أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سمو - الكلب ..انا ومديرة الثقافة















المزيد.....

الكلب ..انا ومديرة الثقافة


ابراهيم سمو

الحوار المتمدن-العدد: 4956 - 2015 / 10 / 15 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


الكلب ..انا ومديرة الثقافة



ابراهيم سمو

[email protected]





ضجتْ القاعة البهية من صخبها، و..ضجرتْ !

انا..عن نفسي استملحتُ ـ وعن بعدٍ ـ الانغامَ والاصوات الصادرة ،الهادرة ،فدنوتُ الى كوة التذاكر،اراقبُ حين تلقتني الزميلة الشقراء ،تدافعَ الناس في هياج على الدخول، واحلل من ثَمَّ بهجة طفحتْ على حين غرة .

ـ القاصة فاضت..تعبأت !.

فاتحتني الشابة الالمانية ،والسرور يفتتحُ معالمَها ،بل يؤججُ فيها التباشير؛ فخلتُها لسعادتها فراشةً تسبحُ ،وهي تحرّكُ نصفها العلوي، طرباً في العراء ؛من وضعية الجلوس. تقدمتُ متجاوزاً زميلتي ،بلا استئذان نحو البوابة الكبيرة، اكثرَ؛فاكثرَ، ثم غافلتُها امدُّ عنقي، واتقرّى الداخلَ :

المغنية السمراء ،لمحتُها.. تبثُ صداحاً افريقياً عذباً، في الصالة الاوروبية ،غير الفسيحة،وتُسْكِرُالحضور؛بخاصةحين تقرنُ شدوَها الأخّاذ ،ومعزوفَ زميلها غيرالمُضاهى، برقص بديع ،مبدع ،عرفتُ لاحقا انه كان السامبا .

الداخل اي؛ داخل القاعة كان ساكنا ثم اشتعلَ على غفلة، بالضوضاء والنغم،فتحوّلَ المكان والحضور، والمقاعد ،والطاولات، وكذلك الزميلة هناك؛ في كوة البيع ،على المدخل الى كتلة ـ وان منفصلة ـ راقصة.. إلّا انا المتسلل تواً، حيدتُ نفسي، اكتفيتُ بالتلصص ،ولم انغمسْ في اللهو ،مع ان الرغبة ـ لا انكرُـ اغرتْ توحي ببهرجها ،وتستقطب بعناد، لكني صرعتُها.. تغلبتُ على "مجاكرات"دخيلتي، فاجهضتُ "شروش" الانجذاب، كلية الى المجون، حداداًعلى مايدور في وطني، من اباداتٍ وعواصفَ ..بترتُ رغبتي ؛بلى أبطلتُ نداءاتِها المخزيةَ، الى التلذذ والاستمتاع : غمرني اول الامر هاجس : "نصفُ الالف خمسمائة ..يا ولد إلْهُ" . كدتُ اتبعُ النداء ، لولا صورٌغزتني بغتةً فاثقلت قلبي بمشاهد وتداعيات وضعِ اليد على النساء، في بلادنا ومصادرة اجسادهن الملائكية، لحسابات شهوانية.. قارنتُ في عقلي بين النساء في هذه القاعة ،وهنَّ يمارسن حرياتهن بمحض اراداتهن، وبين (" الخَاتُون"نات )المدعشات ؛من اهلي في "شنكال" و"تل تمر"، يُنتهَكن ـ وايُّما انتهاك ـ باسم الله .. تتابعتْ الصور في رأسي،اتصلتْ بمشاعر غيرمتجانسة ، بل متناقضة، ثم لا ادري كيف هلوستُ : "يا اولاد الزبانية "! . من رميتُ بالقدح؛ أداعش ام الراقصون والراقصات هنا ؟. لا اعرفُ ـ والله ـ حتى اللحظة مَنْ عنيتُ؟.. المهمُ وماطفح :ان غضباً استعر في داخلي ،سدَّ محل رغبتي الجارفة الى المشاركة ،وسادني نفور ،بل راودني ان اهبَّ، على من في القاعة، واحداً؛ واحداً ،فابدأ من المغنية الافريقية الرشيقة ..اصفعها ثم ألكُم طاقمها ،وابعثر الجمهور كله، بعد ان اركل الزميلة ،في الكوة واصادرَ قاصتها، دعما لمنكوبي داعش ،اينما كانوا ،ثم التفت الى مديرة الثقافة ،وخلاها من المسؤولين الحاضرين ،فاسخط : "ألا تسمعون يااولاد القطط الاخبارَ او تقرأونها ! ". بيد اني هدأتُني،وتراجعتُ في اللحظة الاخيرة ،التي تسبقُ التنفيذ ،وبعبارة أرق ؛عقّلتُني :" يا ولد اصبر ..اعرف نفسك ..هل انت إلّا حارس هنا ".خفّضتُ بعد تعقّل من روعي ،لكن الكلب المنبطح ،في ممر فاصل قرب المدخل ،اذهلني بل رفعَ من ضغط دمي، فسارعتُ محاولا ؛ان استعيدَ دوري كمتولٍ للرقابة ،وبمعنى اقرب الى الحقيقة ،ك"ناطور" ،استعجلت قدر ما تحتمل ساقاي ،اصطدمُ بالاشياءوالبشر ؛من ذكر وانثى قُدّامي وحولي ،واندلفُ كمقذوفِ مقلاعٍ،الى الدويب الذي لاح منتشيا ـ لكن والحق يُذكَر ـ عاقلا بلا إيذاء ،فاستجمعُ في رأسي عبارات كثيرة، من القدح والذم،تلائم الحال وتعدِّل ـ ولو يسيرا ـ من هياج نقمتي، ولهثتُ كطريدة فرفعتُ ما ان وصلتُ ،قدماً عن الارض ،ابتغي رفسَ وجه داعش اولاً ،ووجوه اللاهين ـ العابثين ههنا ثانيا،عبر التعدي على وجه هذا الاليف، من دواب الله ، لكن صرخة:" شايزيه "؛وهي كلمة ذمٍّ ،واقترانَها بشهقة استتبعتْ : حذار..." يادُومْ"!. ايّ يا احمق ،اجفلتْ كل من كان في القاعة ،وكبحتْ حركة ساقي ،فاستدرتُ بعد السكون الذي عمَّ، الى مصدر الصوت ،تاركا قدمي معلقة في الهواء : السيدة الالمانية الهائجة، بدت في العقد الخامس من سنيها، فضحها تمايلُها ودللَ ـ وهذا ليس بتخمين ـ انها كانت مخمورة ،تهزُّ عَجزها وخصرها ،على ضوء كلمات ،اخذتْ تدندن بها،بل تلحّنها باسلوبها، في القاعة التي سرى لايسودها، عدا صوتها والسكون.. تمايلتْ السيدة؛ تمشي في قالبِ سكران خطوتين اوثلاثا، ثم تنعطفُ الى جهة اخرى ،فتعدّلُ وجهتها ، وهلم جرّا.. تتابع سيرها، حتى كفُّت فجأة عن دندنتها، كي تباشر بعد فاصل لم يطل فترنّمتْ مُجدَّدا لكن بشتمي ، وبصورة دعتني والجمهور ،الى الضحك على كلماتها والاداءالمخمور ..كانت تنتقي ـ رغم السكرـ السباب بحنق يؤلمُ ،وتحكمُ القبضة على لجام حيوانها، الذي شوهد يغتصب ، كما داعش بلادي ، حيزا لايستهانُ به ،من الممرالأيمن، بين المقاعد والطاولات، قرب الباب ،مفترشا بلا شرعية ،وجهه على الارض المفلَّزة ،ماطاً قائميه كزاوية منفرجة؛ حتى يفسح لذيله المتراقص ،في حركة دائرية ،ان يستمتع ويمتعه ..ولا "كأن اخونا الكلب هنا" ،او تسبب في كل هذه القيامة من الشجار..اختلطتُ ..ركبني التبعثر واضطرمتْ اعماقي، فتأتتْ لي الاسباب كي انقمَ ..و ثُرتُ على الكلب ،والمخمورة حائزته ،والقاعة كلها ..."راوس" اي الى الخارج . اطلقت اللفظة مُعنِّفا، وكررتها اثأرُ .."راوسْ" .."راوسْ ". بدّلتْ صاحبة الكلب ،رغم السَكَر الظاهر، من نبرتها : "الحيوان لم يؤذِ". واصلتُ عنادي عابسا، ناظرا الى السقف ،عاضاً على شفتي العليا ،دون ان انبسَ ببنت شفة، فجادلتْ تفاوضني على سكر، وتُنتِجُ تبريرات ،تغلِّبُ عبرها الرجاء ،الا ان عيوني التمعتْ، وانا استحضرُ اهلي ،وهم يُبادون هناك، فانفجرتُ ك"لغم داعشي" : "راوسْ" لا تعني سوى "راوسْ". مُومِئاً بيدي نحو البوابة ...انا ـ وللحقيقةـ لم اكن اتغيّا ان اطبّق النظام ،او أراعي القوانين والتعليمات ،بقدرما كنت اثأرُ، لما يُفعَّل هناك، في وطني من إلغاء ،وحذف ،وتجاوز، ولم يكن الكلب ـ ليعذزني ـ إلّا مدخلَ ذريعةٍ ،كما ان التمسك بالقوانين ،لم يكن سوى مطية ،كي انجز ما خالجني ،فاضمرتُه كردة فعلٍ ،وهددتُ أجزمُ : " "راوس " او اتصل بالبوليس " .اخرجتُ هاتفي الجوال ،وطفقتُ أضغطُ على الارقام ،حين ألحّتْ مديرة الثقافة ،تأمرُني :"خلِّ الكلب في حاله يا سيد" . ذكرتْني باللقب ـ الكنية . " لكن الكلب.. !". تمتمتُ فحسمتْ المديرة نهائيا : " بلا لكن.. وافهم". ابتردتُ في ارضي ،تراجعتُ لبرهة وكدتُ انسحب، لولا ذيلُ الكلب ،الذي ارتفعَ منتعشا، يلوحُ كمنديلِ مسافرٍ ويستفز.. المشهد ـ حقا ـ روَّعني، بل لاح الذيل ـ استميحُ الكلبُ اعذاراًـ كضرّة لي، فسألتُ المديرة بنبرة مساءلة : "ومَنْ يتحملُ المسؤولية "مَايْنِهْ دَامَهْ" ".اي سيدتي. "لاتنزعْ طربَهُ ..اتركْهُ ". أمرتْ المديرة ،فاستشعرتُني أُهانُ ،وتنهدتُ تنفيسا لكَربٍ طواني، فضغطتُ ـ بلا تردد ـ على الارقام، في لوحة هاتفي الجوال : " ضبطُ البوليس مَنْ يقرر إذاً" اجبتُ المديرة متحدياً ،وغاب عني الكلب وذيله ،والمديرة والكتلة البشرية الحاضرة ،وكذلك المغنية الافريقية ،التي غنّتْ ؛تبدعُ في "سامبا"ها والصداح ،وتأكد باعتباري" ناطورا مياوما"، ان هذا المساء ،هو آخر يوم عمل لي، في هذه الدائرة ..لم اكترثْ..لا ولن، لكن الذي عكّرَ عليّ ،اني نكثتُ "العهد القديم" مع الكلب ،كسليل فصيلة، يربطها بعائلتي "تفاهمات وفاء" "أزلية" ؛على الرعاية والامن المشتركين ،هناك في قريتنا ،اوحتى قبل القرية، أنى وكيفما شاءت العائلة وتنقلت.. لا لم احفظ جوهر "البروتوكول العرفي" الأزلي مع الكلب ؛كابن جنسه ..نقضتُ "الآداب والنُظم" ،ولم احرص على شأو مَنْ كانت سلالته، تدأب اباً عن جد ،على استجلاب السكينة والحماية لعائلتي ، فافسدتُ عليه و ذيله ،الخَلْوَة بالموسيقا والطرب، بل النشوة التي خامرته.. وتصاعدتْ في ذهني قولةُ جارنا ،التي يا طالما رددها وقهقهَ :" الكلاب اوفى من البشر" .ابتسمتُ ،لكن ليس على المعنى ،الذي تداعى وحده ،بل افترضتُ في ذهني، لو ابي او جدتي حاضران الآن، لانحازا فورا الى موقف المديرة ،وربما زادا عليها فصفعاني، او زعق احدهما : " لاتنزع رَوَقان الكلب يا قليل الاصل !". " قليل الاصل ؟". تمتمتُ متأذيا من العبارة ،والحيرة تقددني ،فباغتَ اكتئابٌ وجهي والابتسامةَ ثم اندلقَ الى اعماقي فاستوضحتُ اجلدُ ذاتي التي انفصمتْ :" قليل الاصل ؟..أحقا انا( ... ! ) وهؤلاء يرقصون ! وداعش تبيد الوجود !....أحقا قليلُ أصلٍ أنا ..وماذا عن داعش إذاً ؟!.



#ابراهيم_سمو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في-الايزيديين السوريين-ولقاء السيد صالح مسلم
- شنكالُ.. حولٌ على الإبادة
- قائد -قوة حماية شنكال- رهن اعتقال هولير
- التحولات الحاسمة وانشداه المثقف الكردي
- عواصف شاريا وتقصير كردستان
- الخلافة الداعشية والاقليات العراقية
- كوباني -موسيكي وهرجو-
- فوضى (رايس) و..عراق (بايدن)
- شنكال أُسْقِطَتْ (2)..والمجلس الروحاني سقط
- داعشيات كفاح محمود ، او..عقوقيات
- شنكال أُسقِطَتْ ( 1 ) : الدعيُّ والمُحَزَب الايزيدي لدى هولي ...
- شنكال أُسقِطَتْ ( 1 ) : الدعيُّ والمُحَزَب الايزيدي لدى هولي ...
- آل البرزاني × شنكال = مسؤولية - مساءلة
- همسات عن شنكال لأذن هولير
- اقلياته تفنى والاسلام يرضى
- شنكال..جدتي والبرزانية
- سنجار لالش اوكردستان ( مامش ) فعراق داعش
- روج آفا سورية في البرلمان الاوروبي
- اللاجئون السوريون و..ضيافة الجوار
- قانون الانتخاب الرئاسي في سورية ..وقراءة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم سمو - الكلب ..انا ومديرة الثقافة