أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طه معروف - محاكمة صدام من فضائح العصر














المزيد.....

محاكمة صدام من فضائح العصر


طه معروف

الحوار المتمدن-العدد: 1360 - 2005 / 10 / 27 - 13:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان السفاح (صدام) ابان الحكم البعثي الدكتاتوري هو المحقق و القاضي والحاكم بل والقانون كذلك في المحاكمة الجماعية التي كانت جماهير العراق هي المتهم الرئيسي فيها والتي استمرت طوال حكمه وسلطته الدموية لأكثر من ثلاثة عقود، وارتكب من المجازر الرهيبة ما لايمكن للعقل البشري تصوره ولذلك يشكل محاكمته ،دون شك، مطلبا جماهيريا ملحا وانه لمن دواعي البهجة والسرور ان يشاهد الضحية جلاده داخل قفص الاتهام جراء ما ارتكبه من جرائم. لكن هناك خط فاصل بين هذه المحاكم الصورية وبين ما تتطلع اليه الجماهير ذلك ان هذه المحاكمات تدور في فلك آخر و تم التخطيط لها مسبقا ليس لإخفاء جرائم النظام البعثي والحركة القومية العربية الفاشية فحسب بل لاخفاء تورط جهات ودول وشخصيات كثيرة جزء منها لاتزال حية وتلعب دورها في الساحة السياسية العراقية ، لذلك لاتعتبر المحاكمات المذكورة حدثا مفصليا تنهي حقبة كالحة من الزمن عانت فيها الجماهير كثيرا وليست بداية حقبة اخرى تفتح آفاقا رحبة لنهوض الجماهير من كبوتها وتتجاوز جروح الماضي.
فصدام يواجه التهم بوصفه متمردا قام بخرق الحدود المرسومة له من قبل حظيرته الراسمالية التي أوكلت له قتل وابادة المخالفين للنظام الراسمالي-القومي العربي من اليساريين والشيوعيين وجميع الاحرار وليس التمرد على اولياء نعمته وتجاوز حدوده. كل الجرائم التي ارتكبها صدام ونظامه بحق الجماهير لم تشكل في يوم ما خطورة على سلطته الدموية بل ان القائمين الرئيسين على محاكمته اليوم هم الذين ساندوه فيها .
كان صدام يقتل ويعدم يوميا ليؤكد لهذه الدول مدى التزامه بالحفاظ على مصالحهم ، وصلت وحشيته الى حد الاعلان بنفسه عن جرائمه حيث صرح في سبعينات القرن الماضي امام مسمع وانظار العالم خلال مؤتمرصحفي و بحظوراعلاميين غربيين وامريكيين في بغداد عام 1978م انه اعدم مجموعة من الماركسيين لا ينتمون الى- الحزب الشيوعي العراقي الحليف- وانما ينتمون الى تنظيمات اخرى ماركسية. وقد جوبهت هذه الجرائم بالتصفيق الحار والمساندة التامة .
ان محاكمة صدام بغص النظر عن الوضع السياسي الراهن في العراق وكونها ورقة سياسية لتمرير سياسة قوى الاحتلال وللتغطية على فشلها و خيبتها تشكل تحذيرا لأولئك المستبدين المدعومين من قبل الدول الامبريالية التي قد تفكر يوما بالتخلي عن إلتزاماتها وتحاول تجاوزالخطوط الحمراء التي تحددها مصالح اسيادها كما حاول صدام ان يفعل . ان التكتم الذي يسيطر على اجواء محاكمة صدام والاصرارعلى محاكمته داخل العراق هي خطة مبرمجة و مطبوخة سابقا لتفادي المهاترات المحتملة في حال تحديد هوية المشاركين الفعليين في جرائم صدام في محكمة دولية. ان جرائم صدام لاتحصى ولا تعد وتفوق كما ونوعا بعشرات المرات ما ارتكبه القوميين من امثال الرئيس اليوغو سلافي السابق ميلوسفيج، الذي اعتقل من قبل القوات الغربية وقدم الى المحكمة الدولية في لاهاي. لماذا الاصرار على محاكمة صدام واعوانه داخل العراق ؟هل ان العراق اكثر استقرارا من جمهورية الصرب وسلافيا ؟ أم ان القضاء العراقي اكثر تاهيلا لإستعاب هذا النوع من المحاكمات؟ و هل يحصد العنف والاعمال الحربية في سلافيا ارواح المئات كما يحصل في العراق يوميا ؟ هل القضاء والمحاكم الراهنة تستوفي الشرعية المطلوبة في ظل الاحتلال؟ الجواب بالنفي طبعا ،انها فضيحة العصر، والشئ الوحيد الذي يعيق تقديم هؤلاء المجرمين للمثول امام محكمة دولية هو سيادة المعايير الامريكية والبريطانية الحقيرة في العراق. ذلك ان احالة الملف العراقي حول محاكمة صدام الى هيئات دولية تفتح النار على الامريكيين والغربيين لدورهم في دعمه ومساندته خلال عمليات الابادة الجماعية . وهكذا بدأ المشهد متناقضا مع مطالب الجماهيرحول محاكمة رموز النظام البعث الدموي و ان اخطر ما في موضوع المحاكمة الاخيرة هو ربط هوية وخلفية جرائم النظام بالسنة واقتصار التهم الموجهة لرموز النظام على خلفية مذبحة الدجيل بوصفها مدينة ذات غالبية شيعية ومثل اي قضية اخرى تساق وتسير على العرقية والطائفية . ومما زاد الطين بلة في مسارإشعال وتعميق الصراع الطائفي حول هذه اللعبة الامريكية هو تدخل ايران بقائمة من "الاتهامات ضد النظام" ، وكأن الفاشية الاسلامية الايرانية رشقت العراقيين بالورود خلال حربهم الرجعية. اولم يمارسوا هم شتى اشكال التعذيب والقتل وغسل الادمغة و التجويع على اسرى الحرب العراقيين بشكل رهيب طوال مدة اسرهم حيث فاقت وحشيتهم وجرائمهم في هذا المجال جرائم النازيين تجاه المعتقلين اليهود في معسكرات اعتقال النازيين. يبدو ان الفاشية الاسلامية تطالب الجماهير العراقية وخصوصا الاسرى المعذبين بمكافأتها جراء اعمالها البربرية.
واخيرا إذا كان هناك ثمة ما يقال عن المحاكم والعدالة ،فأن النظام الامريكي والبريطاني متهمان ومطالبان قبل غيرهما بالمثول امام المحاكم الدولية لكونهما اشعلا نيران حربهما المدمرة بحجة كاذبة حول وجود اسلحة الدمار الشامل في العراق و جرائم الإبادة البشرية عبر فرض الحصار الاقتصادي على الجماهير او ضرب جماهير العراق الابرياء بأشد الاسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا وممارسة التعذيب في سجن ابي غريب وإجبار سكان المدن بإخلاء منازلهم وتدمير بيوتهم بحجة وجود الارهابيين....الخ .
"ان التأريخ يقدم احيانا مواقف ساذجة وساخرة يصعب على الادب انتاجها" .



#طه_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الامين العام للجامعة الدول العربية يتحدى حقوق الجماهير الكرد ...
- امريكا واستراتيجية الخروج ما بين القتال و السلام الطائفي
- اجابة على اسئلة الحوار المتمدن حول - الديمقراطية والاصلاح ال ...
- بصدد إختلافات الطالباني والجعفري الطائفية
- جريدة صباح العراقية في مهزلة -ميثاق الشرف-
- بؤس الجماهير العراقية في ظل الارهاب المزدوج
- عندما يتحكم اصحاب العمائم بعقول الناس
- مسودة الدستور اولوية امريكية وليست جماهيرية
- السجن مدى الحياة لكاتب باكستاني جراء نقده الليبرالي للدين ال ...
- الأحتجاجات الجماهيرية في كردستان ايران في ظل ا للعبة الامريك ...
- مسودة الدستور حلقة اخرى للتآمر على جماهيرالعراق
- نيجرفان بارزاني يبرئ الاسلام السياسي من الارهاب
- الارهاب الاسلامى، هذه المرة، في لندن
- انتخاب دون انتخابات
- هوامش على دعوة الحوار المتمدن للتحالف قوى اليسار
- ازمةجديدة للحركة القومية فى كردستان العراق


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طه معروف - محاكمة صدام من فضائح العصر