أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبد مراد - الصداقة ليست بطول السنين بل بصدق المواقف














المزيد.....

الصداقة ليست بطول السنين بل بصدق المواقف


احمد عبد مراد

الحوار المتمدن-العدد: 4972 - 2015 / 11 / 1 - 13:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هذه الجملة قرأتها في احدى الزوايا فاتخذت منها عنوانا لما كان يدور في ذهني وما اردت تدوينه ربما ليظل ذكرى ، وبنفس الوقت عرفانا بالجميل لاصدقاء العمر واصدقاء المِحْنة وصدق المواقف التي عبرت عن نفسها وتجسدت في نكران الذات والتفاني والتعاطف والتآزر لتخطي الصعاب والمخاطر والحفاظ على الامانة والعودة بها لاحضان الحزب لنقول وبصوت واضح هذه الامانة لا زالت في الحفظ والصون..هي ايام قاسية ومريرة ومن الصعب وصفها كما تجسدت في حينها وحرارتها ومرارتها فالخمسون عاما التي انقضت وعندما كنا بعمر الزهور في العشرينات من سني حياتنا كنا نحلم بعالم ترائى لنا وكأنه في متناول ايادينا عندما كان النظام الاشتراكي يتوطد وحركات التحرر تكيل ضرباتها الموجعة للاستعمار والامبريالية وتحرز الاستقلال المتلاحق وتتجه صوب التقدم والتوجه الاشتراكي كان يبدوا لنا اننا اقتربنا من اقتطاف الثمار وتحقيق الانتصارات وكان حماسنا ليس له حدود واندفاعنا يحطم من يحاول اعتراضه او الوقوف بوجهه نعم هكذا كنا وعلى هذا الامل والطموح التقينا نحن نخبة من الشباب الشيوعي ومن مختلف انحاء العراق ومن مختلف القوميات والفئات التقينا في بغداد عاصمة الاسود ولكن اي لقاء هذا واي محفل ذاك، انه لامتحان عسير وانت ترى نفسك وعلى حين غرة او محض صدفة وانت اسير بين ايدي جلاديك وقد عزلت تماما عن اهلك واصدقائك ومحبيك ورفاق دربك وهذه اللحظات هي لحظات الامتحان العسيرة حيث يحاول جلادوك ان يشعروك وانت في اضعف الاحوال وان ليس هناك من يعلم عنك شيئا او يتتبع خطاك او يحاول مساعدتك ويصوروا لك الحالة وكأن كل شيء قد انتهى وانك وحيدا تلاقي المصير المحتم المجهول هنا على المناضل ان يعيد حساباته ويرتب اوراقه ويستجمع قوته وثقته بنفسه ويجدد ايمانه بصدق قضيته وان يكون على دراية بما يخطط له اعدائه وان الشعب والحزب اقوى من تلك الزمر التي ليس لها مبدأ وليس لها عقيدة تركن اليها بل انها زمر مرتزقة ليس الا..هكذا كان لقائي باعز اصدقائي ورفاقي فاضل حسن وناهض الجوراني وعلي عرمش وخميس جمعة وبهجت وفخرالدين واخرين كثيرين ربما الزمن انساني اسمائهم وملامح وجوههم وربما لو شائت الظروف والتقيتهم لما عرفتهم فكيف يمكنك ان تتصور صديقا فارقته قبل خمسون عاما خلت.. خصوصا ونحن لم نكن بظروف طبيعية ولم يكن وضعنا سهلا بل تخللته ذكريات مريرة نعم هي ليست نزهة صيد او سفرة سياحية للاطلاع على قصور الامراء والسلاطين والاسلاف الاشداء العظام حيث التقاط الصور التذكارية وتدوين الذكريات بل كنا في دهاليز واقبية نتة نشتم روائحها رغم انوفنا وانوف اجدادنا... كنا محشورين كما علب السردين في عز ذلك الصيف اللاهب حيث تتصاعد درجات الحرارة في تموز وآب الى الخمسين وفوق كل ذلك سدت الفتحة التي في اعلى الزنزانة والتي حجمها لا يتعدى ثلاثون سنتمترا لكي لا نرى نورا ولا تهب علينا نسمة هواء تشعرنا اننا لا زلنا على قيد الحياة ..كانت الزنزانة في الظروف الطبيعية لا تسع لاكثر من ستة اشخاص في الوقت الذي حشر فيها ما يقارب الثلاثون شخصا انه لامر غير معقول وربما يصعب تصديقه ولكن هذا واقع مرير يصعب على من عايشه ان ينسى تلك الايام العصيبة .. كان النوم لزاما ان يكون على الجنب وكذلك بالناوبة وكان الجالسون ملزمون بتبريد الزنزانة عن طريق تحريك الهواء بالمناشف ( تحويل المناشف الى مراوح يدوية ) هكذا كان الرفاق الذين تم اعتقالهم من مختلف انحاء العراق صيف عام 1968 والمتهمين بالتخطيط لمحاولة انقلابية على نظام الحكم العارفي وقبيل انقلاب البعث العاهر بعدة شهور ..ترى كيف سيتم التعامل مع من اراد الاطاحة بنظام الجبابرة الذين يرون احقيتهم بكل شيئ والاخرين لا يحق لهم اي شيئ، كنا نقضي نهارات ايام الشهورالاربعة ننضح عرقا ونشتم عفونتنا.. كنا نتوسد احذيتنا والقصعة العسكرية وايادينا .. اما ليالي الشهور الاربعة تلك فكانت عبارة عن اوقات عصيبة حيث تبدأ حفلات الجلادين المنتصرين على ابناء جلدتهم بنوبات تعذيب قاسية ومريرة تستمر حتى بزوغ الفجر.. وهكذا وعندما ينهون التحقيق مع مجموعة معينة يٌرَحِلوها اما الى المواقف والسجون المدنية او الى سجن رقم 1 العسكري سيئ الصيت ..وفي ليلة من ذات الليالي وعلى ما اتذكر في شهر اب وفي ساعة متأخرة من الليل دخل علينا رأس العرفاء محمد الجميلي وعريف ادريس المصلاويين وكانا ثملان وقد غطت رائحة الزحلاوي على رائحة زنزانتنا العفنة.. نحن تصنعنا النوم عند سماعنا صرير الباب وهو يفتح وكان عددنا المتبقي ثمانية موقوفين فقط وعند دخولهم علينا علا صراخهم وهم يرددون جملة واحدة ( من الذي يحرضكم على عدم الاعتراف) فلم يجب احدا منا فما كان منهم الا ان انهالوا علينا (ركلا ورفسلا وسحقا في البطون) ومن المصادفات الغريبة ان سبعة من الرفاق الموقوفين قد سالت دمائهم وتورمت وجوههم وكانوا في حالة يرثى لها الا انا فشائت الصدف ان اسلم من تلك الحفلة الدموية وعند ذهابهم جلست اواسي واساعد واعالج رفاقي المنكوبين.
ومع كل ما حصل انطلق احد الرفاق ليغني ( اغنية يمه ضربني هواي بالخيزرانه) والتي تسببت في الليلة الاخرى بحفلة تعذيب وحشية بعد ان نقل حراس الموقف الخبر الى جلاوزة الملازم ابراهيم الزويني.
وهنا لا بد وان نأتي على بيت القصيد وهو ما ورد في عنوان حكايتنا ( الصداقة ليست بطول السنين ولكن بصدق المواقف)... نعم وبعد كل تلك السنين الخمسين بمرها وما اكثرها..ولكن ومع كل التحديات يبقى الامل وتتجدد صدق المواقف وتطل عليّ الوجوه المشرقة بالامل والخير والروائح العطرة الزكية انها الوجوه الصبوح الممتلئة بالامل والثقة وروح التحدي والانتصار .. انهم اصدقاء العمر اصدقاء المحنة والزمن العسير.. ناهض الجوراني متعدد المواهب وفاضل حسن الكظماوي الذين غمراني بحسن خلقهم وصدق مواقفهم وبحثوا عني طيلة السنين الخمسين حتى تكللت جهودهم بتواصلنا عبر التواصل الاجتماعي ويحدوني الامل للقاء قريب وجها لوجه بعد فراق طويل دام خمسون عاما.



#احمد_عبد_مراد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرة مدينة منكوبة
- قرائة سريعة في خطاب السيد
- العراق ينتفض غاضبا
- الجماهير تقول كلمتها غدا
- من امن العقاب اساء الادب
- وهكذا ارتعدت فرائصهم
- فوضى التصريحات السياسية واضرارها الامنية
- من المستفيد غير داعش
- الحالمون بعاصفة الابابيل
- لا بد من تصحيح مسار العملية السياسية
- السياسة المصرية في المزاد الخليجي
- رفاق في الذاكرة
- الجماهير العمالية تعيد امجادها النضالية
- 2- دوافع واهداف حركة ارادة
- تشكيل حركة ارادة فتلكة مالكية
- الناصرية ليست قندهار، قالتها هيفاء الامين
- قليلا من الانصاف يا حكام العراق
- قليلا من الانصاف يا حكام لعراق
- علاوي يحن الى جذوره
- متى كانت اميركا نصيرة الشعوب


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبد مراد - الصداقة ليست بطول السنين بل بصدق المواقف