أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح1















المزيد.....

كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4970 - 2015 / 10 / 29 - 13:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة

كربلاء أسم تردد كثيرا على مسمع الإنسانية منذ عام 61 للهجرة ولهذا اليوم لارتباطه بواقعة الطف وثورة الإمام الحسين لاسترداد الألق المحمدي في رسالة الإسلام وصونها من التحريف وإعادة رسم مستقبل الدين الحنيف , وهذا لا يعني أن كربلاء الاسم والمسمى كان غائبا عن الحضور التأريخي قبل هذا اليوم ,فقد كانت تتردد على الأسماع ومن قديم الزمن تلك التسمية السامية والآرامية لها مثل (كرب إيل) أو (كربل إل) و (كرب إيلا ) وأيضا (كربلاتو) فقد وردت بهذه الصيغة أيضا عند ألآشوريين بعد ألأكديين وأخيرا اسم قريب من اللفظ المعاصر (كربله) حتى أنها ذكرت بالاسم الأعجمي لها كذلك حسب المصادر التأريخية الموثقة باسم ( كار _ بلا) بتضخيم الكاف ومد الألف , ولكن الغريب في الموضوع كله مدى أرتباط التسمية بالمعنى وبالحدث وامتدادا هذا الأمر إلى الواقعة التي جسدت المعنى وأشارت إليه كمصداق رئيس للمعنى .
كثيرا ما راودني سؤال منذ الصغر ,لماذا الله تعالى أختار كربلاء مكانا لاستشهاد الإمام الحسين ع وكل الأمكنة لها في عين الله منزلة واحدة فهي من مخلوقاتها ؟ , وبقى الجواب محتارا بين القبول اللا منجي من الحيرة من أن لله في أمره علة وسبب وبين أن في الأمر سر خفي لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم ,لم أقتنع دوما بمقولة أن الحسين بمكانته عند الله ومنزلته بين أولياءه وسيادته للشهداء قد شرف كربلاء لتكون علامة في تأريخ الإنسانية بدون سبب فقط حتى يكون لها ذكر بين الناس, وأكرر دوما مثلا لماذا لم تكن أرض طيبه أو مكة أو بيت المقدس من أرض الشام أو اليمن المباركة أو حتى مصر كنانة الله ,هناك علل وخفايا دقيقة على الإنسان لن يدركها بوعيه المستنبط والمسترشد من تأريخ المكان وسيرورته وصولا إلى ما يربط العلة بالمعلول والسبب بما جعله سبب ,حتى أكتشفت سرا أو لنقل حقيقة غيبها الجهل والخرافة والتحريف تتعلق بكون كربلاء بالأصل هي حرم الله ومصلى أول الأنبياء وأبوهم إبراهيم وفيه عبد الله الواحد الأحد لأول مرة في التأريخ بعد الطوفان ليتهيأ مرة أخرى نبيا ورسولا يرفع القواعد من البيت العتيق الذي جعله الله للناس مثابا ومحجا .
لم يكن أخبار رسول الله محمد صل الله عليه وأله وسلم للناس عامة ولسبطه خاصة أنه سيذبح في أرض تسمى كربلاء بين صف من الموحدين الذي لولاهم لما عاد التوحيد كما أراده الله أن يكون دينا للإنسانية مجرد رواية غيبية تشير لمكان غريب فقط دون دلالات مهمة وجوهرية تتعلق بالمكان أصلا ,فهو أي الرسول ص لم يشر لها على أنها مثلا العراق أو الطفوف أو نينوى أو النواويس بل أشار إلى كربلا تحديدا بدون همزه وهذا هو أسمها العربي الصحيح والصريح قبل أن يتدخل الشعراء والأدباء ليضيفوا لها الهمزة ,ولا عن فحوى قصة البحث عن تسمية كل مكان ينزله الإمام عليه السلام وهو يسأل ما أسم هذه الأرض ,وهو عالم بها إلا إشارة وتنبيه أنه موعود لأن يعود إلى نقطة البداية التي حددها جده الأكبر إبراهيم الخليل لإعلان ديانة التوحيد للرب الواحد الأحد بعد الطوفان وبدء البشرية عصر الديانات الإبراهمية .
ما جرى بالصورة التي يوردها الناظر للحدث بعين البصيرة والعقل ما هو إلا تأكيدا أيضا لإشارة الرسول ص الأولى بالذبح وكأنما يريد أن يربط القضية بصورة أعظم من حيث الحدث والأشخاص وخاصة في موضوعين مهمين الأولى قضية إعلان التوحيد من قبل إبراهيم ومحاولة قومه أغتياله بالنار بعد أمر حاكم الناس أن يرمى فيها لأنه أهان ألهتهم وكسر أصنامهم , والقضية الثانية تتبلور في قضية الفداء والتضحية في سبيل المبدأ والهجرة من كربلا القديمة حرم الله إلى مكة بيت الناس الأول وبيت الرب العتيق والتي أكتملت اليوم بالعودة من مكة تلك التي أقام قواعدها جديه إبراهيم وإسماعيل والعودة بهما لكربلاء ,أعلانا لانتصار إبراهيم ورب إبراهيم على الشيطان وأتباعه وأنتصار العقل على السيف كما هو أنتصار الحياة على الموت بالخلود الأبدي ,فلما حل بها وأناخ رحله قال أنها أرض كرب وبلاء لا بمعنى ما يفسره لنا أهل اللغة والموروث من أنها ذم وإشارة للذبح والموت والدم , بل إشارة للكرب التي تعني الحرم أو المصلى كما يأت لاحقا وبلاء أي بـ إل التي تعني باللغة الآرامية والسامية القديمة الله أو الأعلى .
نعم الآن فهمت لماذا أختار الله الحسين ع السلام لإعلان أنتصاره في كربلاء ولماذا أختار كربلا للحسن عليه السلام لإعلان أنتصاره ,إنها إرادة الله في تحريك العقل البشري وتذكيره دوما أن العبث والبطر واللا إبالية لم تكن في يوم من الأيام ولا في لحظة من لحظات الوجود جزء من منهج الله في ترتيب الوجود وصيرورته وكذلك في سيرورته , إنها السنة الكونية المحكمة (سبحانك ربنا ما خلقت هذا عبثا )والجعل منه أيضا محكوم بذات النسق المحكم والنمط المترابط بين الدلالات والإشارات والمفاهيم ,لم يجعل الله أمره مع الحسين خاضعا لاختيار بشري أو لاختيار بدون معنى ,إنه أراد أن يرسم صورة البدء بالنهاية أو البدء الأول بالبداية التي تعيد توازن الأمور مجددا كي لا تنفلت من إطارها المحكم بتوازن بين إرادة البشر في الطاعة وإرادته بدونها ,لكن ما يستحكم النتائج ليس تلك الإرادات الفردية بل جزاء الله وترتيبه الخاص لأدق التفاصيل , لقد كانت كربلاء حرم الله موعودة أن تكون حرم الله ليوم الدين ولكن من خلال إبراهيم ع السلام والحسين بعده وبعد حين .

كربلا في التأريخ

وبالعودة للتأريخ السامي بشقيه القريب والبعيد أي السومري أولا والبابلي والأشوري لاحقا وما تركه من أثار لغوية مهمة وجذور لسانية أسست وأمتدت لتتحول إلى لغة أهل العراق وشمال الجزيرة العربية فيما بعد حسب رأي علماء اللغة نجد أن كل المعاني التي ذكرها المؤرخون ترتبط بالكلمتين (إيل و إل )وكلاهما يعبران عن معنى الإله أو تشير إليه تحديدا وتخصيصا دون كلمة الرب مثلا أو حتى الكلمة المتطورة من إل وهي لفظ الجلالة الله ,لذا يقول في هذا الصدد الدكتور أحمد سوسة « إن حضارة الساميين القديمة في مجال الديانات السماوية وبخاصة عقيدة التوحيد (وحدانية ألإله وعبادة الواحد) ، فقد كان الكنعانيون أول من نطق باسم الله خالق السماوات والأرض ، وكان يعرف باسم «ايل أو ألإل » ومع تحفظنا على كون الكنعانيون هم أول من نطق باسم الله كاملا منحوتا من إل ,لأن من المعلوم لدى الجميع وكذلك في ما أوردته الديانات السماوية إن أول من نطق باسم الله خالق السماوات والأرض ، وهو ألإله الواحد ، ودعا إلى التوحيد هو النبي إبراهيم الخليل (ع) وفي العراق بالذات ، مما سببت له هذه الدعوة محاولة حرقه كما هو وراد في قصته القرآنية،التي مهدت لهجرته إلى الشام وإلتقاءه بالكنعانيين حسب الرواية التوراتية التي نتحفظ عليها كثيرا ، كما إن ديانة إبراهيم الخليل تسبق عهد موسى واليهود والمسيح والنبي محمد (عليهم السلام).
لذا فمن المؤكد أن تأثيرات التوحيد التي تركها إبراهيم أو عرفها العراقيين قبله وخاصة في بابل المجاورة لكرب إل أو كرب إيل وما تعنيه في اللهجات القديمة من أنها محل عبادة الله أو حرم الله , تحولت كربلاء مقرا للعبادة وخاصة عبادة التوحيد فلا بد لنا أن نتطرق إلى الجذر ألأول لهذه الديانة وعلاقتها بهذه القرية القديمة ,مثلا الدكتور مصطفى جواد رحمه الله الذي كثيرا ما يميل إلى ألأخذ بتفسير ألأب اللغوي أنستاس ماري الكرملي (( الذي فسر كربلاء بأنها منحوتة من كلمتين « كرب » التي تعني مصلى أو حرم باللغة ألآرامية ، و (ال) الذي معناه (ألإله) عند ألآراميين الساميين ، وبذلك تكون لفظة كربلاء محرفة عن كلمتي (كرب ـ ال) ومعناه حرم ألإله)) ,وبهذا تتميز كرب إل عن باب إل أو باب إيل المجاورة من أن الأولى حرم مقدس للإله ,أما الثانية فكان الباب أو محل سكنى كهنة الإله كما جاء بالتفاسير اللغوية ,وبهذا يمكننا أن نتلمس فكرة مهمة تتعلق بحركة الحسين وخروجه من المدينة إلى مكة ومنها إلى كربلاء بدل أن يخرج مباشرة من المدينة لأنه أراد أن يخرج من بيت الله الأول الذي وضع للناس إلى حرم الله الذي تعبد فيه إبراهيم أول مرة , فهو في رحلة تاريخية تمتد على طول وعرض مبدأ التوحيد بشقيه الإبراهيمي وما قبل الإبراهيمي .
ومن الجدير بالذكر أن تأريخ وجغرافية كربلاء القرية التي أعلنت عبادة الله الواحد الأحد مبكرا وبريادة لم تسبقها مدينة أو قرية أو مكان أستمر على منهج التوحيد ليومنا هذا ,لذا أتخذت حرما لله في زمن النبي إبراهيم ع قبل أن يؤمر بإقامة القواعد من البيت العتيق كانت على رأي العلامة الدكتور أحمد سوسة منطلق ومركز التوحيد الفعلي بعيدا عن مفاهيم التعددية العبادية والوثنية الجاهلية التي كانت تسود مناطق واسعة من العالم القديم بما فيه العراق التأريخي ((ومن المعلوم إن قرية كربلاء القديمة كانت ترتبط برستاق نينوى من طسوج مدينة سورا التي تجاور مدينة بورسيبا (برس) تقريبا وتقعان على نهر الفرات ، وكان النبي ابراهيم الخليل (ع) قد ظهر فيها وكذلك في مدينة سورا والفلوجة السفلى « الكفل وما جاورها ». وهذه المناطق الثلاث متجاورة وأصبحت المساحة التي تنقل فيها النبي (ع) بما فيها حدود مدينة النجف الحالية لنشر دينه الذي يعتمد على وحدانية ألإله الواحد ألأحد ، قبل أن ينتقل إلى الشام )) .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام جدتي وفلسفة الفقر _ مقدمة ديوان فقراء حالمون
- كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح2
- حكايات الصباح ... والجدة البعيدة 2
- حكايات الصباح ... والجدة البعيدة
- السياسة الأمريكية في مواجهة داعش : بقاء التوازن لتوازن البقا ...
- السياسة الأمريكية في مواجهة داعش : بقاء التوازن لتوازن البقا ...
- السياسة الأمريكية في مواجهة داعش : بقاء التوازن لتوازن البقا ...
- طريقة التفكير في النص الديني ..بين الحاجة والتجربة
- حوار في عالم الكاتب والكتابة ح2
- حوار في عالم الكاتب والكتابة ح1
- قواعد الجزاء في النص القرآني لمن لا يؤمن بالله والدين
- حروف الموسيقى وأغنية قديمة
- مسارات العمل الجماهيري ومستقبل السلطة في العراق
- مثقفو خارج الدائرة الفكرية تحت مطرقة النقد
- المدنيون ومستقبل الحراك الجماهيري
- الكاتب الحداثوي ومهمات أكتشاف المعيارية الإبداعية
- المسرح هو الإنسان وليس المكان , مقدمة رواية ( ملك لا يبلى )
- الأخلاق والدين ووظيفة تفسير أشكاليات الوجود
- رؤية عراقية في الإصلاح
- الإنسان حين يكون إشكالية ح1


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح1