أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - إبراهيم الجبين - دم فلسطيني أبيض في شعر رائد وحش: محاولة جريئة لتصحيح الغلط














المزيد.....

دم فلسطيني أبيض في شعر رائد وحش: محاولة جريئة لتصحيح الغلط


إبراهيم الجبين

الحوار المتمدن-العدد: 1361 - 2005 / 10 / 28 - 12:17
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


"ليل نهار/ ليل نهار/ أطرق بابكَ الحديدَ بالتياع من يموت/ وأنت تسمع اهتزاز الباب/ غير آبه/ بما يدور خارج الأسوار"، يكتب الشاعر الفلسطيني الشاب رائد وحش في مجموعته الأولى، اللافتة، "دم ابيض". وهو اذ يطرق باب القصيدة، يبدو فعلا غير آبه بما يجري خارج اسوارها، مأخوذاً فيها حتى آخر نقطة من دمها، مساهماً في بناء نص فلسطيني جديد، مختلف، "أناني" في المعنى الجميل للأنانية، و"ثائر" على طريقته.

ليس خاطئا ان نقول إن تجربة الشعر الفلسطيني ملتبسة ومعقدة وغير واضحة منذ منتصف القرن الماضي حتى الآن، مع أن كثيراً من الكلام قيل عن تألق المناخات الشعرية التي صنعت لغات مختلفة في المرحلة المذكورة، مثل لغة توفيق زياد ولغة فدوى طوقان ولغة محمود درويش أو سميح القاسم وغيرهم. لكن ماذا يعني أن يكتب شاعر فلسطيني "عكس" محمود درويش، أو على الأقل عكس "الكليشيه" الملصق بشعر محمود درويش، اي شعر المقاومة؟ ماذا لو لم يكن هذا الشاعر الفلسطيني ميالاً للكتابة عن الأرض والحق والمنفى والغريب والقضية وهوية العربي؟

رائد وحش واحد ممن لم يعيشوا فوران الشعر الفلسطيني الثوري، ذي النفس المتقد. في مجموعته هذه، الصادرة حديثا عن "دار التكوين" في دمشق، يبدو هذا الشاعر الذي لا يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر، كأنه يحاول تأكيد أهمية المجانية في القصيدة، ولعبة صناعة العبارة وتكوين الصورة والأداء اللغوي. واذ يفعل ذلك، يقدّم نموذجا ناجحا عن المشهد الشعري الفلسطيني الجديد في قصائد ديوانه الست عشرة. "لستُ شخصاً مهماً/ كثيرون مثلي يذوبون كالجمر في الماء"، هو يقول في قصيدة "صندوق فرناندو بيسوا"، عاكساً خيبة جيل وآلامه "الخاصة"، فتعود معه القصيدة إلى تحررها من مشكلات التاريخ العام وعقده، ليطغى على روحها التاريخ الشخصي، الحميم.

رائد وحش يعيش في سوريا، ولطالما كانت مشكلة الشعراء الفلسطينيين المقيمين في سوريا أن الحاجة إلى رفع "العيار" والنبرة تخيّم عموما على نصوصهم ليعلو صوتهم فوق أصوات الآخرين، غير الفلسطينيين. لذا ظهرت على مر العقود الأخيرة كتابات شعرية وروائية فلسطينية لا يمكن قراءتها كأشكال مستمرة ولا متجددة، بل فقط كنصوص تصنع الواقع "الإنشائي" للثقافة الفلسطينية، أي الواقع الذي تعيشه المجموعات الفلسطينية في متاهات الدول التي لجأت إليها. على العكس مما جرى في لبنان حيث تم إنتاج نص آخر، مختلف، قد يكون ابلغ تعبير عنه نص الشاعر سامر ابو هواش مثلا، المتحرر من عنوان عريض هو: "هنا يوجد شعر فلسطيني". ما خاضته الكتابة الخلاقة الفلسطينية في سوريا معقد للغاية، ويستند في غالبية مراحله إلى تجربة المعاناة المرّة، ومن غير المبالغ القول إنه لم يكن "يُسمح" لشاعر فلسطيني يعيش في سوريا – أو على الصح لم يكن هو يسمح لنفسه - بسوى الكتابة عن الرصاص والضفة والكوفية والزيتون. لكن رائد وحش لم يستسلم لتلك "الغواية"، أو لنقل إنه أطلق سراح قصيدته وأنقذها من "لعنة" النص الواحد، من ذلك القميص القدري الضيق. "أكتب كي أتأمّل... كي أتحوّل"، يقول وحش، ويمكن العثور على تحرر كامل للنص من عقدة الكتابة النضالية في صفحات "دم أبيض".

تتركب عوالم النص الشعري من أجزاء مختلفة وغير متجانسة لكنها متكاملة كالبازل، فتتحول مثلا بيئة جرداء مثل خان الشيح، إحدى القرى جنوب دمشق، إلى هارلم، وتصير تماثيل مهملة في شوارع العاصمة قطعا مذهلة في برك الماء في الساحات في مكان ما من العالم. انها قصيدة التفاصيل التي تجاهد اللغة الفلسطينية لبلوغها: "لم أنتبه للخطأ/ كان فنجان القهوة بجانب المحبرة/ وفي ذروة الاستغراق مددت يدي/ لآخذ رشفة/ عند القطرة الأخيرة من الحبر/ حاولت تصحيح الغلط/ غمست القلم في الفنجان".

لا شك في أن عثرات الكتاب الأول موجودة في "دم ابيض"، لكنها غير فادحة ولا تشير إلى نفسها، تاركة لذهن القارئ أن يتصور الكثير عن عناء كتابة نص يحاول الخروج من قيود التقاليد الشعرية الطالع منها، ليقول إن هناك "شيئا آخر" يقدّمه، وحيوات اخرى يقدّمها الموت الفلسطيني.



#إبراهيم_الجبين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمس وسبعون على ولادة الآنسة مار?ل
- ماذا لو كان تيسير علوني إسرائيلياً ؟
- لماذا لا يوجد (جدل) في دمشق؟
- زكريا تامر لم يشتر بيتاً في دمشق لأنه لم يعثر عليها
- البحث عن بني أمية في سوريا الأسد
- أن تكون من أقليات سوريا 2005
- أخلاق العبيد في سوريا الحديثة
- من السوري إبراهيم الجبين إلى السوري بشار الأسد
- لن يكون هناك هيئة لاجتثاث البعث في سوريا ..فاطمئنوا


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - إبراهيم الجبين - دم فلسطيني أبيض في شعر رائد وحش: محاولة جريئة لتصحيح الغلط