حدوتة مصرية ..حزينة و مخزية .

محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4976 - 2015 / 11 / 5 - 20:32
المحور: المجتمع المدني
    

بعد عام 73 و عبور القوات .. وإحتفال الانتصارات.. نظر السادات( الذى إعتبر نفسة هبة الرب للمصريين ..) حوله .. فوجد شوارع تغطيها طفوحات المجارى .. و تليفونات لا تعمل .. و سكة حديد مهكعة .. وطرق مزدحمة .. ومرور بطيء بواسطة عربات قديمة و كحيانة .. و ناس وشوشها تقطع الخميرة من البيت حزينه و مهمومة .. و مستهلكة في حروب طويلة المدى لمدة ثلاثة عقود منذ 1948 .. حتي 1978 يعني ثلاثين سنة هم و غم أرجعوا المصريين لاسوأ من أيام الاحتلال البريطاني .
السادات .. بعد تفكير طويل شاف إن السبب هو النظام اللي إخترعه سلفه عبد الناصر .. و إرتمائه في حضن السوفيت .. جاب لنا زبالة المهمات و المعدات و الافكار اللي رجعتنا لورا .. مع إنه لو كان بص الناحية التانيه كان لقي امريكا منوره و مزدهره و متقدمة .. ومدلعه إسرائيل و الخليج و السعودية .. لكن إحنا اللي وش فقر رايحين علي بتوع ستالين و خورشتشيف نتحالف معاهم ..
راح بسرعة طارد الخبراء السوفيت .. و أهل الالف مصنع اللي كانوا بنوهم في مصر و لولا الملامة كان هد السد العالي و قال ..مش عايزين من وشكم حاجة . لكن ربنا ستر و ساب لنا السد ومحطة الكهرباء و خطوط النقل و إلا كانت حتبقي حوسة .
طيب طردنا السوفيت .. و إتعاهدنا مع اسرائيل و عملنا معاهدة سلام .. و قلنا دى أخر الحروب بينا .. ورجعنا جزء كبير من الارض المحبوسة .. و كله بقي عال العال .
يا مستثمرين تعالوا .. إحنا أخدنا معونات .. و شحتنا شوية .. و إستدنا شويتين .. و عايزين تصلحوا لنا المايلة .
الاستاذ البيضاني .. جه من اليمن .. ومعاه شلة مكاتب إستشارية مهمتها إصلاح مجارى العاصمة الطافحة في الشوارع و مخلية رقبتنا قد السمسمة امام المستثمرين الاجانب .و من هنا بدأت القصة.
البيضاني عمل مكتب إستشارات هندسية .. علي النمط الغربي .. كان أحدوثة الوسط الهندسي في مصر .. و جاب مكاتب أمريكية .. و أخرى إنجليزية و سمي نفسه إيجيكون .. و ضم له أفضل دكاترة الهندسة من شباب مصر .. و سمي الخلطة دى ((امبريك )) .. الحكومة من جانبها .. جمعت مجموعه من كوادرها اللي بينطقوا خوجاتي و عملت الجهاز التنفيذى لمشرعات الصرف الصحي للقاهرة الكبرى ..
و بدات امبريك تشتغل .. الاول نعمل خطة رفع كفاءة الشبكة الموجودة .. و نزود عليها شوية النواقص .. و خلال هذا الوقت نعمل الخطة الشاملة لحل المشكلة (( ماستر بلان )) ثم نطرح المشاريع في السوق .. و نشوف مين حيحن علينا بهبة و لا قرض و لا معونة .. و لا بالتصفيق .. و إنقسم العمل لمنطقتين اساسيتين .. غرب النيل .. و شرق النيل .. الاول أدار مشروعاته الامريكان و الثاني الانجليز .
مطولش عليكم .. قول طول .. امبريك و إسلوبها .. وإستحوازها علي أفضل كوادر السوق .. بمرتبات خيالية .. أحدثت زلزالا في الوسط الهندسي في مصر .. فلاول مرة .. يصبح هناك .. مالك و مقاول و مهندس وظيفته .. مراقبة هذا المقاول في كل مسمار يدقة .. و يستخدم علم غريب إسمة (( كواليتي كونترول )) إيه دة .. وعلم أخر إسمة التخطيط و البرمجة و المتابعة .. و تالت إسمة الامن الصناعي .. و إيه إختبارات التربة و المواد و الخرسانة .. كلها علوم فاتت علينا في الكلية و لم نهتم بها و لم نزاولها إتضح إنها كانت سر الصنعة .
المهندسون الانجليز كانوا بينزلوا يستلموا .. الخرسانة .. ويهتموا بإن الشدة قويه و طبقا للمقاسات و نظيفة و الحديد مرصوص صح و فيه فراغ بينه و بين الشدة علشان يعمل غطاء خرساني للحديد .

إيه دة بندفع لهم دم قلبنا علشان يقولوا النظافة و غطاء الحديد .. و الرجل الكبير بتاعهم .. مهتم بالسكرتارية و الحفظ و الارشيف .. و جايبين معاهم واحد متخصص في العقود و الرد علي المطالبات .. مهتم ببنود العقد والمواصفات .. وحاجه إسمها ((فيديك )) يخرب بيتكم هايفين .. حقيقي .. فين الهندسة يا معلمي .. !!
و المعلمين يتكسفوا لما الخواجة يقولهم ..حتعملوا النشاط ده إزاى .. إيه المعدات ..إيه الامكانيات فين أطقم العمالة ..فين خطة الطوارىء .. طيب راجعت التشوين .. ولا حتقف في نص الشغل لان الاسمنت خلص .. طيب قست درجة حرارة الخرسانة في الحر المقرف ده .. حتخفضها إزاى .. الراجل الخواجة مبيبطلش أسئلة .. و الراجل المصرى يتنفخ زى الديك و يكذب .. و التاني يصدقة .. لكن لما يبدأ العمل و يقف علشان مجبش معدة إحتياطية و كذب و قال إنها في السكة .. الخواجة مبيرحموش و يخلية زى الطفل .
إسلوب أمبريك في الاشراف و التنفيذ .. كان غريب علي المصريين تماما .. لكن عندما وجدوا أنهم ينتجون .. أفضل من إسلوب ((شدوا حيلكم يا رجالة ))(( الهمة يا أبطال )) بدأ يتكون .. مجموعة من الكومبرادور الذين يريدون التعلم و الفهم .. واجههم الاخرين بالسخرية .. و عاملينلي خواجات .. و النبي عربي و خلي البساط أحمدى ..
الظاهر إن المشكلة م كانش السوفيت قد م هي المصريين المنفوخين علي الفاضي و مش عايزين يتعلموا
و اصبح خريجي أمبريك .. الذين أنقذوا القاهرة من الطفح .. من المغضوب عليهم و الضالين المتفرنجين .. و أزيحوا من كل مكان .. و عادت ريمة لعادتها القديمة .. لا تخطيط و لا برامج و لا مراقبة مواد .. ولا إختبارات .. وشهل يا جدع خلينا نخلص ..إنتم كدة عايزين تعطلوا المشاريع بفلسفتكم .. و ضاعت الفرصة يا ولدى .. فالمسئول اللي كان بيشتكي من الصناعة السوفيتية،أصبح مستعدا ليبيع أهلة .. لو شاورت له برحلة يجلس خلالها في مقهي بالشانزلزية .
القاهرة و الاسكندرية و معظم مدن مصر تعاني من تصريف مياة الصرف الصحي .. فالقاهرة التي كانت أمبريك مخططة لها ..إخراج ثلاثة مليون متر مكعب صرف صحي يوميا عام 2020 .. أنجزت الخطة و تجاوزتها و أصبحت قبل الموعد بخمس سنوات تنتج من خمسة لستة مليون متر مكعب يوم .. العشوائيات البناء غير المخطط ..
صاحب هذا الفشل في صيانة شبكات و محطات رفع و تنقية مياة الصرف الصحي .. التي أصبحت جميعها تدار باسلوب إرميها في النيل ..
وعم التلوث ماتت الاسماك دليل علي عدم ملائمة المجارى المائية لحياتها .. و زرعوا بالمجارى .. و ينفق المليارات علي نظام فاشل تم تدميرة لان محمد إبراهيم سليمان ..راى إن قرايبة أشطر من الخواجات .. و قرايبة كانوا لا يهتمون إلا بجمع القرشينات .. و تنحرق الهندسة علي صحابها بلا خطط أو دراسات .. او تغيير في الماستر بلان .. واهي ماشية لما تغرق نشوف لها حل .
محطات تنقية المجارى بالقاهرة تعالج من إتنين لثلاثة مليون متر مكعب مياة صرف صحي يوميا ..أين تذهب .. هل نزرع بها .. هل نعيد إستخدامها .. هل نرفع بها كفاءة المصارف ..لا .. لآ..لا .. نعيد ضخها مع المياة التي لم تعالج ..و كأنك يا أبو زيد .. لا جبت امبريك .. و لاعملت مشاريع بمليارات الجنيهات .
و كما وجد خالد محي الدين أن علية أن يتكلم في لحظة ما ..أجد أن علي الان أن أتكلم .
نحن أيها السادة في مأزق .. نتبول و ن.. في المكان الذى نشرب منه .. من أسوان حتي بحيرة المنزلة .. نروى الزراعة بالمجارى ونأكل .. نلوث حياة السمك .. ونأكل .. نعكر المياة الجوفية ثم نسحبها بالطلمبات و نشرب .. و نمرض و نرهق .. و نعيش عيشة زى الزفت .. اللحوم فاسدة الدواجن فاسدة .. الفواكه فاسدة .. المياة فاسدة .. لان مهندسينا .. لم يكونوا من الحكمة ليتعلموا يوم أن أحضر البيضاني أمبريك و خرج مطرودا بواسطة عباقرة مهندسي وزراة الاسكان الذين تصوروا بغباء أنهم قادرون عليها فانتجوا الفوضي و الفشل .
و الان علينا أن نبدأ من جديد .. خطة عاجلة .. لمدة سنة يعد فيها ماستربلان .. ثم نبحث عن من يعلمنا(شرقا او غربا ) كيف نعود لنصبح مهندسين ننشر ثقافة علم (إدارة الانتاج ) في طول الوادى و عرضة .. لنتعلم أن نهر النيل كما كان عند القدماء لازال عندنا مقدسا لا نرمي فيه النفايات ثم نشرب منه .

#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات