تلمسها عادة في النصوص التأريخية سواء أكانت الفكرية وبالذات الفلسفية أو المعرفية وبالذات الدينية , نماذج من هذه النصوص يمكنها أن تطرح جملة من الأفكار تنبع من مقدمة واحدة ولكنها تفترق بالنتائج حسب مسارات القراءة وحسب ما يطرحه الأنا العقلي للمتلقي , توقع الأفتراق يحدث في كل مسار ولا ينجو منه إلا أن يخضع لمنطق واحد في القراءة وهو الأمر الذي لا يمكن أن يطبق على مثل هذه النصوص , مثلا النصوص القانونية أو الدستورية عادة ما تضغط للحد الذي يجعلها تتجمد في حدود الهدف المطلوب من النص , والشارع القانوني أو الدستوري يتعمد ذلك ويجتهد به لعله ينجح في عدم توسيع النتائج وبذلك يحقق من هدفية القاعدة القانونية التي يطرحها النص ويسميها القاعدة العامة المجردة العمياء .
في النص الديني نجد ولضرورات الهدف وتحقيق التوافق الزمني والمكاني والحال الوضعي بأعتبار أن الدين وخاصة ما يعرف بالأديان السماوي خاصة بحاجة إلى أن تصل لأكبر عدد من العقول ولأطول فترة زمنية ممكنة ,كما أنه يستهدف بالأساس ثقافات وعقائد وأفكار متنوعة تحتاج إلى مرونة عالية في البسط والتصوير وهذا لا يأت من نص جامد متحجر بل من نص غني ومتسع وقادر على أن يطرح أكثر من إجابة , هكذا ولدت النصوص الدينية تحمل مقاصد عامة أولا وتحمل طرق أكثر للوصول للمقصد الأساسي منه , قضايا مثل أساسيات التدين ومستلزماته البدية تطرح بحدود أكثر تضيقا , أما ما تخاطب العقل بشكل أساسي وتطلب منه أن يتحرك لأجل واقع أكثر تحررا من ما هو واقع فعلا , هذه النصوص هي التي تطرح نفسها للتأويل المتعدد والتفسير المتطور تبعا لتراكم المعرفة وأتساقا مع التجربة والتغيرات الحولية المرتبطة بقضية القارئ أو المتلقي .
بالعودة للنص الديني قبل أن تتناوله يد التأويل أو التفسير هو نص ناطق بفكرة خاصة بحدود ما في البناء من قصد ,فهو كيان قائم بذاته ويحمل وظيفة قادرة على أن تكتسب وحسب الصورة التي يرسمها القارئ قريبا من الفكرة الخاصة أو بمحاذاتها أو أتباعا للقصد , هذه الصورة المتعددة تحول الفكرة الخاصة إلى فكرة عامة أكثر عمومية وأقل تركيزا وأقدر على الاستجابة لأن تتحول إلى ما هو خارج النص ,الشارع الديني يعرف تماما هذه النتيجة ويتوقعها لذا ربط بين كل فكرة خاصة وأخرى تشاركها الهدف المحدد بمنظومة من الربط سميت بالنسق التشريعي الحكمي , مثلا في نص ما ولنأخذ نص عام (إنما المؤمنون أخوة ) النص أشارة لفكرة خاصة غير منقطعة عن المنظومة الكلية التي نجد لها صورة أخرى لتعريف المؤمن ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) هذا التعريف لم يترك مجال للمتأول أن يخرج بحدود النص لأكثر من الدلالة المقررة أو ينقصها .
مع هذا التدخل من الشارع ووجود الكثير من التعريفات بعض العقول التي تتولى التفسير والتأويل تحاول التلاعب بالنتيجة لصالح فكرة مركزة تنسجم مع مقدمته هو وتحصر التعريف بما هو ممنهج لديه , مثلا يقول بعض المفسرين إن المقصود بالمؤمنين هنا هم المسلمين بالدرجات التسليمية العليا ,أي النخبة من المسلمين الذي تتوفر بهم صفات خاصة (لا تقولوا أمنا بل قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان قلوبكم) فهو يرى أن الإسلام الفريضة التي تعني الإقرار بالتوحيد والنبوة لمحمد ص والعمل بالأركان هي البداية الحقيقية للإيمان كمفهوم , في حين أن النص هنا مخالف للنتيجة والدليل أن الكثير من النصوص الأخرى تسمى من أسلم وجهه لله وهو محسن بالمسلم , ومن يتطور من هذه الحالة إلى درجة أعتقاد أعلى سيكون مؤمنا بغض النظر عن الصيغة التي يتولاها , وقال أني أول المسلمين .
إذن النص يتبنى نتيجة والقارئ يتبنى نتيجة أخرى برغم أنه أنطلق من ركيزة بنائية واحدة , في القراءة الأخرى لذات النص تقول أن المؤمن هو من أمن بوحدانية الله بصدق وتجرد من كل نتيجة مخالفة حتى أن العلامة الدالة على إيمانه هذا وتكشف الصدق هو الوجل الذي يعتري النفس عند ذكر الله أسم مجرد سواء أكان صاحب دين سماوي أو وضعي أو حتى لم يختار دين محدد ولكن مؤمنا بوجود الله وقدرته على التأثير على الإنسان , ومن هؤلاء بشر كثيرون حولنا لا يعنيهم تفاصيل أخرى بقدر ما يعنيهم أن الله موجود وموجود حقيقي لا غبار على تأثير عليهم , بين الفهم الأول والفهم الأخر عشرات التفاصيل المتنوعة التي تتناوب في تقديم وتأخير عنصر من عناصر الإدراك والفهم , وبالتالي لو أقتضى أن يبنى حكم ديني لمتدين ما على هذا النص مع أختلاف القراءات سنجد أن هناك أحكام مختلفة بل ومتناقضة ومتضادة والجميع مشترك بنص واحد .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حكايات الصباح وتراث الجدة
- هل تنجح الديمقراطية في رشدنة العقل العربي
- الديمقراطية والعقل العربي _ ح2
- الديمقراطية والعقل العربي _ ح1
- أخبار جدتي الحكيمة والرب
- الدين والدنيا ح3
- الدين والدنيا ح2
- الدين والدنيا ح1
- العراق بين مطرقة الفوضى السياسية وسندان التخبط الأقتصادي _ ح ...
- العراق بين مطرقة الفوضى السياسية وسندان التخبط الأقتصادي _ ح ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- رسالة إلى من يهمه الأمر 1
- رسالة إلى من يهمه الأمر 2
- أغاني الضياع ..... والغربة
- من بيان التجمع المدني الديمقراطي للتغيير والإصلاح
- كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح1
- أحلام جدتي وفلسفة الفقر _ مقدمة ديوان فقراء حالمون
- كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح2


المزيد.....




- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - دين النص ودين التأويل _ ح1