أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع - البحث عن غيلان ؟















المزيد.....

البحث عن غيلان ؟


احمد مصارع

الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 10:09
المحور: الادب والفن
    


هل يمكن أن تتم عملية بحث عن هذا الغيلان بدون السفر إلى مكان ما وببساطة فالأمكنة لا تأتي إلينا، لذا ينبغي أن نذهب إليها فلكل بقعة أرضٍ في الدنيا شخصيتها ، كما الفرد والجماعة ، والأهم إن شخصية الأمكنة هي ذات روح وبما أن لها روح فهي ذاتُ لغة معبرة ، والأرض التي نحيا عليها ككل لها روح مستقلة موزعة في مختلف الأرجاء ، وفيها مناطق شعور مرتفع وفيها منخفضات ومراكز الحس فيها لا تنعدم أبداً ، ولكن تنقص مابين مكان ما ومكان آخر ، بل قد تزيد هنا أو هناك ، أتساءل هل يوجد أرض تمثل قلباً للإحساس ، هل يوجد مركز إحساس كبير في الجسد الأرضي ربما كانت في الماضي تتحرك براكين للإحساس في غيلان .... ثم خمدت أريد أن أراها لا تفحص غولها ، ربما مازال حياً وربما استطع إنقاذه أو إسعافه إن كانت به بقية حياة ، هذا إن اكتشفت مكان وجوده . وقد يكون رحل إلى مكان آخر ، فكيف يمكنني تحديد المكان المحتمل أن يكون قد رحل إليه .
خاطرة البحث عن غيلان هبطت علي كوحي ناقص . . ابحث عن غيلان .... وحين تجده .... سيكون لك معه شأن عجيب وأعلم إنك لم تلاقيه بعد فهناك أماكن كثيرة فيها غيلان آخر ولكن أين ؟ ! لاشيء آخر وكأن الجواب كانَ الصيحة في واد عميق : ( في أيِّ مكان ٍ كانْ ... حيثما كان .. )
والآن ما العمل ؟ كيف أُلبي دعوة الوحي !. نداء غامض لم أومن بقدسيته بعد فأمامي كون محير من الهاوية بلا قرار متى ؟
والنفق المظلم أين ؟ والجبل الشاهق كيف ؟! . هل غيلان مسكن أم آثار وأطلال ؟ أم مدفن وقبر أم سجن منسي هل هو بقايا حياة ؟ أم حياة ماضية؟ أم هاهو الآن يحيا ؟
قلت لنفسي - يا صالح . عقلك أثمن مافيك وهذا غيلان يدعوك للجنون فلا تتردد في رفض الدعوة ,بل خير لك أن تملأ الأذن اليمنى بالطين واليسرى بالعجين من أن تصغي لهذا النداء السحري , فأمامك خلطة عجيبة من الماضي والحاضر والمستقبل فتتداخل الأزمنة وتتشابك وعند ذلك ستضيع ضياعاً أكشراً ولعلك ستكون كمن قيل فيه( دربٌ صدْ من سلكه فما رد ْ ) ثم قلت لنفسي مشجعاً – بل لابد من المحاولة ولو بحذر تام .
لأنه طالما اللا شيء لا يوجد في هذا الكون فلابد أن يكون هناك شيء والشيء لن يأتي أبداً من اللاشيء وهذه خطوتي الأولى في البحث عن هذا الشيءْ .
أنظر من حولي فليس هناك من يكون خبيراً في هذه المسائل فرحت أتمنى بقاء كاهن أو عرافة من العصور القديمة ، وسأبحث عنه , حين رنَّ جرس الهاتف المهجور ، نهضت نحوه متثاقلاً ، وكانت المفاجأة .
- اسمع يا صديقي ، أنت مدعوا إلى رحلة . رحلة إلى المناطق الأثرية .
قلت – الأوابدْ إذا كان لابدْ ... ، وما المطلوب مني ؟
قال – المطلوب هو استعدادك للحضور فقط .
قلت : ما علاقة دعوتك يا صديقي الصحفي بوحي غيلان .
أجاب ضاحكاً :- الدنيا مليئة بالأغوال .
قلت له مازحاً :- منذ متى ؟
أجاب بثقة – اليوم والأمس وغداً وإلى ما لا نهاية .
قلت – هل تضمن لي مقابلته غداً ... ؟
قال ضاحكاً :- لم لا تفترض إمكانية رفضه التكاشف معك
- ما قولك أنت ؟
قال – تسمع به وكفى ، خيرٌ لك من أن تراه .
- أين سنذهب يا صديقي ؟
- إلى أماكن عدة ، سنبتدئ من آثريا ، ثم قصر الوردان , ثم الأندرين .
- الأندرين النواسي ؟
قال – لا . الأندرين البيزنطي .
- الأندرين البيزنطي معتق أكثر من اللازم ؟ أليس كذلك ؟
قال – لا أنصحك به ...
- لمه يا صديق ... ؟
قال – هل تريد رؤية غولك الشخصي ؟
- وأيهما أفضل برأيك .
- الأفضل أن تصبر على غولك لترى الأغوال الأخرى .
- هل تسمح لي بطلب يا قائد الرحلة ؟
- نغير مخطط الرحلة !
- لا ، أريد المرور على الرصافة .
- يا صديقي الرصافة صارت لدى فريقنا محفوظة عن ظهر قلب .
- قلت ألانها أقرب الأماكن إلينا .
- لا. بل أنَّ بعض الأثريين لازموها لسنوات .
- لكنني أريد أن أراها .
- أعدك بالمرور عليها عند العودة .
- هذا لا يكفي ، أريد ساعات لإطفاء شوقي إلى رؤيتها .
- حسناً لك ما تريد ، والآن ...
- إلى الغد ، لو يتركني وحي غيلان أعيش بسلام .
*************
في الطريق نحو البادية لم نتوقف عن شرب الماء البارد وابتدأت المشاهد والصور تعرض نفسها مثيرة .
- انظروا إلى تلك الحية الكبير ه ..
- هل يمكن تصويرها .
- لا .. لقد هربت .
- هاهو الأروّل ذو الغدة ..
- يا إلا هي ما أكبر حجمه .., انظروا الى غدته المنتفخة , عيناه جاحظتان وبدون خوف وكأنه يتحدى ..
السيارة المنطلقة بسرعة كبيرة اصطدمت أثناء تجاوزها الحصاد ه فتهشمت المرايا الجانبية وتناثرت أشلاؤها .
خيّم الصمت حين توقفت السيارة ، كان السائق الغاضب يفحص الضرر ، بينما كان المصور يهتف فرحاً :
- انظروا إلى تلك المغاور والكهوف ، سألتقط صوراً لها .
سائق الحصاد يعتذر- فكل شيء سليم ... السلامة فوق كل شيء .
إنه بدون مرآة هو الآخر ، فلماذا لم ينبه عليه بالزمور . ! ..
وعندما انطلقت السيارة هتف المصور : - ستكون الصور جميلة للغاية يا شباب .
أحدهم قال – لما لم تصور الحادث يا فهمان ! ؟ . تبحث عن الأموات وتترك الأحياء
- لو متم يا أصدقائي بالحادث لصورتكم أحلى صور .
- ستكون أوّل من يموت .
- انظروا يا شباب ، أوقف السيارة وتوقفت بصعوبة . ارجع إلى الوراء .. المزيد .. المزيد ..
- ألا ترون هذا المنظر الخلاب ؟ ! .
بعض منا رأى شيئاً والآخر ليس لديه الاستعداد كي يرى ،
- صوَّر الآن .
هتف ألآثاري – ماذا تصور بالله عليك في هذه البادية المتصحرة ؟!.
قال الصحفي – انظر ... انظر ما أجمل تلك الشجرة الصغيرة ,إنها تبدو كالنعامة .. شجرة متوحدة ... وحيدة .. يتيمة في هذا العالم ... والسؤال من غرس تلك الشجرة . ؟ !
كانت الشجيرة الصغيرة نائية ، لا مسكن بجوارها ولا حياة .
أحدهم قال – يا رجل صوّر بستان ... تضيع صور من أجل شجرة واحدة .
- صور البساتين أصبحت مبتذلة يا صديقي ...
- الحياة في بستان سهلة ، ولكن الحياة وسط البراري صعبة للغاية .
هتف أحدهم : - لنرى معاً نهاية طريق الفلسفة ، اللهم نسألك السلامة
ضحك السائق :- بخدمتكم والله يحفظنا ، سنتوقف حيث تريدون . المهم أن يكون الحصاد وفيراً .
- لقد كادت الحصادة أن تحصدنا ...
ضحك من جديد :- إنها حصادة وتحصدُ كل شيء ...
انطلق أحدهم يتهددنا بمزمور الخطر ومطلقاًً نشيداً عسكرياً : سمره وأنا الحاصوده
هذه آثوربا ، هرم مكعب ، أحجار عملاقة في كل خط عشرون حجره فوق بعضها البعض .
رجل الآثار – هذه كنيسة يا أصدقاء .
استغرب أحدهم – هذه التحفة الأثرية كنيسة ؟ !
كان عصبياً حين أشار بيده :- انظروا إلى الصليب .
أحدهم – أين الصليب ؟ نحن لا نرى إلا شعاع الشمس ؟
- علامة الجمع مع علامة الضرب تكون النتيجة صليباً شمسياً
- نحن فراشات على الصليب الشمسي .
ألآثاري يتكلم غاضباً : - يا أصدقاء . دعوا الأدب والفلسفة جانباً اركعوا للحقيقة فهذه كنيسة ؟ !
- بل ثكنة عسكرية في عصر عبودية مظلم ، لا قيمة فيه للإنسان .
- الذي بناها هو الإنسان وليس الحيوان ... فالصخور لم ترتفع من تلقاء ذاتها ... الصخور تبنيها المبادئ .
- طيب لماذا هبطت التماثيل وتحطمت الأسقف المتلاحقة ؟
- إنها الزلازل يا أصدقاء ... !
- الزلازل فقط ... ؟ !
- نعم والإنسان .. كما بنى الأهرامات ... يهدمها بلا شفقة .
توقف قليلاً : صوروا يا أصدقاء .
- تلك قباب هلال , انظروا ما أجملها ,.
- أتصورون قباب الطين ... حتى الطين لم يسلم من دهشتكم المتواصلة , ما أشبهها بمساكن الهنود الحمر ؟
أحدهم : أين الخيول وريش الطيور ؟.
كان صديقي الصحفي يسألني :- ما هو الشكل الرياضي لهذه المساكن ؟.
قلت له – هذه ليست أهراما ، إنها أقدم هندسة , إنها مخاريط ناقصية الشكل مجسمة .
قال – وما أهمية ذلك ...
قلت ألا تعلم ؟ ... بأن الضغط الجوي يتوزع على كافة الأنحاء
- وما قيمة ذلك ؟
- حماية الحياة يا صديقي . الإنسان تحت المخروط الناقصي أو الزيتوني أكثرُ أماناً منه تحت الهرم ... وأضعفه تحت المكعب أو متوازي المستطيلات .
هتف قائلاً – الآن فهمت ...
أحدهم – ماذا فهمت ؟ ! .... أفهمونا معكم ...
- لماذا سقطت السقوف المكعبة والمستطيلة ؟ وصمدت الهرمية والمخروطية أحدهم ساخراً – حتى المخروط الأبله صار الآن مهماً .
قلت – وهناك سبب آخر ..
- ما هو .. ؟
قلت القواعد : القواعد يا صديقي .
قال أحدهم بفضول :
- قواعد اللغة العربية . ؟!
قلت – بل قواعد البنيان .
قال الصحفي – لم أفهم ...
- ما علاقة قواعد البنيان بالانهيار . ؟!
قلت – إنه الضغط التحتي وليس قوة الضغط الجانبي .
قال – وضّح .
قلت – لو أدرك الأولون أهمية الضغط التحتي وأســــس البناء لبقيت حياتهم تهزأ بكل شيء .. وإلى يومنا هذا ...
- شكراً لك يا صديقي فأجوبتك مثيرة وغامضة أكثر من الأسئلة .
- هل تعرف غيلان يا صديقي ؟
أحدهم – لا أريد أن أعرف .
- نريد أن نفهم .. لم نفهم شيئاً ، شبعنا من الرموز .
الصحفي ساخراً – الجهل نِعْمه .
أحدهم مستنكراً – تريد القول بأننا لا نفهم شيئاً .
- لا أنتم عباقرة حين لا تحاولون الفهم ! الجهل ثروة ,هل تكرهون الثروة ؟
أحدهم - لا يخدعنكم الحروف والرموز ، فلاشيء يشبع الفضول ,أو ينمي روح المغامرة ، نريد أن نرى شيئاً مثيراً ...
كنت لوحدي أدور حول آثريا ، ألتقط الأحجار الصغيرة النادرة ، بقايا من الأحجار البازلتية المقوسة، آثار أدوات محطمة وبعضها من البرونز الصدئ ، كانت ثقيلة أكثر من الحجارة ...
الأحرف النافرة الأمامية من عهد روما , صرخت : - يا آثار .. تعال صوِّر هنا ... توجد كتابة ...
كانوا يتجمعون في الظل البعيد ، ورد الصوت البعيد : - أنا قادم ..
جاء ألآثاري يحمل كاميراته التي لا تصور بدون هدف ، لقد أعجبت بأسلوبه في التصوير ، حيث لا يصور إلا ما يعتقد بأنه يستحق التصوير ، فالصورة عنده يجب أن يكون لها دلالة أثرية .
تركته يصور الحروف النافرة ، وفي هذه الأثناء اكتشفت بئراً عميقاً في فتحه حجر بازلتي منكسر وهتفت – تعالوا جميعاً ...
حين أزحنا الصخرة قليلاً ، بدا البئر العميق موغلاً في الظلمة .
- صوروا يا شباب .
أحدهم – ألق بحجرة ... طال أمد الصدى ..
ألآثاري – البئر عميق للغاية
أحدهم ساخراً – هل يصل إلى مركز الأرض ؟ ! . هيا أسرعوا فمازال أمامنا الطريق طويلاً .
أحدهم هتف : - الآنْ ... سنسير إلى قصر الوردان ...
وانطلقت السيارة في منتصف النهار , سأل أحدهم – من الوردان ؟ هل هو أمير عربي ؟
ضحك ألآثاري وأجاب . - لا . إنه جنرال ...
سأل أحدهم – هل كان حاكماً بأمر الله ؟ .
أجاب – لا ... كان حاكماً يأمر روما .
- في أي قرن ؟
- مابين الخامس والسادس الميلادي ..
حين وصلنا قصر الوردان ، كانت ملامحه الظاهرية كما لو كان فندقاً أو استراحة بادية
قلت يا صديقي – ما هذا الأسمنت . ؟
أجاب ببرود – صيانة .. هكذا يحافظون على الآثار .
سألت – وما هذا الفخار ... ؟
أجاب – لقد كان مسكوناً .
سألته – ممن ؟ !
أجاب كارهاً – من الأعراب ... من البدو ..
- هل استخدموه كسجن أثناء الغزو ..
أجاب يائساً – كل شيء جائز ...
سمعني الحارس أهتف لوحدي : - رب أدخلني بلاداً لا أرى فيها هجينا
فقال – أنتم اليوم ضيوفي ، بينما قال أحد الزوَّار
- لقد كان القصر مهجوراً ميتاً وأحيته الهجنة .
رددت عليه وسمعني سائق السيارة :
- أنا بدون الأندرين أغصُّ باللقمة .
فأجاب معلقاً – سآتيك ولو بكأس من استراحات الطريق .
قلت – هذا لا يليق ....
- لمه !
- اختلاط الجديد بالعتيق ...
قائد الرحلة احتج بلا رسالة فابتسم كطفل صغير . كان وجهه كالشمس في رسوم الصغار دائرة وحولها مجموعة من الخطوط ، وحتى يشع في روحي الطمأنينة قال :- سنعود للرصافة ... كن واثقاً بأنني لن أستريح حتى أراك هائماً بين أعمدتها ... والوقت كافٍ .. ولكن لنذهب إلى الأندرين .. سمعه ألآثاري يهتفُ مشيراً للانتباه .
- هل تعلمون كم مساحة الأندرين ؟ ..
رد أحدهم مستهزئا – متر مربع ؟ متر مكعب .. ؟
فرد غاضباً – خمسون هكتاراً .
علق أحدهم – هل يوجد فيها تمثال للحرية ..
رد الصحفي - .... نعم يوجد .. ولكن التمثال للديمقراطية الإغريقية .
فعَّم الصمت ,إلا أن أحدهم قال بجرأة :
- ليتني ألتقي أفلاطون هناك ليكتمل المثال .
وصلنا الأندر ين ولكن بلا كأس ، لقد كانت ضائعة وسط السراب والغبار والأحجار وكان أحد الرعاة قد دلنا عليها قائلاً :
- اتبعوا طريق الأغنام ...
السائق صبَّ كل لعنة يحفظها عن ظهر قلب ، على ذاك الراعي الساذج : لسنا رعاة لقطعان الأغنام ، فالسيارة ليست مثل كلب يرافق قطيعه , لقد دفعنا للسير في طريق وعرة للغاية !.
حين وصلنا الأندرين كانت المفاجأة ، آثار على مدِّ النظر ، صحت مذهولاً :- أين الخيام .. ؟ انصبوا خيمة لو سمحتم .
ضحك أحدهم – هل ننصب خيمة من أجل ساعة ..
أجبت باستغراب – ساعة ؟ ! أننا سنقيم هنا لعدة ليالٍ .
أحدهم : - سنعود الآن .... فطريق العودة .. طويل للغاية . أللعنة على الراعي ..
قال ألآثاري : - هذه المدينة وقصر الوردان من نفس المرحلة الزمنية .
قلت – الفرق بينها شاسع .
صاح انظروا إلى الصلبان .. انظروا إلى الكتابة .. إنها واحدة ...
- ألا يوجد عندك فرق بين القرية والمدينة .
قال – ما الفرق ... ؟ !
قلت – ألاّ يوجد فرق بين البناء على الهكتار الواحد والخمسين هكتاراً ؟
- نعم يوجد ..
- هل كل التضاريس صحارى ؟ ..
قال - هناك انظروا هناك ...
أحدهم : - شبعنا من النظر .. نريد ...
قال – هناك وجدوا ستة براميل من الذهب ....
أحدهم – براميل بترول . ..
آخر قال – إذاً لقد سرقوا ثروة المدينة ... لنعد إلى بيوتنا .
ألآثاري - ليس الذهب والبترول كل شيء يا أصدقاء ..
صور كثيرة التقطت ، بقايا مدينة تغار منها المدن الحديثة ,لأنها ظلت صامدة عبر القرون ، رغم الحروب والزلازل حماماتها الصيفية والشتوية وإلى اليوم يمكن لها أن تعمل وكأنها هُجرت حديثاً ، سواقيها البازلتية التي لا ينفذ منها الماء أبداً إلى جوف الأرض . فقط لو كان الماء ينساب بين أوهارها , ولا أحد يدري أين تبدأ ؟ وأين تنتهي ... ؟
هات ِ الكأس هاتْ ...
أحدهم – الشعر من وحي المكان ولكن هل الزمان مناسب لذلك .
قلت – الزمن هو خفق النبض في القلب وهو الذي يقود خطواتي نحو الرصافة .
أحدهم – هل الرصافة أشهر من الأندرين ؟
- تعرفوا على الآثار ، ...
- ما علاقة الآثار بالإشعار ؟
قلت : هذه الأطلال تضحك أم تبكي ؟ !
أحدهم – عوجوا عن الأطلال واقصدوا خمارة الأندرين .
ألآثاري – أنتم حالة ميئوس منها .
تفرقت مجموعتنا بين مجموعة من السياح الأجانب من كل أنحاء العالم التقطوا مجموعة صور تذكارية .
أحدهم قدم دعوات باللغة الإنكليزية .
- تعالوا عندنا ، الرصافة تدعوكم لزيارتها ... نرحب بكم في مدينة الرقة .
أصوات للسياح الأجانب من مختلف اللغات .
- الرقة جميلة ، الرصافة لقد زرناها ...
- سنعود إليها في المرة القادمة ...
أحد أفراد مجموعتنا علق قائلاً :
- قل لهم زيارة .. زيارة فقط . لا نريد الجنرال وردان ثانية في بلادنا ...
أحدهم ضاحكاً – سنلقي عليهم الرز والأزهار إذا عادوا
أحدهم – ماذا لو صدقوك ؟ .. أين الرز والأزهار في هذه الأرض الجرداء ؟
- منهم الرز والأزهار ومنا البارود والنار ..
أحدهم ناصحاً – عيب يا شباب ، إن بعضهم يفهم العربية ويتكلمون بها عند الضرورة .
ألآثاري – هذا ليس من كرم الضيافة .
أحدهم – أنت في واد ونحن في واد ، اخبرنا فقط من أخذ براميل الذهب .
- شراكه ، لهم نسبة والباقي لنا وبموجب عقود نظامية .
أحدهم قال – لماذا لم تقبض منها ولو كمشة .
رد – هذه آثار ... دررٌ ثمنيه ، أنها ليست للبيع والشراء ومكانها في المتاحف العامة ...
هتفت منادياً – يا شباب تعالوا نبحث معاً عن الدنان , دنان الأندرين ألمعتقه .
أحدهم – هل تشتم رائحتها ...
قلت – لا ، بل حدس غيلان ...
صاح قائد الرحلة – هيا يا أغوال .. إلى السيارة , مازال أمامناالرصافة , سنبقى فيها ساعة ,و سنتناول الطعام في إحدى استراحات الطريق , فمن لديه اقتراح آخر فليتقدم به .
حين وصلنا إلى الرصافة عائدين لم يتطوع لمرافقتي سوى رجل الآثار ، أنزلونا عند مدخل البوابة الرئيسية وذهبوا جميعاً إلى الاستراحة , كان شيئاً يشدني إلى هذا المكان يزيد ني تثاقلاً . ضغط متزايد أسير على هذه الأرض بانزياح ، منبهراً بالحجارة الزجاجية العملاقة ، كان غيلان هناك ينشر غلالة سحر, ويقلق انبهاري المسحور بروعة المكان ويهتف مكرراً نفس العبارة .
- إنك لم تر شيئاً بعد ، تقدم لترى المدينة .
قلت منذ هلا – هذه مدينة مبنية من الزجاج ولكن قواعدها ؟
- ماذا تعرف عن القواعد والأساس ؟
أجبت بلا تفكير :- قواعدها من حصى الألماس في قوالب الذهب .
ضحك ضحكة طفولية ثم سأل :
- من أين تأتي بهذا الكلام ألشاعري ؟ ..
قلت – من وحي غيلان , مصدره الطنين وروعة الإصغاء لبنات الأذنين ...
قال – كفى مزاحاً ... تعال لأريك أسرار المدينة .



#احمد_مصارع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطرود
- نخب اليانصيب
- السماء الجرداء بلا طيور
- الطيور
- المعوقون
- الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
- أحفاد بدون أجداد
- لو كنت قرأت التاريخ
- ? الدنيا , اشتعلت نار
- الاهتراء
- الخروج من الحفر
- أغدا ألقاك ؟!.
- هل ستكون سوريا نموذجا للتحول الديمقراطي؟
- ?أنظمة الاستعمار الوطني الجائعة والإمبريالية الشبعانة
- الحضارة العربية والمحض هراء ؟
- رسالتي للرئيس الفنزويلي المحترم : هوغو تشافيز
- الأمير سعود الفيصل يتهم أمريكا ؟
- الحداثة العربية بدون ( ايتمولوجية ) ؟
- الإمبراطورية كارثة إنسانية ؟
- هل ستخفق منظمة الأمم المتحدة ؟


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع - البحث عن غيلان ؟