أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الكريم جندي - واحات عرب الصباح التاريخ والمجال والمجتمع















المزيد.....



واحات عرب الصباح التاريخ والمجال والمجتمع


عبد الكريم جندي

الحوار المتمدن-العدد: 4951 - 2015 / 10 / 10 - 00:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



مقدمة:
يعتبر المجتمع الواحي من أكثر المجتمعات التي يستعصي على الباحثين إحكامها وضبط خصائصها وأحوال ساكنتها، لأنهم يجدون أنفسهم أمام مجال مركب تتداخل في تكوينه العديد من الأبعاد التاريخية/ السياسية، والجغرافية/الاقتصادية، وكذلك الثقافية/الاجتماعية. لذلك لا يستقيم البتة أن نتدخل لمعالجة مشاكله المطروحة دون أن نكون على دراية مسبقة بمدى تأثير هذه الأبعاد والعوامل. وإلا سيكون تدخلنا أشبه بتدخل طبيب مبتدئ لإجراء عملية جراحية لشخص دون أن يعلم نوع المرض، وأسبابه، وطبيعة جسم المريض. فحتما ستفشل العملية وستنعكس سلبا على صحة المريض؛ وكذلك الشأن بالنسبة لعمليات التدخل لمعالجة إشكاليات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وضمن واحات الجنوب الشرقي المغربي نخصص هذه الصفحات للتعرف على مختلف خصائص ومميزات واحات "عرب الصباح" التاريخية والمجالية والاجتماعية كخطوة محورية تكون عبارة عن تمهيد يسبق مناقشة التساؤلات والإشكاليات التي يعاني منها ساكنة هذا المجال. فما هي الأصول التاريخية لقبائل "عرب الصباح"؟ وما هي مناطق انتشارها؟ وما هي خصوصة المجال الذي استقرت به وطبيعة مناخه؟ وما هي أبرز الخصائص الاقتصادية والاجتماعية لمجتمع واحات "عرب الصباح"؟
المحور الأول: الأصول التاريخية لقبائل عرب الصباح ومناطق انتشارها
إن محاولة البحث في الأصل التاريخي لقبائل "عرب الصباح" يجعلنا للوهلة الأولى نصدم مع آراء مختلفة ومتضاربة سواء كان مصدرها الباحثون أوالروايات الشفهية المحلية. فهناك من يرجع أصل هذه القبائل للعراق؛ وهو الطرح الذي رجحه الباحث لحسن تاوشيخت الذي يشير إلى أن أصلهم من القبائل العربية التي نزحت من جنوب العراق خلال القرن 12 الميلادي، واستقرت في البداية بمنطقة "ملوية" لتنتقل فيما بعد نحو واحة تافيلالت. ويضيف بأن قبائل "عرب الصباح" ينحدرون من عرب بني معقل الزياتيين أبناء الصباح[2]. في حين هناك من يرى أن أصل قبائل "عرب الصباح" من الكويت نسبة إلى "آل صباح"، وهذين الرأيين إلى جانب تحديدهما لأصل هذه القبائل فهما في الآن نفسه يشيران لسبب تسمية المنطقة بعرب الصباح. أما الرأي الثالث في سبب التسمية فيرجع حسب ما تؤكد الرواية الشفهية إلى أن العرب دخلوا إلى منطقة "تافيلالت" ليلا، فلما استيقظ السكان الأوائل صباحا قالوا: "العْرْبْ اصْبْحوا" واستضافوهم ومن ثمة سموا "بالعرب الصّباح".
وبعد استقرار قبائل عرب الصباح بهذه المنطقة انقسمت جغرافيا الى أربعة أقسام وهي:
v عرب الصباح تيزيمي بأرفود
v عرب الصباح المعاضيد
v عرب الصباح الريصاني
v عرب الصباح غريس بالجرف وفزنا والعشورية وحنابو والكراير والبوية.
تعتبر قبائل عرب الصباح من أعرق القبائل العربية التي استقرت بواحات تافيلالت بعد الدخول العربي لهذه المناطق؛ وهذا ما تؤكده شهادة (F.gender) حينما تطرق لأصل كلمة "تافيلالت"، حيث يقول: أن "تافيلالت" هي الصيغة الأمازيغية لكلمة "فيلال" التي هي إسم منطقة بالجزيرة العربية، وأن استعمال هذه الكلمة قد شاع في مرحلة قدوم الهلاليين إلى بلاد المغرب بفضل "عرب الصباح" الذين استقروا في منطقة تيزيمي والجرف بإقليم سجلماسة بعد أن وافقوا الهيلاليين في طريقهم نحو الغرب[3]. كما أن جورج سبيلمان يؤكد أن "بني محمد" الموجودين في منطقة الريصاني ينتمون إلى عرب المعقل وهم أبناء "عرب الصباح"، وهذا لم يمنعهم من محاربتهم من مئات السنين، وهم موالون "لآيت خباش" الذين كانوا في صراع مع قبائل عرب الصباح[4] كما تؤكد الرواية الشفهية أيضا.
في هذا السياق يشير عبد الفتاح الزين أن قبائل "عرب الصباح" الموجودة في نواحي الرباط والتي تضم المجموعات القبلية التالية: (المعاضيد، لعشاش، الدغمة، لماغة...) هي قبائل لها ارتباط سلالي بقبائل "عرب الصباح" المتواجدة بمنطقة تافيلالت بالجنوب المغربي، وقد تم توطينها في بداية العهد السعدي بالمنطقة الساحلية الواقعة ما بين نهر "أبي رقراق" إلى حدود قبيلة الزيادنة بالشاوية[5]؛ وهذا أيضا ما تؤكده الروايات الشفهية لبعض سكان المنطقة. مما يعني أن قبائل "عرب الصباح" كان لها حضورا قويا في تاريخ منطقة سجلماسة بشكل خاص والترايخ المغربي بشكل عام.
كان لطبيعة المجال الجغرافي الواحي الذي استقرت فيه قبائل عرب الصباح دورا أساسيا في شكل توزيع هذه القبائل، لعل تواجد هذه المناطق بالقرب من وادي زيز ووادي غريس أهم عامل في هذا التقسيم، لهذا يتم تقسيم هذه القبائل مجاليا –في الغالب- تبعا لهذه الوديان إلى قسمين: قسم يسمى عرب الصباح زيز (نسبة لواد زيز)، ويضم جماعة عرب الصباح زيز وجماعة السيفة، ثم قسم آخر يسمى عرب الصباح غريس( نسبة لواد غريس)، ويضم الجماعة الحضرية الجرف، والجماعة القروية فزنا، ثم الجماعة القروية عرب الصباح غريس. ووفق هذا الاعتبار سنحاول تحديد المجال الجغرافي لقبائل عرب الصباح مع الحرص على التصنيف الإداري المعمول به في المنطقة كما يلي:
1- عرب الصباح زيز:
وهم عرب الصباح القادمون من شبه الجزيرة العربية، والذين مروا عبر الأقاليم الصحراوية ليستقروا أخيرا بضفاف واد زيز، لهذا أطلق عليهم إسم "عرب الصباح زيز"[6]. مع أن السكان الأصليون في المنطقة هم الأمازيغ الذين كانوا يقطنون بمنطقة "تيزيمي" التي لازالت تحمل نفس الإسم إلى غاية اليوم، وهي تكون مع "المعاضيد" و"أولاد الزهراء" الجماعة القروية لعرب الصباح زيز، ثم تنضاف قصور السيفة لتشكل قيادة عرب الصباح زيز[7].
تقع هذه المنطقة التي يقطنها ساكنة عرب الصباح زيز بدائرة أرفود بالجهة الجنوبية الشرقية من إقليم الرشيدية، تحدها شمالا قيادة "أوفوس" وجنوبا "الريصاني" وشرقا "الطاوس" وغربا "الجرف"، وتبلغ مساحة القيادة حوالي 1199 كلم2، تتكون أغلبها من أراضي منبسطة قاحلة تتخللها نجود ومرتفعات[8]. ويرجع سبب تسمية "أرفود" كأكثر المناطق تحضرا بواحات "عرب الصباح" حسب الروايات الشفهية إلى زمن القوافل التجارية ما بين مدينة سجلماسة وفاس، في إطار الخط الرابط بين السودان وفاس، فكانت هذه القوافل تحط رحالها بسفح جبل أرفود للاستراحة والتزود بالماء، وسقي البعير، بعد ذلك ينادي مرشد القافلة بمتابعة المسير مرددا عبارة: (أْرْفودْ..أْرْفودْ، أو الرْفودْ..الرْفودْ)؛ بمعنى النهوض لمتابعة المسير، ولهذا السبب سميت المنطقة بأرفود وهذا هو المرجح عند غالبية السكان. في حين أن هناك رواية شفهية أخرى تقول أن أرفود في البداية كانت تنطق (أنفود) ومعناها الممر السهلي والمنفذ ما بين منطقة الرتب سجلماسة، أما الاحتمال الثالث الوارد في أصل التسمية يرتبط بالمعطى الطبوغرافي للمجال، وهي تحريف لكلمة ) أفود ( أي الركبة، إذ أن المنطقة على شكل ركبة رجل وهذا شأن تسمية منطقة "أوفوس ) من أفوس) أي اليد بالأمازيغية.
تنقسم قبائل عرب الصباح زيز حسب التقسيم الإداري إلى جماعتين قرويتين وهما: جماعة عرب الصباح زيز وجماعة السيفة؛ وتضمان ما يفوق 42 قصر[9]. وقد كانت أولى القصور التي بنيت بالمنطقة هي "المعاضيد" و "أولاد ابحر" و"أولاد عبد النبي"، وقد شكلت هذه القصور اللبنة الأولى لانتشار العشرات من القصور الأخرى.[10] وطبعا فلكل قصر من القصور مبررات إنشائه، فقصر "البروج" مثلا أنشئ ليكون كمحطة مراقبة لمدخل المنطقة، ولسد "المعاضيد" الذي كان يعتبر حزاما مائيا مهما ونقطة استراتيجية جد حساسة، تحسبا لأي هجوم من طرف القبائل الأخرى المعادية، في تلك الأثناء جند كل "فخذ" ممثلين عنه من الرجال الأقوياء ليستقروا بجانب واد زيز، وبذلك كانت نشأة قصر البروج. وكذلك الأمر بالنسبة لقصر"اولاد الزهراء" الذي أنشئ من طرف قبائل المعاضيد وتيزيمي لحمايتهم من قبائل "آيت خباش" ( أيام ما كان يعرف بالسيبة).[11]
وحسب التقسيم الإداري تقع جماعة عرب الصباح زيز قرب مدينة أرفود، بالجهة الجنوبية الشرقية لإقليم الرشيدية، تحدها مدينة أرفود شرقا، وجماعة عرب الصباح غريس غربا، وجماعة السيفة شمالا، وجماعة الرتب جنوبا. وتبلغ مساحة الجماعة 1200 كلم مربع، أما عدد ساكنتها فيبلغ 18332 نسمة حسب إحصاء 2004 ، موزعين على 32 قصرا. أما منطقة "السيفة" فتحدد مجالها منذ إحداث جماعة قروية بها سنة (1992م). حيث تقدر مساحتها ب60 كلم مربع وتحدها إداريا خمس جماعات وهي: جماعة عرب الصباح غريس، وجماعة امصيصي غربا، وجماعة عرب الصباح زيز وجماعة بني امحمد شرقا، ثم جماعة بني امحمد وجماعة اسفلات جنوبا. ويبلغ سكانها حسب إحصائيات 2004 حوالي 7881 نسمة.
2- عرب الصباح غريس
ونقصد بقبائل عرب الصباح غريس تلك الفئة من عرب الصباح القادمون من شبه الجزيرة العربية الذن استقروا بالمناطق الواحية الموجودة بالقرب من ضفة واد غريس، وحسب التقسيم الإداري الحديث فإن هذه المناطق تصنف وفق ثلاث جماعات وهي: الجماعة الحضرية الجرف، والجماعة القروية فزنا ثم الجماعة القروية عرب الصباح غريس.
بالنسبة للجماعة الحضرية "الجرف" فتقع بين مدينة أرفود والجماعة القروية فزنة. وتحدها شمالا الجماعة القروية الرتب، وجنوبا الجماعة القروية مصيصي، و غربا الجماعة القروية فزنا، وشرقا الجماعة القروية عرب الصباح غريس. أما فيما يخص عدد سكان الجماعة فيقدر حسب الإحصاء العام للسكان لسنة 2004 بحوالي 12135 نسمة. ونشير هنا أنه بالرغم من تضارب الروايات الشفهية التي تحدد أصل تسمية "الجرف" إلا أن أكثرها تداولا تؤكد أن هذه التسمية لها ارتباط بالقوافل التجارية التي كانت تأتي من اتجاهات مختلفة محملة بالبضائع فتستريح بجرف في الجبل، أو ما يسمى ب "جرف الظل" غرب قرية الجرف وهناك كانت تتفق حول المواعد لتبادل السلع التجارية أيام ما كان يعرف "بالسيبة"، والحروب الداخلية، ولذلك سميت القرية بالجرف، وهناك احتمال آخر في سبب التسمية ويرتبط بطبيعة الواحة التي تعرف انخفاضا، بحيث تأتيها المياه من جل الجهات وهذا احتمال وارد أيضا حسب الروايات الشفهية.
وضمن واحات عرب الصباح غريس تقع الجماعة القروية "فزنا" على بعد 27 كلم من "أرفود" و 7كلم من "الجرف". مساحتها تبلغ 512 كلم2 . وتحدها الجماعة القروية "الرتب"، و"مدغرة" و"الخنك" شمالا، و الجماعة الحضرية "الجرف" والجماعة القروية "عرب الصباح غريس" جنوبا. والجماعة القروية ملعب غربا، ثم الجماعة القروية عرب الصباح زيز و الرتب شرقا. ويبلغ عدد سكان الجماعة 4087 نسمة حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004[12]. وهي تضم مجموعة من القصور كأولاد غانم والعشورية وأولاد جلال وأولاد الشرقي والقصيبة والقصر الجديد. أما بالنسبة لسببة تسمية الواحة بفزنا فهناك -حسب ما تؤكده الرواية الشفهية- سبب وحيد يتكرر على ألسنة ساكنة هذه المنطقة، يتمثل في أن أهالي هذه المنطقة تغلبوا على أعدائهم في إحدى المعارك الحاسمة، فصاروا يرددون ببهجة النصر عبارة "فُزْنَا..فُزْنَا" فتم تسمية هذه المنطقة الواحية بتسمية (فْزْنَا أو فْزنَة).
أما الجماعة القروية "عرب الصباح غريس" فتم إحداثها سنة (1992م). وهي تنتمي إداريا لقيادة فزنا دائرة أرفود، كما أنها خاضعة لاستقطاب بلدية الجرف، وتقدر مساحتها ب410 كلم2، وتحدها إداريا خمس جماعات وهي: جماعة عرب الصباح زيز شمالا، وجماعة امصيصي غربا، وجماعة عرب الصباح زيز وجماعة بني امحمد شرقا، وجماعة بني امحمد وجماعة اسفلات جنوبا. ويبلغ عدد سكانها حوالي 4937 نسمة حسب إحصاء 2004. موزعة على 3 قصور (حنابو، الكراير والبويا)[13].
وعموما تعد واحات (الجرف وفزنا والعشورية وحنابو والكراير والبويا...) من أجمل المناطق الواحية الموجودة بالجنوب الشرقي، وهذا ما تؤكده شهادة D. J. Meunié في وصفه للواحات المحاذية للأودية (غريس، زيز، درعة)، كالجرف والكفيفات[14] وتوروك بواد غريس، وأسرير بواد فركلة، وتنغير بوادي تودغة، وبولمان بوادي دادس حيث أكد بأنها أجمل واحات الجنوب الصحراوي.[15]
المحور الثاني: خصوصية المجال ومناخه بواحات عرب الصباح
إن الاهتمام بالمجال الجغرافي لمجتمع البحث ليس فقط من دواعي الخضوع لبعض طقوس البحث -كما أشارت رحمة بورقية-، "إنما نحاول قراءة المجال لنقرأ الإنسان الذي يحتله ويكيفه حسب مقتضيات اقتصادية واجتماعية وسياسية"[16]، ولهذا سنحاول الغوص في طبيعة هذا المجال ومناخه منطلقين من نظرية ابن خلدون في هذا الشأن والتي توضح مدى ارتباط وتأثير البيئة والمناخ على نمط عيش الساكنة وتفكيرهم وأخلاقهم، وخاصة إذا كنا أمام مجال واحي كواحات عرب الصباح.
إن موقع هذه الواحات الموجودة على باب الصحراء، جعل المناخ بمجالاتها جافا وقاريا، لأنها لا تتعرض للتأثيرات البحرية، بسبب ارتفاع جبال الأطلس الكبير والصغير، على امتداد الحدود الشمالية والجنوبية والغربية منها[17]، وهو مناخ قاس وصعب الاحتمال -كما أشار جورج سبيلمان- بسبب التقلبات المفاجئة للحرارة؛ ففي غضون الشتاء يكون الصقيع غالبا في الليل، بينما يسجل المحرار 35 درجة في الظهيرة، وفي الصيف ترتفع الحرارة لتصل 62 درجة، وتبقى الليالي دافئة[18]، في حين أن روس.إ.دان يرى أن الجو القاسي في هذه المناطق الواقعة في الجنوب الشرقي لم يكن جافا إلى الحد الذي يمنع الإنسان من التكيف معه، ففي أواخر القرن (19م) كانت هذه المنطقة ما بين 200 ألف و 250 ألف نسمة، وهذا ما يجعل الساكنة في السنوات الجيدة يفلحون الأرض ويعيشون على المواد التي تسمح بها المياه القليلة[19]. وباختصار شديد فالمنطقة يسودها مناخ صحراوي قاري يتميز بالبرودة الشديدة في فصل الشتاء، والحرارة المفرطة في فصل الصيف، بالإضافة إلى قلة التساقطات وعدم انتظامها، كما أن الأراضي الفلاحية تعاني من الجفاف والتصحر وهما العاملين الأكثر تهديدا لاستقرار سكان المنطقة الذين يعتمدون -عموما- على العمل في القطاع الفلاحي، فبتأثير هاذين العاملين يضطر ساكنة المنطقة للهجرة[20] إما لخارج الوطن أو لمناطق أخرى داخل الوطن بغرض البحث عن عمل بديل أو مكمل للعمل في المجال الفلاحي بغرض سد الحاجيات المعيشية لسكان هذا المجال.
الرياح وتأثيرها على واحات عرب الصباح:
تعتبر الرياح التي تهب على الأقاليم من الجهات الصحراوية من أهم العوامل التي تضاعف من حدة الجفاف[21]؛ حيث تشهد كل فصول السنة رياحا عنيفة محملة بالرمال، لتكتسح المنطقة بأكملها[22]، وهي نوعان: رياح ساخنة ورياح الزوابع الرملية، يهب النوع الأول على هذه المناطق طيلة فصول السنة، ويكون قويا في فصل الربيع والصيف، في حين يكثر النوع الثاني في فصل الخريف[23]. وتعد الرياح الشرقية (الشركي بالإصطلاح المحلي) "من أشهر هذه الرياح فهي معروفة بحرارتها وجفافها، وهي تسبب أضرارا كبيرة للمنتوجات الفلاحية، كما تؤدي إلى زحف كثبان الرمال على هذه المناطق[24]. ورغم الجهود المبذولة لمواجهة آفة "التصحر" من طرف الفاعلين الجماعيين والجمعويين إلا أن تأثير الرياح لا يزال يهدد الأراضي الفلاحية في هذه الواحات.
المصادر المائية بواحات عرب الصباح:
إن اهتمامنا بمكون الماء على هذه الشاكلة لا يرتبط بتساؤلات إيكولوجية فقط، بل بأسئلة أنثروبولوجية وسوسيولوجية من اللازم الاقتراب منها لفهم ساكني هذه الواحات؛ فالماء -كما يوضح الباحث امحمد مهدان- يشكل بالمناطق الواحية منذ قرون مضت أهم ركائز التنظيم الاجتماعي والمجالي، كما لا زال يشكل دائما الهم الأكبر لساكنة هذه المجالات[25]، وهذا ما أكسب الواحات خبرة تاريخية غنية في إعداد المجالات الزراعية المسقية، فقد كان ضبط المياه من أوليات اهتمام السكان، ويمكن اعتبار الجنوب الشرقي المغربي مجالا لطرح ومعالجة المسألة المائية في علاقتها بالمعطيات الطبيعية والبشرية والمجالية باعتبار هذه المنطقة تشكل بيئة واحية ترتكز في توازنها الإيكولوجي على عنصر الماء أولا والماء ثانيا والماء ثالثا[26]. ولهذا ففي واحات عرب الصباح يملك كل قصر من القصور السواقي وحق السقي، ونظام الأسبقية في استعمال المياه يحدد في جل الأحيان بموقع أحدهم على النهر أو الساقية، مع إعطاء الأسبقية للمالك الذي يوجد في وضع المستوى الأعلى من النبع[27]، ولهذه الاعتبارات كان توزيع المياه مصدرا لكثير من التوترات والنزاعات المتكررة (سواء داخل القصر أو خارجه)، وبالخصوص عندما تقل مياه الفيض، أو عندما تحاول إحدى الجماعات أن تأخذ أكثر من نصيبها، فمثلا في سنة (1894) قام خليفة تافيلالت "بحركة" تأديبية لمنع سكان المقاطعة الشمالية "للسيفا" من بناء سد على نهر زيز كان الغرض منه تحويل معظم الفيض إلى مجراهم الخاص[28]. مما يوحي كما أشرنا سابقا إلى أن عنصر الماء في هذه المناطق يرتبط بعدة قضايا حساسة كما أنه مرتبط بالجوانب السياسية والثقافية والمجالية، لذلك فالحاجة ملحة لدراسات أنثروبولوجية وسوسيولوجية لعنصر الماء في الواحات وتأثيره وتأثره بطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة بالمنطقة الناتجة عن أعراف وتقاليد تاريخية عريقة لازالت هي حجر الأساس في ثقافة ونمط عيش الساكنة المحلية.
تعرف المنطقة تنوعا في المصادر التي يعتمدها الساكنة في سقي أراضيهم، منها ما هو تقليدي متوارث عن الأجيال السابقة، ومنها ما هو عصري جاء كتأثير لعدة عوامل منذ بداية الاستعمار إلى غاية اليوم، مع العلم أن بعض المصادر لم تعد موجودة أو نَدُرَ استعمالها، لكننا سنحاول في هذا المقام ذكر كل المصادر وكيفية استغلالها بشكل مختصر.
-;---;-- الأمطار والوديان:
عموما فالمنطقة تعرف قلة التساقطات المطرية، وفي بعض الأحيان تكون غزيرة فتجعل منخفصات الأودية مليئة بالمياه لساعات بعد فترة من الجفاف[29].. وتدل الدراسات التي أجريت على سهل تافيلالت منذ الاستعمار الفرنسي، على أن التساقطات رغم قلتها وعدم انتظامها فهي المصدر الأساسي للمياه الجوفية في هذه المنطقة[30]. وبفضلها يستفيد الساكنة من مياه وادي زيز ووادي غريس باعتبارهما الأكثر فعالية في سقي الأراضي الزراعية، كما أن عدم انتظام التساقطات المطرية يؤثر بشكل مباشر على صبيب الأنهار والمجاري المائية[31]. فما هي خصائص هاذين الوادين؟
أ‌- وادي زيز:
يصف شارل دوفوكو(Ch. De Foucauld) من خلال دراسته الاستكشافية لمناطق المغرب المعروفة بعنوان « reconnaissance au Maroc (1883-1884) » وادي زيز فيقول أنه "يأخذ منبعه من التلال العالية للأطلس الكبير في الجزء الكبير لآيت حديدو (Ait Hediddou)، بعد ذلك يدخل لمنطقة زيز التي تتكون من 20 إلى 30 قصرا، ويستمر حتى تافيلالت داخل أشرطة من النخيل والقصور"[32]. يقول روس دان في هذا السياق أن وادي زيز "ينبع من شرق الأطلس الكبير جنوب سلسلة جبل "العياشي"، ويجري نحو الشرق إلى نقطة قرب مدينة الريش، ثم يتجه نحو الجنوب، ويشق فجا عميقا في الأرض، وعلى بعد حوالي 64 كلم من الراشيدية يستوي هذا الفج ويدخل النهر سهلا واسعا يتكون من التربة الخصبة أو الطمي"[33]. ويقترب مجرى وادي زيز من مجرى وادي غريس في سهل تيزيمي شمال منطقة تافيلالت، وفي أرفود على سبيل المثال لا تتعدى المسافة بين الوادين 7 كلم[34]. كما أن وادي زيز أقل عمقا من وادي غريس، حيث أن علو ضفافه لا يتعدى خمسة أمتار عند عالية منطقة أرفود[35]. وقد خضع المجرى الطبيعي لوادي زيز لتدخل الإنسان بهذا الإقليم غير ما مرة، ففي جنوب مدينة أرفود ينقسم وادي زيز إلى فرعين هما واد "أمريوح" في الشرق وزيز الفيلالي في الغرب، فيمثل الأول المجرى الطبيعي للوادي، أما الثاني فهو من صنع الإنسان الذي حاول أن يقرب مجرى زيز من مجرى غريس عبر واد اصطناعي وسط السهل[36].
ب‌- وادي غريس:
يقول شارل دوفوكو أن "وادي غريس ينبع من الأطلس غرب الرشيدية، فيجري عبر تافيلالت في موازاة مع زيز في الغرب"[37]. يلتقي هذا الوادي في منطقة "توروك" برافديه فركلة وتودغى اللذان يمكنانه من الوصول إلى وادي دادس. كما يمكن لوادي غريس أن يصل إلى المناطق الشمالية لبلاد المغرب، لأن مجراه يوفر مسلكا سهلا وسط جبال الأطلس الكبيرالشرقي[38]. ويخترق وادي غريس من منابعه إلى مكان التقائه بوادي زيز جنوب سهل تافيلالت مناطق عديدة منها "أمدغوس"، "آسول"، "أملاكو"، في مرتفعات الأطلس الكبير الشرقي، ليدخل مجال منطقة تادغوست التي تقع عبر السفوح الجنوبية لهذه المرتفعات، فيكون قد قطع مسافة ثلاثين كلم من منابعه إلى هذه المناطق، ثم يدخل واحات "كلميمة" و"الجرف" و"الكفيفات"{فزنا}، ليصب في مجرى وادي زيز فيشكل معه وادي الدورة الذي يصنع في الصحراء[39].
-;---;-- الخطارة والناعورة و أغرور:
إن قلة الماء بهذه المنطقة كانت الحافز وراء بحث الفلاح عن سبل أخرى تضمن له ممارسة نشاطه الزراعي بطريقة مستمرة[40]، من أهمها: الناعورة التي تعرف في بعض المناطق بالسانية، وهي مصنوعة من الخشب، وتدور بواسطة الحصان أو الجمل أو الطاقة المائية في حالة بنائها على مجرى الوادي[41]، ويرجع تاريخها إلى العهد المريني[42]، ولم تعد تعتمد هذه التقنية في يومنا هذا.
يقصد بالخطارة عموما تلك القناة الباطنية التي يتم بواسطتها توصيل المياه عن طريق الجاذبية من العالية إلى السافلة لسقي الحقول. وقد أكد بول باسكون أن الخطارات في جهة تافيلالت تختلف عن مثيلاتها في مراكش في عمق الآبار والمسافة الفاصلة بينها[43]. والتقنية الثالثة التي استخدمها الفلاح بهذا المجال هي تلك المعروفة بأغرور وهي تقنية تعتمد على الطاقة الحيوانية في رفع الماء من الآبار، وهي تشبه إلى حد ما تقنية الدواليب، ومع الزمن أخذت تسمية "الدلو" الذي يعرف في الأمازيغية بأغرور[44]، وأغرور يعني البئر والدلو والأدوات الأخرى المستعملة لرفع الماء[45].
-;---;-- محطات الضخ العصرية:
ظهرت محطات الضخ بالمنطقة حوالي سنة 1952م، لتحل محل الطرق التقليدية لاستغلال المياه الجوفية، ويتجاوز عمق هذه الآبار حوالي 20 متر الشيء الذي أدى إلى امتصاص كميات مهمة من المياه تفوق بكثير الكميات المستخرجة من الآبار التقليدية[46]، وقد انتشرت هذه التقنية في الآونة الأخيرة بكثرة خاصة بعد اعتماد محركات تعمل بالكهرباء، مما يسهل عملية الري. وبالرغم من فعالية هذه التقنيات العصرية في الاستفادة من المياه الباطنية في مدة زمنية وجيزة مقارنة مع التقنيات التقليدية إلا أنها أثرت على النظام الاجتماعي في سقي الحقول الزراعية بالواحات، فلم يعد بالاستطاعة تقنين وتنظيم عملية الري وفق الأعراف الاجتماعية التقليدية.
المحور الثالث: الخصائص الاقتصادية والاجتماعية لواحات عرب الصباح.
1- القطاعات الاقتصادية بواحات عرب الصباح:
بالرغم من التحولات التي شهدتها المنطقة فيما يخص المصادر الاقتصادية التي يعتمد عليها ساكنة المنطقة لسد حاجياتهم المعيشية كالعمل خارج الوطن، وأيضا خلق مجموعة من المقاولات والصناعة التقليدية والتجارة؛ إلا أن القطاع الفلاحي يظل أهم نشاط اقتصادي لغالبية سكان واحات عرب الصباح، إما عن طريق الاستغلال المباشر للاراضي الزراعية من طرف أفراد الأسر، أو من طرف التعاونيات التي تضم مجموعة من الأسر وتتلقى إعانات من طرف المنظمات الحكومية وغير الحكومية (PNUD ، POT...)
أما القطاع السياحي فيعتبر بعد القطاع الفلاحي أهم القطاعات الاقتصادية بواحات عرب الصباح، فالمنطقة تحتوي على مؤهلات سياحية مهمة تجذب السياح إليها، تتمثل أولا في تراثها الثقافي المادي واللامادي الذان يتميزان بالتنوع والغنى، بالإضافة إلى بيئتها الطبيعية الفريدة باعتبارها مجالا حيويا للسياحة الإيكولوجية[47]. ومع ذلك يظل هذا القطاع يعاني من عدة إشكاليات بسب ضعف الاهتمام الكافي بهذا القطاع سواء من طرف المسؤولين الحكوميين أو من طرف الساكنة والمجتمع المدني.
أما بخصوص الصناعة فمن الصعب الحديث في واحات عرب الصباح عن قطاع صناعي كما يوجد في المناطق الحضرية، إنما هناك نشاط صناعي تقليدي يساهم في إنعاش الشغل وسد بعض حاجيات سكان المنطقة، فمثلا يوجد بجماعة عرب الصباح زيز شبه منطقة صناعية تقع بطريق مرزوكة، تبلغ مساحتها 12 هكتار. وسبب ضعف هذا القطاع يرجع في الغالب إلى انعدام الوسائل والتجهيزات الأساسية، بالإضافة إلى انخفاض الطلب عن المنتوجات المصنعة.
أما عن التجارة فهي ضعيفة جدا، كما أنها تظل في مجملها ذات طابع محلي (تجارة داخلية)، إلا من بعض المنتوجات التي تعرف ازدهارا ورواجا في واحات عرب الصباح والتي يتم تصديرها لمدن أخرى من المغرب وأبرزها التمور[48] والبامية (الملوخية)، وهي منتوجات معروفة بجودتها الخاصة. أما باقي المواد التي يتم ترويجها في التجارة الداخلية فهي الألبسة ومواد البناء، والمواد الرخامية، بالاضافة إلى المواد الغذائية.
2- التراتب الاجتماعي بواحات عرب الصباح بين الثابت والمتحول:
تتخذ خاصية التراتب الاجتماعي صبغة كونية، فكل الثقافات وكل المجتمعات إلا وتنبني وفق تراتبات وطبقات إجتماعية تتحدد تبعا لخصوصية كل مجتمع، حيث تتظافر مجموعة من العوامل لتصنع هذه الخصوصية التي تتحكم في مورفولوجية المجتمع. في هذا السياق يتميز المجتمع الواحي بموذج فريد في تراتبيته الاجتماعية التي تكرس داخل التجمع السكاني لقصور[49] الواحة؛ رغم أنه "في الوهلة الأولى يبدو القصر غير تراتبي نظرا لكون الكل يسكن بداخله"[50]. وتتجلى أهمية دراسة التراتبات الاجتماعية في هذا الوسط لأنها الأساس الذي يتم بواسطته تنظيم المجتمع وتقسيم الأدوار بداخله، وأيضا وفقها تصاغ فلسفة العلاقات الاجتماعية داخل القصر. أما صناعة شكل هذه التراتبات فينبي على مرتكزات ثقافية بامتياز، حيث يتدخل البعد الديني من جهة والبعد العرقي من جهة ثانية كأبرز محددات التقسيم والتراتبية الاجتماعيين داخل واحات الجنوب الشرقي، التي يميز فيها روس دان بين ستة أصناف من الفئات الاجتماعية وهي: "الشرفاء والمرابطون، والعوام (الأحرار) والحراطين والعبيد واليهود"[51] . وهو نفس التقسيم الذي تؤكده الرواية الشفوية في قصور واحات "عرب الصباح". فما هي إذن خصائص ومميزات كل فئة من هذه الفئات؟ وما هي الأسس التي يرتكز عليها لتبرير تميز فئة عن الفئات الأخرى؟ وما هو الثابت والمتحول في نظام التراتب الاجتماعي داخل القصر بواحات "عرب الصباح"؟
• الشرفاء:
أغلب المصادر التاريخية تؤكد أن الشرفاء لم يظهروا بمنطقة تافيلالت إلا خلال النصف الثاني من القرن 13م، ففي سنة (1265م) وصل إلى المنطقة ( المولى الحسن الداخل) جد الأسرة العلوية واستقر بها وخلف بها ذريته التي استطاعت في النصف الأول من القرن (16م) أن توحد المغرب تحت رايتها بعد أن اتخذت منطقة تافيلالت مهدا لها[52]. وكان الشرفاء غالبا ما يسكنون في قصور خاصة بهم (القصور العلوية)، وفي بعض الأحيان مع الفئات الأخرى[53]. حيث كانوا بالإضافة إلى المرابطين يتمتعون بوضعية اجتماعية مميزة مقارنة مع الفئات الاجتماعية الأخرى –التي سنأتي على ذكرها-؛ وسبب ذلك يرجع إلى أساس ثقافي ديني، حيث يعلن الشرفاء نسبهم لنسل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق "مولاي إدريس الأول" في فاس، أو "مولاي علي الشريف" في تافيلالت. وبشكل عام فالشرفاء منتشرون في المغرب، ولهم تأثير كبير في الحياة السياسية والاجتماعية، كما أنهم يستفيدون من امتيازات عديدة ويتمتعون بحصانة خاصة، وكانوا يدعون عادة "بمولاي"[54]. نشير هنا إلى أن بعض هذه الإمتيازات المادية والرمزية لازالت محفوظة لفئة الشرفاء إلى يومنا هذا رغم التحولات التي شهدتها المنطقة.
• المرابطون:
ينحدر المرابطون من رجال معروفين بالورع والتقوى، عرفوا بصفة الأولياء الصالحين، ويكون أبناء هذا الولي الصالح مسؤولون عن رعاية ضريحه، وتقبل الهدايا النقدية وغيرها التي توهب له، وتقيم عائلات الأولياء أحيانا مراكز للتعليم في القرى، ومقرات للطرق الصوفية، ويهيئون أماكن الزيارة، ويقيمون بالوساطة السياسية والتحكيم بين الناس. ويكون الشخص أو رئيس الزاوية عادة من أبناء الولي الصالح، وأحيانا يتولى ذلك أعضاء آخرون من العائلة[55]. وبهذا الشكل فالخطاب الديني هو المرتكز الذي يستخدم لمنح هؤلاء مكانة مرموقة وامتيازات خاصة في المجتمع المحلي.
المشترك بين الشرفاء والمرابطون:
يعد الشريف والمرابط من الأصناف الاجتماعية المغلقة، ويمكن لبعض الأشخاص أن يمتلكوا اللقبين معا إذا كان لهم امتياز اجتماعي، وصفة النسب الشريف في نفس الوقت[56]. كما أن الشرفاء والمرابطون يحرصون على التزاوج فيما بينهم، وكان يسمح للولد أن يتزوج خارج مجموعته، ولم يكن يسمح للبنت بذلك[57]. إن العنصر الأساسي الذي يميز الشرفاء والمرابطين عن بقية الناس الآخرين هو تمتعهم "بالبركة" التي هي هبة من عند الله –وفق التمثل السائد-، وغالبا ما يعرف الإنسان الذي له البركة بالنسب الذي ينتمي إليه، ولو أن هذه الصفة لا تورث بالضرورة، وتتجلى البركة في سلوك الإنسان وورعه وسعة علمه وتصرفه ولباسه المتميز[58]. وبالتالي فهاتين الفئتين الاجتماعيتين تحتلان رأس هرم التراتب الاجتماعي في واحات عرب الصباح لفترات تاريخية طويلة بمرتكزات ثقافية بامتياز.
• الأحرار:
يؤكد روس دان أن الفئات العريضة من سكان الواحات هم من الفلاحين، لهم ممتلكاتهم الخاصة المستقلة، ويقومون بدور نشيط في تسيير قصورهم وإدارتها، وتعرف هذه الفئة في منطقة ما بين واد زيز وزوزفانة "بالأحرار"، فالفلاحون الأحرار في هذه المنطقة لم يكونوا منظمين في قبائل باستثناء بني محمد وعرب الصباح وآيت عيسى، ولكن لديهم إحساس قوي بالتضامن السلالي. يميز الأحرار أنفسهم دائما عن الفئة الدنيا من الحراطين بالإشارة إلى تنظيمهم السلالي وإلى بشرتهم البيضاء، والواقع أن كثيرا من الفلاحين والبدو هم ذووا بشرة سمراء وذلك بفعل قرون من التمازج مع العبيد الأفارقة السود وذريتهم، إلا أن صفة "البشرة البيضاء" في الجنوب الشرقي المغربي، وعبر شمال إفريقيا والصحراء تتحدد في الواقع بأصوله الأبوية أكثر من لونه فإذا كان أجداده عربا أو أمازيغا بيضا، فإنه هو كذلك أيضا[59]. وإلى غاية يومنا هذا تظل فئة الأحرار في واحات عرب الصباح محافظة على أدوارها الفعلية ومكانتها الرمزية رغم مختلف المستجدات كما سنوضح بعد ذلك.
• الحراطين:
يقول الناصري: " يقال الحراطين نسبة إلى الحرث (حراثين) وليست إلى الحرية (حُرْثَاني، أي حر من الدرجة الثانية) كما يحلو للبعض أن يفتري، لأنهم ليسو عبيدا، حتى إذا كانوا كذلك ففي مرحلة لاحقة"[60]. والحراطين فئة ملونة تميل بشرتها نحو السواد، أصلها غير معروف بدقة وربما تكون بقايا الأجناس الإفريقية القديمة (النوميديون، الجيتول، الإيثيوبيون)، وهم فئة معروفة بتافيلالت وتتعاطى غالبا للفلاحة "الخماسة" أو الحرث، ومن هنا اشتق اسمها بدون شك. وتسكن هذه الفئة إما في قصور خاصة أو مختلطة مع عناصر أخرى كالعرب أو الشرفاء، أو الأمازيغ. وتنتمي هذه الفئة إلى الطبقة السفلى وغالبا ما ينظر إليها نظرة احتقار[61]. وتتميز فئة الحراطين عن فئة العبيد من حيث وضعهم السوسيوقتصادي، ويتجلى ذلك في الاستقلال النسبي الذي تمتعت به هذه الشريحة الاجتماعية ببعض الواحات دون غيرها، لا سيما إذا تم مقارنة وضعها في شتى المناطق، وما خولت لهم الأعراف المحلية من حقوق كامتلاك الأرض وحصص الماء أو الحرمان منها، أو الاستقرار داخل القصور إلى جانب الفئات الاجتماعية الأخرى، وفي بعض الأحيان الاستقرار بقصور خاصة بهم[62].
• العبيد:
يشير روس دان أنه مع نهاية القرن (19 م) تقلص عدد العبيد الذين كانوا يعيشون في المنطقة إلى بعض المئات فقط، بسبب تراجع تجارة العبيد عبر الصحراء من غرب إفريقيا، ويملك البدو الرحل معظمهم، ويشغلونهم كخدم أو كرعاة، وعادة ما يندمج العبيد في العائلات التي يخدمونها، وأحيانا تربطهم علاقة شخصية قوية مع أسيادهم، ولهذا السبب يمكن للعبد أن يرقى إلى وضعية اجتماعية عالية في نظر البيض من العرب والأمازيغ أكثر من وضعية الحرطاني الكادح[63]. وعموما فقد كان يقتصر تواجد فئة العبيد القليلة في منازل بعض الأسر الثرية وداخل الزوايا[64]، حيث يزاول هؤلاء أدوارهم المتعارف عليها داخل المجتمع الواحي.
• اليهود:
عرفت منطقة تافيلالت استقرار العنصر اليهودي بجماعات كبيرة لأنها كانت باب المغرب على الصحراء الكبرى المؤدية إلى مناطق استخراج التبر[65]. في حيث كانوا يسكنون في الكثير من قصور المنطقة التي يقطنون فيها في مجال خاص يدعى "بالملاح"، وتسكن الجماعات الأخرى منهم على طول "وادي زيز" و"كير العليا" و"فيجيج"، ولا يشارك اليهود في الحياة المؤسساتية للمسلمين، ولكنهم لا يضطهدون أبدا في الظروف العادية. ويكون لديهم ولي مسلم يحميهم، ليتوسط لهم في تعاملهم مع السكان المسلمين[66]. عرف اليهود باهتمامهم بصناعة الذهب والصباغة والدباغة والصيارة والميارة وأكثرهم حمالين وخياطين وكيالين[67]. في هذا السياق يذكر دوفوكو أن اليهود كانوا يلعبون دورا حيويا في ربط مدينة "سجلماسة" بأوروبا في المرحلة المرينية اعتمادا على علاقاتهم مع يهود تلمسان وأمايوركا وبرشلونة[68]. بالإضافة إلى ذلك فقد كان ليهود المنطقة –كما تؤكد الروايات الشفهية- أضرحة وأولياء خاصة بهم يتبركون بها[69]، ولا زال بعض اليهود يقومون بزيارة هذه الأضرحة من بلدان أخرى إلى غاية اليوم.
3- التراتب الاجتماعي والمستجدات:
إن مسألة التراتب الاجتماعي لا يمكن أن تختفي مهما عرف المجتمع من تقدم وتحولات، إلا أنها في كل مرحلة تاريخية تتخذ طابعا خاصا وفق ما تقتضيه المتغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية، وارتباطا بالتركيبة الاجتماعية لقصور واحات عرب الصباح، فإن أول ما يثير الانتباه في مسألة التراتب الاجتماعي هو اختفاء فئتين من الفئات الاجتماعية المكونة للقصر؛ ونقصد بالذات فئة اليهود و فئة العبيد؛ فاختفاء الفئة الأولى كان مرتبطا بهجرة السكان اليهود من المغرب نحو البلدان الغربية وعلى رأسها "إسرائيل" إبان البدايات الأولى لنشوئها فوق الأراضي الفليسطينة استجابة لنداء النزعة الصهيونية لإقامة دولة خاصة باليهود تسيطر على المنطقة وعلى العالم بأسره استجابة لما يجدونه في تعاليمهم الدينية وخاصة في كتاب التوراة (المحرف) وكتاب التلمود (المكتوب من طرف الحاخامات). وأما فئة العبيد فنجد أن اختفاؤها ارتبط باختفاء نظام الرق نتيجة التحولات على المستوى الفكري من خلال رفض الساكنة لمثل هذا التمييز والتحيز وبالتالي الاعتراف بحقوق هذه الفئة بالعيش الكريم، وأيضا مرتبطة بتوجه عالمي لترسيخ المبادئ الحقوقية التي تحارب آفات التمييز على أساس العرق أو اللون أو اللغة... لكن مع ذلك بقيت هاتين الفئتين متواجدتين على المستوى الحضور الرمزي في التراث الشعبي الشفهي (الأمثال، الحكايات، الأغاني الشعبية...) لواحات عرب الصباح.
أما عن الفئات الأخرى ( الشرفاء، المرابطون، الحراطين) فقد تمكن المجتمع بواحات عرب الصباح بأن يقلص تلك الفوارق التي كانت موجودة سابقا بين هذه الفئات، والمبنية على مرتكزات ثقافية تعطي القيمة لفئة معينة وتهمش فئة أخرى، ومن خلال بحثنا الميداني تمكنا من ملاحظة أن التمييز الذي كان مكرسا ضد فئة الحراطين لم يعد بتلك الحدة المعهودة؛ والعامل الرئيس في اعتقادنا -رغم تعدد العوامل- هو تمكن هذه الفئة من فرض وجودها خاصة على المستوى الاقتصادي حيث تمكن الكثير منهم من جمع ثروة مهمة وتشييد بنايات فخمة بفضل العمل في مقاولات البناء وأيضا الهجرة خارج الوطن، وكذلك استثماراتهم في قطاعات تجارية وصناعية وفلاحية، بالإضافة إلى ولوجهم لمختلف الوظائف الحكومية وغير الحكومية. بالإضافة إلى الدور الفعال لمؤسسات المجتمع المدني التي عملت على تقليص الفروقات الاجتماعية وغرس قيم التعاون بين أفراد المجتمع بمختلف أصنافهم العرقية والثقافية، كما أن ارتفاع نسبة التعليم بهذه المناطق أثر إيجابيا في تراجع أشكال التهميش والتمييز الذي عانت منه بعض الفئات الاجتماعة لصالح فئات اجتماعية أخرى.
خاتمة:
إذا كان هذا هو الواقع الترايخي والجغرافي والاجتماعي لواحات عرب الصباح، فمن اللازم على مختلف الجهود الرامية لتنمية هذه المنطقة عن طريق تنزيل مجموعة من المشاريع التنموية أن تتبنى مقاربات مختلفة وليس مقاربة وحيدة، مع التركيز على المقاربة الثقافية التي تولي أهمية كبرى لخصوصية المجتمع الثقافية ولتطلعات أفراده عبر استشارتهم في البرامج التنموية المراد تنزيلها وإشراكهم في استراتيجية التطبيق، مع الحرص على عدم الاضرار ببيئتم وتراثهم.


المراجع المعتمدة:


________________________________________
[1] هذا المقال مقتطف من دراسة سوسيوأنثروبولوجية (ميدانية) لنيل شهادة الماستر بعنوان "التراث الثقافي والتنمية المستدامة بالمجال الواحي (واحات عرب الصباح نماذجا)". 2014
لحسن تاوشيخت، واحات تافيلالت بين اليوم و الأمس، 1993.[2]
[3] F.Gender, « le tafilalet », op, p :52.
نقلا عن حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، دبلوم الدراسات العليا بجامعة فاس سنة 1989، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 1997، ص: 90.
[4] جورج سبيلمان،" آيت عطا الصحراء وتهدئة درعة العليا"، تقديم وترجمة امحمد احدى، كلية الأداب جامعة بن زهر أكادير، مطبعة bj --print-- K، ط2، 2011، ص:125
[5] عبد الفتاح الزين، "المجال التجليات والاستعمالات"،مجلة العلوم الاجتماعية والانسانية، المعهد الجامعي للبحث العلمي، جامعة محمد 5 السويسي ، الرباط، العدد 43-44، 1997، ص: 69.
[6] مونوغرافة قيادة عرب الصباح زيز، وزارة الداخلية عمالة إقليم الرشيدية- أرفود، فبراير 1999، ص: 2.
[7] المرجع نفسه، ص: 2.
[8] المرجع نفسه، ص: 3.
[9] المرجع نفسه، ص: 2.
[10] المرجع نفسه، ص: 2.
[11] المرجع نفسه، ص: 3.
[12] موقع "واحات متأقلمة" في الشبكة العنكبوتية.
http://www.oasisadaptation.com/ar/sites-pilotes.html?id=197
[13] المخطط الجماعي للتنمية2011-2016 حول الجماعة القروية عرب الصباح غريس، إعداد الجماعة القروية عرب الصباح غريس بدعم من وكالة التنمية الإجتماعية، ص: 9.
[14] الكفيفات: تضم قصري أولاد الشرقي وأولاد غانم التابعين للجماعة القروية فزنا، والراجح أن Meunié أطلق على فزنا بهذا الإسم لأن الكفيفات تقع في الطريق الرئيسية الموجودة بالمنطقة.
[15] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 39-40.
[16] رحمة بورقية، "الدولة والسلطة والمجتمع"، دراسة في الثابت والمتحول في علاقة الدولة بالقبائل في المغرب، دار الطليعة، الطبعة الأولى ، بيروت 1991، ص: 15.
[17] D.J.Meunié , « le Maroc saharien », op ,cit, p :87.
نقلا عن حسن حافظي علوي، م.س، ص: 41.
[18] جورج سبيلمان،" آيت عطا الصحراء وتهئة درعة العليا"، م.س، ص: 29.
[19] روس إ. دان، "المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي- المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912" ،ترجمة: أحمد بوحسن، مراجعة: عبد الأحد السبتي، منشورات الزاوية، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2006، ص: 36.
[20] عرفت المنطقة في العقود الأخيرة موجة من الهجرات لمناطق أخرى بسبب عدم قدرة القطاع الفلاحي على سد حاجيات ومتطلبات الساكنة، خاصة في ظل التحولات التي يعرفها هذا المجال الذي يشهد عمليات من التحضر –المرتبكة- خاصة على مستوى البنية التحتية مع الحفاظ على الطابع القروي التقليدي للمنطقة. هذه المستجدات تدفع بعض السكان للهجرة بغرض الإشتغال في قطاعات أخرى كالعمل في مقاولات البناء المعماري كأبرز قطاع يلتجئ إليه أبناء المنطقة، أو لمزاولة إحدى الوظائف الحكومية بمدن أخرى.
[21] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 46
[22] جورج سبيلمان،" آيت عطا الصحراء وتهئة درعة العليا"، م.س، ص: 29.
[23] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 47.
[24] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 47.
[25] امحمد مهدان، "التنمية المستدامة في العالم القروي والواحات"، أعمال ندوة ،إعداد وتنسيق: بن محمد قسطاني، أيام 10 – 11 مايو 2007، سلسلة الندوات 33، جامعة م إسماعيل ، ك.أ.ع.إ مكناس، تنظيم شعبة علم الاجتماع، 2012،ص:78.
[26] محمد احدى، " دراسة سوسيواقتصادية لأعراف الجنوب ( آيت شاكر بمنطقة الرتب"، أكادير 2007، ص: 20.
[27] روس إ. دان، "المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي- المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912" ،م.س، ص: 93.
[28] المرجع نفسه، ص: 94.
[29] جورج سبيلمان،" آيت عطا الصحراء وتهئة درعة العليا"، م.س، ص: 29.
[30] عبد الرحمان أغزاف، "المجال والمجتمع بالواحات المغربية"، ك.أ.ع.إ، جامعة م إسماعيل مكناس، سلسلة الندوات 6، 1993، ص:36.
[31] محمد أيت حمزة، "التوازن الإيكولوجي الواحي بين التنافس والتكامل"، ندوة بعنوان: "المجال والمجتمع بالواحات المغربية"،: "، ك.آ.ع.إ مكناس، 1993، ص: 79.
[32] Charles De Foucauld, « reconnaissance au Maroc (1883-1884 », chalamel et g éditeurs, librairie coloniale, Paris 1888, p :347.
[33] روس إ. دان، "المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي- المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912" ،م.س، ص: 32.
[34] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 63.
[35] مبارك الطايعي، " البنايات الزراعية والبنيات الاجتماعية وأفق الاستمرار والانقطاع في الواحات المغربية – واحة تافيلالت نموذجا- "، م.س، ص:104.
[36] . [36] D.J.Meunié , « le Maroc saharien », op ,cit, p :147.
نقلا عن حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 61.
[37] روس إ. دان، "المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي- المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912" ،م.س ، ص: 32.
[38] D.J.Meunié , « le Maroc saharien », op ,cit, p :128.
نقلا عن حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 40.
[39] D.J.Meunié , « le Maroc saharien », op ,cit, p 149.
نقلا عن حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 63.
[40] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 71.
[41] المرجع نفسه، ص: 72.
[42] المرجع نفسه، ص: 73.
[43] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص: 74.
[44] المرجع نفسه، ص: 78.
[45] المرجع نفسه، ص: 78.
[46] عبد الرحمان أغزاف، "المجال والمجتمع بالواحات المغربية"، ك.أ.ع.إ، جامعة م إسماعيل مكناس، سلسلة الندوات 6، 1993، ص: 38.
[47] السياحة الإيكولوجية هي السياحة التي تقتضي السفر إلى المناطق الطبيعية المستقرة نسبيًا لهدف محدد يتمثل في الدراسة، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية ونباتاتها وحيواناتها البرية، بالإضافة إلى أية مظاهر ثقافية سواء أكانت من الزمن الماضي أو الحاضر، وهذا المصطلح جاء ليعبر عن نوع جديد من النشاط السياحي الصديق للبيئة، الذي يمارسه الانسان مع حرصه على المحافظة على الموروث الطبيعي والحضاري. ( نقلا عن: زاوي صورية وخان أحلام ، "السياحة البيئية وأثرها على التنمية في المناطق الريفية"، جامعة محمد خيضر بسكرة، أبحاث اقتصادية وإدارية - العدد السابع 2010.)
[48] نظرا لما تتميز به المنطقة المعروفة بغرس أشجار النخيل وبجودة وتنوع منتوج التمور بها، تم إنجاز "المعرض الدولي للتمور" بمدينة أرفود.
[49] لمفهوم "القصر" بواحات الجنوب الشرقي تعارف مختلفة كنتيجة لاختلاف تخصصات الباحثين الأكاديمية واختلاف وجهات نظرهم. وفقا لهذا الاعتبار نضع بين أيديكم تعريفنا الخاص لهذا المفهوم الناتج عن بحثنا الميداني حول واحات عرب الصباح وكذلك لاطلاعنا على مجموعة من الدراسات التي اهتمت بهذا المجال كالتالي: "القصر هو بناء معماري وفق هندسة تقليدية كفيلة باستيفاء الحاجيات الضرورية التي تؤمن استقرار الأسر القاطنة بداخله؛ وهي حاجيات ارتبطت بسياق تاريخي وسوسيوثقافي خاص من ناحية، وبطبيعة المجال الجغرافي وخصائصه المناخية من ناحية أخرى، يمكن أن نجملها في أربعة حاجيات: الحاجة للأمن والحماية أولا، والحاجة للتأقلم والتكيف مع المناخ ثانيا، ثم الحاجة الاقتصادية ثالثا، وأخيرا الحاجة الاجتماعية لإشباع المتطلبات الإنسانية لساكنة القصر."
[50] قسطاني بن محمد، "الواحات المغربية قبل الإستعمار- غريس نموذجا- "، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2005، ص: 37.
[51] روس إ. دان، "المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي- المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912" ،م.س، ص: 45.
[52] لحسن تاوشيخت، "المجال والمجتمع بالواحات المغربية"، ك.أ.ع.إ، جامعة م إسماعيل مكناس، سلسلة الندوات 6، 1993، ص: 14.
[53] المرجع نفسه، ص: 14.
[54] روس إ. دان، "المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي- المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912" ،م.س، ص: 45.
[55] المرجع نفسه، ص: 46.
[56] المرجع نفسه، ص: 46.
[57] المرجع نفسه، ص: 46.
[58] المرجع نفسه، ص: 46.
[59] المرجع نفسه، ص: 47.
[60] قسطاني بن محمد، "الواحات المغربية قبل الإستعمار- غريس نموذجا- "، م.س، ص: 52.
[61] لحسن تاوشيخت، "المجال والمجتمع بالواحات المغربية"، م.س، ص: 14.
[62] محمد احدى، " دراسة سوسيواقتصادية لأعراف الجنوب ( آيت شاكر بمنطقة الرتب"، م.س، ص: 28.
[63] روس إ. دان، "المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي- المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912" ،م.س، ص: 48.
[64] محمد احدى، " دراسة سوسيواقتصادية لأعراف الجنوب ( آيت شاكر بمنطقة الرتب"، م.س، ص: 32.
[65] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)، م.س، ص: 131.
[66] روس إ. دان، "المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي- المواجهة المغربية للإمبريالية الفرنسية 1881-1912" ،م.س، ص: 48.
[67] حسن حافظي علوي، "سجلماسة وأقاليمها في القرن (8 ه)/ (14 م)"، م.س، ص:148.
[68] المرجع نفسه، ص:149.
[69] يشير حاييم الزعفراني في كتابه "ألف سنة من حياة اليهود" أن اليهود المغاربة يحتفلون بالأولياء الصالحين، وأصحاب المعجزات أينما كانوا، والأولياء المغاربة المشهورين، وذلك بزيارة مقابرهم كل سنة، وتسمى هذه الاحتفالات هنا وفي جهات أخرى بالهيلولة، التي تمتاز بطابع مسرحي واستعراضي من جهة وطابع ديني ودنوي من جهة ثانية. ( أنظر: حاييم الزعفراني، "ألف سنة من حياة اليهود بالمغرب، تاريخ-ثقافة-دين"، ترجمة: أحمد شحلان،عبد الغني أبو العزم، الطبعة الاولى1987، ص: 116.)



#عبد_الكريم_جندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من العصبية القبلية إلى العصبية الفكرية
- الإنسانية في تقدم حقا أم أن التدهور هو العنوان ؟
- من رواسب -الزاوية- : بإسم -البركة- خدع الأجداد، ومن أراضي ال ...
- قول في - اليوم العالمي للمرأة -
- الفساد الإداري والتنمية في المغرب


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الكريم جندي - واحات عرب الصباح التاريخ والمجال والمجتمع