أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - حياة افتراضية_ثرثرة من الداخل














المزيد.....

حياة افتراضية_ثرثرة من الداخل


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1359 - 2005 / 10 / 26 - 10:20
المحور: الادب والفن
    


التركيز الدائم على المعاناة الشخصية أو بالعكس الإفراط في تجاهل المشكلا ت الذاتية وحتى إنكارها, مشترك أساسي في جميع حالات سوء التكيّف. أيضا مع كلمة توازن تلتبس العديد من الوضعيات المختلفة كالحياد والوسطية والبرود أو التجاهل, ومن المتعذر دوما الكلام عن قانون شامل يشرح حالة الفرد الإنساني ويتضاعف التعقيد في العلاقات والمجتمع.أنتمي إلى ذلك الصنف المعذّب من البشر, الذي يتركّز اهتمامه فيما ينقصه, ولا يستهويه سوى الجديد والمجهول وما لم يجرّب بعد, لذا تراني دائم التنقل بين الأفكار والهلاس والأحلام,في الجنازة أفكّر بالمواليد الجدد وفي الأعراس بالذين يموتون الآن للتو.
تلك الفكرة رافقتني طويلا, كثيرا ما أنساها في تجاربي الحدّية في اليأس والخيبة كما في العشق والنجاح, وذلك من الأسباب المباشرة التي تدفعني إلى الانغماس الشديد في اللهو تارة أو تدفعني إلى الرغبة في الصحو والوصول إلى التركيز العميق تارة أخرى.
أميل إلى الاعتقاد بأن التطرّف والتعصّب وجهان لعملة واحدة, وهما دوما ممارسة_ردّ فعل على حدث أو ذكرى يسببان الألم الشديد, بما يتعذّر تحمّله بشكل واعي, وهو ما يفقد جميع أشكال النصائح والمواعظ والوصايا المباشرة,أي تأثير على وعي فرد مشّوش ومضطرب.
*
بعد صدمة دمشق تحّولت إلى ممثل بائس, يخلط بين الأدوار التي يؤديها بقناعة , على مسارح القوميين والشيوعيين والعبثيين وبين صفحات حياته شبه البيضاء, حتى ذلك الحين.
ستبدأ الفواصل بالتشكل بين الكلمات والأشياء والمعاني وبين الكتل البدائية في الأخلاق والمعرفة, مع كل ابتعاد تسقط قناعة ومع كل حركة تضاف آلية حماية جديدة. الثقة والوضوح, البهجة وتقبل المختلف,راحت تنحسر بالتدريج وتفسح المجال للحذر والقلق.
بضعة أفكار ثابتة تشلّ تفكيري, وتتركني نهبا لأكثر التصورات المؤلمة تعصف في دماغي وتصيبني بالجنون,ما زالت أقوى من اليوغا والعلاج المعرفي,بل إنها أقوى من الحب نفسه.
أتعبني التفكير بهذا الاتجاه وحاولت الفرار منه,مشيت على طريق الزراعة, قرب المدينة الجامعية التي كانت حتى الأمس القريب للصبايا وفيها كانت تسكن أجمل نساء سوريا, لأسباب أجهلها وفي مقدمها الغباء,فصلوا سكن الشباب عن البنات, تحوّلت المدينة الجامعية التي كانت زينة اللاذقية إلى شبه ثكنة عسكرية مفصولة بالجدران والأسلاك عن المدينة.
بعد المشوار المسائي ورؤية بعض الأصدقاء لم تتبدد كآبتي, عدت إلى مشروع شريتح,معتكر المزاج, الكمبيوتر, التلفزيون, كأس متوسط, كلها لم تجدي نفعا, وبعد رنّة هاتف من صديقتي في البلد الآخر تغيّر كل شيء, سأصبّ كأسا جديدا بصحتها, وبعد ذلك مع بيسوا وكتاب اللا طمأنينة, أختم يوما ليس بالسيئ أبدا مع هذه الرفقة, صحيح وجودهم افتراضي, ومع ذلك هم أقرب إلى نفسي من حياتي الفعلية المليئة بالوحشة والفراغ.
*

أخيرا جاء الصباح الجديد, صباح مفرد لا يتكرر أبدا. حتى منظر الجدران والستائر من الداخل, لهذه الغرفة المسكونة كثيرا قبلي, هو يختلف عن كل ما سبق, الورقة التي أكتبها الآن والصرصور الهارب من تحت الباب, وحتى الرسائل التي تصلني بعد قليل, هي أشياء تحدث مع الجميع بشكل مختلف, كذلك الأحلام والأفكار التي أظنها تخصّني وحدي, في هذا الحيّز وفي هذه اللحظة, كل ما يحدث لمرة واحدة, ويختفي بعدها.
يوما بعد يوم تخنقني الأشياء التي عليّ التعامل معها باستمرار وبشكل متكرر, العودة إلى شريتح وما يدعى بيتي وهو ليس كذلك_ لا تسامحهم يا إلهي..............هنا يتعذر النسيان
ويصعب عمل أي شيء مفرح وبهيج.
سأصير رجلا بعد قليل, أليس الرجل في اللاذقية ودمشق, من يتابع حياته اليومية بلا إحساس, وشبه مخدّر ويفصله عن الحياة, حياة كاملة لا يشعر بها ولا يريد أن يعرف عنها أي شيء.. .أحيانا أرغب بصدق في نسيان كل ما عدى أفعال الغريزة والعادة, وألحق بتلك السعادة التي يغرقون فيها بلا أفكار وقلق.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب والسياسة_ثرثرة من الداخل
- لماذا الآخر السوري
- اللاقانون _ثرثرة من الداخل
- وردة الكينونة_ثرثرة من الداخل
- دخان ويوغا_ثرثرة من الداخل
- اللاطمأنينة_ ثرثرة من الداخل
- ظلال منكسرة_ثرثرة من الداخل
- الغضب والعزلة
- الأوهام_ثرثرة من الداخل
- مأساة هدى أبو عسلي_مأساة سوريا
- العين الثالثة_ثرثرة من الداخل
- ابن الكل_ ثرثرة من الداخل
- ثرثرة من الداخل(2) تحت الشخصية
- الآخر السوري_ثرثرة من الداخل
- لو أن الزمن يسنعاد
- الزيارة
- الذكاء العاطفي السوري(الكنز المفقود)
- محنة النساء في سوريا
- نساء سوريا الغبيات
- على هامش مهرجان جبلة الثقافي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - حياة افتراضية_ثرثرة من الداخل