أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أنور خلوف - وحدة المقصد















المزيد.....

وحدة المقصد


أنور خلوف

الحوار المتمدن-العدد: 1361 - 2005 / 10 / 28 - 12:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


وحدة المقصد
نشرت الرأي في عددها الصادر في آب موضوعين يتصلان ببعضهما من حيث المقصد: الأول: مقالاً للسيد عبد الكريم أبا زيد تحت عنوان (فليحكمنا اللبنانيون ثلاثين سنة) والثاني عبارة عن فقرة من مداخلات المؤتمر السادس للحزب تحت عنوان (نظريات ومراجعات للحزب) ولما كان التعرض لكلا الموضوعين بعيداً عن الموضوعية من وجهة نظري، رأيت أن أعرض لكل منهما مبتدئاً بالموضوع الأول (فليحكمنا اللبنانيون ثلاثين سنة ).
والمقال عبارة عن تصور لافتراض، فحواه أنه كما نقلنا (نحن) أسلوب الحكم لدينا إلى المؤسسات اللبنانية، فإن اللبنانيون سينقلون أسلوب حكمهم – القائم على شيء من الديمقراطية – إلينا وبالتالي (فتعسكر قوات من حزب الله على حدود الجولان... وسيستخدم الحزب جميع الوسائل وبضمنها المسلحة لاسترجاع الأرض...
وكونهم يحكموننا فإنه يحق لهم التدخل بشؤوننا كما كنا نتدخل بشؤونهم، فيعدلوا الدستور ويلغوا المادة الثامنة منه التي تنص على أن حزب البعث هو القائد للدولة، ويلغوا حالة الطوارئ والأحكام العرفية وسيصدروا قانوناً يسمح بتشكيل الأحزاب السياسية. ويختم كاتب المقال كلامه بالقول: في عام 2035 لن أكون على قيد الحياة، ولكني متأكد أن ملايين السوريين سيصطفون على الحدود السورية اللبنانية ليمنعوا اللبنانيين من الخروج بعد أن ذاقو طعم الحرية).
في مستهل كلامي أريد أن أتساءل هل صحيح أن الدولة الحاكمة لدولة أخرى تنقل أسلوب حكمها إلى تلك الدولة؟ للجواب أقول: إذا كانت الدولة ذات النظام الاستبدادي تنقل أسلوب حكمها إلى الدولة التي تحكمها فإن الدولة الديمقراطية تفقد صفتها الديمقراطية متى حكمت دولة أخرى، ولكن كون أن هناك دولاً (ديمقراطية) تحكم دولا أخرى أو تسعى لحكمها، فإن تلك الدول لم تنقل، ولا يمكن أن تنقل أسلوب حكمها إلى الدولة التي تحكمها، لأن أسلوب الحكم الديمقراطي في أي دولة يتحدد من خلال التفاعل الاجتماعي السياسي لتلك الدولة، وحتى لا ندخل في متاهات عديدة أقول أن تجربتنا العربية الإسلامية عمومياً والسورية خصوصاً برهنت على صحة هذا القول، باعتراف أمريكا نفسها، حيث كانت الحكومة الديمقراطية الأمريكية داعمة لأنظمة القمع على مدى الستين سنة الماضية، وكان أكثر ما يسوؤها هو القيام نظام ديمقراطي في المنطقة، حيث كانت تسعى جاهدة لتقويضه كما حصل مع سوريا إبان الخمسينات كما وأن إسرائيل انسحبت من غزة بعد ممارستها (الديمقراطية) على أهاليها على مدى سبعة وثلاثين عاماً ولم يقف الفلسطينيون لمنعها من الانسحاب – كما تصور السيد أبا زيد أن الشعب السوري سيقف على الحدود اللبنانية السورية لمنع اللبنانيين من الانسحاب من سوريا بعد أن ذاق طعم الحرية – إنه من الخيال الخرافي أن تتصور دولة تحكم دولة أخرى، وتذيق شعبها طعم الحرية: إن الدولة التي تحكم دولة أخرى تذيق شعبها أي شيء آخر غير الحرية، فماذا خلفت إسرائيل في غزة بعد انسحابها؟ فعدا عن الدمار واليتم والمآسي العديدة، فقد خلفت تنظيمات متطرفة منها حماس والجهاد وهي الأقوى في غزة، لأن (الحرية) الإسرائيلية أفقدت الشعب الفلسطيني طموحه في حياة دنيوية كريمة فحوّل ذلك الطموح إلى حياته الأخروية وسط تزايد قبول فكر تلك التنظيمات من قبل الشعب الفلسطيني.
لا بل والعربي الإسلامي عامة، لكن مالنا وإسرائيل فنحن متفقون على أنها دولة عصرية كما وأن قرارات الشرعية الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة وصفتها بهذه الصفة رغم تباهي إسرائيل بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة أقول: مالنا ولإسرائيل؟ إنها ليست اللاعب الدولي المؤثر في(تحرير) الشعوب و(منحها) الحرية والديمقراطية وإنما يمثل ذلك أمريكا. فهل النتائج التي تؤدي إليها السياسة الأمريكية في منح الديمقراطية والحرية للمنطقة أفضل من النتائج التي أدت إليها سياسة إسرائيل في فلسطين؟ لا أعتقد ذلك لأن النتائج دائماً تتناسب مع الأسباب، وما دامت الأسباب التي تستدعي احتلال دولة لأخرى هي نفسها تقريباً، وتتلخص في السيطرة والهيمنة ونهب الثروات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن القوة الأمريكية أكبر وأشمل، لكن لأقل إنني متفق مع السيد أبا زيد على وجوب نيل الحرية عن طريق إقامة نظام ديمقراطي، غير أني أريد أن استوضح منه: هل نيل مثل تلك الحرية يكون بأي ثمن؟! هل يمكن مثلاً لأن يقتضي نيل مثل تلك الحرية التخلي عن المسألة الوطنية ومبادلتها بها؟ أنا لا أعتقد أنه يقصد ذلك، لأنه لو فعل فإنه يتناقض مع أفعال الذين يحاولون جاهدين (تحقيق) الديمقراطية في المنطقة، إذ أنهم ما أن يشعروا بتهديد أوطانهم – حتى وإن كان ذلك التهديد من قبل دول ذات نظم ديمقراطية – حتى يرفعوا شعار الوطن في خطر ويتخلوا عن قوانينهم الديمقراطية التي هي: الاعتراف بالآخر، الشفافية، احترام القانون، احترام حقوق الإنسان، تنهار ويحل محلها شعار: (من ليس معنا فهو ضدنا) والكذب وخرق القانون وامتهان حقوق الإنسان وسن قوانين جديدة مبنية على التفرقة العنصرية القائمة على اللون أو التفرقة الدينية أو الجغرافية، وما إلى ذلك. أليس هذا شعار وسلوك الحملة الأمريكية على العراق والعالم العربي والإسلامي؟ لقد أعلن بوش في مستهل حملته على أفغانستان أنه من ليس معنا فهو ضدنا وكذبت أمريكا في ادعائها بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل. كما زورت الوثائق المتعلقة بهذا الموضوع، وخالفت القانون الدولي في شن الحرب، وامتهنت حقوق الإنسان في أبو غريب وغوانتانامو، وسنت قوانين بالملونين الشرق أوسطيين. وما يدحض فكرة وجوب نيل الحرية بأي ثمن هم عرب إسرائيل الذين رغم مضي أكثر من نصف قرن على اعتبارهم (مواطنين) في دولة إسرائيل (الديمقراطية) فإن تلاحمهم مع أبناء وطنهم في الضفة والقطاع هو تلاحم لا يرقى إليه الشك. وقد ضحوا من أجله بدمائهم إبان ابتداء انتفاضة الأقصى. إذن مسألة مبادلة الوطنية بالديمقراطية غير جائز ولا أعتقد أن السيد أبا زيد يقصده. وإذا كان الأمر كذلك، فلا بد أنه قد قصد شيئاً آخر، مثلاً، بأن يحكمنا اللبنانيون أو الأمريكيون حتى تجري انتخابات حرة لدينا، ومن ثم يتركوا لنا الحكم لنمارس الديمقراطية، وما القول بمحاولة منعهم من مغادرة بلادنا بعد أن (أذاقونا) طعم الحرية إلا إجراء شكلي وتعبير عن الامتنان لهم، وأيضاً لا أعتقد ذلك، لأنه، إن فعل، فإن ذلك يتناقض مع محبته للديمقراطية والحرية اللتان تشكلان رأي الأكثرية. وليس خافياً على أحد اليوم بأن الديمقراطية التي تسعى أمريكا لفرضها على العراقيين رفضت من كل شعوب الأرض بما فيها الشعب الأمريكي، خصوصاً الشعب العراقي، ويسعى العراقيون اليوم، لا بمنع الأمريكان من الخروج من بلادهم، بعدما ذاقوا على أيديهم طعم الموت والقمع والقهر والذل والهوان، بل إلى تعليبهم في صناديق وإرسالهم إلى حكومتهم الديمقراطية، إن الشعب الأمريكي كأي شعب آخر لا شك يحب وطنه لكن ما أن يستبين كذب حكامه بادعائهم ضرورة تضامن الشعب معهم للدفاع عن الوطن حتى ينفضوا من حول أولئك الحكام، دون أن يصبحوا مع من يفترضونهم أعداء لوطنهم، وهذا حال الشعب الأمريكي حالياً، وكون الحكام الأمريكيين اليوم هم أكثر محبة لأوطان الأمم الأخرى، وخاصة أوطاننا حيث تبدو محبتهم لأوطاننا أكثر من محبة بعضنا لها وأن تلك المحبة تشكل خطراً على أوطاننا، ألا يحق لنا أن نحذو حذو الشعب الأمريكي بالانفضاض عن حكامنا دون أن يصبحوا أعداء لنا؟.
إذا كانت قوى التغيير الداخلي عاجزة عن التغيير أليس معنى ذلك بأنها ستكون صيداً ثميناً لقوى التغيير الخارجي، تستغل حسب مشيئتها، وبالتالي، ستكون أضعف أمامها مما هي عليه أمام النظام؟ لماذا الإصرار؟، إما أن نكون مع النظام أو أن نكون مع أمريكا؟. إن من يرى ضرورة التغيير الآن بغض النظر عن ثمن ذلك التغيير فعليه بأمريكا. أما من يريد التغيير دون التفريط بالمسألة الوطنية فعليه العمل على تقوية الخيار الثالث وهو ليس خيار نسبة كبيرة من المعارضة.
بقي أمران في مجال مقاصد مقالة السيد أبا زيد وهما:
1- إما أن يكون مؤيداً للديمقراطية المنجزة بسلاسل الدبابات وطائرات الأباتشي وعلى حساب هدم حمص وحماة وحلب، وتشريد أبنائهم كما سامراء والفلوجة وتل عفر والقائم والنجف... ولا أعتقد أنه يقصد ذلك وعليه لم يبق إلا الاحتمال الأخير وهو:
2- أن يكون قد أخطأ القصد.
الموضوع الثاني وهو النص الوارد تحت عنوان: ( نظريات ومراجعات للحزب ) فقد ورد فيه أن الحزب (لم يستطع التقاط المتغيرات.. بقيادة الولايات المتحدة... ومن خلفها أوربا... ليبني عليها سياسية حقيقية... أكثر ملاءمة للواقع، وأكثر استجابة من قبل الشارع السوري ومقبولة من الخارج المحدد للمسار السياسي للمنطقة وإيجاد آليات سياسية لمواجهة هذه المتغيرات).
إن من يقرأ هذا المقطع ابتداءً من أوله، يخرج بنتيجة معينة، ومن يقلبه رأساً على عقب ويبتدئ بقراءته من آخره يخرج بنتيجة معاكسة:
إذ عند القراءة ابتداءً من أوله يستنتج القارئ أن سياسة الحزب يجب أن تبنى وفقاً للمتغيرات الدولية وأن هذه المتغيرات ملائمة للواقع ومستجاب لها من قبل الشارع السوري، ومقبولة من الخارج المحدد للمسار السياسي للمنطقة، أما عند القراءة ابتداءً من أخر المقطع فإن القارئ يستنج أن سياسة الحزب يجب أن تبنى على إيجاد آليات سياسية لمواجهة ما تم استنتاجه من القراءة الأولى، وهذه القراءة لا شك صحيحة لأن ما ورد في القراءة الأولى خاطئ من حيث الواقع ومن حيث المنطق. فمن حيث الواقع، ليس صحيحاً أن أوربا تقف خلف أمريكا في حملتها لإرساء نظامها الدولي الجديد، وقد رأينا أن أمريكا لم تستطع أن تحوز على موافقة الحكومات الأوربية في مجلس الأمن إبان غزوها للعراق، لا بل إن الحكومة الأسبانية التي فازت بالانتخابات بعد غزو العراق، سحبت قواتها التي كانت قد شاركت مع القوات الأمريكية في عملية الغزو، أما الشعوب الأوربية، فلا يشك أي إنسان يتمتع بشيء من الموضوعية، برفضها للحرب على العراق ودعم أمريكا لإسرائيل في تعاملها مع الفلسطينيين. أما القول باستجابة الشارع السوري للمتغيرات الدولية التي تسعى أمريكا لفرضها، فلا يفتقد للموضوعية فقط، وإنما يتصف بالظلم والبطلان، لأنه ليس هناك أي مجموعة اجتماعية ذات طابع تنظيمي، إلا وترفض المسار السياسي الذي تريد أمريكا فرضه على المنطقة، ناهيك عن رأي الشارع العادي، كما أنه ليس من المنطق بناء السياسة على ما يحدده الخارج من مسار لها، لأن ذلك معناه إلغاء لذاتنا لصالح من (يحدد) لنا مسارنا السياسي الذي قد يتغير ويتبدل بحيث يكون أحياناً متوحشاً وأحياناً أخرى أقل وحشية.
ثم كيف لنا أن نحدد ذلك المحدّد لسياسة المنطقة؟ فإذا كان هذا المحدد هو أمريكا كما يرى الكاتب، فإن أمريكا لم تستطع حتى الآن تحديد سياسة العراق وحده، رغم مقدرتها على تدميره، أما إذا اعتبرنا أصوات بعض الأفراد على أنها تمثل الشارع السوري فإننا نكون كمن يطلق على عشب البرية بأنه نبات الشوك. فلا يجوز أن نتحدث عن الشوك وكأنه عشب البرية كما لا يجوز أن نتحدث عن أصوات بعض الأفراد على أنها صوت الشعب السوري. وإذا كانت قوى التغيير في سوريا ضعيفة وهزيلة ومشتتة، وتفتقر لبرنامج الإجماع بالإضافة إلى خلل في الذهنية. فهذا يعني أنها غير جديرة بحمل اسم قوى التغيير، وبالتالي: هي بحاجة للوصاية، والوصي الوحيد في العالم هو أمريكا، التي تعرض أريحياتها على الشعوب فمن قبلها طوعاً أهدته لها (بالمجان)، وغيرت كل ما كانت تشتهي أن تغيره قوى التغيير الداخلي المصابة بخلل في الذهنية، ومن رفضها (منحته) إياها بالقوة وعليه تحمل التبعات، لذا يجب أن نفرق بين التغيير (الممنوح) للعراق والتغيير الذي قد(يوهب) لنا: إذا أن التغيير على الطريقة العراقية مستبعد، وأنا لا أعرف كيف يجب علي أن أفترض أن التغيير من الخارج لدينا قد يكون مختلفاً عن التغيير في العراق، إذا كانت قوى التغيير هذه المتمثلة في أمريكا (غير واضحة المعالم والأهداف والتوجه والمصداقية) – وصف الكاتب لقوى التغيير هذه بعدم الوضوح في بعض ما تتصف به ليغطي على الصفة الأقبح، وهي صفة الكذب وعدم المصداقية حيث أن الصفة الأخيرة ليست موضع خلاف بين اثنين – إلا أن كانت الكاتب رغم استبعاده التغيير على الطريقة العراقية، يعود ويخطئ الموقف (الحاد والمتشنج) من غزو العراق، رغم أنه كان خيار نسبة كبيرة من المجتمع العراقي، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تم استبعاد التغيير على الطريقة العراقية: إذا كان هذا الاستبعاد يتعارض مع خيار (نسبة كبيرة) من المجتمع السوري، قد تصل إلى المئات، أما تخطئه تخوين القوى العراقية التي (أتت على الدبابة الأمريكية ) لأن (هذا ليس من صلاحياتنا...بل هو خيار الشعب العراقي) فلا أعرف كيف أباح الكاتب لنفسه أن يقيم قوى التغيير الأمريكية بأنها غير واضحة المعالم والأهداف!، وحظر على غيره تقييم القوى العراقية التي أتت على الدبابة الأمريكية. أليس مثل هذا التقييم من صلاحيات المجتمع الأمريكي؟ أما انتقاله من القول: بأن التغيير على الطريقة العراقية كان خيار (نسبة كبيرة) من المجتمع العراقي إلى القول بأن ذلك التغيير كان (خيار الشعب العراقي) فهو انتقال من النسبي إلى المطلق، وهذا شأن كل من لديه أو ليس لديه وضوح في التوجه، حيث يضطر إلى التحويل الدلالي للألفاظ أو التراكيب اللغوية عن طريق الحذف أو الإضافة أو التبديل في الألفاظ. لذا، استبدل الكاتب عبارة (الشعب العراقي) بعبارة (نسبة كبيرة من المجتمع). حتى يعطي الشرعية التي يريدها للتغيير على الطريقة العراقية. أما القول بأنه ( لم تكن هناك قراءة واضحة وصحيحة للتغيير السياسي الأمريكي على مستوى المنطقة والعالم. بمعنى قراءة المصلحة الأمريكية في إحلال الديمقراطية في المنطقة بعد 11 أيلول... وضرورة إيجاد بدائل أكثر قدرة على استقرار المنطقة وأكثر عقلانية وديمقراطية من أجل مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، ولتخفيف حدة الكراهية لأمريكا وسياستها وتجنباً (للإرهاب) فهذا يعني أن الكاتب قد نسي ما قاله في البداية وهو أن (التغيير على الطريقة العراقية مستبعد) وأن قوى التغيير المتمثلة في أمريكا غير واضحة الأهداف والتوجه والمصداقية، لأن الوضع هنا أصبح معكوساً إذ إن عدم الوضوح والصحة لم يعودا من صفات السياسة الأمريكية، بل ألغى هاتين الصفتين عن السياسة الأمريكية وأضافهما لصفات القوى الوطنية، بعد أن كان قد وصف بهما قوى التغيير الأمريكية، وأصبحت أمريكا هنا واضحة الأهداف والتوجه والمصداقية فهي عقلانية وهدفها الديمقراطية، أما بخصوص اضطرار أمريكا لإيجاد بدائل عن أنظمة الاستبداد، فهل قصد أمريكا من ذلك هو تغيير هذه الأنظمة لقصورها الديمقراطي أم لأن تلك الأنظمة (المدعومة أمريكياً) قامت بكافة المهام التي أوكلت إليها؟ فإذا كان سبب التغيير هو القصور الديمقراطي، فقد كان الدعم الأمريكي لها رغم استبدادها وبعدها عن الديمقراطية، وإذا كان التغيير لسبب قيام تلك الأنظمة بكافة المهام التي أوكلت إليها أمريكياً، فيكون ما يحل في المنطقة الآن هو بسبب الإيكال الأمريكي لمهام العمل لتلك الأنظمة. إن المنطق يستدعي أن تكون الكراهية لأمريكا وسياستها في فترة دعمها لأنظمة الاستبداد أكثر منه في فترة محاولتها تفويضها لهذه الأنظمة، لأنه إذا كانت الشعوب تكره مستبديها فمن الطبيعي أن تكره داعميهم، غير أننا نرى العكس: إن كراهية أمريكا وسياستها كانت أقل في فترة دعم أنظمة الاستبداد وأصبحت الآن أكثر في ظل توجه أمريكا (لتفويض) تلك الأنظمة.
أليس هذا محير؟ وحتى نبدد حيرتنا يجب تفسير ذلك، وهل هناك من تفسير سوى أن الشعوب إذا كانت تكره أمريكا إبان دعمها لأنظمة الاستبداد، وحكمها لشعوب المنطقة بالواسطة بنسبة أقل، فمرد ذلك إلى أن قبح السياسة الأمريكية كان يمتص الحكام جزءاً منه، أما وأن تحاول أمريكا أن تحكم الشعوب أصالة فأمر طبيعي أن يتوحد فيها القبح كله، وهو يدل، على انه إن انطلت السياسة الأمريكية على (نسبة كبيرة من المجتمع السوري قد تعد بالعشرات) فلن تنطلي على المجتمع.



#أنور_خلوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أنور خلوف - وحدة المقصد