أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - المستقبل العراقي يفر نحو (العمة) ميركل هربا من جحيم الماضي وخراب الحاضر















المزيد.....

المستقبل العراقي يفر نحو (العمة) ميركل هربا من جحيم الماضي وخراب الحاضر


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 4960 - 2015 / 10 / 19 - 18:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يتواصل في العراق منذ عام 2003 ، عرض حلقات لمسلسل مرعب ، يُبَث على مدار ساعات اليوم. مسلسل حطم أعصاب الجميع وأفقدهم رشدهم وأصابهم بالإحباط واليأس و يكاد أن يصيبهم بالخَبل.
مسلسل لا يهمه ألا الماضي ولا يقدس ألا الماضي و لا يتوقف ألا عند الماضي ولا يتحدث ألا عن الماضي. لا شيء غير الماضي.
المسلسل لا يهتم قيد أنملة ولا يتوقف لحظة واحدة عند الحاضر.

مسلسل يتقاسم البطولة فيه طرفان.

طرف يقول إن ماضي العراق منذ 1400 سنة وحتى عام 2003 كان ظالما وبشعا ، لأنه همشنا و أبادنا نحن الشيعة. والمستقبل سيبنيه (الشباب) منا وفقا لرؤيتنا نحن ، المختلفة بالضرورة عن رؤية السنة.
وطرف ثاني يقول إن كل ذاك الماضي الذي بنيناه نحن السنة كان نورانيا ومشعا وعادلا. وسيتكفل ببناء المستقبل (الشباب) منا لإعادة ذاك الماضي الذي خسرناه عام 2003، وسيُبنى وفقا لرؤيتنا نحن، المختلفة بالضرورة عن رؤية الشيعة.

والماضي عند كلي الطرفين ليس كتب تاريخ تُقرأ وينتهي الأمر، ولا وجهات نظر تُعرض وتتم مناقشتها، ولا أحداث وقعت قبل قرون بفعل ظروف زمنية محددة ، وربما حدثت بمجرد توافق صدف لا أكثر، أو ربما بسبب خلافات عائلية و شخصية عابرة ، تحدث بين الأخ وأخيه والصديق وصديقه و الضرة وضرتها وبين الكنة وحماها.

الماضي عند الطرفين مقدس، وأحادي الحقيقة، و سرمدي خالد حي لا تميته ولا تغيره السنين، وهو يُتلى ويُروى ويُحفَظ عن ظهر قلب ولكن لا يُناقَش أبدا. فالطرفان يدركان أن أي وجهة نظر تصالحية مغايرة لوجهتي نظرهما ستدمرهما معا ، وتلغي مبرر وجودهما.

ورغم أن الطرفين يفصل بينهما برزخ طافح بتكفير متبادل و بعداء متبادل شرس ، لكنهما يلتقيان و يتعاونان معا على تحقيق هدف مشترك هو: تدمير الحاضر ، والانشغال حد النخاع بالماضي ، تمجيدا أو لعنا ، كل طرف وفق وجهة نظره و طريقته في التقييم.

نقطة اللقاء الثانية عند الطرفين هي ، أن الماضي (يجب) أن يتحكم في كل مفصل من مفاصل الحياة من المهد إلى اللحد ، حتى فيما يخص شؤون الفرد الأكثر حميمية وخصوصية.

نقطة اللقاء الثالثة الجامعة بينهما هي ، أن الطرفين كليهما يتعاملان باستهتار مع ما انتجه العقل العراقي والعقل البشري عموما في القرن الماضي والقرون القليلة التي سبقته.
يرفضان فكرة و مفهوم (الشعب) العراقي ، ومفهومي (الوطن) و (المواطن). يرفضان هذه المفاهيم لأنها تتعلق بالحاضر ، وهما يتمسكان بالماضي وبمفاهيمه.
ينكران بإصرار وعن عمد كل ما يملكه هذا الشعب من طاقات وإمكانيات. يُسقطان من حساباتهما أي دور وأي مكانة للإنسان الفرد.


لكن رغم استمرار هذه الحلقة الجهنمية المرعبة ، الفارغة من كل شيء ما خلا الماضي ، فأن هناك أصوات شجاعة ترتفع في كل أنحاء العراق تحاول كسرها ، و تؤكد على بناء الحاضر.
في كل أنحاء العراق ترتفع محاولات ترفض الإذعان والتلقين ، وتصر على رفع صوتها : علماء دين تنويريون ، أبناء عشائر ، شعراء ، روائيون ، مسرحيون ، مطربون ، أكاديميون ، إعلاميون، اقتصاديون، نشطاء منظمات مجتمع مدني ، أفراد بسطاء من عامة الناس ، ناشطون من الجنسين على شبكات التواصل الاجتماعي، سياسيون أحرار.

هولاء كلهم يدركون أنهم ينحتون في صخر و أن أصواتهم في الوقت الحاضر تكاد لا يسمعها أحد وسط هذا الضجيج المرعب ، و يعرفون أن حياة كل واحد منهم في خطر وأن الاغتيال والخطف ينتظرهم ، لكنهم رغم كل ذلك يواصلون رفع الصوت.

ما يشجعهم على المضي بتفاؤل في عنادهم هو أن كل (الحلول) والمقترحات والمشاريع التي قدمها منذ عام 2003 و حتى الآن (سدنة) الماضي من الطرفين لم تفض إلى نتيجة.

جميع هذه الحلول فشلت لأن مقدميها ينتمون للماضي ويفكرون بعقليته ، وليس لهم علاقة بالحاضر.


و الآن ، ها هو الفشل المدوي يحل بمشروعهم الاستراتيجي الذي ظل كل طرف يرعاه و يراهن عليه و يريده أن يصبح (المستقبل) المُرتَجى : الشباب.

منذ عام 2003 والطرفان المتصارعان يطبقان مقولة: خذوهم صغارا.
منذ عام 2003 وكل طرف منهما يريد للشباب أن يكونوا طوع بنانه ويحولهم إلى (مشاريع استشهادية) وقنابل بشرية يفجرها لإعاقة الطرف الآخر.
الزاد الثقافي الوحيد ، نظريا وتطبيقيا ، الذي يقدمه للشباب طهاة الطرفين ، هي (المُعَلبات) الثقافية الجاهزة المحشوة بخلافات الماضي العتيق.
و الشباب يعرفون أن هذه (المعلبات) الثقافية انتهى تأريخ صلاحيتها ولم تعد صالحة للاستهلاك العقلي، ولا تنفعهم في حاضرهم. مع ذلك فأنهم يقبلون عليها، لأن ما من بديل ولا خيار آخر أمامهم.

لكن ، حالما لاح خيار أمامهم عندما فتحت (العمة) ميركل ذراعيها وفتحت حدود بلادها لمن يريد ، رفعت (المشاريع الاستشهادية) صورة العمة ميركل يقبلونها وضربوا (أعمامهم) القادة عرض الحائط، وفروا بجلودهم نحو العمة (الكافرة).

جُن جنون سدنة الماضي القادة المشرفون على تحريك (ديزلات) القتال ، لأن الوقود الشبابي اللازم والضروري لتحريك الديزل بدأ يقل ، وسينضب إذا استمرت الهجرة.
قال أحد هولاء محذرا الشباب من الهجرة: اسمعوا. ألمانيا بحاجة لخَدم وغاسلي صحون ومنظفي قمامة وهي تريدكم لهذا الغرض. ولم يصغ له أحد من الشباب.
وقال آخر محذرا ورادعا: المانيا تريد تفريغ العراق من طاقاته الشبابية. ولم يسمعه أحد.
وقال ثالث: أنتم ذاهبون لديار الكفر وستنسون دينكم وأخلاقكم. ولم يتوقف عند كلامه أحد.
لم يصغ الشباب العراقي لهذه المواعظ والنصائح لأنهم يريدون أن يعيشوا الحاضر بعد أن احترقوا بجحيم الماضي ويأسوا من المستقبل.

وما زالت عملية فرار الشباب قائمة.
ومَن لم يفر حتى الآن فأنه ينتظر الفرار. ولو توفرت الإمكانيات المالية للجميع وأصبح طريق الهجرة سهلا ، لما ظل شاب عراقي واحد داخل بلاده.

برمشة عين ضاعت هباء كل جهود الرصد و التلقين والتبليغ والوصاية والمتابعة والوعد والوعيد والتحريض على (الاستشهاد).

و برمشة عين انهارت كل حواجز و سدود الاختلاف الماضوي التي أعاد سدنة الماضي بنائها منذ 2003.
الآن في هذه الحقبة (ولنسميها حقبة ميركل في العراق) أصبح (القجقجي) المهًرب هو (القائد) المبجل المطاع وهو (الإمام) الذي يصلي الشباب العراقيون خلفه و باتجاه القبلة التي يوجههم نحوها ، ناسين كل خلافاتهم و اختلافاتهم المذهبية.
الآن أصبح (معسكر) اللجوء هو الوطن الجديد الذي يوحد الجميع ويُنسيهم الخلافات.

يا لها من نتيجة حلوة لها مذاق العسل لأنها دليل أخر على خذلان و فشل الأنبياء المزيفين ، مثلما هي دليل ساطع على مصداقية المطالبين بالتغيير ، وخصوصا أولاءك الذين يرابطون منذ شهر تموز في ساحات الاحتجاج.

لكنها ، أيضا ، نتيجة مرة لها طعم العلقم ، لأن الشباب بُناة حاضر العراق يفرون منه.



#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة الحُسينية وحُسينية الدولة
- مَن يقضي على التشيع : (فرقة الخشابة) أم (تدين) الشيعة الجُدد ...
- مَن يقضي على التشيع : (خمر) الحبوبي أم (تدين) الشيعة الجُدد ...
- من يقضي على التشيع : (خمر) الحبوبي أم (تدين) الشيعة الجُدد ؟
- كيف تغير المزاج الشعبي رأسا على عقب في العراق ؟
- التشيع الخضرائي
- إعصار ساحة التحرير يتقدم بسرعة قياسية
- تظاهرات ساحة التحرير: من (المشروطة) إلى ديكتاتورية (ما ننطيه ...
- تظاهرات ساحة التحرير: من (المشروطة) حتى ديكتاتورية ( ما ننطي ...
- تظاهرات ساحة التحرير: من (دستورية) الأخوند الخراساني حتى ديك ...
- قراءة في كتاب فالح مهدي : الخضوع السني والاحباط الشيعي. نقد ...
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (القسم الأخير)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (4/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (3/5)
- تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (1/5)
- ( النجف. الذاكرة والمدينة ) : مسح بانورامي للمدينة
- إيران تفجر قنبلة سياسية في العراق
- ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - المستقبل العراقي يفر نحو (العمة) ميركل هربا من جحيم الماضي وخراب الحاضر