أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل حسن الدليمي - شرائع الوجاء















المزيد.....

شرائع الوجاء


كامل حسن الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 4956 - 2015 / 10 / 15 - 13:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قراءة في كتاب :
شرائع الوجهاء ونوازع الأمراء ونقد الفكر السياسي
كامل حسن الدليمي
ليس من اليسير على الباحث أن يتعرض لنقد التاريخ السياسي في أي عصر من العصور ما لم يكن ملما بجزئيات الحدث التاريخي الذي يشكل العصب الرئيس الذي تستند اليه العملية النقدية برمتها وكثيرا ما يقع الباحثين في تعقب الرواية التاريخية بالخطأ المميت للفكرة في جدلية الترجيح أو التضعيف اذ ا ما عرفنا أن النقد قائم على أساس الفرز العلمي الدقيق بين السليم والسقيم في كل مروي أدبا كان أم تاريخا وتفنيد الحجة الضعيفة بالدليل من خلال قراءة متأنية للحدث من وجوهه الأربعة ومع كل ذلك فلا حقيقة مسلم بها في المروي التاريخي بل هناك اطمئنان نسبي لمن حمل الحجة ورد بالبرهان ذلك أن الشك قائم في أصل الرواية وعملية الوصول إلى الإمساك بالحقيقة النسبية ليس بمقدور الجميع .
ولان الشك هو الخيط المفضي للكشف والبيان فلابد أن تمحص الرواية من خلال إخضاعها لمقاييس عقلية وموضوعية وإجراء مقاربة بين المتضادات وصولا لقناعة ما ، ولعمري إن ذلك يتطلب جهدا جهيدا ويستدعي استحضار تفصيلات دقيقة وجزيئات غائرة من اجل الوصول إلى تحليل قادر على إقناع المتلقي .
ومن الاهداءات الثمينة التي كان لي شرف الحصول عليها هذا العام منتج فكري رصين للباحث الجليل والمؤرخ الفذ السيد علي المرعب كتابه الموسوم "شرائع الوجهاء ونوازع الأمراء" بطبعته الثانية والصادرة من مؤسسة دار الصادق الثقافية الصادرة لسنة 2015 .
وقد تصفحت المتن في قراءة أولى وعرضت ما اطلعت عليه على ما اختزنته ذاكرتي من أحداث تاريخية وهي تتصدى لرصد وتحليل وقائع ربما عدت من المسكوت عنه لخطورة الخوض فيها فهو قراءة ونقد وتحليل لحوادث عصورنا المختلفة "جاهلية ،وصدر إسلام ،أموية ، وعباسية "
وبلا شك تهيبت كثيرا من طرح وجهة نظري في هذا المطبوع المتميز الذي شكل لدي بارقة أمل من أن بمقدور العقل العربي اعادة قراءة التاريخ ورفع كم الخرافات عن كاهله لو أتيح للعقول التي تحررت من العقد وغادرت الاحقاد المصطنعة العمل بتجرد عن أي منفعة ذاتية كما فعل المرعب في "شرائعه" ولا أشك أن صياغة التاريخ بما يقترب من الموضوعية كفيل بالقضاء على الصراعات الفكرية المفضية الى الاقتتال بين ابناء الدين الواحد وتحكيم العقل قبل العاطفة ومن الإنصاف حقيقة أن نشير لهذا المنجز الكبير الذي استند على العلمية في التحليل واستقى مادته الاستشهادية من مئة وسبع وعشرين منهلا بصرف النضر عن الجهة التي ينتمي لها واضع المصدر، الأمر الذي يجعل هذا المطبوع أكثر مصداقية مما يطرح على الساحة أو طرح من قبل وهو يتضمن الكثير من المبهمات التي أفصح عنها المؤلف.
لم يكن لدى السيد علي المرعب خشية من تصريح بحقيقة يتلمسها بعد إسنادها بشكل محكم فقد وصل لمرحلة تدعيم النص بالنص والرواية يقابلها برواية والأفعال بالأفعال مختطا بذلك لنفسه منهجا يتميز بالإنصاف والانضباط العالي والتروي في التفنيد أو الاعتراض على أي حادثة من الحوادث التاريخية التي يتصدى لها واعترف أنني وقفت عاجزا عن إفراز سلبيات قد وردت في هذا المنجز لان حجته قوية وسنده دال على أن الرجل موسوعي تمكن من مادته التاريخية واستحضرها من مصادرها الأصلية ثم تعرض لنقدها بالشكل الذي يفضي بالمتلقي إلى الشعور بأنه قد اقترب أو لامس أو امسك بجزء من هذه الحقيقة ولا أماري إذا قلت أن الرجل في معظم الأحيان سيصفق المتلقي المنصف بقلبه لما توصلت إليه التحليلات المنطقية لمعظم الروايات التي تناولها .
وليس لي وأنا اقرأ على عجالة مثل هذا المنجز إلا أن أتطرق لتفصيلات مادته فاعرضها بشكل قد لا يصل لمستوى الطموح أو لا يقترب من الأسلوب الشيق الذي عرض من خلاله المؤلف مادته التاريخية ، لاسيما أن الكتاب يقع في ثلاثمائة وسبع وعشرين صفحة إذا ما استثنينا المصادر والمراجع ولكنني سأشير وبإيجاز لبعض الحقائق التي وردت مستكملة لعوامل التسليم والرضوخ لصحتها ، ففي حديثه عن معاوية ابن أبي سفيان قال : أن معاوية لم يكن قد اخلص إسلامه ويذكر له حادثة يقول فيها انه ركل قبر الحمزة ابن عبد المطلب برجله قائلا :( إن هذا الأمر الذي كنا نقاتل عليه أصبح بأيدي صبياننا ) ومن هذا القول انطلقت دولة بني أمية وهدفها الحصول على السلطة بصرف النظر عن طريقة الحصول عليها ومدى توافقها مع روح الإسلام فمعاوية أسلم ولم يؤمن وكذا هم معظم الأعراب قالوا بألسنتهم وخالفوا ما تحتكم عليه صدورهم ، ولم يتوقف السيد المرعب من استقاء هذا القول من مصدر يرجح فكرته بل تناول ذلك من مصادر مختلفة وعن إسلامه ذكر أن معاوية استسلم كرها وان معاوية كان من الطلقاء وقد روى هذه الحادثة جمع غفير من المؤرخين عن صاحب الإمامة والسياسة وعن ابن أبي الحديد شارح النهج وجمهرة رسائل العرب وعلي وبنوه لطه حسين وآخرون.
وبهذا يكون سند الرواية رصينا معتبرا ينطلق من تطابق الروايات عند المؤرخين على مختلف مذاهبهم ورواياتهم ، وليس هذا إلا واحد من أدلة أهمية هذا الكتاب وضرورة مطالعته من أجل الكشف عن حقائق بقيت زمنا طويلا مضببة على جمهور المتلقين ،على أن هذه الروايات تعود لمؤرخين بعيدين عن الأهواء والإغواء متسمين بالوسطية والاعتدال.
وفي حديث الثقلين تصبح الصورة أكثر وضوحا فيروي السيد حديثا للرسول ص مفاده ( يا أيها الناس إني تركت فيكم ما أن أخذتم به لن تضلوا , كتاب الله وعترتي أهل بيتي) وإن اختلف اللفظ في هذا الحديث يظلّ المعنى العام له ثابتا القصد منه (القرآن وأهل بيت النبوة ) وارثوا علم محمد الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
وفي مصادر استقاءه لهذا الحديث (صحيح مسلم وصحيح الترمذي ومسند ابن حنبل ومسترك الصحيحين) وهذه هي المناهل التى عدها عامة المسلمون معتبرة لا ينم هذا الاستشهاد على ان الرجل قد تحيز لطائفة بيد أن هناك تحليل أورده في الفصل الثاني في حديث عرب قبل الإسلام ربما اختلف في بعض جزئياته مع سيدي الجليل علي المرعب من خلال رؤيته على العرب وتفضيلهم على بقية العناصر البشرية فأقول: ( لو كان العرب منذ فجر التاريخ محط رحال الحضارات ورسالات السماء في وقت لم يكن من تلك الأمم الآرية إلا مجرد جماعات تعيش على الغارات والكهوف شانها شان مخلوقات الله غير العاقلة وان الكتابة منشأها عربي والقانون منشؤه عربي... فما بال الأمة قد وصلت إلى هذا الدرك الأسفل من الانحطاط رغم أن بقية الأمم على الأرض جذورها التاريخية لم توغل كثيرا في عمق التاريخ البشري بل ان تاريخها يافعا قياسا لما عليه امة محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
ومع العمق التاريخي الذي نزعم نجد الامة اليوم تتسطح وتطفوا صراعاتها على وجه الواقع وتعبر عن توقف الحكمة والمنطق وسيادة السيف قتلا وظلما على الرأي والفكرة تقتتل وعلى الانتماء للطائفة تختلف وعلى عرش السلطة تتهالك .بل قفزت لكل ما لها من تاريخ لتعود امة جاهلية . وهذا ما يفضحه واقعنا مكذبا ومفندا الرواية التاريخية القائلة بعمق حضارة العرب مع شديد احترامي واسمي اعتباري لأطروحات المؤلف الجليل .
ومتابعة لبقية فصول الكتاب نجد فصل مهما قد خصص لنقض العهد ولكونه كفرا وهو من الفصول المهمة لهذا الكتاب والذي عالج قوله تعالى الأعراب اشد كفرا ونفاقا والذي عزا نزول هذه الاية الكريمة إلى ما لقي من نقض العرب لعهودها ففي الوقت الذي يصل فيه رسولنا الأكرم الى عهد وميثاق مع الأعراب على الصلح فسرعان ما ينقضون ذلك قال تعالى ( إن شر الدواب عند الله الذي كفرو فهم لا يؤمنون , الذي عاهدت منهم فينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون ) الانفال 55 / 56 وهذا دليل لا يقبل الجدل أو التأويل لغير مقصده فقد نزلت الآية الكريمة أعلاه في من لا يحفظ عهدا ولا يراعي ذمة وقد تساوى ناقض العهد مع الكافر فكانا في مرتبة واحدة فإذا كان من العرب من ينقض عهده لاشك انه مع الكافر في مقام واحد وهذا يدلنا إلى أن معظم العرب التي نقضوا عهدهم مع الرسول قد كفروا والاثنين في منزلة واحد وهذا مصداق قوله تعالى (لْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/97
بقي لنا ان نشير إلى أن ما تضمنه هذا الكتاب من رواية تاريخية قد تم تمحيصها بشكل علمي دقيق وإعادتها إلى مصادرها الأصلية على أننا لم نجد رواية واحدة لا تتطابق مع مصدرها رغم ان معظم هذه الروايات قد وردت في موضع ما ، ولم ترد في موضع آخر عند باقي المؤرخين حتى وان عدنا لمدونات العصر الإسلامي الوسيط فان هناك الكثير من الروايات التاريخية ورغم الإشارة إلى سندها فلم نعثر عليها في كتب أولئك المشهورين بينما وجدنا أن السيد المرعب توخي الدقة المتناهية في التأكيد على موضع ورود الرواية وهذه الأمانة العلمية تضفي على المطبوع أهمية كبيرة ويجدر أن نقول أن هذا الكتاب قد اختط منهجا جديدا في النقد السياسي للتاريخ مع الأخذ بنظر الاعتبار انه فك الكثير من الإشكالات التي تشكل موضع خلاف لم يتم الفصل فيها إلى اليوم ، مشيرين إلى القراء الكرام بان هذا المطبوع هو انجاز استثنائي بل وإيجاز لعهود تاريخية طويلة قد مرت وهي تحمل بين طياتها الدس والتشويه وخلط للأوراق التي لا تؤسس لقناعة عند المتلقي .
وأود الإشارة إلى حقيقة مفادها أن القراءة المتأنية لهذا الكتاب لايمكن أن تكون تغطية لكل ما ورد فيه من أدلة وبراهين تجعل القارئ أمام خيار التصديق والقناعة على مستوى التحليل والنقد للحدث والمؤلف مفتوح أمام شتى القراءات الموضوعية وهو منجز من الأجدر بالمؤسسات والدوائر المعنية الاهتمام واعادة طباعته ونشره للباحثين وهذه من الأماني الضالة في زمن شيوع الضلال والتعمية وطمس الحقائق ، فتحية لمن عمل فأحسن عمله ودلّ على الصواب من موضع العلم به وليس لدي إلا أن ارفع يد الضراعة لله أن يديم على الباحث نعمة الصحة وإمكانية العطاء في كل ميادين العلم انه سميع مجيب ، والحمد لله رب العالمين .



#كامل_حسن_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد كاظم ومنى يقظان وعالم الطفولة
- عالم الواسطي وسرية البوح
- يوميات مريض
- عين على داغستان وقلب في بغداد
- رحلة مع شاعر
- الدين بين الشعبوية والنخبوية
- معلم النزاهه
- دريد الوسخ
- سكينه أم الكيمر
- بغدادية بلا زيف
- قراءة في كتابالهيرمينوطيقيا ...
- مواسم المطر
- معارك اللسان
- ذياب شاهين بين المرأة والوطن
- إمارة البنفسج
- قراءة في مجموعة صادق الطريحي
- مصائد المغفلين
- قتل أباه وكبّر
- مياسة الحفافة والثقافة
- كوثر وحقوق الانسان


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل حسن الدليمي - شرائع الوجاء