أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - إنقلاب روزخون .. 2















المزيد.....

إنقلاب روزخون .. 2


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 4949 - 2015 / 10 / 8 - 10:26
المحور: الادب والفن
    


إنقلاب روزخون .. 2

عادل الخياط

عادة ما يكون المساء محبوب وذات شهوات لدى عامة الناس , وفي أية بقعة في هذا الدوران الأزلي , وليس مثل الفجر , فقد ينفقع الفجر عن طامة ليست في الحسبان , سواء على المستوى الشخصي , او الكيان العام الذي يلتحف ذلك الرعيل , وربما المصطلح الذي يردده أبناء تلك القبيلة يعكس ذلك البُعد وفق العُرف الذي ضمخ حياتهم منذ الجين الأول . المصطلح أو الترنيمة التي تقول : إصطبحنا وإصطبح المُلك لله , أو : اللهم إكفنا شر ال.. ماذا .. لا نعلم أية شرور , لا نعلم إن كانت الشرور لها صلة بالإنبثاق أو المغيب , الإنبثاق والمغيب كلاهما يكتنفه لون الدم .. الشرور يخلقونها بأنفسهم ولا يعلمون , ثم ينسبونها إلى الغيب الديني من خلال تقلبات الطبيعة الكونية !

ورغم ذلك فقد كان ذلك المساء إستثنائيا في منظور تلك الحشود التي تلقفته.. لم يكن الصدى واضحا .. إنقلاب .. إنقلاب في هذا الوقت , في المساء , القدماء أخذوا يطرحون تلك التساؤلات : الذي نعرفه عن الإنقلابات أنها تحدث في الفجر , فما نوعية هذا الإنقلاب الذي تهادى إلينا في المساء ؟ أحدهم قال : قد يكون إنقلاب المساء فيه .. وقال آخر محتمل .. آخرون قالوا : كلها نفس العفن ... هل هو , وهل وهل .. الجيل الجديد لم يفهم شيئا : ماذا يعني إنقلاب , وماذا تعني تعقيبات القدماء عن الإنقلاب , أو ماهو الإنقلاب ؟ قد تكون مجموعة من هذا الجيل قد ضُخت في أسماعها أوعقولها نبذة من نوع ما .. لكن عموما حدثت نوع من الفوضى عن ذلك الحدث الإستثنائي في ربوع تلك القبيلة التي تعيش على قدر الله والسلطان ..

صدر المرسوم الأول للإنقلابيين الجدد بتحذير يقول : إستعدوا للبلاء , قوموا إلى الموت الذي لابد منه يرحمكم الله !؟" هذا فقط , ولم يُضاف أي تفصيل آخر !
إنتاب صمت القبور الحشود , ثم تلاطمت الوجوه بين الغرابة والحيرة : فُغرت الأفواه وإرتفعت الحواجب وتوقدت العيون .. من الهول أم من الغرابة أم من السخرية.. ثم أخذوا ينظرون بعضهم بعضا .. في تلك اللحظة لا بد أن يحدث إنسلاخ عن الطبيعة المتعارفة في السلوك العام البديهي , ومن الطبيعي ان ردات الفعل سوف تتخذ مزيج من السلوك .. ومع ذلك فقد ظل البهوت هو السائد , إلا من حركات الأيدي والاكتاف المتموجة والشفاه الصاعدة النازلة والدالة على الحيرة , أو في إنتظار ما سوف يقدح به الوافدون الجُدد ..

ولم يطفح زفير من الماسخين - الإنقلابيين الجدد - عن أي مُستجد عن الإنقلاب الراهن .. مفردة الماسخون اطلقها احد الحضور قائلا : ماسخة , العملية ماسخة بكل ثيابها ومكوناتها الطبخية , وأظن ان مسوختها تحتاج طنا من الملح البحري الحريفي " لنستسيغها ذوقيا ومعنويا !.. قال له زميله : إنتظر برهة , علنا نستقبل فتاتة عن الإنقلاب وأصحابه " .. فاجابه صاحب مصطلح المساخة : أنتظر ماذا , أنتظر الموت الذي يعدونا به , والله هذه آخر موديلات الإنقلابات.. لكن المذياع قطع النفخ , ليُعلن عن نفخ آخر من الإنقلابيين , يقول : بلاء ما بعده بلاء على الدم المسفوح .. " وإنقطع الضخ !

إنفغرت الحلوق وتطايرت العيون والحواجب مرة أخرى .. صاح أحدهم : يا جماعة ربما خلل في المذياع , الراديو قد يكون فيه تشويش من قبل الإنقلابيين القدماء . فأجابه أحدهم : أخي العزيز , أي راديو وأي مذياع تتحدث عنه , وماذا عن التلفزيون , هل الإنقلابيين القدماء يضخون خرخشات في البث التلفزيوني أيضا ؟ .. إنفجر متابع آخر بالضحك وهو يقول : صحيح , لم يظهر أي بيان تلفزيوني عن الإنقلاب والإنقلابيين , هل هذا يعني أنهم غير مؤهلين تكنولوجيا للضخ عبر قناة التلفزيون ؟ يبدو اننا بحاجة لخبراء في الصنفين السياسي والتكنولوجي لتبين ماذا يحدث في تلك الدهاليز المجهولة !

مجموعة من الجيل الجديد لم تفهم ماذا يجري بالضبط , فظلت مصقوعة بين حيرتهم وحيرة العموم لما يجري , وبين الفضول لتلقف شيئا ما : ما معنى إنقلاب , وما معنى إنقلابيين قدماء وإنقلابيين جُدد..؟
حينها تبرع أحد الحضور بلحس ذلك ال آيس كِريم المنعش في نفوس القدح الجديد , فقال لهم : بدون تعقيد , المعنى العام هو : ان تجلس في مقعدك المدرسي , فيأتي لك شخص أكثر إنتفاخا عضليا منك ويقول لك : أنا أحق منك في هذا المقعد , فيرميك حينها نحو المزبلة القابعة تحت نافذة المبنى التعليمي الذي تستشف منه قوانين الحياة !

صاحب مصطلح " العملية الماسخة " قال لزميله : عندما قلت لك سوف أنصرف لمساخة العملية , قلت لي : إنتظر , وها نحن إنتظرنا طويلا ولم يزوع إنتظارنا غير عفن المذياع والمتحلقين حوله " ..فأجابه الزميل : خلي حوصلتك واسعة لتقبل المزيد , ولنر نهاية الخطب " .. فقال له : أمرنا لك ولنهاية الخطوب وما تحمله لنا من نتانة و ..

صاح أحدهم : جاء الفرج , المذياع يهتز وفيه خشخشة " .. فقال له آخر : لعنة الله عليك , هل إهتزاز المذياع يعني ان المذيع أو صاحب الإنقلاب يرفس أم يلطم " .. فقال له : لا أدري , محتمل !

وبالفعل أتت بارقة عن ذلك , فقد تمخض إختضاض المذياع بضعة مرات وخشخشته عن إعلان جديد , قال المذيع : أيها الجموع , لكم جملة الإقتداء من قائد الثورة " .. ثم خرخشة وصوت ونواح يقول : تلاقفته الرماح والسيوف من كل حدب وصوب ونحن على سيرته بعون الله ." ثم إنقطع الصوت !

عاصفة الغرابة مرة ثانية أو ثالثة تعصف بالجموع , إلى درجة أن أحدهم إنفجر في ضحك أو قهقهة هستيرية وهو يجول بين الحشود ويقول : أيها الناس : هل تعرفون من هو صاحب الإنقلاب , إنه حفيد أبو زيد الهلالي , هل سمعتم بأبو زيد الهلالي , هذا الحفيد الهلالي أيها الناس يتحدث عن جده ويريد أن يعود بنا إلى ثارات لا تخص قبيلتنا ... فقال له آخر مستهزئا : أبو زيد , أم إبن ماء السماء , خلصونا من تلك الأقاويل الغير مستندة للبرهان , نريد النبأ اليقين ..

صاحب إشارة ان المذياع هو السبب , طفق مرة أخرى بالقول : أكرر أن المذياع هو السبب في هذه الفوضى " حينها إنهالت عليه الشتائم والدمغات من الحشود , فهرب وهو يقول : لا أدري إن كان المذياع هو السبب , أو ان ثمة خلل آخر , لكن علتي مع المذياع ومصائبه معي هي التي تدعوني لذلك الرصد "

حاول بعض الجمع الإستعانة ببعض الأفندية المتواجدين في الحفل ومنهم صاحب المصطلح الماسخ , لكن يبدو ان إشمئزازه من العملية برمتها قد دعاه إلى الإنكفاء عنهم , وليحذر صديقه مرة أخرى انه لم يعد بمقدوره الصبر على وضع كهذا مهددا بالإنصراف , غير ان الصديق أجبره أيضا على التواصل لنهاية السيناريو , بداعي الفضول , أو تلقيحة الحدث الفكاهة من المحتمل ..

إهتز التلفاز هذه المرة وليس المذياع , فتراكضت أفندية الإحصاء والإقتصاد بدفاترهم الصغيرة وأقلامهم وحاسباتهم عسى أن يستشفوا فقاعة عن منحنيات المال والأعمال وأسعار النفط للوافدين أو الإنقلابيين الجدد , لكن التلفاز خيب ظنهم , فلم يظهر أي ملمح من الممكن أن يستدل به صاحب العلاقة ليضع أسس التقييم .. فماذا ظهر ؟ لم يظهر شيء , لا ملمح , لا مذيع ولا أية شواهد , الذي ظهر بعد غوش بصري أسود على الشاشة , ومن ثم عبارة بخط عريض واضح تقول : يا لثارات الله !

أصحاب الأرقام والإحصائيات علقوا بالقول : لا تؤثر هذه العبارة لا على البورصات ولا على الأسعار ولا نسبة العملات في تنافسها مع العملات الأخرى .. لكنهم بقوا على الخط علهم يستشفون سحابة قادمة تقودهم لسبق مالي يطمحوا إليه ..

كانت المجموعات قد أخذت تنفرد في تكتلات تُظهر نوعية كل مجموعة / مجموعة الإحصائيين , والأخرى ذات التوجه الفني والأدبي , وفي زاوية ترى أصحاب الجفافي البيضاء والعمائم , وغيرهم ,,وطبعا إلى بقية العموم المنتظر المتوفز ..

في لحظة إهتز التلفاز أيضا , فتجمدت الأبدان نحوه , إهتز عدة مرات حتى كاد أن يفقد مُعداته , عندها ظهر شخص مجفف , مجفف يعني يرتدي جفية بيضاء فوق رأسه تنساب على رقبته وصدغيه وذي لحية مشذبة وعباءة سوداء تتهدل على جسده , إبتسم إبتسامة عريضة ثم قال : مرحى مرحى لكم يا أنصارنا , سوف نوافيكم بالتفاصيل بعد قليل ."

إذ ذاك تقدمت مجموعة الجفافي البيضاء وهي تُلوح بقبضاتها وتزعق : الله أكبر , الله أكبر .. ظهر الحق وزهق الفاسقون , يا لثارات الله .. ثم أضاف أحدهم : والله عرفتها , والله والله من الشعارات , من إهتزاز الراديو والتلفزيون , هل شاهدتم راديو أو تلفزيون يهتز إلا بقدرة قادر كرامة لسيد الشهداء ..

صاحب مصطلح : العملية الماسخة كان قد إنزوى ضمن مجموعة التوجه الفني والأدبي , حين ذاك , عندما ثارت ثائرة فصيل الجفافي البيضاء , قال لزميله الذي طالما صبره على المكوث في إنتظار الخاتمة قال له : هل هذه الخاتمة التي أردت أن تعضها حوافري وأسناني , هل هذا هو أفقك التفاؤلي , أفقك التفاؤلي يا صديقي ليس إلا " إنقلاب روزخون "
























#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنقلاب روزخون ... 1
- رسالة مهابدية عن أخلاق النظام الديني وأشياء أخرى
- هل محاكمة المالكي تمثل نهاية حقبة?
- الإتفاق مع الشيطان يبتسر معه إتحاد الكُرة الإيراني
- مُفردة التمجيد والسخرية
- في إسرائيل حتى زوجات المسؤولين بلطجيات
- فضيحة أتيكيتية
- كُرسي - الولي - في الأوكشن
- الناظور الشيعي معطوب
- القمازون - القفازون -
- شائعة عن إبن الله
- العبادي يُحذر المالكي
- عبدالله صالح : أين ستكون المحطة الأخيرة ؟
- إعتلال شيخ القبيلة
- ولي فقيه تركي
- ما سر غزل الميديا البريطانية بواقع إضطراب العالم الشرق أوسطي ...
- جون بينر ) غير مستساغ للأميركيين
- آخر نكتة : الثورة الإسلامية الحوثية !
- داعش من مناظير مختلفة
- هل مغناطيس العنف يجذب النساء ؟


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - إنقلاب روزخون .. 2