أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - جمال الغيطاني؛ ختامُ الكلام















المزيد.....

جمال الغيطاني؛ ختامُ الكلام


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4963 - 2015 / 10 / 22 - 15:30
المحور: الادب والفن
    


1
في عام 1969 عندما نشر الشاب الصعيدي، جمال الغيطاني، مجموعته القصصية " مذكرات شاب عمره ألف عام "، فإنه لفتَ فوراً أنظارَ المهتمين بالأدب إلى لغته وأسلوبه، المميزين. إذ كان يخيّل للقارئ أنه يُطالع أحد كتب التراث التاريخية والحكائية، نظراً لأسلوب الكاتب الشديد التكثيف ولغته المتخمة بتعبيرات من أزمان أخرى. الواقع، فإن اهتمام جمال الغيطاني بالأجواء التاريخية ( الفترة المملوكية بشكل خاص )، إنما يعود لدراسته الأساسية في معهد الفنون والصنائع بالقاهرة. من ناحية أخرى، فإننا نجد بعض تلك القصص، المنشورة ضمن المجموعة، وقد طوّرها الكاتب فيما بعد كي تصبح روايات؛ مثل " الزيني بركات " و " وقائع حارة الزعفراني " وغيرها.
مع صدور روايته الأولى " الزيني بركات " عام 1974، فإن جمال الغيطاني سيحقق شهرة على مستوى العالم العربيّ أيضاً. هذا دونما أن نُغفل حقيقة، أنه كان ثمة إشكالات تخصّ هذه الرواية سينتبه إليها النقاد لاحقاً. فقد تبيّن أن المؤلف قام بنقل صفحات كاملة من الأثر التاريخي " بدائع الزهور " لأبن إياس إلى متن روايته، علاوة على حشوها ببيانات سياسية مُطنبة. عدا عن إدعاء المؤلف، تارةً بأن " الزيني بركات " ترمز لعهد عبد الناصر وتارةً أخرى بأنها تفضح عهد السادات ( مع العلم بأن تاريخ كتابتها هو عام 1970 أي قبل انتخاب السادات رسمياً رئيساً لمصر! ). هذا الإدعاء الأخير، كوفئ عليه الغيطاني من قبل النظام العراقي بدعوته إلى بغداد كي يغطي إعلامياً أحداث قمع ثورة ملا بارزاني. وكان من نتيجة ذلك، صدور كتاب الغيطاني السيء الصيت " حراس البوابة الشرقية " عام 1975، الذي يتحامل فيه بطريقة فظة على الثورة الكردية وقائدها التاريخي.

2
الروائي المصري الراحل، جمال الغيطاني، كان أحد الأعداء الألداء لثورات " الربيع العربي "، التي اعتبرها مؤامرة صهيو أمريكية على أنظمة المقاومة والممانعة. فكما بيّنا فيما سبق، أن جمال الغيطاني تمّ شراؤه أول مرة عام 1975 لصالح السلطة البعثية العراقية؛ التي دعته عامئذٍ إلى بغداد، لكي ترسله لاحقاً إلى كردستان العراق خلال فترة قمع ثورتها المسلحة. الحقيقة، أن الغيطاني أراد أولاً الدعاية للشقيق البعثي الآخر، النظام الأسدي، قبل ذلك بعام واحد. فأثناء معارك الاستنزاف، التي أعقبت حرب أكتوبر 73، كان الغيطاني مراسلاً حربياً لإحدى الصحف المصرية، حيث انتقل إلى دمشق بهدف متابعة مجريات المعارك على الجبهة السورية.
الغريب، أنه بدلاً عن توجه هذا المراسل المصري جنوباً لمتابعة معارك الاستنزاف على جبهة الجولان، فإنه ركب سيارة لاند روفر ( تابعة لمديرية التوجيه البعثي في القوات المسلحة ) كي تمضي به إلى اللاذقية في رحلة استجمام. هناك، سيتعرف جمال الغيطاني على أدباء وإعلاميين من الطائفة الكريمة، حصرياً؛ كممدوح عدوان وعادل محمود وسهيل ابراهيم وأسعد عبود. بحسَب شهادة هذا الأخير، فإن الغيطاني بقيَ على تواصل مع النظام الأسدي بوَصفه " ركيزة للأمن القومي العربي ". وإذا كان النظام البعثي العراقي، كما هو معروف، كريماً في عطائه للمرتزقة من الكتّاب والصحفيين؛ فإن شقيقه اللدود، النظام الأسدي، كان يفتقد لهذه الخصلة ويعتبر الدعاية له واجباً قومياً. على ذلك، ندرك لماذا عاد جمال الغيطاني بدون مسودات كتاب عن صمود الجيش العربي السوري على جبهة مصيف رأس البسيط في اللاذقية (!)؛ هوَ من سيكتب، في العام التالي مباشرةً، مؤلفه الرخص " حراس البوابة الشرقية " تمجيداً للنظام العراقي، الذي يبدو أنه دفع له جيداً.

3
جذبتني أجواء روايات وقصص جمال الغيطاني، التاريخية بشكل خاص؛ أنا من كان مهووساً منذ مرحلة مبكرة من عمره بقراءة أعمال مواطنه الكلاسيكي العظيم، نجيب محفوظ. هذا الأخير، جعل أجيالاً من القراء في عالم الضاد يتعرفون بشكل حميم على القاهرة القديمة، بحواريها ودروبها وناسها. الغيطاني، من ناحيته، وعلى الرغم من نشأته في الصعيد، فإنه كان مفتوناً بدَوره بمدينة القاهرة، التي أكمل فيها دراسته بمجال الفنون ( التراث والترميم ) ـ كما يُمكننا ملاحظته باهتمامه بهكذا مجالات في أعماله الروائية والقصصية. ظهرَ أيضاً اهتمام الأديب الراحل بمدينته الأثيرة، من خلال كتابه التاريخي الفريد " القاهرة في ألف عام ". كذلك أصدر الغيطاني سلسلة " قاهريات "، تضمنت عدة كراسات كتبها في مواضيع تخص عمارة المدينة وشوارعها ومساجدها وأسبلتها.
لحسن حظي، فإنني كنتُ على موعدٍ أخيراً مع مدينة القاهرة، حينما تسنى لي زيارتها لبضعة أيام في ربيع 2003. قبل ذلك، وفي مدينة الاسكندرية، سألني المستعرب السويدي البروفيسور Tetz Rooke( وهو أول مترجم لأعمال الأديب سليم بركات ) عن رأيي بكتابات جمال الغيطاني ـ حيث كان ينوي زيارته لاحقاً. عندئذٍ، حصل نقاش ممتع بيننا عن روايته " الزيني بركات " وفرادتها من ناحية الأسلوب واللغة. لم يمضِ أكثر من أربعة أعوام، إلا وكان جمال الغيطاني ضيفاً على السويديين مع مجموعة من أدباء العالم. إذاك، أخبرني د. عبد الباسط سيدا ( وكنا صديقين في ذلك الوقت! ) بأنه تم تكليفه من قبل إتحاد كتّاب السويد بمرافقة الغيطاني، وأنه غير مطلع على أعماله. فقمتُ بتزويده برواية " الزيني بركات " والمجلد الأول من مجموعة أعماله القصصية. وكما فوّتُ عليّ مقابلة الأديب الراحل في القاهرة، كذلك الحال في مهجرنا السويديّ: إذ لبى دعوة د. سيدا للغداء في منزله، ولكنه اعتذر عنها لاحقاً بكونه على موعد مع السفير المصري في ستوكهولم.
جمال الغيطاني، على رأيي البسيط، كان أديباً جيداً. غير أنه لوث اسمه بقذارة مواقفه السياسية، بما فيها من صفقات خسيسة. وقد حاول أيضاً تلويث سمعة نظام بلده ( وتحديداً في فترة السادات )، كي يُحابي النظامين البعثيين المستبدين في العراق وسورية ويترزق منهما. على أنه آبَ سريعاً إلى حضن النظام المصري، الذي منحه فيما بعد جائزة الدولة عام 1980. إن أعماله الإبداعية، ولا شك، كانت تكفيه كي يحظى بمكانة مرموقة يستحقها وبحياة كريمة قبل كل شيء. ولكن جمال الغيطاني أبى إلا أن يتمرغ بوحول الطغاة، وغالباً مجاناً !!!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى
- بسمة ساخرة
- الحرية
- الثعلب
- مدوّنات: أخباريون وقناصل
- الصديقتان
- الغابة العذراء
- زجاجة مكياج
- الجرف
- الرئيس ونائبته
- كان ليبياً أفريقياً
- كان غريباً وغامضاً
- مجنون الجنائن
- مجنون المخيم
- مجنون المال
- النملة الحمراء
- فريسة سائغة
- خطوط حمراء وساحة حمراء
- مجنون الأرقام
- مجنون المقام


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - جمال الغيطاني؛ ختامُ الكلام