أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سها بيومى - تأملات فى اللانظام الدولى: حول اتفاقية التنوع الثقافى















المزيد.....

تأملات فى اللانظام الدولى: حول اتفاقية التنوع الثقافى


سها بيومى

الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 10:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التفاؤل القلق:
تأملات فى اللانظام الدولى: حول اتفاقية التنوع الثقافى
على الرغم من تحفظاتى الشديدة على هذه المؤسسات الدولية البرجوازية، من حيث نشأتها، وتكوينها، وأساليب عملها، وأولوياتها، إلخ، بل على فكرة القانون الدولى والشرعية الدولية فى حد ذاتهما كما هما مطروحان اليوم ومنذ ظهورهما، إلا أننى أؤمن بإمكانية استغلال هذه المؤسسات المعيبة لتحقيق بعض الانتصارات المحدودة، أو على الأقل إظهار أى شكل من أشكال المقاومة ضد هذا اللانظام الدولى.

قد تكون الولايات المتحدة هى القوة العظمى التى تفرد عضلاتها داخل مجلس الأمن – وخارجه بالطبع – إلا أن الحال ليس كذلك بالنسبة لها فى مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى، وخاصة تلك المتعلقة بالقضايا الثقافية والاجتماعية وقضايا حقوق الإنسان وأخيرا – وقد يتهمنى البعض بالتفاؤل أو السطحية فى ذلك – فى قضايا التجارة الدولية. الأمثلة على ذلك كثيرة ومن أهمها خروج الولايات المتحدة من منظمة اليونسكو لقرابة العشرين عاما، إدانة الولايات المتحدة وعدم تجديد عضويتها فى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى إبريل 2001، انسحاب الولايات المتحدة وإسرائيل من مؤتمر دربان (بجنوب أفريقيا) المناهض للعنصرية بسبب إجماع الدول المشاركة على إدانة الصهيونية كشكل من أشكال العنصرية والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطينى، وغيرها من الأمثلة التى تزيد من جهة من العداء الدولى للولايات المتحدة وتؤكد من جهة أخرى على الأقل على وجود رغبة فى المقاومة، والفضل الأول فى ذلك يرجع إلى جهود المجتمع المدنى الدولى والحركات الشعبية أكثر بكثير مما يرجع إلى إرادة الحكومات.

وقد تحقق هذا الأسبوع انتصار جديد فى مواجهة الإمبريالية الأمريكية الثقافية من خلال التصويت "التاريخى" للمؤتمر السنوى العام لليونسكو يوم الخميس الماضى 20 أكتوبر لتبنى الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافى والفنى.

تؤكد هذه الاتفاقية الدولية الملزمة قانونا على أن "التنوع الثقافى هو سمة مميزة للبشرية" وأنه "يشكل تراثا مشتركا للبشرية"، وتنوه بضرورة "إدماج الثقافة كعنصر استراتيجى فى السياسات الإنمائية الوطنية والدولية"، وتقر بأن "حرية التفكير والتعبير والإعلام وتنوع وسائل الإعلام يكفلان ازدهار أشكال التعبير الثقافى داخل المجتمعات"، وتؤكد على أن الأنشطة والسلع والخدمات الثقافية تتسم بطبيعة مزدوجة، اقتصادية وثقافية، بوصفها حاملة للهويات والقيم والدلالات، وعلى أنها لا يجب أن تعامل من ثم على أنها ذات قيمة تجارية فحسب أو تخضع للقواعد الجارية للتجارة الدولية.

كما تلاحظ الاتفاقية أن عملية العولمة، التى يسرها التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، لئن كانت تخلق ظروفا لم يسبق لها مثيل لتعزيز التفاعل بين الثقافات فهى تشكل أيضا تحديا يواجه التنوع الثقافى، وخاصة بالنظر إلى ما تولده من صور اختلال التوازن بين الدول الغنية والدول الفقيرة.

كما تهدف الاتفاقية إلى التأكيد على أهمية الصلة بين الثقافة والتنمية، وبالأخص بالنسبة للبلدان النامية، ودعم التدابير المتخذة على الصعيدين الوطنى والدولى لضمان الاعتراف بالقيمة الحقيقية لهذه الصلة،

ولذا فهى تنشئ صندوقا دوليا لدعم التنوع الثقافى، وتلزم البلدان المتقدمة على تيسير المبادلات الثقافية مع البلدان النامية بمنح معاملة تفضيلية لفنانى هذه البلاد وسائر مهنييها والعاملين بها فى مجال الثقافة، وكذلك لسلعها وخدماتها الثقافية.

فى أثناء المناقشات حول مشروع الاتفاقية، قامت الولايات المتحدة بتقديم 28 اقتراح بالتعديل، تهدف جميعها إلى تفريغ الاتفاقية من مضمونها، ورفضت جميعها بالتصويت (بقى شكلهم وحش قوى)! ومما لا يصدقه عقل أن قامت كوندوليزا رايس بإرسال خطابات شديدة اللهجة لرؤساء وفود جميع الدول المشاركة فى المؤتمر العام لليونسكو (154 دولة) تعبر عن "إحباط" الولايات المتحدة بسبب ما يحدث فى المؤتمر العام بحجة أنه من الممكن إساءة استخدام بنود هذه الاتفاقية لتقييد حرية التجارة، ورغبتها فى عدم إساءة تفسيرها على أنها تجيز للحكومات فرض إجراءات حماية تجارية خلف قناع حماية الثقافة. ويشمل الخطاب مغالطات متهافتة وحقيرة من نوعية "شعور الولايات المتحدة بالقلق من أنه من الممكن أن تسيء الدول الأعضاء تفسير الاتفاق وتعتبره أساساً لوضع حواجز جديدة غير مسموح بها أمام المتاجرة بالسلع والبضائع والخدمات أو المنتجات الزراعية التي قد ينظر إليها على أنها "’تعبير ثقافي’". وينتهى الخطاب بالتأكيد على"اعتقاد الولايات المتحدة بأنه من الضروري القيام، بدقة وعناية، بتحديد نطاق بنود الاتفاقية لضمان عدم إمكانية إساءة تفسيرها لتبرير إجراءات من

شأنها أن تؤثر على حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويجب، على الأقل، إعادة صياغة الاتفاق المقترح بحيث لا يمكن إساءة تفسيره لإجازة إجراءات تحد من حرية التعبير أو تقيد تدفق المعلومات. إن الولايات المتحدة بلد يتسم بالتعددية الثقافية وهي مؤيد نشط للتعددية الثقافية المرتكزة إلى حرية الأفراد في اختيار كيفية تعبيرهم عن أنفسهم وكيفية التفاعل مع الآخرين. إن تقرير الحكومات ما يمكن للمواطنين قراءته أو الاستماع إليه أ و مشاهدته تحرم الأفراد من فرصة اتخاذ خيارات مستقلة بشأن ما يرون أنه ذو قيمة وشأن".

وعلى الرغم من "إحباط" الولايات المتحدة (وإسرائيل بالطبع)، إلا أن المؤتمر العام أجاز الاتفاقية بالتصويت، بموافقة 148 دولة، وامتناع 4 دول عن التصويت هم أستراليا وهندوراس ونيكاراجوا وليبريا (عارفين طبعا ليه) ورفض دولتين (يا ترى مين؟؟؟) الولايات المتحدة وإسرائيل...

وأصبح موقف الولايات المتحدة منتقدا للغاية، حيث أخذ مندوب الولايات المتحدة فى الدفاع عن موقف بلاده وبعد أن أفلس من الحجج الدبلوماسية، بدأ يقول إن هذه الاتفاقية سيكون من شأنها منع بعض الدول لأفلام هوليود، فما كان من وزير الثقافة الفرنسى إلا أن أخذ الكلمة و"كبسه" قائلا إن "هذا بالضبط هو المطلوب! فما معنى أن يكون 85% من تذاكر السينما فى العالم هى لدخول أفلام هوليود؟ فى حين أن هناك أشكال أخرى من التعبير السينمائى فى العالم ولكنها للأسف لا تحظى بالأموال الطائلة لشركات هوليود وقدراتها التوزيعية الهائلة. وأن هذه محاولة من المجتمع الدولى لمجابهة المد الثقافى الأمريكى الذى يدهس الأشكال الثقافية الأخرى تحت مظلة العولمة".

من الجدير بالذكر أن هذه الاتفاقية تشكل عاملا جديدا لسوء العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، فى الوقت الذى يتعذر فيه على الجانبين وجود حلول لخلافاتهما التجارية، بالذات فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية، ورفض الاتحاد الأوروبى، وخاصة فرنسا، إخضاع المنتجات الثقافية لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية، باعتبار أن المنتجات الثقافية تتمتع بطابع إنسانى لا يمكن إخضاعه لاعتبارات الربح والخسارة التى تحكم العلاقات التجارية، وهو بالطبع ما لا تستطيع الولايات المتحدة أن تتفهمه! وقد ألمحت الولايات المتحدة ـ بأسلوب "استنونى برة بقى!" ـ إلى أنها ستقوم باللازم لمنع دخول اتفاقية حماية التنوع الثقافى حيز التنفيذ، عن طريق ممارسة ضغوط على الدول حتى لا تصدق على الاتفاقية، حيث إن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ يتطلب تصديق 30 دولة عليها. كما أنها، على سبيل "الغلاسة"،عند التصديق على ميزانية اليونسكو، صوتت وحدها ضد الميزانية!!

من الجدير بالذكر أيضا أن فرنسا وبريطانيا (حليف الولايات المتحدة الأعظم فى القضايا الاستراتيجية) وجميع دول الاتحاد الأوربى بالإضافة إلى سويسرا هى التى تبنت مشروع هذه الاتفاقية، وبمتابعة عملية المفاوضات والنقاشات نجد إسهاما كبيرا للعديد من دول الجنوب وخاصة دول أمريكا اللاتينية والعديد من الدول الأفريقية.

وحاولت أن أبحث عن مساهمات مصر فى النقاشات، فلم أجد شيئا على الإطلاق وأكن الموضوع لا يخصنا من قريب أو من بعيد!!! مندوب مصر كان فى الأغلب نائما متخيلا مثلا أنه فى جلسة من جلسات مجلس الشعب! يذكرنا هذا بالدور الذى "لم" تلعبه مصر مثلا فى مؤتمر كانكون بالمكسيك فى 2003، فى إطار المؤتمرات الوزارية لمنظمة التجارة العالمية، والذى اعتبر انتصارا خطيرا لدول الجنوب لعبت فيه مجموعة ال 77 (مجموعة الدول النامية بالإضافة إلى الصين) بقيادة الصين والبرازيل دورا تاريخيا بوضع مصالح دول الجنوب على أجندة المباحثات والدفاع المستميت عنها، مما أدى إلى فشل المؤتمر بسبب عجزه عن التوصل إلى اتفاقات، مما يعد فى حد ذاته إنجازا هاما. وفى خضم هذا الصراع اكتفى ممثل مصر فى المؤتمر (الدكتور يوسف بطرس غالى طبعا... هو فيه مين غيره؟) بالتقاط الصور الصحفية له مع المشاركين!!! العيب مش عليه!!!!!!!!

ختاما أود أن أقول، وقد يعتبر البعض هذا تفاؤلا منى، أننى من المؤمنين بأن سياسات الإمبريالية الأمريكية ستساعد المقاومين على عزل القوى الإمبريالية على مستوى ما يسمى بالمجتمع الدولى أكثر فأكثر وعلى فرز أشكال متنوعة من المقاومة. فلنعتبره شكل من أشكال "التفاؤل القلق"!

سها بيومى كاتبة مصرية



#سها_بيومى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سها بيومى - تأملات فى اللانظام الدولى: حول اتفاقية التنوع الثقافى