أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - وهم الذبح الحلال















المزيد.....

وهم الذبح الحلال


أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)


الحوار المتمدن-العدد: 4963 - 2015 / 10 / 22 - 21:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وهم الذبح الحلال

يقول الله عزل وجل في كتابه الكريم }حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } سورة المائدة الآية رقم 3.

بعيدآ عن أساطير الأولين وتفاسير الأقدمين وأوهام الأخيرين الذين مر كثير منهم على هذه الآية مرور الكرام يتوارثون تفاسيرها الظاهرة وفقآ لثقافات مجتمعاتهم وأحوال زمانهم ، دونما ادراك لحقائق مجيدة كامنة في هذه الآية العظيمة تؤسس لقيم الشفقة والرحمة بالحيوان واحترام لحقوقه قبل أن تظهر هذه الجماعات الكريمة والفاضلة المعنية بحقوق الحيوان بقرون طويلة .

فالآية على وضوحها الظاهر وبلفظها البائن الذي أبى كثيرون فهمه الا على واقعهم وظرف حالهم وأبى من أتى بعدهم الا أن يستحضروا واقع وفكر الأولين في تأسيس وبناء واقع اللاحقين شأنهم في ذلك شأن تفسيراتهم لكثير جدآ من آيات الذكر الحكيم .

فما أنتجوا الا واقعآ شُوهت في قيم الرحمة واغتيلت فيه مبادئ العطف والرأفة بسكاكين وخناجر الغلظة والجفاء حملتها أيادي جرت فيها دماء الشدة والقسوة مروية بفكر يرفض أن ينظر برحمة لواقع جديد أفرز رحمة مهداة من الله عز وجل للانسان والحيوان حينما مكن الانسان من اكتشاف المخدر على يد الراحل العظيم وليام مورتون عام 1846 م ، والذي يمكن أن يغيب به الانسان والحيوان عن الوعي لحين اجراء عملية جراحية أو للقيام بالذبح في حال الحيوان .

ان الله سبحانه وتعالى يوضح في هذه الآية الكريمة أن المحرم على الذين آمنوا هي الميتة ، والميتة هنا هي الجيفة لأن الحيوان نفسه بعد أن يتم ذبحه ولو بالطريقة التي يسمونها الذبح الحلال (وما هي بحلال لما تطويه من قسوة وغلظة وتعذيب) أضحى ميتة فكيف يتم أكل لحمه لو لم يكن المقصود هو الجيفة ، فالجيفة أي الحيوان الذي مات وتنتنت جثته وخرجت منها الرائحة الكريهمة بعد أن أصبحت جثته موطنآ للبكتيريا والفيروسات وديدان الأرض فأصبح تناول لحمه على هذا الحال يحمل عظيم الخطر لصحة وحياة الانسان ، وحرم الله تعالى كذلك الدم حيث كانوا يشربون الدم المسفوح في ذاك الوقت ولازالت بعض البشر في بعض الثقافات يفعلون ذلك كما في قبائل بودي في أثيوبيا وايبان في ماليزيا وغيرهما من عدد من قبائل الأمازون وأفريقيا وآسيا وكانت هذه العادة المقيتة والضارة جدآ متواجدة في الجزيرة العربية في ذاك الوقت ، واستمر الله تعالى كذلك في تحريمه للحم الخنزير .

وما أهل لغير الله به أي الحيوان الذي يذبح قربانآ للأصنام والأوثان (آلهة غيبية ليست لها صورة على هيئة حجر أو خشب أو معدن كالأصنام) ، وهو ما يتشابه في وضعه مع تحريم تناول المذبوح على النصب وهي حجارة مقدسة عند أهل الجاهلية كانوا يتبركون بها ويذبحون عليها ذبائحهم ، وذلك في اطار محاربة الله تعالى للوثنية وطقوسها البغيضة بما يرفع من شأن وكرامة الانسان ونقاء عقله وضميره .

أما قوله تعالى والمنخنقة أي يتم خنقها حتى الموت والموقوذة أي التي يتم ضربها على رأسها بقطعة صلبة لحين موتها ، والمتردية أي التي سقطت من مكان علي الى الهاوية ، والنطيحة أي التي تناطحت مع حيوان آخر فماتت ، وما أكل السبع أي التي هجم عليها السبع وقتلها وشرع في تناول لحمها أو حتى انتهى من تناول لحمها وكانت بها بقية باقية من اللحم ، فهذا التحديد انما يعني أن الله سبحانه وتعالى يحرم علينا تلك المسابقات التي كانت تتم ويتم فيها مصارعة الحيوانات لبعضها البعض أو طريقة القتل القاسية التي كانت تتم لهذه الحيوانات بغية لحومها .
وهذا يمكننا من بناء تصور لطرق من طرق التعامل مع الحيوان في ذلك الوقت الذي نزلت في هذه الآية الكريمة ، وان كانت هناك طرق أخرى متعددة لقتل الحيوانات تتبعها ثقافات أخرى لم تكن موجودة في الجزيرة العربية في ذلك الوقت كالحرق مثلآ كما يتم في الفلبين ولازال للأسف في منغوليا يتم عمل فتحة في الحيوان ويتم الضغط على قلبه على مراحل يتألم فيها الحيوان حتى موته وغيرهما من الثقافات التي تعذب الحيوان حتى تمام قتله .

فهذا التحديد بالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة لا معنى له طالما قال تعالى في بداية الآية حرمت عليكم الميتة ، فكلمة الميتة كلمة عامة فاذا كان الحيوان ميتآ أصلآ وأضحى جيفة فلا يعنينا هنا كيف مات لأن الميتة محرمة علينا على اطلاقها فلم هذا التحديد التفصيلي (وان لم يكن اجماليآ ولو بشكل ظاهر وذلك لتعدد طرق القتل الغير الرحيم للحيوانات على اختلاف الأزمنة والأمكنة) وعليه فانه لابد أن يُفهم من الآية ومن وراء هذا التحديد أن الله سبحانه وتعالى يؤسس لقانون حماية حقوق الحيوان وأن الرحمة لايجب أبدآ أن تقتصر على الانسان وانما تمتد للحيوان بل وللنبات أيضآ في اطار خطة الله تعالى لتطور ونهضة الانسان والمجتمع .

واستثنى الله من اثم هذه اللحوم المحرمة من اضطر لتناولها في مخمصة أي في جوع وخواء بطن أي يعاني من الجوع وغير متجانف لاثم أي لايقصد ويتعمد ارتكاب اثم تناول هذه اللحوم المحرمة ، وذلك رحمة وهدى من الله سبحانه وتعالى بعباده .

وقوله تعالى الا ما ذكيتم ، فسروها على أنها تعني أي أنكم ان لحقتم الحيوان وهو على حال مما سبق ولازالت به روح فاذبحوه فيكون لكم حلالآ طيبآ أما ان كان قد مات فلا يحل لكم ولو مات وهو بين أيديكم وأنتم تخرجون السكين وتشحذونها !! ، انما التذكية في اللغة العربية كما هو معروف انما تعنى التمام وكمال الأمر ، فيقول المرء أريد أن أذكي أحدآ من المتقدمين للوظيفة أي أريد الانتقاء واختيار الأفضل ، وذات المعنى بتصرف طبعآ ينسحب للميت من الحيوان أي انتقوا وتخيروا السليم والمناسب ، أي أن الحيوان الذي مات لتو حاله مباشرة ولم يضحى جيفة بعد ولم تتنتن جثته يجوز هنا ذبحه أي تقطيعه وأكل لحمه طالما كانت طريقة موته لا تحمل تدخلآ لانسان عذبه أو لم يكن آكليه هم معذبيه بل عذبه غيرهم على دون علم منهم وتيقنتم أن لحم هذا الحيوان لا يحمل أذى وضررآ لكم .

ان الذبح الحلال الحقيقي ليس هو ذاك الذي يتبع في البلاد الاسلامية اليوم لما ينطويه من تعذيب وقسوة ولا ذاك البيزنس أو مجال العمل المربح الذي يقوم به البعض في الدول الغير اسلامية مخاطبين به الجاليات الاسلامية في تلك الدول ويبيعونهم هذا اللحم بأسعار مبالغ فيها عن اللحم العادي في اطار شكل آخر من أشكال تجارة الدين جنبآ الى جنب مع من يسمون الدعاة الجدد واعلاناتهم وقنواتهم الفضائية وغيرها من أشكال امبراطورية تجارة الدين المربحة جدآ مالآ وذهبآ وماسآ والمدمرة قيمآ وفكرآ وحالآ لجموع المسلمين فلا يعدوا كل ذلك الا ذبحآ حرامآ يبغض الله سبحانه وتعالى ويشوه الدين الاسلامي الحنيف الرحيم بأهله والعالم ولكن من أهله من لا يرحمون ويزينون لبقية المسلمين ما يضرهم ويضر دينهم أما الله وأمام العالم أجمع .

ان الذبح الحلال الحقيقي انما هو اتباع أفضل وأرحم الوسائل الممكنة في عملية قتل وذبح الحيوان ، فاستخدام الصعق الكهربائي ينطوي كذلك على تعذيب للحيوان ، صحيح أنه تعذيب لا يقارن بالذبح بالسكين وبما يحدث في غالب المجازر المخصصة للذبح الحيواني في البلاد الاسلامية التي تسطوا فيها القسوة ويشيع تعذيب الحيوانات بل وتغيب عنها معايير النظافة والسلامة الصحية لتداول اللحوم بها ، فاللحم الملوث بالقسوة والتعذيب محرم واللحم الملوث بالأمراض والبكتيريا نتيجة سوء النظافة أيضآ محرم ، فأصل التحريم والتحليل هو لبناء صحة الانسان ورقيه وليس شحذ سكين أم صعقة كهرباء .

فيجب اتباع أحدث الوسائل التي تناسب تطور العصر في القيام بعملية ذبح رحيمة لا يشوبها تعذيب أو تقتيل للحيوان ، فلابد من اتباع وتعميم أسلوب التخدير الكلي للحيوان بمخدر قوي عن طريق الحقن أو الشم وذلك لتحقيق طريقة كريمة ورحيمة لذبح الحيوان ، على أن يتم ذلك لكل حيوان بشكل فردي وليس على مرأى حيوان آخر حفاظآ على مشاعر الحيوانات الأخرى التي تنتظر دورها .

لنتم نعمة الله علينا فان رحمنا الحيوان وكذلك النبات فلا قطع أو قلع لنبتة أو شجرة أو حتى عشبة الا لاستخدامها واستغلالها وليس للعب واللهو ، فمن المؤكد أن الرحمة بين بني آدم ستجد طريقها .



#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)       Ahmad_Hamdy_Sabbah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد عاصفة الحزم
- ردآ على ملحد (2)
- آفاق الحل في سوريا
- خطيئة الليبراليين في الاستفتاء على الدستور
- كوارث مقيمة في دستور جديد
- الديكتاتور محمد مرسي
- التيار الشعبي وانقاذ مصر
- خطبة الجمعة وموعظة الأحد
- بعد فوز مرسي
- فيما بعد انتخابات الرئاسة المصرية
- عن العقل في الاسلام
- الكراهية العدمية فيما بين الشيعة والسنة
- عن العبيد والجواري في الاسلام
- زلزال عمر سليمان
- الخطيئة الاستراتيجية الاخوانية
- بين الربيع العربي وشتائه
- لا للكراهية الدينية
- لماذا أبو الفتوح رئيسآ لمصر ؟!
- الصلاة
- الحج أشهر معلومات


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - وهم الذبح الحلال