المحافظون الجدد في بابل الحلقة الثانية

سعد سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 1359 - 2005 / 10 / 26 - 12:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

(الخلفية الاستراتيجية والفلسفية للمحافظين الجدد)

يشكل الاستراتيجي البرت ولستيتر-توفي 1997- المرجع الاساس على المستوى الاستراتيجي وألاب الروحي لاستراتيجية المحافظين الجدد التي تسيطر على العالم الان.و يذهب الدكتور عماد فوزي شعيبي في كتابه عن( اليمين والمحافظون الجدد) الصادر عن دار كنعان في دمشق 2003.الى ان ولستيتر الذي كان من ابرز مؤسسي مؤسسة (راند كوريوريشن) كماكان من ابرز اباء ما يسمى بالقانون النووي الامريكي وقد وضع في قفص الاتهام مبدأ الردع أو التدمير المتبادل الاكيد وبناء على نظريته الجديدة فان معادلة الردع غير اخلاقية بسبب ما تهدد به من دمار للسكان المدنيين ومع ذلك لا يطالب ولستيتر بنزع كامل لاسلحة الدمار الشامل لان وجودها ضمانة للديمقراطية! ويقترح ما يسمى بالردع التدريجي يتم من خلاله القيام بحرب محدودة يستخدم فيها السلاح النووي التكتيكي والاسلحة الذكية ونقد ولستيتر مراقبة التسلح النووي في العالم التي جرت بالتناغم مع موسكو لانها تعطل القدرة الامريكية وهذا يفسر دعوات البنتاغون لالغاء المعاهدات التي وقعت مع الاتحاد السوفياتي سابقا. ويذهب مؤلفا كتاب التفرد الامريكي ان كلا من فولفويتز وريتشارد بيرل هما من مريدي ولستيتر حيث اصبح فولفويتز ربيبا لولستيتر كطالب للدكتوراه في جامعة شيكاغو في أواخر الستينات وعندما كان بيرل طالبا في الدراسات العليا بجامعة برنستون دعاه ولستيتر الى واشنطن ليعمل مع فولفيتز على بحث عن معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية التي كان ولستيتر يعارضها بشدة وفي وقت لاحق ساعد الاستاذ في ادخال بيرل الى الدوائر السياسية في واشنطن ،وقد اهدى بيرل كتابه(نهاية الشر) الى ولستيتر.
اما عن الخلفية الفلسفية للمحافظين الجدد فترجع بجذورها الى معلمهم الاول ليو شتراوس ويربط الكثيرون تبلورالجماعة كظاهرة على يد هذا الفيلسوف اليهودي الأمريكي من أصل ألماني الذي ولد في العام 1889 في ألمانيا وعاش فيها حتى العام 1937م، ثم انتقل في هذا العام إلى أميركا قبل الحرب العالمية الثانية وعاش حتى العام 1973م، ويعد هذا المفكر واحدا من أهم شراح هوبز وافلاطون من وجهة النظرية السياسية.فكان مؤرخا لأفكار هذه النظرية بين القديم والحديث.وقد خص هوبز بدور المرجع الاول لليبرالية،الانغلوأمريكية تحديدا، وقد عمل شتراوس بعد وصوله للولايات المتحدة الأمريكية أستاذاً للفلسفة في جامعة شيكاغو بعد أن كان قد شهد بشكل ملموس ما أسماه انهيار الديمقراطية البرلمانية الألمانية على يد النازيين والشيوعيين في آن معاً، ولذلك حقد على الأيديولوجيات التوتاليتارية حقداً شديداً وقال إن صراعاً حتى الموت أصبح مفتوحاً بين الديمقراطية وهذه الأيديولوجيات،(لنلاحظ هنا بذور أطروحة فوكوياما) ووصف هذا الصراع بأنه صراع بين الخير والشر وهو ما طبقه ريغان بخصوص الاتحاد السوفياتي الذي سماه امبراطورية الشر، وبوش الابن الذي كرس كل جهوده لمحاربة ما أسماه محور الشر وبالتالي شنُّ حربٍ عسكرية وممارسة ضغوط سياسية على منطقة الشرق الاوسط بوصفها حسب وجهة نظر الإدارة الأمريكية الحالية (بؤرة الإرهاب الشرير) وبعد الاكتشاف العجائبي لهذا الفيلسوف من قيل المحافظين الجدد أخذوا اليوم يتذرعون بالهوبزية،حسب ترجمة شتراوس لها(لا سيما كتابه الفلسفة السياسية لهوبز) بما يؤول بالمنطلقات النظرية للواقعية الانكلو أمريكية الى نسج ايديولوجيا للنظر والعمل معا.ويراد لهاان تؤسس استراتيجية شمولية تعتمدها أكبر(قوة دولتية) يشهدها العصر.على حد تعبير(مطاع صفدي) في كتابه(نظرية القطيعة الكارثية)،مركز الانماء القومي،بيروت،2005،ص115.
وتذهب باربارابويد في مقال لها حمل عنوان(معلم شتراوس والمحسن اليه كارل شميث الحقوقي النازي)نشر في الموقع www.nysol.searabic الى ان شتراوس قد اعتمد على كثير من التوصيات التي قدمها الحقوقي النازي شميث لاكتساب وتوسيع زمالة روكفلر لدراسته عن توماس هوبز و شميث هذا الحقوقي النازي1888-1985 بات من المعروف انه قد استعان بالعديد من المصادر بما فيها القانون الروماني ونابليون وروسو وكانط وهيجل لكي يقدم نظرية مصطنعة في القانون أفضت الى التخلي عن دستور جمهورية فايمر واضفت الشرعية على اعتلاء هتلر للسلطة.
وبعد الحاح من فيلسوف الوجودية مارتن هيدجر انضم شميث الى الحزب النازي ووقف الاثنان معا هيدجر وشميث في خط واحد بتاريخ 1-5-1933 للانضمام للحزب بعد ان اتفقا مسبقا ان ينضما معا. واخذ شميث يطور نظرية نازية في القانون تتضمن حذف كلمة(انسان) من القانون المدني الالماني. وقد اشارت المؤلفة الى وثائق EIR التي كشفت عن ان تعيين هتلر مستشارا لالمانيا بتاريخ30-1-1933 قد تم بدعم مباشر من جد جورج دبليو بوش ومجموعة مصالح مورغان وعدد من اصحاب الاموال البريطانيين.!
ومن اهم اتباع ليو شتراوس(ألان بلوم) صاحب كتاب (انغلاق العقل الامريكي) وهو معلم المحافظ الجديد بول وولفوفيتز . كما يعد صديق حياته،المهاجر الروسي في باريس(اليكساندر كوجيف) وفي مقال لجيفري شتاينبرج وباربرة لويد، عنوانه (لديك تشيني ارتباط فرنسي بالفاشية) نشر في مجلة EIR، في9 ابريل 2003،www.nysol.searabic. ذهب المؤلفان الى ان شتراوس كان يرسل تلاميذه البارزين الى باريس للدراسة تحت يد كوجيف لهذا كان ألان بلوم يحج سنويا الى باريس بدءا من عام 1953 الى يوم وفاة كوجيف 1968 ليغمر نفسه بمعتقدات كوجيف النيتشوية الفاشية. ومن الجدير بالذكر ان كوجيف يعد احد مهندسي المجموعة الاوربية ووحلقاته الدراسية غير الرسمية في وزارة الاقتصاد الفرنسية كانت مدرسة تأهيلية لعدة اجيال من الشتراوسيين الامريكيين والاوربيين المتطرفين واهمهم فرنسيس فوكوياما مؤلف كتاب(نهاية التاريخ) وهذا الكتاب هو هجوم كوجيفي يرتقي بنابليون بونابرت كبطل التاريخ الحديث لانه احدث الولادة الاولى لنظام استبدادي عالمي واحد.!
واذا كان هذا شتراوس فان الشتراوسية كحركة ذات تأثير فاعل تدعو الى مجموعة من الافكار العامة ذات الصلة بالسياسة الامريكية الحالية، يلخصها الاستاذ شاكر النابلسي في مقال له حمل عنوان: المحافظون الجدد والليبرالون الجدد بين الواقع ومهاترات الغوغاء،بالاتي:-
-رفض الحداثة وتفضيل المنطق على التفكير
-استعمال الكذب والخداع للمحافظة على السلطة
-فرض الدين على الجماهير وابعاده عن الحكام
-استعمال القوة لكبح العدائية لدى البشر من خلال دولة قوية كابحة
-الإيمان بالريادة الأمريكية الخير

وحين كانت الحرب الباردة على أشدها ،كان شتراوس يدعو إلى عسكرة الديموقراطية. كان يقول إن الديموقراطية لا تكون قادرة إلا إذا كانت قوة عسكرية باطشة. وكان يدعو إلى زيادة تسلُّح الولايات المتحدة وإلى رَصْدِ جميع الإمكانات المتاحة للسلاح. فالحرب، في رأيه، تُربَح بالردع قبل أن تبدأ العمليات العسكرية والمعارك. وكان شتراوس يقول إن على الديموقراطية أن تستغل كلَّ طاقاتها لتحقيق أهدافها. وقد برَّر وجود سلطوية مطلقة وديكتاتورية فاشية. هكذا يلتقي الضدُّ في مبادئه ضدَّه
وعلى أساس هذه الأفكار، عمل مايكل لادين، أحد "الخبراء" في فلسفة ميكافيلي السياسية فأصدركتابًا عام 1972 سمَّاه الفاشية العالمية، دارسًا الفاشية الإيطالية. وكان يحلو له التمييز بين "الحركة الفاشية" و"النظام الفاشي": النظام ديكتاتوري؛ أما الحركة ففيها تكمن الطاقة على التغيير. أي أن الحركة الفاشية تلغي القديم، تمحوه لتظهر العناصر الدينامية الجديدة. ومن هنا راح يدعو إلى حركة جديدة – فاشية بالطبع – لا تظهر في بلد واحد، بل في العالم كلِّه. وعلى الولايات المتحدة أن تكون العامل الذي يحرِّر دول العالم كلَّها من الأفكار القديمة. فهذا دورها في "الثورة" المقبلة، أو في ما سمَّاه "التدمير الخلاق"، الذي أوجَزَه على النحو الآتي:
التدمير الخلاَّق غايتنا في بلادنا وفي العالم. علينا أن نهدم النظام القديم، كلَّ يوم، وفي الميادين كلِّها، من التجارة إلى العلوم فالأدب فالفن فالسينما فالسياسة والقانون. كان أعداؤنا، على مدى التاريخ، يكرهون هذه الزوبعة من الطاقة والخلق، لأنهم رأوا فيها تهديدًا لعاداتهم وتقاليدهم (مهما كانت)، ولأنها تجعلهم يشعرون بالعار لعجزهم عن مواكبتها. وما إن يدركوا أن أمريكا تخرِّب مجتمعاتهم التقليدية يخافون منها، إذ لا يريدون ذلك. فهم لا يشعرون بالأمن لمجرَّد وجودنا؛ مجرَّد وجودنا، لا سياستنا، يهدِّد شرعيتهم. لذلك يهاجموننا كي يستمروا على ما هم عليه. لذا علينا أن ندمِّرهم كي ندفع إلى الأمام مهمتنا التاريخية. قيصر عفيف،أولئك "المحافظون الجدد" الأمريكيون ليسوا محافظين ولا جددًا،مقال منشور في موقع معابر،على شبكة الانترنيت الدولية.

#سعد_سلوم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات