أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسين صالح - التطرف الديني وصناعة الموت (2-2) دراسة تحليلية















المزيد.....

التطرف الديني وصناعة الموت (2-2) دراسة تحليلية


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4974 - 2015 / 11 / 3 - 09:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التطرّف الديني وصناعة الموت (2 -2)
دراسة تحليلية
أ.د.قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

الناس في الدين ..ثلاثة اصناف.
لسنا معنيين هنا بما يخص علماء الدين وفقهاء الشريعة،انما الذي يهمنا ـ بوصفنا سيكولوجيين ـ معرفة علاقة الفرد بالدين..أو مقاصده منه، والاسباب التي تساعدنا على فهم العلاقة بين الدين والتطرّف (التعصب). وما يشغل تفكيرنا هو: هل هناك سبب واحد، أم اسباب مختلفة يدفع/ تدفع الناس الى أن يكونوا متدينين ؟

تشير الدراسات المعنية بهذه " الاشكالية " الى ان الناس يكونون متدينيين لأسباب متعددة وليس لسبب واحد..ويمكن تصنيفهم على النحو الآتي:

1. التدين " الغرضي ". ويعني التوجه نحو الدين بوصفه وسيلة للحصول على اشياء اخرى ذات قيمة . فالذهاب الى اماكن العبادة يوفر فرصة لتكوين صداقات، يمكن ان تفيد في أوقات الازمات، أو حين يكون الشخص بحاجة الى مساعدة أو اسناد اجتماعي. كما ان هذا النوع من التدين قد يحقق لصاحبة مكانة اجتماعية أو اعتبارية أو وظيفية . وبهذا يكون الدافع هنا تحقيق منفعة تهدف الى خدمة المحافظة على احترام الذات، ويكون الوجدان الديني فيه غير ناضج.
2. التدين الباحث عن الحقيقة. ويعني التوجه نحو الدين بوصفه سفر دائم من أجل فهم القضايا الاخلاقية والروحية المعقدة، والمصحوب عادة بمعتقد ان الاجابات السريعة والبسيطة ، خاطئة تماما".

3.التدين الحقيقي. ويعني التوجه نحو الدين الذي يحاول الناس عن طريقه أن يعيشوا دينهم ويستدخلوا تعاليمه. ومن هذا المنظور فأن الدين ليس وسائل لتحقيق بعض الاهداف ، وليس رحلة من أجل البحث عن حقيقة، انما هو غاية بحد ذاته ، يكون فيه الوجدان الديني ناضجا" ، ويكون الانسان فيه قد سلّم له نفسا" طوعا" لذاته وليس من أجل استعماله.

وقد تسأل الآن: من من هذه التوجهات الثلاثة في الدين، هو المتطرّف أو الأكثر تعصبا"؟.
لنبدأ بالتوجه الثالث منها " التدين الحقيقي " الذي يؤمن اصحابه بأن الدين ليس وسيلة لتحقيق غاية، ولا هو البحث عن حقيقة الروح والاخلاق والحقيقة، أنما هو الغاية النهائية للأنسان.

ان معظم الاديان تدعو الى التسامح، والافراد في هذا النوع من التدين-الحقيقي- يسعون ويتمنون ان يحققوا نوعا" من التكامل بين معتقداتهم الدينية وهوياتهم وسلوكهم. وعليه، فأننا نتوقع من هذا الصنف ان يكونوا الأقل تطرّفا بين المتدينين. وتشير الدراسات الى ان هذا الصنف من المتدينين ليسوا أكثر تعصبا" حتى من اولئك الذين يصفون انفسهم بأنهم غير متدينين. وما يميزهم أن الوجدان الديني عندهم يكون ناضجا، يثير لديهم الشعور بالمتعة ويحول مشاكل الحياة من سياقها الروتيني الى منظور اكثر شمولية واعمق معنى..فيكون ثقلها أخف عليهم موازنة (مقارنة ) حتي بغير المتدينين.

والصنف الثاني من المتدينين،أي الذين ينظرون الى الدين بوصفه رحلة بحث وتقصي دائم لفهم قضايا روحية واخلاقية معقده، فأنهم يكونون من النوع المنفتح عقليا" على مسائل أخرى أيضا" فكرية أو علمية أو ثقافية. وهذا الصنف من المتدينين هم الأقل ميلا" نحو التطرّف.
اما الصنف الأول من المتدينين، الذين يتخذون من الدين وسائل للحصول على أشياء اخرى من قبيل الصداقة والمكانة والاسناد في الاوقات الصعبة، فأن هؤلاء يميلون الى ان يكونوا الاكثر تطرّفا،والأقل نضجا في الوجدان الديني.

ان هذه الأصناف الثلاثة من المتدينين موجودة في معظم الأديان.ولكن فيما يخص الدين الاسلامي ،هنالك ثلاثة اصناف اخرى ، الأول ما اصطلح على تسميته بـ(الاسلام السياسي )والثاني جماعة ( القاعدة وداعش)،والثالث هو السلفية السنّية والشيعية التي تعتمد التصنيف والتنميط والهوية المذهبية في التعامل مع الآخر.

ومع أن الصنفين الاول والثاني يمكن أن ينضويا تحت صنف ( التدين الغرضي )لأنهما يستخدمان الدين وسيلة لتحقيق غايات أخرى،الا أن " الغايات " لدى هذه الأطراف داخل هذا الصنف تحكمها فروق نوعية .فالغايات هنا سياسية وليست اجتماعية من قبيل تكوين صداقات،بل السعي الى تحقيق زعامات تشبع الحاجة الى السلطة والسيطرة،ومصالح اقتصادية ترفع صاحبها درجات في سلّم المكانات في الهرم الاقتصادي للمجتمع.

وعلى وفق هذا المنظور يكون المتدينون السياسيون أو ( السياسيون الدينيّون ) هم الأكثر تطرّفا "تعصبا" بين الناس، ليس فقط لأنهم يستخدمون الدين وسيلة لتحقيق أهداف أخرى، بل ولأن التنافس السياسي وصراع المصالح يضطرهم الى أن يكونوا متعصبين.

ولكن هل يصح هذا التعميم على الأحزاب الاسلامية ؟ أعني القول بأن كل الأفراد المنتمين الى أحزاب اسلامية هم متعصبون..متطرفون ، أو هم الأكثر تعصبا او تطرّفا بين السياسيين؟.

الموضوعية العلمية لا تميل الى التعميم في مثل هذه الأمور،فقد يكون بين الأحزاب الاسلامية أفراد أقل تطرّفا من أفراد ينتمون الى أحزاب علمانية مثلا.الا أننا نرى أن العامل الحاسم في الحكم على تطرّف (تعصّب) هذا الحزب او ذاك هو انفراده بالسلطة،مصحوبا بعامل نفسي هو توليد الشعور بالاحباط لدى الأطراف او الجماعات الأخرى التي أعاقها أو حرمها أو حال دون تحقيقها لأهداف وحاجات مشروعة.
ان الأحزب السياسية كانت قبل زلزال انهيار الاتحاد السوفياتي تسعى جميعها الى تحقيق هدف واحد هو ( الحصول على السلطة )،وأن تعصبها لهذا الهدف بالذات هو الذي أسقط تلك التي وصلت الى السلطة،وهو نفسه " التطرّف " الذي لن يمكّن تلك التي تسعى للحصول عليها ،مثل ( داعش ) التي تهدف الى اقامة (دولة الخلافة الأسلامية )وتدعي بأنها تحكم بأمر الله وتنفذ ارادته،أو الأحزاب اليسارية المتطرّفة التي ما تزال تريد اقامة دولة البرولتاريا .فلا فرق في التطرّف بين حزب "ماركسي " وحزب ديني اذا كان كلاهما يسعى الى الحصول على السلطة والانفراد بها وتهميش الآخر او عدّ من يخالفه الرأي بأنه عدو،او تبنيه شعار جورج بوش " من لم يكن معنا فهو ضدنا".

وثمة معلومة سيكولوجية مفادها: ان الذين لديهم ميول تعصبية (تطرّف) ينخرطون عادة في أحزاب أو حركات متطرفة،سواء كانت دينية أم علمانية، يمينية أم يسارية بالمصطلح السياسي.غير أن احداث الألفية الثالثة أثبتت أن الدين اذا توحّد بالتطرّف (التعصب) ودخل شاهرا سيفه في الساحة السياسية فانه يضطر الاخرين الى أن يشهروا سيوفهم او يتمترسون في خنادقهم..وغالبا ما تكون الواقعة!
ان التطرّف في الدين يزّين لصاحبه الزعم انه وحده على حق، وينعت من يخالفه الرأي : بالكفر ، والمروق ، والزندقه ، والفسوق..، وان التطرّف بالعلمانيه يجعل صاحبه يزعم انه وحده على حق، وينعت من يخالفه الرأي: بالرجعيه، والتخلف، والانغلاق، والدوغماتيه، والايمان بوهم.ومع تناقضهما العقائدي، فان كليهما يزدريان الغير،وكليهما عدوانيان حاقدان منتقمان،يبيحان لنفسيهما حق اخضاع الآخر واباحة سفك دمه ان رفض. فاذا كان الدين من الله ،فهل يعقل ان يأمر بقتل اناس هو خلقهم ليعيشوا؟. واذا كان العلماني الالحادي رأى ان " الله " وهما"،وان العقل هو الحقيقة، فلماذا يرتكب الخطأ نفسه والجريمة نفسها مع انه يعدّ نفسه الاكثر وعيا" والأرقى نبلا"؟.
الجواب يكمن في..التطرّف..وأقبحه..ان يوظّف الدين وسيلة لصناعة الموت!.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار المدى 2 تشرين الثاني 2015
- التطرّف الديني وصناعة الموت (1 -2)
- قيم الحسين..هل ستطيح بالفاسدين؟ تحليل سيكولوجي
- hالتظاهرات ..هل احيت قيما ماتت؟ تحليل سيكولوجي
- اشكالية الأدب والنقد والمتلقي
- المواطنة..في تحليل للشخصيتين المصرية والعراقية
- حيدر العبادي..هاوي بس ما ناوي!
- العلمانيون والفاسدون..من سيضحك أخيرا؟
- شراع سفينة التظاهرات..ورياح التغيير
- تحليل سيكولوجي لما حدث ويحدث
- حيدر العبادي..بين التفويض والتقويض
- فقاعات الشتاء السنّي ..فقاعات الصيف الشيعي
- العراقيون..مازوشيون - مقال تحريضي!
- عبد الكريم قاسم..والطائفيون - موازنة اخلاقية
- تساؤل الى الامام علي في ذكرى استشهاده
- داعش تفهمنا افضل مما نفهمها!
- ازمة العقل السياسي العراقي-تحليل سيكوبولتك
- المفقود في مواجهة الشخصية الداعشية
- الطائفيون..هل استوعبوا الدرس من سقوط الموصل؟
- اطفال العراق..(35) عاما بلا طفولة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسين صالح - التطرف الديني وصناعة الموت (2-2) دراسة تحليلية