أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مصطفى اسماعيل - إعلان دمشق .. ثغرات وأخطاء وسوء نية















المزيد.....

إعلان دمشق .. ثغرات وأخطاء وسوء نية


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 1360 - 2005 / 10 / 27 - 12:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


للمرة الأولى يصدر بيان بهذه القوة من الداخل السوري بعدما أقتصر فيما مضى على المعارضة السورية في الخارج .
إعلان دمشق . إعلان قوي , ويرسم الخطوط العريضة لسوريا الغد . سوريا الديمقراطية والحريات , وهو الإعلان التوفيقي الأول ما بين علمانية النخبة وإسلامية الأكثرية السورية , وإن كان خطباً لودّ الإخوان المسلمين الذين باركوه على عجل وانضموا إليه , وهو إعلان يبحث عن أجوبة راهنة للإشكالات المتعملقة والأسئلة المتعملقة التي تصادر الوجود السوري بكل مكوناته في إطار حوار جمعي.
ينطلق الإعلان في مشروعه الطموح لبناء سوريا الغد , والتحول بها من دولة بوليسية إلى دولة حديثة / دولة التعين القانوني والمؤسساتي من عقلانية سياسية لقوى مهمشة ومتباينة التكوين , ومن منطق التكامل الاجتماعي والبناء الوطني والمؤسساتي الذي يرى إلى الدولة بمثابتها الصنيعة البارة بالمجتمع لا قوة مفروضة من فوق على المجتمع .
ولكن صائغي إعلان دمشق لا يوضحون لنا ما هي تلك الأخطار التي لم تشهدها سوريا من قبل , ومعلوم لكل مطلع أن سوريا كانت ومنذ الجلاء عرضة للتجاذبات ولا سيما الإقليمي المخفور بالدولي منها .
ثم هل سياسات البعث ومنذ 1963 تؤتي أكلها السلبي والآن فقط , أم أن عقلية الإقصاء السلطوية تمارس توجيهها للحياة السياسية الداخلية على شكل نمطي إستبعادي منذ عقود ولم تتضح وتظهر للعيان إلا بعد أن حشرت سوريا وسياساتها تحت المجهر الدولي في أعقاب اغتيال الحريري .
وما مبرر التركيز على الإسلام وأنه دين الأكثرية السورية والمكوّن الثقافي الأبرز في حياة الأمة من قبل قوى تعرف على الساحة السورية على أنها علمانية . ألا يمكننا اعتبار ذلك بمثابة استدراج للإخوان المسلمين وتبركاً بقوتهم الجماهيرية لإضفاء شرعية على الإعلان .
ثم لماذا خصّ الإعلان العرب بالحضارة , والمكونات القومية الأخرى لسورية بالثقافة. أليس في ذلك ابتعاداً عن الواقع وتنصلاً منه , فحين كانت حضارات الشعوب والقوميات الأخرى الموجودة الآن ضمن السياج السوري تضرب جذورها في أعماق جغرافية المنطقة وثقافتها وتاريخها لم يك العرب حينها قد قطعوا الهلال الخصيب شمالاً من جزيرتهم العربية , ويعلمنا التاريخ أن الحضارات التي كانت في سوريا قبل آلاف السنين لم تك عربية بأي حال من الأحوال , وكان يفترض بالإعلان أن يحوّر مقولاته في صياغة أخرى جديرة بالاحترام والتقبل , فتستبدل " حضارتنا العربية " بـ " ثقافتنا العربية " وتستبدل " الثقافات التاريخية الوطنية الأخرى " بـ " الحضارات التاريخية الوطنية الأخرى " .
ثم يشير الإعلان إلى أنه " ليس لأي حزب أو تيار حق الادعاء بدور استثنائي وليس لأحد الحق في نبذ الآخر واضطهاده وسلبه حقه في الوجود والتعبير الحر والمشاركة في الوطن " . والمتابع لمخاض الإعلان يلحظ النبذ والإقصاء وتهميش قوى لها دور في الساحة السياسية المعارضة . مثلاً .. لم يشرك صائغو الإعلان قوى كردية في مداولاته قبل الخروج علينا بالإعلان المليء بالتناقضات , فهو من خلال بعض نصوصه كان على شراكة مخفية ببعض المعارضة السورية في الخارج . الحين الذي تم استبعاد قوى أخرى في الداخل مثل : الاتحاد الديمقراطي ( الكردي ) وتيار المستقبل الكردي و يكيتي الكردي وآزادي الكردي الذي كان لتحفظه السديد دور في إخراجه من فردوس الإعلان !!!.
ويعجُّ مُتخيلُ صائغي الإعلان بأفكار الديمقراطية ودولة المؤسسات وبناء الانتماء إلى الدولة الجديدة المرتقبة على المواطنة واحترام التعددية وسيادة القانون , ولا نفهم نحن البسطاء الذين نقرأ الإعلان علاقة هذه المفاهيم المتفرنجة والحداثية القائمة على العقلانية والعلمانية بإدراج نصٍّ يشدد على التهافت على الأدلوجة الإسلاموية ( أدلوجة الإخوان ) , وكان يفترض في الإعلان ألا يقارب هكذا مسائل إشكالية ليأتي خالياً من أي نصٍّ يشدد على طائفية المجتمع السوري والعزف على أوتاره الأمر الذي يفتح الأبواب على مصاريعها أمام قلق أنصار الديانات الأخرى في المجتمع / المجتمعات السورية , فالإعلان لا يشير إلى المسيحية واليهودية واليزيدية لأن تلكم الديانات ليس لها حزب سياسي كبير كالإخوان المسلمين .
ويشير الإعلان إلى " بناء دولة حديثة , يقوم نظامها السياسي على عقد اجتماعي جديد " , وبتحليل جذور الخطاب نكتشف أن هنالك عقداً اجتماعياً في سوريا يراد إحلال عقد اجتماعي آخر بديلاً له, وهذا خطأ .
إذ أن في سوريا نظاماً أمنياً ونظاماً أحادياً قائماً على فكرة الحزب الواحد بنص الدستور في المادة الثامنة يمارس وصاية على سوريا بمكوناتها كافة , وحولت سوريا إلى نواة دولة ( تجاوزاً ) قبل وطنية . متقلصة إلى جهاز إداري مغلق أكثر منها ممثلة للمجتمع , وأدت مركزيته الأمنية المفرطة إلى تحطيم وتكسير المجتمع السوري أكثر من بناءه منتجة نموذج دولة مشوهة وممسوخة .
وفي الدولة التي تتمخض عن الديمقراطية والعقد الاجتماعي الجديد يغيب اصطلاح " السلطة " الذي كرره الإعلان مراراً إذ يكون هنالك مجتمع سياسي أو كائن سياسي أو هيئة سيادية , وهذا المجتمع السياسي أو الكائن السياسي أو الهيئة السيادية تتسم بالاستقلال والحياد إزاء الجميع لذا وجب على الموقعين استبدال مفهومة السلطة الواردة في نص الإعلان بمفهومة أخرى كـ " المجتمع السياسي " أو " الكائن السياسي " , ووجب كذلكم الأمر التخلص من النص الذي يشير إلى الثقافة الإسلامية ودور الدين الإسلامي , فالدولة الليبرالية المرتقبة لم تتبلور في أوروبا إلا مع تحرر السياسة من العلاقات الدينية وتجلياتها . وإلا استمرت الدولة بمثابتها أيديولوجيا فوقية اكليروسية , ودولة إكراه نابذة للحداثة والتقدم .
إن مقولة العقد الاجتماعي الروسوية تقودنا إلى الدولة العلمانية الحديثة , فلماذا هذا الخلط بين العلمانية والبعد الديني الذي سيحول الدولة إلى نسق آخر ورتابة تأخرية أخرى .
أما فيما يتعلق بالنص المتطرق إلى القضية الكردية فهو مشوب بالالتباس والغموض لجهة أن رؤيتهم للحل العادل للقضية الكردية جاءت قاصرة ومبتسرة وناقصة ولا تفي بالمطلوب كردياً , فالحل العادل الديمقراطي للقضية الكردية حصر بالمساواة التامة مع بقية السوريين من حيث الجنسية والثقافة وتعلم اللغة القومية وبقية الحقوق الأخرى , ولا يتطرق الإعلان البتة إلى مصطلحي " القومية الكردية في سوريا " و " الشعب الكردي في سوريا " وكأن القضية الكردية هي قضية مئتي ألف مجرد من الجنسية منذ بدايات الستينيات .
فإذا كانت القضية الكردية في سوريا هي قضية التجريد من الجنسية والبحث عن المواطنة الكاملة ( مواطنة النخب الأول ) فما كان مبرر إنشاء الكرد للأحزاب السياسية والجمعيات السياسية والثقافية قبل تاريخ التجريد من الجنسية , وإذا افترضنا جدلاً أن منظومة الحقوق الدستورية والسياسية والاجتماعية والقانونية الواردة في نص الإعلان تمثل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في سوريا , فلماذا تقديم حقوق الجنسية والثقافة عليها في نص الإعلان , وما هو مبرر ذكر حقوق الجنسية والثقافة ما دام الإعلان تحدث عن منظومة الحقوق أعلاه , ولماذا تجزئة الحقوق الكردية ما دام الحق الكردي واحداً لا يتجزأ . هذا يوضح ولا ريب التلعثم والتخبط والارتباك فيما يخص القضية الكردية في ذهنية الذين قاموا بإعداد الإعلان ووقعوا عليه وأشرفوا على إخراجه وتصديره .
يتوجب على الأحزاب الكردية المطالبة بتعديل النص المتعلق بالكرد في الإعلان وإزالة اللبس والغموض عنه ليأتي مفهوماً للشارع الكردي لئلا نضطر مستقبلاً إلى حشد مؤلفات الجرجاني والزمخشري ولسان العرب لتوضيح المقصود من كل كلمة ومن كل جملة , فمثلاً قد يتم تأويل مقولة الحقوق السياسية الكردية مستقبلاً ومن قبل أحزاب التجمع أو غيرها على أنه التمتع بحق التصويت للمرشحين في المجالس البلدية وقد يكون المقصود بها الحق في حكم ذاتي في الشمال بتأويل الأحزاب الكردية حينها , وهذا مثال على ما يمكن أن تحمله كل كلمة أو جملة من دلالات مفتوحة على التأويل والتفسير والقراءات المتعددة وذلك بحسب آليات المد والجزر السياسية في كل مجتمع دخل معترك الحراك السياسي , ومثال كردستان كإقليم في جارنا العراق بالغ الدلالة في هذا الصدد , فبعد اتفاق أطياف المعارضة العراقية في لندن وفيينا وصلاح الدين على حق الكرد في الفيدرالية بدأوا بالتراجع والانفضاض عن وعودهم وتواقيعهم السابقة بعد أن تحرر العراق ولا يزال ملف كركوك وملفات أخرى ليست أقل أهمية تنتظر الحل .
في ضوء ذلك هل يمكن الوثوق بأحزاب التجمع والإخوان والأحزاب الأخرى التي تقاطرت على التوقيع ولها مطلق الحق في ذلك إذ أن الإعلان يصبُّ في مصلحتها أكثر من مصلحة الأحزاب الكردية ومن خلفها الشعب الكردي .
على الأحزاب الكردية الموقعة وغير الموقعة المطالبة بإعادة النظر في الكثير من النقاط المليئة بالثغرات والأخطاء والتناقضات لمصلحة قضيتهم العادلة واحتراماً لشعبهم الكردي الذي أضاف ثقلاً نوعياً وهائلاً إليهم عبر أحداث القامشلي وكوباني وعفرين 2004 ولاحقاً إثر اغتيال الخزنوي 2005 .
فمعروف للجميع ولأحزاب التجمع قبل غيرها أن القوى الوحيدة القادرة على التظاهر والاعتصام وقيادة الجماهير هي هذه الأحزاب الكردية , ومعروف أيضاً أن القاعدة الجماهيرية لأحزاب مثل يكيتي وآزادي والاتحاد الديمقراطي في مدينة مثل كوباني وحدها تعادل قواعد أحزاب التجمع في سوريا قاطبة , فلماذا الامتثال لبيانات وإعلانات لا تروي ظمأ الحد الأدنى من اليقين الكردي .
ونقول للأحزاب الكردية الموقعة على الإعلان ماذا فعل بكم الشعب الكردي حتى تبيعوا قضيته في سوق النخاسة المعارضاتي السوري وتتحولوا إلى عبيد بررة للثقافة الإسلامية وتتمددوا تحت ظلال حضارتهم العربية .



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا بد من الثورة الثقافية في تركيا
- جوهر الأحزاب الكردية في سوريا
- كوباني وتجديفات الاعلام السوري
- ثوريون يرحلون قبل موسم القطاف
- هذيانات تركيا
- الفكر القومي العربي المفترس والانبطاحي
- ثقافة الورد وحضارة الكلاب المفخخة
- محاربة العرب السوريين للحقيقة الكوردية وأوهام الأخوة العربية ...
- شعوب دول الشمال وقطعان دول الجنوب
- آغوات الأحزاب الكردية وتفعيل الحرملك العثماني
- الدغدغات الصحافية العربية للحقائق الكردية
- الولادة الكوردية الجديدة بعد كل ذلك الشقاء
- الشعب الكردي ما بعد اغتيال الخزنوي .. تظاهرات مقدامة وأحزاب ...
- المؤتمر العاشر التكريسي لسلطة البعث
- الشيخ الخزنوي وضريبة التفكير في زمن التكفير
- الماركسية حية ترزق والمطلوب هو تجديد المشروع الاشتراكي
- الثعلب التركي ومثقفو الحقيقة
- ملاحظات حول علاقة الأكراد بالدراسات الاستشراقية
- (الثقافة الكردية .. غياب النقد وتفاقم ظاهرة التقديس (التعامل ...
- فيلم الكيلومتر صفر وحصان المؤامرة العربي


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مصطفى اسماعيل - إعلان دمشق .. ثغرات وأخطاء وسوء نية