أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل حسين عبدالله - عطر الصباح مقالات نافرة، وزافرة















المزيد.....

عطر الصباح مقالات نافرة، وزافرة


جميل حسين عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4961 - 2015 / 10 / 20 - 14:55
المحور: الادب والفن
    


المقالة الثائرة
ها هو الأسد قد غاب عن الفلوات الكئيبة، وصار ذليلا بين الأقفاص المنيعة. وها هي النعامة قد رفعت أُسْتها في السماء، بعدما نفضت عنها غبار الخوف اللعين، وزعمت أنها الأحق بالبروز بين الغيلان. وها هو الحمل قد فارق وداعته، لكي يعلن أنه الأشرس في حكاية صوت العدوان. وها هي الخرفان تساق إلى مذبحها، لكي تهدى على خوان ماخور مجلل بفحولة الرهبان.
شيء مربك للحضارة الإنسانية.! فماذا تبقى.؟ أذن الذئب على الصومعة، ونادى بإقامة صلاة النفاق، والخداع. وأمَّ الثعلب المؤمنين بأكاذيب التاريخ، وأراجيف الحضارة، ووعظ البكائين بأحزان الخانعين, وأوجاع البائيسن. وبكى ابن آوى في دعاء سجوده، وهو يشتري عِرض العقول، وشرف القلوب، لعله ينبت بين المحراب فسيلة حلمه الأبله، والمغبون. شيء مخز لنا بين فصول حياة خاب فيها الحظ الأثيم. مراحل قطعناها بلا دليل. وها هي تعود بلا استئذان، وكأنها عويل يقطع نياط حروف نكتب بها على الأفق سطور الرجاء.
زال الأمل، وهان الأجل، وغدا مكتوب الأمس غريبا، وحوشيا. فالديار التي كنا نعرف صوتها، قد وجمت في نهارها، وفي اليل يطوف حولها مُرد يحرسونها من نجوى حكاياتها البريئة. فما أبلهنا، فالمناجاة لم تصر طهارة، ولا حضارة. بل هي التهمة التي تفقدك حياة القناعة، لكي تغمسك في بحر الوضاعة. فأي شيء تغير.؟ فالـأغرار في طراوة الحلم المتغزل بمجون، لم يخشوا من الأسد الذي سجنت نظراته بين القضبان، وصار هرما من شدة ما ناء به حمله من أرزاء، وأوجاع. فالأطفال الصغار، والوجلون، والجبناء، والشطار، والحمقى، هم في الملحمة طوابير من المشاة، يهرعون بخفة نحو المكان، لكي يشهدوا كيف يكون زوال الخوف أمانا. أجل، إذا زال الخوف شعر الهلوع بالأمن. لكننا قرأنا في كتاب آخر أن خوف الأُسد أمان.؟ تلك هي الحكاية الكاذبة. فالأُسد مسرحها بين الآجام، وإذا جاست خلال الديار، كانت ثعالب تسرق الدجاج.
لم يقتل الخوفَ إلا الخوفُ، ولم يلد الأمن إلا من الأمان. وحين اغتال الخوف الأمان، واغتصب أرضه، وانتهب مُلكه، خشي من زوال سطوته، وقد نالها اغتيالا، واغتصابا، فأخاف غيره، وأنجب بين المرابع خوفا، وجبنا، وضجرا. أجل، كان الخوف قيمة في صدر الباحث عن سر الأمن بين هذيان الجائرين. واليوم غدا عقابا، وعذابا. مرت الأيام، ثم غزت جحافل الإسمنت الأماكن المعرورة، فزالت القلعة التي كان تحمينا، ويبست الغابة التي كانت تقينا، وأجدبت الفدادين، والبساتين. لكن ماذا تخلف فينا.؟
قد منحوا الإنسان حرية. فقالوا: نحن حاربنا أدواء الطبيعة. فرحنا حتى ذرفنا دموعا مدرارة، وكأننا نودع مكنون حزنها بذهول فرحها. أجل، فرحنا، وكان فرحنا سبيلا ليصطادنا من جعل ذا بغلا يستسقى به، وذاك حمارا يستجدي به كَفر الأرض، وخيرات المطر، وزهور الربيع. أجل، حين أزلنا من عناقنا خطام حريتنا من الطبيعة، بنيت لنا خنادق، وكهوف. وهناك أحسسنا بالعبودية المفرطة. لو لم تكن الطبيعة ملجأ، ومنجى، لما حاربها من اغتال فينا زهرة الحلم الأبيض، لكي يخلقنا بين الديار بلا نسب، ولا حسب.
شيء يفضي بنا إلى الجنون الأوكد.! فأنا، وأنت، لن نعيش أسوياء إذا أحسسنا بالغربة في بيوتنا، وفي واقعنا. نعم، هي غربتنا حين أغلقت أبواب السكك، والأرقة، والشوارع، ولم يبق لنا بين الخان حانة، ولا ماخور، ولا مبغى.
ربما رأينا الراهب يمتشق سيفا صقيلا، يفري أوداج المُجان، والمتهتكين. لم نصدق. فلم لا يترك راهبنا الغرباء جذلى، وهم لم يبرحوا دير التنين.؟ شيء مجحف في القرار. فالقلوب محرجة، والبيوت مغلقة، والأحلام محصورة، والآمال مقصورة. فإلى أين المفر.؟ فالدير قد تلوث بدم القربان. وذلك العجل الذي ذبحوه على عتبة الضريح، لم يكن وديعا، بل كان قبيحا. فحين أحس بحرارة الموت، دهس الفرش بدمه، ولطخ الجدران، ومزج الماء، وكسر دنان الخمرة، ونجس ثياب العاهرة التي فتنتنا بجمالها الأجلب. ليتهم وثقوه حتى يموت كريما.! فلم لا يقبل الراهب بصدق القضية، وصحيح النية، ونحن قد حاججناه بالدليل الأسطع.؟ فالراهب قد غدر بالوصية القديمة، فلم يترك للمجان والفساق والمعربدين والمتسكعين والزناة مكانا، لكي يرووا في طبقاتهم جزءا مما انطوى عليه القلب من سر الحقيقة. قتلهم بنص حكمه. فزال اللطف في الأرب، وقاس بين الأشياء بلا سبب، ثم صارعنا في ألم غربة علمتنا أن كل واحد منا، لم يكن كونا في ذاته، إلا حين كان كهفا مظلما للحلم المغتال. أجل، أغلقت الأبواب، وزالت الروابط الاجتماعية، ونسي الإنسان الماضي، ولم يخلص في نتيجته إلا إلى الانتحار البطيء. تلك هي الحقيقة.
المقالة الزافرة

رأى في المنام أن رئيا خاطبه، وحادثه، فكان الحديث ممتعا بالنسبة له، لأنه لم يخل الجن أصدق لهجة من البشر. أجل، كان حديثه صادقا، وكان كلامه حقا. فهول الموقف، وقبح الصورة، وظلام المكان، لم يجعله إلا مستمتعا بما رأى. شيء لم يخله موجودا في حياة كانت حلما في البداية، وصارت ورما سرطانيا في النهاية. إنها الحقيقة.
صحح قصائد فاقدة لأضلاعها، وأوزانها، وأذواقها، ورأى الشاعرة تختطفها بهجة الخيام، ولفيح الصحراء. فآه، آه، وقف حسيرا يلجظ حفل التكريم الذي أقاموه للوجه المليح، لا للكلام الفصيح. فكان مما قالوه: إن هذه الشاعرة قد اخترطت لها وسط القلوب الصلدة ملامح الجمال الأسطوري. أجل، هو جمال أسطوري، لأن الديناصورات في بعض الأزمنة تنتفخ بين أسحارها نفحة الحياة، فتكون من شدة ضخامتها مغرية، ومطربة. أجل، لولا ما نال الديناصور من رماد الوجود بين خيام الوبر، لكان حكمه في لوحة القريض عارا، ووقاحة. فهل كانت كلماتها مترعة بالعشق.؟ أم صباحة وجهها المبلل بمساحيق الفتنة، هو الذي أرسل رسالة الشبق إلى عقول نجستها لوثة الغباء.؟ شيء يفضي بنا إلى الجنون، ويدني من المنون. فليمت الكتاب بين أوطاننا، وليمت الحرف بين ذواتنا، فما اعتدنا أن نسمع شيئا سوى الألم.! فالشعر في زمني، ليس إلا عاهرة على سرير البغاء.! أجل، كم من متشاعرة لم تكتب القصيدة، بل كتبت بلثم شفاهها المضرجة "بأحمر الشفاه" ملايين الكلمات المهتزة بين الجوانح الحقيرة. فواها، واها، فأنا لا أعاندك أيتها المتشاعرة، أو المتعاهرة، فما صديقك إلا متزلف، ومداجن، ولولا ما فيه من أنوثة غضة، وما فيك من رجولة فجة، لما وقف على المنصة، يقول: وقف القط على الطاولة. وفجأة ظهر الفأرة. انتهت الحكاية. وكان الوئام دين الصداقة. لا ألومك، وأنا أقرا من كلماتك نبضات حلمك، وخفقات وهمك. كان ذلك عقيدة لكل من خان ضميره، وخفر وعده، ونكث عهده، لكي يكتب باسم القديسين قصة حياته. فلا فرق عندي، فالمتشاعر، كالمتفيهق، كلاهما يهدم القبة، وينسف الضريح، لكي ينشق من وراء الغبار طالع نُبوة شبجه الأنكد.! شيء مقبول في الطريق الذي نسير عليه نحو الحظوة الأثيمة. بل شيء مرغوب فيه بين الديار التي تعودت على الافتخار بالفحولة.! فلا حرج إذا دللت على نبع الشعر بما في غورك من خلاعة. فما الخلاعة إلا تاج مغتصب على رأس زهِد في القناعة، ورضي بالرقاعة، وأحب الوضاعة. هكذا تهدم البيوت التي سمعت الصوت البريء، لكي يضج بالصراخ زائر معبد الرداءة. وهو يقول: لقد مات الشعر...!!! أجل، قد مات حين جعلوه عناق العراة، لا صوت الكرامة، والعظمة.
كنت أظنني جاثما على كرسي عتيق بإحدى قاعات العروض المسرحية، وأني أتابع قصة عشق أتنفس معها الصعداء. صدر مهموم، ونفس مغموم، وحلم مكروب، وحزن مجلوب. لكنني ألفيت جِرم هذه الأشلاء متناثرا بين الكلمات التي صحح الليل انحرافها، لكي تكون اليوم قصيدة تقرأها الأجيال البليدة. تألمت، لأنني لم أجد نفسي إلا بين أوباش لا يتذوقون الشعر إلا إذا كان شعيرا. فيا ليتهم منحوا كل شويعر تبنا، وتينا، لكي نعرف أننا في مربد، لا في معبد. هكذا استمعت إلى القصيدة، وكان رأيي فيها أنها "عصيدة".



#جميل_حسين_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطر الصباح وقفة مع كتاب سر الصباح 1
- عطر الصباح وقفة مع سيدي أحمد بن الحسن أبناو في كتابه: سر الص ...
- عطر الصباح تعليق على قصيدة ميثاق كريم الركابي: كانت لنا قضية ...
- عقيدة الكاتب
- إزالة الالتباس عن مُشكَلات الإصلاح الديني 2
- إزالة الالتباس عن مُشكَلات الإصلاح الديني 1
- تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 8
- تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 7
- تجديد المسار... أي دور للمنبر 6
- تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 5
- تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ رقم 4
- تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 3
- كارثة مشعر منى... أي خيار في تفسير النكبة.؟
- تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 1-2
- جذور المعرفة الصوفية
- حين تلتبس المفاهيم
- ناسك في دير الحرف 1
- ناسك في دير الحرف 2
- مقالات في التصوف
- حقيقة المجرم


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل حسين عبدالله - عطر الصباح مقالات نافرة، وزافرة