أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - بير رستم - الثورة والثقافة. .. المثقف السوري؛ دوره وإشكالياته؟!















المزيد.....

الثورة والثقافة. .. المثقف السوري؛ دوره وإشكالياته؟!


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 4976 - 2015 / 11 / 5 - 22:22
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


هناك مقولة مشهورة لوزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز تقول؛ "كلما رأيث مثقفاً أتحسس مسدسي" وكذلك مقولته الأخرى؛ "أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطيك شعباً بلا وعي". وهكذا ندرك بأن هناك دائماً نوع من الإرتباط والعلاقة بين الثقافي والسلطوي السيادي وإن كانت تلك العلاقة تكون في أكثر الحالات هي علاقة نفور وتضاد وصراع والتي عبر عنها مقولة غوبلز و"تحسسه لمسدسه"، كلما رأى مثقفاً والتاريخ الإنساني يخبرنا عن مآسي وجرائم السلطات بحق المثقفين والمتنويرين حيث الكثير منهم ضحوا بحياتهم وتدحرجت رؤوسهم على المقاصل _غاليلو_ لكي يوصلوا الحقيقة لنا وبأن "الأرض تدور" وهناك أيضاً؛ إبن المقفع وبشار بن برد ومهدي عامل وفرج فودة وعبد الرحمن قاسملو وموسى عنتر .. وإن قائمة قتل المفكرين والأدباء والعلماء تطول _وللأسف_ وذلك على مدى التاريخ الإنساني وما أسسه من نظم القمع والطغيان. وهكذا فإن العلاقة بين الثقافي والسلطوي، كانت محكومة بثنائية القبول والرفض في أغلب المراحل الحضارية، إن لم نقل في كلها إلا ما ندر لتكون علاقة حوار وجدال ورعاية للبحث العلمي والفكري.

وبالتالي ونتيجةً لتلك الثنائية الإشكالية؛ ثنائية الرفض والقبول، فإن "المثقف" عموماً كان محكوماً بثنائية أخرى؛ إما الرضوخ للسلطوي ليجعل من نفسه (مداحاً وبوقاً) للسلطان والأمير _شعراء البلاط_ أو يصبح "زنديقاً وصاحب بدعة" وقد يواجه مصيره بالموت أو الصمت والهروب كما في أغلب الحالات.. ويقول الكاتب المصري جلال أمين في مقالة له بعنوان "وزير الثقافة الجديد يتحسس مسدسه" بهذا الخصوص ما يلي: "إن هذا ما يفعله المتدينون المتعصبون اليوم، وهو نفسه ما فعله الماركسيون فى روسيا السوفييتية فقتلوا روح الشعب الروسى لعشرات من السنين، وهو ما فعله النازيون فى ألمانيا والفاشيون فى إيطاليا، لفترة أقصر لحسن الحظ، فأجبروا أصحاب أفضل العقول وأشد الناس حساسية على الهجرة هاربين إلى خارج بلادهم، أو على الهجرة مكتئبين إلى داخل النفس، مع التزام الصمت التام". وهكذا فإن العلاقة كانت _وما زالت_ بين الثقافي والسلطوي هي علاقة إشكالية نافية؛ كل منهما يحاول إلغاء ونفي الآخر والقضاء عليه؛ الأول "المثقف" من خلال تغيير النظام بنيوياً ثقافياً وهذا الأخير من خلال قتل المثقف نفسه لكي يستفرد بالسلطة ومن دون سماع الصوت الآخر وتقريعاته ونقده لمنظومته القمعية.

وبالتأكيد كان وضع الشعب السوري عموماً _والمثقف تحديداً_ جزءً من هذه المعادلة الإشكالية وخاصةً مع تفاقم أزمة الدولة العربية القوموية ومنظوماتها السياسية والتي تغولت مع أجهزتها الأمنية في العقود الأخيرة بحيث بات المواطن مخيرٌ بين السجن والمنفى أو تحويله إلى "بوق سياسي وإمعة" على فتات موائد الطغاة وبالتالي أن يكون مداحاً مصفقاً للأمير _وحتى لكلب الأمير_ وهكذا تم تغييب أي دور ونشاط فكري ثقافي يمكن أن يشكل تهديداً لمنظومات القمع السلطوية بحيث تحول المجتمع إلى قفار وصحراء ثقافي في الواقع العربي والسوري، تتخلله بعض الجزر الثقافية هنا وهناك ولكن دون أن أي إمتلاك لمقومات مجتمعية جماهيرية حيث أصواتها تكاد أن لا تصل إلى خلف جدران سجونهم أو مكاتبهم المظلمة، مع هيمنة الدولة وإمعاتها الثقافية على كل المنابر الإعلامية و"الثقافية" في هذه البلدان _وسوريا ضمناً_ بحيث تم تجييش الشارع لصالح أجندات وأيديولوجيات عقائدية ديماغوجية؛ إن كانت نتيجة البروباغندا الإعلامية للتيار السلطوي للنظام وفكر البعث والقومية العربية أو التيار الديني الإخواني السلفي .. وهكذا تم تغييب الصوت العقلاني من المجتمعات العربية لصالح السلطوي الإستبدادي أو السلفي الإخواني.

وبالتالي وفي ظل تلك الأجواء كان من شبه الإستحالة القدرة على العمل الثقافي والسياسي والتأثير على البيئة الإجتماعية وذلك على الرغم أن كان هناك عدد من المحاولات الخجولة في بداية الألفية الجديدة والتي (تفاءلت خيراً) مع تولي الأسد الأبن الرئاسة في سوريا، لكن سرعان ما عادت "حليمة لعادتها القديمة" وأستولت الأجهزة الأمنية على كل المفاصل وصادرت هامش الحريات والتي كانت قد وفرت مناخاً لا بأس به لولادة "ربيع دمشقي" سرعان ما جوبه بالقمع والإعتقالات والتي رأت أوج التصعيد مع إعتقالات أعضاء المجلس الوطني لقوى إعلان دمشق عام 2007م. وهكذا _ومرة أخرى_ تم إغلاق كل المنابر والتي يمكن من خلالها عمل أي حراك ثقافي مجتمعي قادر على التأسيس لبنى فكرية تكون الأسس الحقيقية لأي تغيير سياسي ممكن مستقبلاً؛ كون المستبد شعر أن الكيان السياسي القائم على الإستبداد والطغيان بدأ يهتز مع موجة الحراك الثقافي ذاك ولذلك حاول القضاء عليه في المهد، مما أعاد المجتمع إلى "عنق الزجاجة" وليعود الخطابين السابقين؛ السلطوي والسلفي ليفعلا مفاعيلهم المجتمعية والدفع بالقاعدة الإجتماعية إلى المزيد من "الحنق" والإحتقان والغليان الداخلي والتي تفجرت مؤخراً مع ما عرف بـ"الربيع العربي" والذي تحول إلى العنف نتيجة غياب الفكر المدني الديمقراطي في مجتمعاتنا حيث ثنائية الرفض والرضوخ للواقع.

إذاً الحرب والمعركة هي كانت الخيار وقد دفع إليه المجتمعات العربية بعد تغييب للعقل والفكر والثقافة لعقود، بل ربما لقرون عديدة وذلك مع هيمنة كل من الفكر القبلي والديني الإسلامي ورؤية الآخر "كافراً ملحداً زنديقاً" ولا بد من "إعادته إلى الطريق القويم" وإن كان (جهاداً) وحرباً حيث "الدين عند الله هو الإسلام"، ولم ننتهي من هذه المقولات الطائفية لتتحفنا القومية بعدد من المقولات العنصرية والتي لا تقل عن الأولى حقداً وضغينةً على الآخر وحيث "الأمة ذات الرسالة الخالدة" وكأن الأمم الأخرى ورسالاتها إلى الإضمحلال والزوال. وهكذا .. وعبر العقود المريرة لدولة الإستبداد والطغيان، كان دور المثقف مغيباً، بل كان هو نفسه ملغياً من الواقع الإجتماعي والسياسي في حياتنا وواقعنا، ولنصل أخيراً إلى الأفق المسدودة والتي تفجرت مع الحروب والأزمة الأخيرة _حيث لا يمكن حجز الماء وراء السدود_ ومع الأزمة والمأساة الحالية في البلد وحيث الحرب وويلاتها وكوارثها، فلا يمكن للمثقف أن يشكل سداً لوقف هذا التدحرج المريع إلى الهاوية، ففي زمن الحروب "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ولذلك تُرِكَ البلد للذهاب إلى ما عرفت بـ"الفوضى الخلاقة" والتي ستتكفل بتهديم كل القديم من بنى فكرية ثقافية ومنظومات سياسية مجتمعية وإن ذلك قد تأخذ عقود وسنوات _إلى أن يقول المجتمع "كفى"_ ويعود صوت العقل إلى مجتمعاتنا وتصبح الكلمة قادرة على إيقاف الرصاصة.

طبعاً هذا لا يعني إن على المثقف حالياً أن يقف متفرجاً معطلاً و"مكتوف اليدين"، بل هو مطالب أن يتخلص من خطابه الطائفي التخويني والمساهمة في وضع مشروع ثقافي فكري يؤسس لواقع مجتمعي سياسي جديد قائم على مفهوم القبول بالتعددية والشراكة السياسية في دول ومجتمعات تحكمها دساتير مدنية ديمقراطية تحقق للإنسان كرامته وحريته وبعيداً عن التمايزات الإثنية والثقافية، دولة الحريات العامة والديمقراطية والمجتمع المدني الإنساني .. وإلى ذلك الوقت، فإن المثقفين السوريين مطالبين بالإبتعاد عن الإنقسامات المذهبية والعرقية وتجاوز الخلافات الحزبوية والعمل على مشروع وطني حقيقي، كما أسلفت، ونعلم أن المهمة صعبة _لكنها ليست مستحيلة_ وكذلك هو صحيح أن اليوم "صوت المعركة" هي العالية بكل ضجيجها وطحنها لنا جميعاً، لكن علينا أن نعلم جيداً بأن الكلمة أبقى من البندقية. وبالتالي على المثقف السوري أن يطرح مشروعه الفكري الثقافي ليكون البديل عن كل ما هو سلطوي إستبدادي إلغائي إقصائي كما كان _وما زال_ هو واقع مجتمعاتنا الشرق أوسطية.



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن القومي .. حماية الأمة والنهوض بها حضارياً.
- الإنتخابات التركية .. كشفت عدد من القضايا الجوهرية.
- السليمانية .. هل تكون الضلع الثالث في المشروع الكوردستاني.
- الأنفال.. -فصول في الجحيم-!!
- فلسفة ..الكرسي والجاجة.
- ثورة الكورد ..في الساحل السوري.
- الشخصية الكوردية.
- كوردستان ..هو الحلم.
- حزب الإتحاد الديمقراطي؛ من الماركسية الثوروية إلى الديمقراطي ...
- كوباني.. متحف!!
- أزمة الخلافات بين بغداد وإقليم كوردستان.
- الكورد وحركة التاريخ.
- حكايات (5) الكورد.. عنصريون!!!
- كوردستان (سوريا)
- كوردستان (سوريا) ..مشروع سياسي للعمال الكوردستاني.
- نعيق الغراب.؟!!
- كوردستان؛ الدولة القومية.
- كاريزما البارزاني.
- رسالة.. للإتحاد الوطني الكوردستاني.
- حروب مذهبية  .. أم ثورات شعبية؟!!


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - بير رستم - الثورة والثقافة. .. المثقف السوري؛ دوره وإشكالياته؟!