أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 3















المزيد.....

ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 3


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4961 - 2015 / 10 / 20 - 15:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أواصل ما بدأته في الحلقة الثانية متحدثا عن بيئتي الأسرية والمجتمعية، فيما يتعلق الأمر بتشكيل التوجه السياسي عندي في طفولتي وصباي.
من هنا كنت منذ طفولتي أمارس نوعا من التمرد على إبداء الولاء للعهد الملكي، معبرا عن ذلك برفضي للوقوف في دور السينما، عندما كان يُعزَف قبل العرض السلام الملكي، مع عرض لصورة الملك على الشاشة. بل حصل أن نظمت حفلة من قبل مدارس الكاظمية، وكنت جالسا في الصف الثاني وراء وزير المعارف (وزارة التربية والتعليم آنذاك)، وقائمقام الكاظمية، ومدراء المدارس، فعُزِف السلام الملكي، وقام الجميع، وبقيت بمقدار ما امتد بصري لوحدي جالسا على كرسيي، كنوع من التمرد الذي كان يلازمني، رغم أني كنت خجولا إلى درجة يعذبني خجلي أحيانا.

وما أن جاءت ما تسمى بثورة 23 يوليو في مصر، وصعد نجم جمال عبد الناصر، كنت، وتقليدا لما حولي، أعيش حالة من التأييد للعهد المصري الجديد، والحب تجاه القائد العربي جمال عبد الناصر. ثم فرحنا أيما فرح يوم تحققت أول تجربة وحدوية بين بلدين عربيين، فتأسست (الجمهورية العربية المتحدة) بين مصر وسوريا، وبقيادة جمال عبد الناصر، حيث تنازل له الرئيس السوري شكري القوتلي، الذي عُوِّض بلقب (المواطن العربي الأول).

بينما كنا غير متفاعلين مع تجربة اتحادية لاحقة بين العراق والأردن، باسم (الاتحاد العربي الهاشمي)، بل كنا معارضين لهذا الكيان الاتحادي، لأنه كان لا يمثل لنا بسذاجتنا السياسية آنذاك إلا اتحادا بين نظامين عميلين لبريطانيا، وهكذا كان موقفنا المعارض لحلف بغداد الذي ضم بريطانيا والعراق وتركيا وإيران وپاكستان.

وجاءت ما عُرف بثورة 14 تموز في العراق، بقيادة الزعيم العراقي الخالد عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف. ففي صباح ذلك اليوم، وقد وقع في فترة العطلة المدرسية الصيفية، حيث كنا ننام على السطوح، فأيقظنا والدنا مستبشرا فرحا، وقال انهضوا، فقد حصلت ثورة. فنزلنا لنسمع بيان الثورة رقم 1 بصوت عبد السلام عارف، والذي أخذ بعد ذلك يوجه نداءات نارية إلى جماهير الشعب، حاثّاً إياهم بملاحقة العملاء والقبض عليهم وقتلهم وسحلهم. نعم أتذكر الصراخ الهيستيري لعبد السلام عارف «اقتلوهم، اسحلوهم ...».

وعندما أفكر اليوم بذلك، أُدين وأكره نفسي، رغم أني كنت صبيا دون الرابعة عشر من عمري؛ أفكر كيف سمحت لنفسي أن أكون مشاركا في جريمة القتل والسحل والتمثيل بجثث رموز النظام الملكي والعائلة المالكة، رغم أني لم أشارك بشكل مباشر، بل شاركت بالابتهاج والتفاعل والتعاطف مع هذه الموجة الدموية المتخلفة، والهيستيريا الجنونية، وبالتأييد لكل ذلك. بل سرت مع الحشود التي كانت تسحل جثة المرحوم نوري السعيد، وإن كنت لم أستطع أن أشاهدها، وهي تُسحَل ويُمثَّل بها، والحمد لله إذ لم أشاهد ذلك المنظر البالغ في البشاعة واللاإنسانية، علاوة على أني كنت أخاف من الموت، وأخاف النظر إلى جثة ميت موتا طبيعيا، فكيف كان سيكون الأمر مع بقايا جثة مُثِّل بها وقُطِّعَت بتلك البشاعة.

وهنا أحببت أن أذكر حادثة، تبين سذاجتي كصبي في الثالثة عشر. ذهبت مرة وفي الأسابيع الأولى من (الثورة) إلى وزارة الدفاع، حيث كان يظهر من على شرفة الوزارة تارة عبد الكريم قاسم، وأخرى عبد السلام عارف، ليخطبا في الجماهير الحاشدة. ولصغر سني، وضعف جسمي، كنت أُجرَف من قبل الحشود تارة ذات اليمين، وأخرى ذات اليسار. فكنت عندما أجرف إلى إحدى الجهتين - وصدفة كانت جهة اليمين - أهتف مع الهاتفين (وحدة وحدة عربية، عراق ومصر وسوريّة [بالتشديد ليستقيم السجع])، ثم أجرف إلى الطرف الآخر- وصدفة كانت جهة اليسار -، فأهتف مع الهاتفين هناك هذه المرة بهتاف (اتحاد فيدرالي وْصداقة سوڤ-;-ييتية)، غير مدرك التعارض بين الهتافين، حيث كان يمثل أحدهما شعار التيار القومي العربي، ورمزه جمال عبد الناصر عربيا، وعبد السلام عارف عراقيا، والذي كان يطالب بالوحدة الفورية باندماج العراق كقطر ثالث مع الجمهورية العربية المتحدة، بينما الثاني يمثل شعار التيار الوطني واليساري، ورمزه عبد الكريم قاسم؛ الأول يجمع القوميين، من بعثيين وناصريين، والثاني يجمع الشيوعيين والوطنيين والتقدميين، أو من سُمّوا بالقاسميين، أو ذوي النزعة العراقية.

بعد أن اتضحت لي ملامح الاتجاهين، كان ميلي في السنتين الأوليين للاتجاه القاسمي أو الوطني. ولكن حيث كان الحزب الشيوعي يمثل قطب الرحى في هذا الاتجاه، ولما شاع عن الحزب الشيوعي من كونه ملحدا، وما شاع - لا أدري حقيقة أم افتراءً، وعلى الأرجح افتراءً عليهم - من ممارسات خلاف الدين والتقاليد في صفوفهم، لاسيما في صفوف المقاومة الشعبية التي اشتملت على الجنسين، ولحصول عمليات سحل للمعادين للشيوعيين، كما حصل في الكاظمية لعبد الأمير الطويل (من جماعة الشيخ محمد الخالصي)؛ كل ذلك جعلني أنفر من هذا الوسط، وأبدأ بالميل إلى الاتجاه القومي، غير مدرك بوعيي المنخفض وحداثة عمري، ألا تلازم بين معارضة طرف، وتأييد الطرف المقابل بالضرورة، وأن هناك دائما خيارا ثالثا.

وهنا حصل وأن فاتحني صديق وزميل مدرسة بالانتماء إلى حزب البعث، وبعد اطلاع سطحي على بعض أفكاره، كالاشتراكية التي كانت تستهويني، لما فيها من بُعد إنساني في تحقيق العدالة الاجتماعية، والوحدة العربية الممتدة من المحيط الأطلسي حتى الخليج الفارسي، قبل أن يلتفت التيار القومي إلى عدم قبوله بهذا الاسم ويتبنى تسمية (الخليج العربي)، والحرية التي لم تكن تعني لنا آنذاك إلا التحرر من الاستعمار والتبعية الأجنبية، وتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني. وكنت يوم انتمائي لحزب البعث في الثالث المتوسط، وفي سن الخامسة عشر، وانتهت علاقتي بهذا الحزب وأنا في الثامنة عشر من عمري، أي بعد ثلاث سنوات من انتمائي، بعدما غادرت إلى ألمانيا بخطة خططها لي والدي، وبعد اكتشافي بعد مدة لجرائمهم.

وكنت مسؤول شعبتي في الصف الثالث المتوسط للاتحاد الوطني لطلبة العراق، المؤسس من قبل حزب البعث، وكواجهة طلابية للحزب، ذلك في متوسطة الكاظمية للبنين. ثم كنت مسؤول جميع شُعَب الصف الرابع الإعدادي، وجميع شُعَب الصف الخامس الإعدادي (الأدبي) في إعدادية الشعب في الكاظمية، ونائب مسؤول المدرسة، الذي كان عبد الستار الباير، ذلك لتينك السنتين، كما كنت من الصف الثالث المتوسط حتى نهاية الخامس الإعدادي عريف الحفل لكل الاحتفالات التي يقيمها البعثيون في المدارس.

كبعثيين في زمن المعارضة كنا نفهم أنفسنا قوميين، دون أن نكون عنصريين، واشتراكيين، دون أن نكون شيوعيين، وكان الحزب - حسب النشرات الحزبية الداخلية - قد تحول مما كان يسميه بالاشتراكية العربية إلى اعتماد الاشتراكية الماركسية، وكنا نفهم أنفسنا وحدويين، دون أن نكون ناصريين. كنا نحسب أنفسنا أكثر تقدمية من حركة القوميين العرب، التي كانت تتبنى شعار (وحدة، تحرر، ثار)، في مقابل شعار البعث (وحدة، حرية، اشتراكية).
وإلى الحلقة الرابعة مع القارئات والقراء الأعزاء.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 2
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 1
- ما قلته في لقاء السفارة ب «أسبوع النزاهة؟»
- إماطة الوشاح عن أسمائي المستعارة
- الصدق والكذب في حياتنا
- الاتجاهات السياسية الناقضة للديمقراطية والمواطنة
- أن يكون المرء بشخصيتين من غير ازدواجية
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 6/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 5/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 4/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 3/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 2/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 1/6
- ألمانيا تتحول إلى مثل أعلى للإنسانية
- لماذا «العلمانية» وليس «المدنية»؟
- الدستور العلماني ضرورة لا يكتمل الإصلاح بدونها
- العبادي والحكومة المطالب بتشكيلها
- مثلث (الشعب-العبادي-المرجعية)
- مرة أخرى يوجه خامنئي إهانته للشعب العراقي
- إرادة الشعب تنتصر: هل نشهد بداية البداية؟


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 3