أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - ساكري البشير - المغرب العربي..من العنف إلى الجريمة!!















المزيد.....

المغرب العربي..من العنف إلى الجريمة!!


ساكري البشير

الحوار المتمدن-العدد: 4979 - 2015 / 11 / 8 - 13:13
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    


أخذت ظاهرة العنف Violenceطابعا جديدا في المجتمعات المغاربية خاصة وفي العالم العربي عامة، حيث تتميز الظاهرة بسرعة الانتشار وإكتمالها كظاهرة إجتماعية نتيجة تداخل عدة عوامل نفسية، واجتماعية والتي تجمع بين عوامل سياسية واقتصادية وثقافية، حيث أنّ هذه الظاهرة وتفشيها بصورة واضحة في الآونة الأخيرة بالمجتمع المغاربي، تصنف في النطاق المتكامل ضمن العمليات الإجرامية حسب ما أقرت عليه منظمة الأمم المتحدة.
يرجع الأخصائيون الاجتماعيون تنامي العنف الإجتماعي ضد الأطفال والمرأة خلال السنوات الأربع الماضية إلى استفحال ظاهرة العنف في المجتمع المغاربي بصفة عامة، نتيجة حالة توتر اجتماعي ونفسي عامة أججته الأزمة التي تتخبط فيها دول الإنتفاضات العربية والتي ألقت بتداعياتها السلبية على "طبيعة العلاقات" بما فيها العلاقات الأسرية.
لهذا وجب مراجعة المقترحات التي تم طرحها سابقا، لنجد أن الأسباب تعددت والحلول انعدمت ، لتتسع رقعة ظاهرة العنف وأخذت منحنى خطيرا في الجزائر والمغرب وتونس، ودق على إثره المختصون ناقوس الخطر، فالمراكز والجمعيات التي أنشئت لحماية الطفولة والنساء المعنفات لم تعد تستوعب هذا العدد الهائل ، فلا يمر شهر واحد إلا وسجلت فيه المصالح الأمنية وعالجت فيه أروقة المحاكم جملة من قضايا العنف، بعضها أنجدت نسوة من أيادي وحوش بشرية من أب وشقيق وزوج، وأخرى أنقذت طفلا من أيادي الغدر، وآخرون لم يكتب لهم الإنقاذ فارتكبت بحقهم أسوأ الجرائم.
فالوضع إذاً يتطلب ضرورة التفكير واتخاذ الإجراءات الملموسة أسرة، مدرسة، دولة، وحكومة، وكل المؤسسات والباحثين، ودون تهاون للحد من مخاطر هذه الظاهرة، والتي يذهب ضحيتها أطفال، أسر، وشباب الذي يعد ثروة وقوة المجتمع.
ظاهرة العنف...أسبابها وطبيعتها
يشير مفهوم العنف " إلى أي سلوك يصدر من فرد أو جماعة تجاه فرد أخر أو آخرين ماديا كان أم لفظيا أم سلبيا، مباشرًا أو غير مباشر نتيجة للشعور بالغضب أو الإحباط أو الدفاع عن النفس، أو الممتلكات أو الرغبة في الإنتقام من الآخرين، أو الحصول على مكاسب معينة ويترتب عليه إلحاق أذى بدني أو مادي أو نفسي بصورة متعمدة بالطرف الآخر"، ولتحديده بدقة يتطلب الأمر التفرقة بين العنف الشرعي و العنف غير الشرعي، فالدولة التي تستخدم العنف بطريقة غير شرعية لحماية النظام و القانون داخل المجتمع، دون عقاب الممارسين للعنف الشرعي، أما العنف غير الشرعي، فيبدو عندما يتعرض الفرد للضرب من أحد الغرباء فإنه يعد سلوكا غير مشروع، كما يصنف العنف إلى عنف فردي يقع بين الأشخاص بإستمرار ويتمثل العنف الجمعي في حالة الحرب الذي يستهدف التدمير والقتل الجماعي، هذا بإختصار.
للعنف طبيعة خاصة تميزه عن السلوكيات الأخرى للفرد وله عدة خصائص، ذلك أنه ليس فطريا تدفعه الغرائز، فهو سمة سلوكية للفرد وحالة إجتماعية تعايشه ناتجة عن أسلوب المعاملة البيئية مع المحيط الاجتماعي، أو بسبب تدني المستوى الاقتصادي للأسرة.
فالعنف سمة انفعالية ويعتبر كفعل خارجي مدمر مدفوع بتفريغ شحنة عدوانية لها آثار سلبية على الفرد الآخر، وهو متفاوت الشدة والكثافة ويتسم بالتدرج من أعمال مادية بسيطة، إلى أعمال إجرامية كالقتل، والنهب...إلخ، ويتعدى ليصل إلى إغتيالات تركز على رموز سياسية، فكرية، بأسلوب تخطيطي منظم نتيجة أهداف معينة.
يعتبر العنف مشروع إذ كان الفرد الذي يقدم على السلوك العنيف من أجل حماية ذاته حين يتعرض للعدوان عليه من فرد أو جماعة، أما إذا كان ضد الدولة وممتلكاتها العامة، أو سلب أموال الغير ….إلخ، هنا يعتبر الفرد خارجا عن القانون، وهو ما يسمى بالعنف الغير مشروع.
وترجع الأسباب الرئيسية لتفشي ظاهرة العنف في المجتمعات المغاربية التي تواكبها تغيرات اقتصادية واجتماعية مستمرة، بطيئة على صعيد السلطة السياسية، ويتبع ذلك انغلاق في الحقل السياسي ثم المواجهة العنيفة من أجل التداول على السلطة.
حيث ترتبط ظاهرة العنف بظاهرة الصراع والتنافس من أجل تلبية الحاجات الضرورية من أجل البقاء والسيطرة، وكما تربطها أيضا بالقوانين الاقتصادية التي توصف بأنها حتمية طبيعية لخدمة مصالح خاصة، ويتجلى ذلك في الإستغلال والتعسف في توزيع الثروة واستخدامها بطرق غير عادلة من قبل الأقليات المسيطرة والظلم وسيطرة الممارسين في عالم المال والأعمال.
كما أنّ التضارب السياسي يؤثر سلباً على تكامل البناء الاجتماعي ويستمر في توليد ظاهرة العنف بأشكاله المختلفة، فالصراع من أجل السلطة، وتجاهل حقوق المواطنة، وتعسف السلطة، كلها عوامل تعبر عن عدم رضا المواطنين ويتحول ذلك إلى أسلوب التمرد والعنف.
ويضاف إلى هذه العوامل الإقتصادية والسياسية عوامل أخرى إجتماعية كالإنحلال الأسري الذي ساد في الأوساط الإجتماعية وداخل الأسر في كل من تونس والجزائر والمغرب منذ بداية القرن الواحد والعشرون ليبرز بشكل كبير بعد الإنتفاضات العربية، وإنحلال الأخلاق والروابط الأخوية وضعف الإيمان ليزيد من عمليات العنف والإجرام.

واقع العنف في المغرب العربي
بعد هذا المدخل العام لظاهرة العنف في المجتمع المغاربي، نحاول رسم الواقع الذي تعيشه هذه الدول، من قتل وضرب وتعنيف المرأة، وخطف الأطفال وغيرها من أشكال العنف المنتشرة بكثرة، ولتكن البداية بالجزائر.
العنف الإجتماعي في الجزائر
المرحلة الإستعمارية التي عملت على تجريد السكان من ممتلكاتهم وضربهم في هويتهم فما قاساه الشعب الجزائري في هذه الحقبة الزمنية الإستعمارية، يعد حدثاً منفردًا من نوعه وهذا ما أكده أحد الضباط الفرنسيين بقوله "إن الحرب التي نقوم بها اليوم في الجزائر حرب إستثنائية ، فلا تتبع فيها القواعد المقررة في الحروب الكبرى والصغرى والانضباط بين الجنود قليل والتكوين العسكري يكاد يكون مفقودا وكل ضابط يتصرف كما يريد …خلال سنوات تحول الجيش إلى جيش جرار من جنود ليس لهم هدف سوى تدبير عمليات السلب والنهب وشن حملات الإرهاب".
وهو ما يُفسره عالم الاجتماع التونسي المنصف الوناس الذي يؤكد على مرجعية العنف في الجزائر إلى طبيعة الاحتلال الفرنسي في قوله أن العلاقة التي سادت بين الدولة والمجتمع في الجزائر منذ ما يناهز القرنين اتسمت بطابع عطائي متبادل إمتد طوال مئة وثلاثين سنة من الاستعمار الفرنسي المباشر وثلاثين سنة من عمر الدولة والمجتمع و يؤكد على أنه عنف مخطط ومنظم يندرج في إطار علاقة الفعل والفعل المضاد؛ مما جعل العنف يطبع البناء الاجتماعي كسمة ملازمة.
ومن العنف الذي مس تقريبا فئات المجتمع السياسي في الجزائر كانت أحداث أكتوبر 1988 وعمت التراب الوطني، وما نتج عنها من عنف سياسي وظاهرة خطيرة داخل النسيج الاجتماعي، وهذه الظاهرة كمرحلة تاريخية زادت من توسعيها الحركة الإسلامية للإنقاذ سنة 1992 حيث انتشر العنف و المواجهة بين الحزب المنحل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وقوات الأمن واستمر الوضع إلى غاية 1995، بعد إعلان الوئام المدني إثر إنتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
إنّ التحولات الإقتصادية التي شهدتها الجزائر خلال العقدين المنصرمين، وما نتج عن الخصخصة وتحجيم دور القطاع العام وثراء فاحش لطبقة قليلة على حساب طبقة كبيرة من الشعب الجزائري أدّى إلى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة خاصة بين الشباب والتي تشكل أرضية خصبة للعنف الجماعي، فمن المؤكد أن الفقر لا يقود إلى الإستقرار والبطالة لا تؤدي إلى الأمن بل إنهما الأرضية الاقتصادية والاجتماعية لبروز حالات التمرد والعنف.
وحالياً قدّر مؤشر السلام العالمي الأثر الإقتصادي الذي يكلف الجزائر، لإحتواء النتائج المترتبة عن العنف وانعدام السلام وآليات التعامل معها، بما يفوق 45 مليار دولار لسنة 2014؛ وفقدت الجزائر ثلاث درجات مقارنة بالسنة التي قبلها، فتقهقرت إلى المرتبة 104 عالميا من إجمالي 162 دولة، بعدما كانت في المركز 107.
وما تزال الجزائر بعيدة عن فرض الأمن والسلام على أراضيها، هي خلاصة تقرير صادر في جويلية 2015، عن المعهد الدولي للاقتصاد والسلام في شقه المتعلق بـ"مؤشر السلام العالمي"، حيث شمل التقرير الجزائر بإحاطتها بـ23 عاملا للتحقق من مدى فرض الأمن والسلام ومحاربة العنف، فجاءت المحصلة مكلفة اقتصاديا واجتماعيا، إذ تطلب إحتواء العنف من الحكومة 45 مليار و641 مليون دولار أمريكي.
العنف ضد الأطفال في تونس
كشفت الدراسة التي أجرتها وزارة التنمية والتعاون الدولي بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" أن أكثر من 90 بالمئة من أطفال تونس يتعرضون لأشكال متعددة من العنف منها العنف المعنوي والعنف الجسدي والعمل الإجباري والاستغلال الجنسي، على الرغم من وجود قوانين "تضمن حقوق الطفولة وتمنع ممارسة أي شكل من أشكال العنف ضدها".
وأكد الناشط في مجال حماية حقوق الطفل زهير بن عمار أن المنظمة التونسية لحماية الطفولة لديها إحصائيات تفيد بأن العنف الأسري ضد الأطفال ارتفع خلال السنوات الأربع الماضية - من 2010 إلى 2014 - بنسبة 65 بالمئة، كما ارتفعت نسبة إجبار الأطفال على العمل في مهن وضيعة لا تضمن أية حقوق اقتصادية واجتماعية إلى 57 بالمئة وذلك نتيجة حالة التفقير التي تعرضت إليها الفئات الهشة في المجتمع، الأمر الذي دفعها إلى إجبار الأطفال على العمل من أجل توفير دخل إضافي وإن كان زهيدا.
وتقدر منظمة اليونيسيف عدد الأطفال الذين تم إجبارهم على الشغل بحوالي 16 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و17 سنة، كما يمثل الانقطاع المبكر عن الدراسة أحد أهم أسباب انتشار "العمل القسري" للأطفال إذ ينقطع سنويا أكثر من 100 ألف تلميذ في بلد كثيرا ماراهن عن التعليم لتحديث المجتمع، وينتمي 95 بالمئة من المنقطعين عن الدراسة إلى العائلات الفقيرة التي تقطن في الأحياء الشعبية والجهات الداخلية المحرومة، حيث تتراوح نسبة الفقر بين 30 بالمئة و50 بالمئة.
وخلال عام 2014 أبلغ أكثر من 6 آلاف طفل الوزارة أنهم تعرضوا للعنف أي بمعدل 19 حالة يوميا، مقابل 5000 حالة سنة 2011 - وهو عدد ضخم ينبؤ عن خطر كبير- غير أن هذه الأرقام لا تكشف حقيقة الواقع إذ أنها تتعلق بـ"الحالات التي تم الإبلاغ عنها فقط، ولا تشمل آلاف الحالات المسكوت عنها، إما تحت "سطوة الخوف" أو لأنها "تعتبر أمرا شائعا" مثل تعنيف الأبوين.
وأكدت الدراسة أن عجز الأبوين عن الإحاطة بأبنائهم ورعايتهم يقف وراء حالات العنف المسلط على الأطفال بنسبة 29 بالمئة تليها حالات التقصير بنسبة 25 بالمئة ثم حالات تعريض الطفل للإهمال والتشرد بنسبة 16 بالمئة.
وتستأثر حالات الإهمال بنسبة 41 بالمئة من حالات التعنيف وتليها حالات العنف المعنوي والنفسي بنسبة 28 بالمئة وهو مؤشر على تفكك الروابط الأسرية وعلى تمزق النسيج الاجتماعي الذي قاد الأطر الاجتماعية وفي مقدمتها الأسرة غير قادرة على توفير الرعاية اللازمة للأبناء بفعل ما يقول الأخصائيون "حالة الإغراق في المشاغل اليومية".
وتشير الأرقام الرسمية إلى تفشي "الاستغلال الجنسي للأطفال" حيث تعرض أكثر من 750 طفلا للاستغلال الجنسي عام 2015 مقابل 300 حالة عام 2010 أي قبل انتفاضة يناير/كانون الثاني 2011 .
هذه الإحصائيات الضخمة التي تكشف عن بشاعة السلوك الإجتماعي ضد الأطفال في تونس، هو إجرام في حق الطفل، كما أنه ينذر على إقتراب خطر كبير يداهم المجتمع ويجتاح الطفولة، فإن لم تكن هناك معالجة لأسباب هذه الظاهرة فستدمر الطفولة بكل معانيها.
العنف ضد المرأة في المغرب
العنف ضد المرأة هو أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس النوع، والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضا التهديد بهذا الإعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة، فهو يشكل مشكلة صحية عالمية ذات أبعاد وبائية، ويمارس العنف ضد المرأة من قبل الأزواج، الآباء، الأبناء، والإخوة؛ وكان قد أكد تقرير منظمة الصحة العالمية الأخير أن أكثر من ثلث عدد النساء في العالم ضحايا للعنف البدني أو الجنسي واللفظي، يسبب لهن مشاكل صحية شائعة تعانيها السيدات تشمل العظام المكسورة والكدمات ومضاعفات الحمل والاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى.
فالعنف ضد المرأة هو العنف البدني والجنسي والنفسي الأسري يحدث في داخل الأسرة، بما في ذلك الضرب والاعتداء على الإناث في الأسرة، والاغتصاب الزوجي، وختان الإناث، والاستغلال والابتزاز والاضطهاد وغيره من السلوكيات المؤذية للمرأة.
وقد يحدث داخل المجتمع العام، بما في ذلك الاغتصاب، والاعتداء الجنسي، والتحرش الجنسي، ويشمل أيضا التهديد بهذا الاعتداء في مكان العمل وفي المؤسسات التعليمية وأي مكان آخر، والبغاء القسري، التحرش اللفظي أو الجسدي سواء في الشارع أو المواصلات العامة أو أماكن الدراسة أو العمل؛ والعنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي تقترفه أو تتغاضى عنه الدولة، بما في ذلك العنف أو التهديد بالعنف من طرف جهات أمنية أو حكومية والتهاون مع تلك الجرائم من طرف الجهات الأمنية.
حثي تعرضت أكثر من 62 في المئة من النساء المغربيات للاعتداء، وغالبيتهن كن ضحايا "للعنف الزوجي" داخل الأسرة، في ظل استمرار غياب قانون يحارب العنف ضد النساء، بحسب ما كشفته في الرباط منظمات حقوقية نسائية غير حكومية.
وفي تقرير سنوي جديد لـ38 جمعية غير حكومية، تعرض المغرب لإنتقاد حقوقي نسائي داخلي على خلفية استمرار ظاهرة تزويج القاصرات، واستمرار تشغيل الخادمات المنزليات في عمر 16 سنة.
وهو ما يؤكده الباحث الاجتماعي محمد الشريفي أن العنف ضد المرأة لا يستثني أي طبقة فالزوجات والطالبات والعاملات والعاطلات معرضات للعنف وسوء المعاملة سواء في البيت أو في الشارع أو العمل، وإن كانت الزوجات أكثر عرضة للعنف من غيرهن لأنهن يأتين في مقدمة ضحايا العنف في كل الدراسات والتقارير.
ويكشف تقرير صدر مؤخرا عن المرصد المغربي، أن ظاهرة العنف ضد النساء يمارس بنسبة أعلى من 70 بالمائة لدى فئة الشابات المتراوحة أعمارهن ما بين 18 و40 سنة، ويمارس العنف بنسبة أقل لدى النساء في سن ال50 سنة، لكن المرصد أكد أن الظاهرة تعاني منها أيضا نساء يفوق سنهن ال60.
ويوضح التقرير أن المتزوجات هن الأكثر عرضة للعنف حيث تصل نسبتهن إلى 55.32 بالمائة، كاشفا أن التعنيف لا يطال النساء المتزوجات فحسب، بل أيضا المطلقات ب7 بالمائة، والفتيات العازبات ب5 بالمائة، والأرامل ب2 بالمائة.
أما عن أكثر أنواع العنف الممارس ضد النساء كشف التقرير أن العنف النفسي يحتل الصدارة في النتائج الإحصائية لتصريحات المعنفات، إذ بلغ عدد الأفعال المصرح بها 13 ألفاً و174 فعلاً عنيفاً شمل الإهانات والتبخيس والتهديد بالضرب أو بالطرد أو بالتعدد أو بالطلاق، بل حتى التهديد بالقتل وغيره من الأفعال الخطرة المؤدية إلى إصابة الضحية بأمراض نفسية بلغت حد الإقدام على الإنتحار.
وللحد من ظاهرة العنف بكل أشكاله لابد للقائمين على شؤون المجتمع أن يأخذوا هذه المسألة بعين الاعتبار، و يولونها كبير العناية و بالغ الإهتمام، و عليهم أن يركزوا في معالجتهم لهذه الظاهرة على الأسباب و الدواعي لا على المظاهر و الأعراض والنتائج، و ليعلموا ، أنه إن كانت لهذه الظاهرة أسباب إقتصادية، فإن لها كذلك أسباب أخرى جديرة بالاعتبار، و منها على وجه الخصوص الأسباب التاريخية – الإستعمارية - و الثقافية، فالشعوب التي عاشت و هي تناضل الاستعمار لينتصر عليه في النهاية بفضل ثورته المسلحة، قد استقر في ذهنه أن العنف هو الحل الأمثل لمواجهة الآخر، و الشعب الذي ظل طيلة عقود و هو يسمع من قادته السياسيين أنه ما قهر أعداءه إلا بقوة السلاح، لا بقوة الخلق الكريم، و الفكر النير القويم، من الطبيعي أن ينزع إلى العنف و يتبناه منهجا و سلوكا، و يرضاه أسلوبا للحياة، أي أن العنف تحول عندنا إلى ثقافة مهيمنة غالبة، تشكل المواقف، و توجه السلوك، و الدليل على ذلك أن الابن بات يضرب أباه، و البنت تقسو على أمها، و الزوج يقتل زوجته، و الزوجة تغتال حليلها، و التلميذ يعتدي على زميله بل حتى على معلمه ذاته، أي أن العنف انتقل من الخارج إلى الداخل، و من الشارع إلى البيت و المدرسة، و هذا معناه أن علينا لمواجهة العنف السائد في المجتمع، أن نعمد إلى تغيير الذهنيات، و لاشك أن هذه الذهنيات لن تتغير بتشديد العقوبات وحدها وتغيير القوانين، و إلقاء مرتكبي العنف في غياهب السجون فحسب، بل الأمر يتطلب مراجعة خطابنا السياسي و الثقافي، و أهم من هذا و ذاك، أن نعطي أكبر مساحة في منظومتنا التربوية للبعد الروحي و الأخلاقي، و التركيز في هذا الجانب على ما يدعو إلى حسن معايشة الآخر، و النظر إليه باعتباره شريكا نافعا، لا خصما منازعا، و لابد من تكفل وسائلنا الإعلامية من إذاعة و تلفزة و مسرح، بالدور المنوط بها في هذا الجانب، فتخصص الحصص الإذاعية و المتلفزة و المسرحيات، التي تمجد الابتكار و الابداع، و تشيد بالانضباط السلوكي، و الالتزام الأخلاقي، لتقويم السلوك، و تهذيب الأخلاق، حتى يسهم ذلك في بعث ثقافة بديلة تزاحم و تنافس الثقافة الداعية إلى العنف و المحرضة عليه، دون أن نغفل الأسباب الأخرى التي مكنت للعنف وهيأت له المناخ الملائم و البيئة الحاضنة، شأن البطالة و انتشار المخدرات و التدخل في شؤون القضاء الذي يسر إفلات بعض مرتكبي العنف من العقاب، مما شجعهم على تكرار أفعالهم التي لم يعاقبوا عليها، كما يدفع بالمظلومين إلى الاقتصاص بأنفسهم من الذين لم تنصفهم العدالة منهم، ذلك هو السبيل الذي أراه كفيلا بوقف تيار العنف الجارف، الذي أقض المضاجع و قلَّب المواجع.



#ساكري_البشير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا صاح...هذا أنا!!!
- أنا وهي...القلم والكلمة!!!
- معادلة: الحب والجنون والمنطق
- يا صاح...دمرنا!!!
- النزاع في ليبيا...بين فشل الدولة وغموض المستقبل
- هموم فتاة
- رسالتين: الأولى للسيد فلاديمير بوتين..والثانية للعرب !!
- لتكن هذه البداية..والنصر النهاية!
- رسالة إلى حبيبتي
- إذا إجتمع القلم والسيف ستنتصر فلسطين!!!
- متى يتحد العرب؟
- السلطة والخلود في البلاد العربية!!!
- في بلادي الصراخ عبادة وليست عادة!!!
- يا سائلي!!!
- المرأة بين كفين !!!
- تلك أمة قد خلت
- بأي حال عدت يا عيد
- السيدة ميركل: عندما تخبري أبناءكم


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الروبوت في الانتاج الراسمالي وفي الانتاج الاشتراكي / حسقيل قوجمان
- ظاهرة البغاء بين الدينية والعلمانية / صالح الطائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - ساكري البشير - المغرب العربي..من العنف إلى الجريمة!!