أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - إكسيليسيور .. لقاء الوداع














المزيد.....

إكسيليسيور .. لقاء الوداع


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4950 - 2015 / 10 / 9 - 19:05
المحور: سيرة ذاتية
    


كان آخر لقاء بيني وبين أستاذي الجليل أحمد نبيل الهلالي في مقهى( اكسلوسيور) في وسط البلد ( القاهرة ) ،
وكنت قد بدأت التردد على مكتبه في القاهرة منذ أن اخترت بعد تفكير طويل إنهاء علاقتي التنظيمية بالحزب الشيوعي المصري في آواخر الثمانينيات ( وكان وقتها قرار فى غاية الصعوبة على نفسى لما ترتب عليه من شعور بعض الرفاق بالخذلان فى شخصى المتواضع كشاب يحتاجه مستقبل الحزب ولكنه قد كان ) ،
كل ذلك كان فى سياق الأزمة العنيفة التي ضربت الحزب والخلاف حول طبيعة السلطة الجديدة التي أعقبت إغتيال السادات مباشرة وطبيعة التناقضات داخل هذه السلطة وظهور فكرة تمايز مؤسسة الرئاسة عن باقي أطراف النظام الحاكم ، وكذلك الإصطفاف الطبقي في المجتمع المصري وتحول عملية الصراع الفكري التي فتحتها القيادة عبر صفحات دورية ( الوعي) ، وعبر المستويات واللجان الحزبية المختلفة إلى صراع تنظيمي لامجال لسرد تفاصيله ولست مؤهلا لذلك بحكم أنني كنت صاحب وجهة نظر مضادة لتقييم السلطة وطبيعة الإصطفاف الطبقى وقتها وقد عبرت عن ذلك أثناء النقاشات التى دارت فيما سمى بالصراع الفكرى داخل الحزب هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد كنت مجرد كادر وسيط من الكوادر الوسيطة المنتشرة في جغرافيا الأقاليم وتتلقى المعلومات المركزية بعد حدوثها بمدة نظرا لطبيعة وتعقيدات العمل السري وعدم وجود وسائل الإتصال الحديثة وكانت وسيلة الإتصال الوحيدة هي مسئول المنطقة أو المتابع المركزي وتلك عوامل كافية للفقر في المعلومات اللازمة لتناول مثل هذه الموضوعات بأمانة وشرف أخلاقي ؛
وكنت التقى مع الأستاذ الهلالي في سياق تأسيس حزب الشعب الذي لم أكمل مسيرتي فيه وذلك لبذوغ قناعة أخرى داخلي بعد أن انصرفت من لقاء (اكسلوسيور) بحوالي شهر أو شهرين لا أذكر على وجه التحديد ؛
كان الإتحاد السوفيتي المأسوف على زواله قد بدأ طريق إللا عودة في التداعي والتفكك ، وبدأت الأنظمة المسماة بالاشتراكية تتداعي في أوربا الشرقية بدأ من ظهور فاونسا في حوض بناء السفن البولندي ( جدانسك) وقيادة التمرد العمالى على الدولة الإشتراكية فيماسمي وقتها بحركة ( تضامن) ثم زيارة البابا البولندي الأصل إلى بولندا ودعمه لحركة تضامن . وصولا إلى توجه المتظاهرون في ألمانيا الشرقية نحو سور برلين لتحطيمه
كانت الأحداث التي نستمع اليها عبر الراديو والتليفزيون تسير الدهشة الممتزجة بالهلع في قلوبنا نحن الشباب المؤمن بالماركسية وبالحتمية التاريخية للإشتراكية وبالنموذج السوفيتي طريقا صحيحا وحيدا للإشتراكية ؛
في اللحظة التي سمعت فيها من راديو ( مونت كارلو) عن بداية التظاهرات في برلين اتصلت بالأستاذ الهلالي تليفونيا في بيته وطلبت لقاء على وجه السرعة طبعا لم أذكر سبب طلبي للقاء لدواعي الأمان وهذا هو المعتاد بيننا في هذا الوقت
تحدثت معه كقريب لموكل في إحدى قضايا مكتبه واتفقنا على موعد في المكتب وبمجرد أن دخلت عليه المكتب قال لي سننصرف الآن لنشرب القهوة في مقهى واصطحبني حتى مقهى ( اكسلسيور)
جلسنا في الدور العلوي للمقهي وطلب الأستاذ لنا القهوة واقترحت التحدث في الشأن السياسي أولا قبل الشأن الحزبي المتمثل في مساعي تأسيس حزب الشعب
طرحت على الأستاذ السؤال مباشرة هل سيسقط سور برلين؟
وجاءت إجابته كالتالي
لا لن تسقط الاشتراكية في ألمانيا الشرقية حتى لو سقطت في باقي دول أوربا الشرقية فالاشتراكية في ألمانيا الشرقية قد أسست تأسيسا صحيحا راسخا بحيث لن يتخلى الشعب الألماني عن اشتراكيته ولن يسمح بسقوط سور برلين
وكان كلامه في هذا الشأن قاطعا كيقين راسخ ثم انتقلنا إلى الشأن الحزبي فقال عليك أن تتصل بفلان فهو أحد المؤسسين معنا وتقوما بترتيب العمل فيما بينكما
كان فلان هذا شهيرا وقتها ( بالشاب المعجزة) لأنه كان يقود أحد التنظيمات الشبابية والذي كان له تواجد فعال في المنظمات الشبابية الدولية بغض النظر عن حجم هذا التنظيم الفعلي ومدى فعاليته على أرض الواقع المحلي
وبما أنني كنت أعرف فلان هذا وبيننا تعامل لم يكن موفق بالمرة في مجال العمل الشبابي فقد حاول ان يضمني لتنظيمه الشبابي وكنت وقتها أحد قيادات اتحاد الشباب التقدمي ودارت بيننا جلسات بناء على توجيه مركزي من الحزب الشيوعي المصري ولم نصل إلى تفاهم مشترك ولم تعجبني طريقته في إدارة العمل الشبابي( وإن كنت احتفظ له على المستوى الشخصي وحتى الآن بكل الإحترام والتقدير والمودة) ، وابلغت قيادتي في الحزب وقتها بأنني لم أصل بعد لقناعة بجدوى انضمامي لهذا التنظيم الشبابي وأنني أرغب في التفرغ لاتحاد الشباب التقدمي وبالفعل كان لي ذلك ؛
خرجنا من مقهى اكسلسيور إلى أقرب محطة للمترو وأوصلني الأستاذ بتواضعه المعروف عنه ونبله الإنساني وطيبته الشديدة وكرم اخلاقه إلى محطة سكك حديد مصر وودعني
وبعد هذا اللقاء بأيام كان سقوط سور برلين مدويا لدرجة أنني ظللت لمدة طويلة أشعر بأن ضربة شديدة من مطرقة حديدية ثقيلة قد نزلت على أم رأسي ، عندها اتخذت قرارا بألا اتصل بالأستاذ ثانية ولا بغيره وأن اترك تماما العمل السياسي وأن اتفرغ للقراءة والمتابعة والتفكير في كل ماجرى من جديد ، وألا أعود للعمل العام إلا بعد إعادة قراءة وفهم طبيعة كل ماحدث ؛
لهذا شاءت المقادير للأسف الشديد أن يكون لقائي بالأستاذ الهلالي رحمه الله في ( اكسلسيور) هو اللقاء الأخير
وداع مبكر قبل رحيل قديس اليسار المصرى وأيقونته الخالدة بما يزيد على العشر سنوات ..




#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث ملاحظات على هامش الوضع السورى
- وداعا خالد الصاوى
- على عبد الحفيظ .. سيرة ممتدة للفلاح الفصيح
- عيد الذبائح والدم
- نحو إصلاح وتتطوير الفلاحة المصرية (2)
- توحيد البنهاوى .. وداعا
- قيمة نور الشريف التنويرية
- كلمات هامشية على متن تحديث قناة السويس
- نحو إصلاح وتتطوير الفلاحة المصرية ( 1 )
- الفلاح الفصيح سعد قنديل
- إنه أبى العظيم سينوت حنا
- إيران ليست هى عدونا الرئيسى
- ندبة فى أحد الأعياد
- أعياد الذاكرة
- تعظيم سلام للجندية المصرية
- تعليقات هامشية على عملية اغتيال النائب العام
- نداء إلى كل القوى المدنية الوطنية المصرية
- العداء للمشروع الصهيونى .. ليس مجرد عداء عاطفى ..
- موسم شتل الأرز
- العامل الذاتى لم ينضج بعد


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حمدى عبد العزيز - إكسيليسيور .. لقاء الوداع