أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الناصر حنفي - نحو إعادة بناء حركة نوادي المسرح (3) من العروض إلى الفرق















المزيد.....

نحو إعادة بناء حركة نوادي المسرح (3) من العروض إلى الفرق


عبد الناصر حنفي

الحوار المتمدن-العدد: 4960 - 2015 / 10 / 19 - 09:35
المحور: الادب والفن
    



إن جوهر رهان ورقة (مبادرة التعاون مع فرق الهواة: ديسمبر 2005) التي طرحتها كملحق في مقال سابق هو إعادة ترسيم حركة نوادي المسرح بوصفها حركة فرق، لا حركة تقوم على مجرد تجمع لعروض، وربط هذه الفرق الناشئة –على المستوى الأفقي- في إطار عملية تنافسية تشمل محافظات الجمهورية كلها، بحيث يجري فرزها باستمرار ولا يبقى منها سوى الأفضل والأكثر استقرارا، وقدرة على المحافظة على تماسكه، مع فتح الباب لتأسيس ترابطات أخرى بين هذه الفرق على المستوى الرأسي وذلك طبقا لتشابه أو تقارب المناهج أو التوجهات الفنية أو البرامج والمشاريع المسرحية فيما بينها، بكل ما يعنيه ذلك من بث روح التمايز وحث كل فرقة على بلورة رهانات فنية وجمالية تميزها عن غيرها، مع ضخ الحوافز المناسبة لتعظيم وصقل هذا التمايز على نحو تدريجي.
وأعتقد أنه لو كان قد قدر لمحاولة إعادة ترسيم حركة نوادي المسرح على المستويين المذكورين أن تنجح لكنا الآن أمام ارضية مختلفة تماما عن الوضع الفوضوي الذي يرتع فيه مسرح الهواة في مصر .. ارضية أكثر تشابكا وصلادة واستقرارا وذات ملامح أو معالم ورهانات فنية واضحة. وبقدر ما يمكن للبعض أن يرى في فشل تطبيق هذه المبادرة إحباطا لأي محاولة تسعى للتقدم في هذا الاتجاه مستقبليا، بقدر ما يمكننا أن نتلمس طاقة من الأمل عبر الانصات لوعود التغيير التي تهمس بها.
*****
كان يفترض ايضا في هذه الورقة/المبادرة أن تحل مرة وإلى الأبد مشكلة تنازع ملكية عروض نوادي المسرح بين الهيئة العامة لقصور الثقافة ممثلة في الادارة العامة للمسرح، وبين مجموعات صناع هذه العروض، وذلك عبر اجراءات تفصيلية محددة تراعي الموازنة بين حقوق الطرفين وتنظم طرائق التعامل بينهما، وتضع آليات لحل وحسم أي مشاكل قد تطرأ لاحقا، على نحو يقضي على هذا التنازع الذي يمثل ثغرة أخلاقية فادحة في نظام النوادي منذ تأسيسها. فواقعيا لا يمكننا الإدعاء بثقة أن عروض نوادي المسرح هي من إنناج الهيئة على نحو كامل، فالعرض يبدأ بمبادرة مجموعة من المسرحيين التي تنتخب نفسها وتحدد مشروعها، وترسم لنفسها طريقا، ودور الهيئة –التنظيمي والإشرافي بالمقام الأول- يأتي بعد ذلك، بداية بالموافقة على المشروع (والذي قد يكون مكتمل المعالم فعليا) ثم صرف ميزانية زهيدة تخصص للخامات المستخدمة في الإنتاج. ولو قارنا هذه الميزانية بالتكلفة الحقيقية المفترضة لإنتاج العرض -طبقا لضوابط الهيئة!- من أجور ومكافآت للمخرج، ومصمم الديكور، ومنفذيه، والشاعر والموسيقى، والعازف والمغني، والممثلين، وطاقم المساعدة الإخراجية .. إلخ (وكلها تكلفة غير مدفوعة تتحملها مجموعة عمل العرض) فسنجد أن الهيئة في النهاية تتحمل نسبة تتراوح بين 5% إلى 10%، من تكلفة الإنتاج الحقيقية، فضلا عن أن نظام النوادي وقواعد الهواة التي تسوده يتيح للهيئة التحلل من إلتزامها القانوني بأداء حق مؤلف النص، وهو الأمر الذي لا تستطيع إقترافه في أي نظام إنتاجي آخر دون الوقوع تحت طائلة القانون، وبمعنى آخر فالهيئة تستفيد من؛ وتكرس لآليات انتاج الهواة، ولكنها في الوقت نفسه تتمسك بالعقيدة التي كونتها لنفسها عبر العقود الطويلة من انتاج الشرائح بوصفها مالكة للعرض ملكية تامة، وهو تناقض صارخ وفاضح ولكنه استمر لأكثر من ربع قرن!
وهذا الوضع الذي يعني سلب حق شباب النوادي في تقديم أي ليلة عرض خارج ما تقرره لهم الهيئة قد جعل هؤلاء الشباب في مهب إحراجات أخلاقية قاسية كنا نستطيع تجنيبهم عبئها بسهولة، إذ لم يكن ينبغي تجاهل رغبتهم الدائمة في المشاركة بعروضهم في اي مناسبة أو حدث مسرحي، ونهمهم المستمر لأي ليلة عرض إضافية تبقى تجربتهم على قيد الحياة لمدة أطول قليلا قبل أن يطويها النسيان، وتمنحهم الفرصة لإعادة اختبار عملهم، أو حتى تطويره إلى هذا الحد أو ذاك في سياق مختلف وعبر شروط عرض مختلفة قد تكشف ابعادا جديدة في تجربتهم الفنية، أو حتى تمنحهم دفء التمتع بالتفاعل مع الجمهور مرة أخرى، وكلها حقوق مشروعة وطبيعية وواقعية، بل إن الحرص عليها والسعي خلفها يمثل جزءا هاما من تعريف أي ممارس للمسرح والذي يفترض أن تتبلور علاقته بنشاطه المسرحي انطلاقا من الرغبة في "العرض"، فهذه الرغبة هي ما يدفعنا جميعا للاستغراق طواعية في كل تلك الاجراءات والجهود الطويلة الممتدة لأسابيع أو شهور والتي يستغرقها إعداد أو تنفيذ أي عرض، ومقاومة هذه الرغبة، أو الوقوف في وجهها ومنعها، يمثل ما لا يقل عن جريمة في حق كل ما هو مسرحي، لأن انتفائها أو تقليصها هو بمثابة قتل للدافع الذي جلب هؤلاء الهواة إلى ساحة المسرح أصلا، بكل ما يعنيه ذلك من افقار للحركة المسرحية بصفة عامة والنيل من فرص استمرارية هؤلاء الشباب في نشاطهم الفني، وجرح أريحية وتلقائية علاقتهم الطوعية بتجربتهم. أما الأكثر غرابة من كل ذلك فهو أن يصدر مثل هذا التوجه عن كيان مثل مؤسسة الثقافة الجماهيرية التي يفترض أن عقيدتها الاساسية والأهداف الاستراتيجية التي تاسست طبقا لها تجعلها الأشد حرصا على إتاحة وتوفير كل السبل الممكنة من أجل تعظيم فرص هؤلاء الشباب في تقديم عروضهم!
وعلى المستوى الواقعي فقد افضى هذا التنازع حول "حق عرض تجارب النوادي" إلى جعل بعض صناعها ينزلقون تجاه إغفال أو اسقاط اسم الهيئة وتجاهل علاقتهم بها وبعرضهم في اطار سعيهم لاستثمار اي فرصة ممكنة لأداء ليلة عرض إضافية، وهو ما حدث كثيرا، ويحدث حتى الآن، وذلك على نحو بات يشكل افقا كثيفا وخانقا يتمثل فيما يمكن تسميته بعملية التجاهل المتبادل: فالهيئة تتجاهل حقوق صناع التجربة في تقديم عرضهم كلما أمكنهم ذلك، بل وتقف كحجر عثرة في وجه هذا المسار متى استطاعت، بينما يرد "بعض" شباب النوادي على هذا التجاهل بتجاهل مماثل ومضاد!
وبرغم أن النقطة التي تنص على الملكية المشتركة للعرض بين الهيئة وصناعه وتنظم قواعدها حسبما جاء في ورقة "مبادرة التعاون مع فرق الهواة" قد دخلت بالفعل حيز التطبيق منذ عشر سنوات، واصبحت جزءا من ضوابط إنتاج عروض النوادي في موسم 2005-2006، بحيث اصبح يحق لمجموعة العمل أن تضع اسمها كفرقة على بانفلت العرض، وأن يتم ذكر اسم هذه الفرقة في كافة المكاتبات والوثائق الرسمية والدعائية الخاصة بالتجربة، وهو ما تم الالتزام به في البداية على نحو لا بأس به من قبل الادارة العامة للمسرح، إلا أنه سرعان ما تم الانقضاض على هذا التطوير ووأده بوصفه إفتئات على حقوق الهيئة، وعلى سلطانها على عروضها!.
ونتيجة لذلك فقد عاد الحال إلى أسوأ مما كان عليه من قبل، فالمسئولين اصحاب عقيدة المحافظة على حق الهيئة وسلطانها هم في الواقع عاجزين اجرائيا عن مواجهة ظاهرة تسرب عروض نوادي المسرح إلى سياقات أو مسابقات أخرى، وولذلك فغالبا ما يكتفون بالإدانة الأخلاقية لشباب النوادي وصب اللعنات عليهم، فيما يستمرئ هؤلاء الشباب هذا المسلك الخادع باعتباره يعيد إليهم ما هو حق لهم، ومن غير المتوقع طبعا أن مثل هذا النزيف الأخلاقي لم يخلف جراحا غائرة في مكان ما من جسد الحركة ... جراحا لازال نزيفها اقل في نظر بعضهم من أن يسترعي الإنتباه لمواجهته!
إن ظاهرة نوادي المسرح تعتبر في نظر البعض الحركة الأم لمسرح الهواة في مصر، وهناك من يراها الظاهرة المسرحية الأهم خلال العقود الأخيرة، وتركها عرضة لمثل هذه الاختلالات الهيكلية هو أمر لا ينبغي استمراره أو التسامح بشأنه، وعلى الهيئة العامة لقصور الثقافة أن تتخلى عن روح الإستحواذ البيروقراطي المهيمنة على طريقة تعاملها ونظرتها لعروض شباب نوادي المسرح. وسواء كان الحل الذي اقترحته في ورقة مبادرة التعاون هو الأفضل للتعاطي مع هذه الإشكالية وتجاوزها أم لا، فقد بات لزاما التفكير في التخلص من هذه الوضعية القاسية والمحبطة والتي تسببت، ولا زالت تتسبب، في تآكل أخلاقيات ومسارات حركة نوادي المسرح.



#عبد_الناصر_حنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو أعادة بناء حركة نوادي المسرح (4) من العروض إلى الفرق - خ ...
- نحو إعادة بناء حركة نوادي المسرح (1)
- نحو إعادة بناء نوادي المسرح (2) استعادة الأمل
- حالات مسرح ما بعد يناير: من الاندفاع إلى التبدد .. -فرضيات أ ...
- عن انهيار مسرح الثقافة الجماهيرية 1- نوادي المسرح
- ورقة قديمة حول إعادة بناء مسرح الثقافة الجماهيرية عبر مؤسسة ...
- عن ناس مسرح الثقافة الجماهيرية
- الهيئة العامة للمناورات الثقافية: ومشروع مجدي الجابري!
- التقنيات الأولية لمسرح الشارع
- البارون والكتخدا: ملاحظات عابرة حول الثقافة المصرية في عصر ف ...
- في تحقير مهنة النقد المسرحي: ملاحظات حول نشرات المهرجانات ال ...
- نقاد مسرح الثقافة الجماهيرية: روح الحركة
- نحو تأسيس ابستمولوجيا المدينة : تأملات تمهيدية في نمط حضور ا ...
- دعوة إلى الاحتجاج- من الحظيرة إلى التخشيبة ، وقاحات مركز الإ ...
- حول ظاهرة المسرح المصري
- نمط حضور المدينة : تأملات أولية


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الناصر حنفي - نحو إعادة بناء حركة نوادي المسرح (3) من العروض إلى الفرق