أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحبيب الحجامي - فصامي














المزيد.....

فصامي


الحبيب الحجامي

الحوار المتمدن-العدد: 4980 - 2015 / 11 / 9 - 17:17
المحور: الادب والفن
    


قامته فارعة، هامته مرفوعة دائما، "كرشه" كبطن امرأة حامل في شهرها التاسع، أنفه أفطس، وشيب شعر حاجبيه يتطاول أكثر من اللازم فيكاد يصل إلى عينيه، كرت على أنوفنا رواح مسكه الزكية فخنقت المكان...
ألقى التحية على مسير "السيبير"، ثم جلس على الأريكة المخصصة للانتظار، ليرتاح ويتبادل أطراف الحديث مع صاحب المحل، قبل أن يلج العالم الافتراضي...
لم أكن أنصت لحديثهما، لكن حدة صوته وقهقهاته، جعلاني أنجر دونما رغبة مني لرذيلة التنصت، وعلى أية حال فكلامهما لم يحد عن المعتاد، كله كان مبتذلا من شائع المواضيع التي نستهلكها دون ملل أو كلل بالمقاهي، الكرة، السياسة، الشرق الاوسط، البوليزاريو، "باناشي من الكلام المجاني..."
لم يفوّت "الحاج العربي" الفرصة للحديث عن موجة التعري التي اجتاحت البلدة السعيدة، منذ أن صنع لنا الكفار، "الأنترنيت" و"النيميريك" و"الهواتف الذكية"، وكل هذه البدع المشيطنة... "بغاو يخربوا الموسلمين"
استوقفه صاحب السيبير قائلا:
- الأنترنيت؟ لا لا، ليسوا في حاجة لكل ذلك...أنت تبالغ يا حاج
- أنت ابن البارحة ولا تعلم شيئا ....وسوف تعلمك الأيام وتذكرني حينها...أجزم لك يا بني أن المسيح الدجال هو "التلفزة والأنترنيت"
قال كلمته تلك، نهض وهو "يكركر"، مازجا الجد بالهزل مرددا نفس الكلام ....
نفض جلبابه وتبث طربوشه الفاسي، على صلعته القاحلة، ثم دخل لنفس الحجرة التي كنت بداخلها، انزوى إلى ركنه المعتاد بالقرب من النافذة...
لا سلم علينا ولا هم يحزنون، كان مزهوا بنفسه حد الغرور، فهو ينتمي لأسرة من العرق الصافي المعفي من الحساب، - حسب أسطورة قديمة نسجها مجهول دون أن يوثقها- وقد لخصها واحد من أبناء عمومته، حين ألقي عليه القبض من طرف رجال الدرك، بتهمة السكر العلني... قال وهو لا يقوى على الانتصاب من فرط الثمالة:
- "نحن حفدة الولي الصالح، النبي شفيعنا، وما عْلينا حساب"...
وعلى أية حال، فأنا لا أستبعد هذه الفرضية، ففي بلدنا الحبيب للإعفاء وجوه كثيرة، معفيون من الحساب، معفيون من الضرائب، معفيون من الحقوق، وحتما ستجد لك اسما في واحدة من اللوائح الثلات...
صار الحاج العربي اليوم أحد كهنة القبة الأكثر وقارا، وحظوة بين أصفياء الضريح، خاصة بعد وفاة عمه، الذي كان يسهر على تدبير أمور الصندوق المخصص لوضع هبات وأعطيات الحجاج، ولا يجوز لواحد من مثل مقامه، أن يلقي بالتحية على واحد بمثلي وضاعتي... لدى يجب علي أن أستسيغ الأمر، وفوق ذلك من أنا ليلقي علي السلام وجيه من الأشراف، لست سوى زبون بئيس، تقشف أسبوعا كاملا ليوفر ثمن ساعة بئيسة بهذه الحجرة الديقة...أبحث عن معنى أحرك به عقارب زمني الآسن...
كان مضطرا لإبعاد المنضدة التي تحمل الحاسوب قليلا، حتى يتمكن من الجلوس دون أن يعرض بطنه البارز للضغط، وضع ثخانته على الكرسي بصعوبة، سمع صوت انكسار لشيء ما تحته...عدل جلسته، وضع سماعة الرأس على صلعته... حينها لم يعد يربطه بالسيبير سوى جسده الضخم، ظننته ينصت لموسيقى صوفية، فمسّه ورع سرى به خارج البلد، تماما كما حصل معي فقد فقدت السيطرة على الجهاز السحري، حتى نسيت الموضوع الذي جئت من أجله، وجدتني فاتحا عددا من الصفحات كلها لتحميل كتب، وبرامج وثائقية...
وفجأة تردد صوت غريب داخل الحجرة، اعتقدت للوهلة الأولى أنه أنين امرأة تتعرض للضرب بالخارج، لكن الصوت كان ينبعث من مكان أقرب من النافذة...
كنا أربعة زبائن داخل الحجرة، ولم تكن خامستنا امرأة، لذلك رمقني أحدهم باستغراب فانكرت عليه اتهامه، وتوجهت ببصري للحاج العربي الذي كان منغمسا، ذاهلا عن الدنيا، يحرك رأسه الكبير المغطى بالسماعة، يمينا وشمالا على ألحان تلك التأوهات الجنسية المثيرة، انتبهت إلى رأس سماعة الحاج فوجدته قد انفلت من مدخله بالحاسوب، دون أن ينتبه، الحقير ...
- قال أحدهم خارج الحجرة، "اللهم هذا منكر، آش هادشي"، آش هاد الفضايح"
انتبه الحاج متأخرا، لأمر السماعة، وأدرك أن الجميع كان يشاركه الفرجة، مد يده بارتباك نحو الفأرة ليطفئ الفأرة التي جعلته ينط بين المواقع الإباحية...
رمقه الزبائن بنظرة احتقار دون أن يعلقوا بكلمة، "فعلـّق" هو لكن بكعابه وليس بكلامه...



#الحبيب_الحجامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم عطب الأعطاب بالمغرب
- إضاءات حول مدرسة الحوليات التاريخية – النشأة و التطور-


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحبيب الحجامي - فصامي