|
المقدس في حياة الناس
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4951 - 2015 / 10 / 10 - 21:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لابد من البحث في تأريخ هذا المشكل ، ومعرفة الاسباب التأريخية لظهوره ، والاهداف التي لاجلها ظهر وتقدس ، وحل في اللغة . الحديث عن المقدس في حياة الناس واللغة ، يختلف من باحث لاخر ، ومن بلد لاخر ، ومن لغة لاخرى ، وحسب الاطلاع والادراك ، ووصول الباحث أو الكاتب الى المعطيات التي يحتاجها ، ويرتبط بالتحليل الصحيح لهذا المشكل ، وأين وجد ، وفي أي جغرافيا من الكون ، وأي عقيدة كانت الاولى في تبني المقدس في اللغة ، لتحكم به حياة الناس . لابد من كشف من إستخدم المقدس ، ومن تجرأ وكسر حاجز المقدس ، ومن نقله إلى حياة العرب والمسلمين ، في المنطقة العربية ، ورسخه في لغة العرب . الحديث عن المقدس في اللغة العربية بوصفه ضاغط يحول دون كون اللغة العربية بمرونة تتلاءم وتطورات العصر ، وهناك مجلة حوار في الخمسينيات من القرن الماضي ، في بيروت ، وكتابها ( علي أحمد سعيد و يوسف الخال وأبو شقرا ) وغيرهم من اللذين روجوا في إطروحاتهم الجديدة للثقافة العربية بشكل عام ، والخطاب الشعري بشكل خاص ، سوقوا مسألة المقدس داخل اللغة العربية . وإرتباط هذه الجماعة والمجلة بالجامعة الامريكية معروف ، وهناك إعترافات لبعضهم في مذكراتهم ، بأنهم روجوا للمقدس لغايات ليس الحديث عنها الان ، والحديث هنا لاعلاقة له بعقيدة معينة ولادين ما ، بل هو خطاب ثقافي . العقيدة المسيحية في تطوراتها النهائية ، التي هي بداية تقويض الكنيسة ، في حدود القرن السادس عشر ، وزمن صكوك الغفران ، والثورة التي حدثت آنذاك كانت على يد مارتن لوثر ، أحد منجزاتها إنهاء مرحلة إحتكار النكيسة للانجيل ، ومعنى ذلك أن الانجيل كان مكتوبا باللغة اللاتينية التي لايفهموها الاوربيون ، وهي فقط لغة الكنيسة ، أو اللغة الكنسية ، وخصوصا هي لغة بعض رجالات الكنيسة ، فكان المقدس موجودا داخل اللغة اللاتينية ، إلى حد أن التصور الشعبي فهم أن اللغة اللاتينية وجدت لكي يسجن داخلها الكتاب المقدس ، أو يسجن تجليات الاله الواحد ، واصبح التصور عن اللغة اللاتينية تصورا سلبيا . أحد أهم منجزات مارتن لوثر الذي وضع أوربا على طريق الحداثة ، أنه ترجم الانجيل إلى اللغة الالمانية ، وبعدها تمت ترجمت الانجيل من الالمانية الى الانكليزية في بريطانية ، وبدأت الثورة على سلطة الكنيسة . مجموعة حوار سواء كان ترويجهم للمقدس بقصد أو بدونه ، أسقطوا مشكل المقدس من اللغة اللاتينية على اللغة العربية ، وقد إعترفوا أن الفكرة كانت أمريكية . بعض الاساتذة والكتاب لديهم محاذير تمنعهم من الحديث عن فكرة المقدس في اللغة العربية ، وحياة الناس ، حتى لايفهم الاخرون بأنهم يريدون الاساءة الى عقيدة معينة ، والخوف من إستغلال رجال الدين الامر لتصفية الخصوم أو المعترضين ، وإدامة سلطة المقدس التي صادرت كل شيء في حياة الناس ، وإكتفى بعض الكتاب أو المتحدثين بوصف الخطاب بأنه ثقافي ، وهو في حقيقته خطاب موضوعي لوصف الاشياء كما هي . هذا ما عند الاوربيين وماكانت سلطة الكنيسة تحتكره ، لتضع حاجزا أمام العقل لسجنه في سجونها ، ومن يتجرأ عليها ويخرج على المقدس يقطع لسانه أو يصلب ... وننتقل الى المقدس عند المسلمين ، وخصوصا العراق وتحديدا الشيعي منه . الرسالة العملية ( للمراجع ) : تعتبر مقدسة ولايجوز الاعتراض عليها ، ويحرم إنتقادها وإنتقاد من كتبها ، وغير مسموح الاقتراب منها ، وفي بداية القسم الاول منها وهو ( كتاب التقليد ) نجد الحواجز والموانع التي تعتقل العقل : التقليد مسألة 1: يجب على كلّ مكلَّف لم يبلغ رتبة الاجتهاد أن يكون في جميع عباداته ومعاملاته وسائر أفعاله وتروكه مقلداً أو محتاطاً. مسألة 2: عمل غير المجتهد بلا تقليد ولا احتياط باطل . هنا نجد المؤسسة الدينية تلغي عقل الانسان ،وتمنعه من التفكير ، وتحتكر اللغة والتعلم والقرآن الكريم لها فقط ، كما سجنت الكنيسة الانجيل داخل اللغة اللاتينية . ومع ذلك عندما نقرأ رسائلهم ( العملية ) وبالطبع هنا لانعمم ، المقصود هو المراجع الاعاجم الذين نصفهم بسلطة الكنيسة داخل الجسد الاسلامي او الشيعي ، نقف عند قوة لغة وبلاغة كتابتها ، وأنها لاتخاطب عصرنا هذا ، ولاتصلح له ، وكأنها موجه لعصر الصحابة والتابعين ، وهذا دليل على أن كاتبها إمام في اللغة ( نحوها وصرفها وبلاغتها ) وإمام في الحديث والتفسير والاصول والفقه ، لكننا نصطدم بأنه لايجيد العربية ، ولايتحدث لغة العراقيين ( العربية ) . السؤال الحقيقي : هل من العدل الالهي أن الله تعالى أرسل رسالته الى الامة وهي غيرمفهومة ، وتحتاج الى وسيط ، وأن هذا الوسيط عاجز حتى عن مخاطبة الامة ؟. والادهى من ذلك إعترافهم بالعجز وإصرارهم على الاستمرار مع الاخطاء والعجز ، تحت غطاء القدسية والقداسة ، وعدم الاقتراب منهم والراد عليهم راد على الله ، ومن أنت أيها المعترض حتى ترد على هؤلاء ، وماهو مستواك العلمي ، وليس لك الحق أن تعترض الا أن تكون بمستواهم ، وبهذه الطريقة تصادر الامة والعقل والقرآن الكريم ، ويمنع منعا باتا الاقتراب من هذا المقدس ، ولايجوز أن تفند مانقل عن السلف ، وتكشف أخطاءه الكارثية ، التي منها : الترويج لهذا المتقدس الذي لاينطق أنه يلتقي بالامام المهدي ع كل جمعة ، وتردد الامة الجاهلة ، هذه الاقوال ، لكي تتحول الى قطيع من الاغنام ، ولاتفكر ولاتعمل العقل ، وتسلم أمرها لثقافة المقبرة . كيف يكون هذا المتقدس بهذا الحال من الجهالة والضحالة ، وفقدانه لاي مقوم علمي ، وعدم توفره على نتاج فكري يعرفه للناس على أنه الاعلم ، وهو يلتقي بإمام معصوم ، ولم يصحح أخطاءه ، والتناقض الحاصل عند المتقدسين المتخفين عن الامة ، أنهم يناقضون أنفسهم ، يقولون : ان الامام يزورهم ويلتقيهم مرة ، ويكتبون في رسائلهم العملية : أن المسائل الشرعية في هذه الرسائل ظنية قد تصيب الواقع أو لا ، ويقولون : الحكم الواقعي هو حكم المعصوم ، وبعدها ينفون اي لقاء لهم مع اي معصوم الا في أوهامهم : من إدعى المشاهدة فهو كذاب وهلم جرا مع هكذا متقدس ومع أمة تابعة لاتفكر . ومنها : أنهم يتقدسون بدون شرعية ، وخالفوا ما كتب في كتبهم الفقهية : الاعلم يحدده أهل الخبرة ( الفقهاء ) ولم نشهد أي إجتماع لأهل الخبرة لتحديد الاعلم اذا مات المرجع ، مثلما يفعل الكرادلة في الفاتيكان ، حيث يجتمع اكثر من 100 من الكرادلة لتحديد الاعلم ( البابا الجديد ) وبعدها يخرج دخان ابيض ، يتبعه رجل يخطب بالامة ، حتى تفهم الناس أنه هو البابا الجديد ... أما عندنا في المؤسسة الدينية الشيعية في النجف ، لم نشهد حدث مثل حدث الفاتيكان ، ونسمع من خطباء المرجعية ليل نهار يعرجون على السنة في إنتقاد لاذع لانهم لم يقروا بوصية النبي ص ليلة وفاته ، لكننا نتعايش مع منتقد للاخر ، يناقض نفسه ، ولم يوص مرجع لاخر ، ويرسل وصيته للامة أن فلان بعده وهو الاعلم ، ويكشف اموال الامة ومؤسساتها بعده ، ويترك الامر شورى لابناءه وحواشيه ووكلاءه ، ليتلاقفوها كتلاقف الصبيان للكرة . لامقدس ولامتقدس ، وتبين ان الامر كله صراع على أموال الخمس والزكاة ، ولم يأت أحد منهم من سيستان او مشهد أو قم أو بيشاور ليستنبط الحكم الشرعي من مصادره الابعة ( القرآن والسنة والعقل والاجماع ) بل قدموا لبناء إمبراطوريات مالية ضخمة مسروقة من قوت الفقراء والايتام والارامل ، حتى تركوا الناس تبحث عن رغيف الخبز اليابس في المزابل قرب مكاتبهم وبيوتهم . السبب لانهم محتلون لثروات العراق ، كأي قوة إحتلال خارجية ، لكن أضرارهم أشد من المحتل الغازي ، لانهم قادوا حملات تجهيل للامة ، وقضوا على منظومة القيم والاخلاق في العراق ، وفرقوا الناس وشرذموها ، وسنوا السنن التي تخالف دين الله ، وتحولوا الى تجار وقتلة . والعنوان ليس دين الله ، بل دولة شباك العتبة المقدس ، الذي كلما ضاق ولم يتسع لاموال النذور ، جاءوا بأكبر منه من قم ، يتقدمه جواد الشهرستاني ، ونحن نرافقه من البصرة حتى كربلاء ، نسير بجانبه نلطم ونبكي على مظلومية الحسين ع ، وتسخر منا تلك العمائم ، وتجمع مانرميه في الشباك المقدس ، وتخرجه خارج العراق وتترك أيتامنا واراملنا يسكنون المقابر ، الا اللهم اذا كانت الارملة شابة وجميلة فإنها فريسة سهلة لايات الله وحجج الاسلام . لازال المقدس يفعل بنا فعلته ، منا من غرق في البحار والمحطيات ومنا من أبدت غربته ، ومنا من يقصي أبناء جلدته دفاعا عن هذا الجلاد المقدس ، الذي سار بنا عكس سيرة علي ع . فهل سيخرج فينا من أمثال مارتن لوثر ، ليترجم النصوص المقدس ، ليضعنا نحن شيعة العراق على باب الحداثة ، وتبدأ ثورتنا ضد الحاخامات والكهنة ، أم أنهم إتخذوا كل الاحتياطات لابادتنا ، وإفراغ العراق منا ؟.
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قريتنا المنسية
-
إصلاحات حيدر العبادي
-
أغاني الناس وأغاني العمائم
-
الدولة المدنية
-
فساد رجال الدين
-
مرجعية الوطن ومرجعية الغريب
-
العراقي برميل نفط
-
بإسم الدين باكونا الحرامية
-
إحذركم من الاسلام والمسلمين
-
( داعش ) تحطم إصول القرآن في الموصل
-
حكومة أبو إجخيل
-
مآساة الطب في العراق
-
اللعب على المشكوف
-
داعش ... خنزير طروادة الامريكي
-
النفوذ الايراني في العراق
-
دستور الاحتلال الملغوم
-
لاجهاد تحت راية ضلال
-
الاسلام في خدمة الشيطان
-
( الولاية الثالثة ) للمختار
-
ثورات النعال في العراق
المزيد.....
-
نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض
...
-
أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
-
الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
-
غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز
...
-
-حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
-
قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
-
ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب
...
-
حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
-
إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
-
سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|