أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - وتسعد المرأة بعقلها المبدع؟














المزيد.....

وتسعد المرأة بعقلها المبدع؟


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4948 - 2015 / 10 / 7 - 09:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



كيف نتغلب على الأفكار القائمة على القتل أو العنف ضد الآخرين غير المؤمنين بأفكارنا؟ وماذا يعنى الكلام عن التنوير العقلى وتطوير التعليم والثورة الفكرية إن لم نعترف بأن الجدل والنقاش واختلاف الرأى، هو وسيلة العقل الوحيدة لتجديد الفكر الدينى أو المدنى أو غيرهما؟

مع ذلك يظل الكثيرون يوجهون تهمة إثارة الجدل لكل مفكر يختلف عنهم، وإذا كان المفكر امرأة، فويل لها من أحزاب اليمين واليسار والوسط، ومن التيارات الدينية والمدنية معا، يختلفون فى كل شيء تقريبا، ولا يتفقون إلا فى موقفهم من المرأة، التى تفكر بعقلها، وليس بعقولهم، أو القادرة على الإمساك بالقلم والكتابة مثلهم وأفضل منهم، هى تثير غيرتهم أو خوفهم التاريخى من حواء الآثمة التى سبقت زوجها إلى المعرفة، يزيد غضبهم إذا كانت هذه المرأة مرءوسة لأحدهم فى عمل أو حزب، لكن الأخطر أن تكون زوجة لأحدهم، تصرفها الكتابة عن طبخ طعامه وغسل ملابسه وتنظيف بيته وإبعاد أطفاله عنه حين ينام، أو حين يريد الهدوء ليفكر ويكتب، أكبر الكتاب والمفكرين، فى بلادنا والعالم، لا يطيقون الحياة مع زوجة تناقشهم، وترفض الطاعة العمياء، فمابال الرجال من الشعب، الذين يتزوجون من أجل الراحة والأكل والنوم وإشباع غريزة الجنس والإنجاب وغيرها من الحاجات البيولوجية.
زوجات أغلب الكتاب والمفكرين غائبات عن الحياة الفكرية والثقافية متفرغات لأعمال البيت والعيال، وكان توفيق الحكيم رغم تفوقه الإبداعى والفكرى رائدا فى السخرية من المرأة المفكرة ذات العقل والذكاء، التى تناقش وتجادل فى الفلسفة أو السياسة، يصفها فى كتاباته أنها قبيحة ترتدى نظارة، وبعد جدل طويل بلجنة القصة بالمجلس الأعلى للفنون والآداب، قال: المرأة الذكية القادرة على الجدل تحرك عقل الرجل ولا تحرك قلبه ، وسأل: يا ترى ماذا تفضل المرأة : تحريك عقل الرجل أم تحريك قلبه ؟ وسألته : ولماذا ينفصل عقل الرجل عن قلبه ؟ قال : قانون الطبيعة، قلت: ألا يتغير قانون الطبيعة مع الزمن؟ ومن هو الرجل الطبيعى أو المرأة الطبيعية ؟ لمعت عيناه ببريق طفولى مشاكس وقال: المرأة الطبيعية هى التى تطيعنى.

كان ذلك فى سبعينيات القرن الماضي، وكان توفيق الحكيم أقل عداء للمرأة الذكية المجادلة من أطباء النفس من أتباع فرويد، الذين اعتقدوا أن المرأة الطبيعية هى الخاضعة لأوامر الأب والرب والزوج ، وإن جادلت فهى مريضة نفسيا، وهكذا تم الحكم على النساء المفكرات المبدعات بالمرض النفسى ، مثل مى زيادة وفرجينيا وولف وغيرهما،

وهل كان لأى كاتب أو مبدع كبير، زوجة مفكرة مرموقة فى أى مجال من المجالات الأدبية أو العلمية أو الفنية؟ ألم تكن سوزان زوجة طه حسين قارئة ومساعدة له؟ ألم تكن أنا جريجوريفنا زوجة دوستويفسكى سكرتيرة ومختزلة لأعماله ؟ ألم تشتهر مارلين مونرو زوجة آرثر ميللر بالإغراء الجسدى ثم انتحرت فى ريعان شبابها؟

ومن هن الزوجات اللائى امتلكن بسالة الفدائيين والفدائيات، وفرضن إبداعهن الفكرى على العالم؟

شهدت فى طفولتى الجدل بين أبى وأمى، لم أسمعه يرفع صوته، يواصل معها الحوار بهدوء، ويطلب منا نحن الأطفال أن نشارك بالرأى، ويضطر أحيانا لأخذ الأصوات، وإن جاءت الأغلبية مع أمى يرفع يديه مسلما برأيها، وقد تنهزم أمى حين نعطى أصواتنا لأبى، فتنتفخ أوداجه كالديك الرومى ونضحك.

ارتبط الجدل والنقاش فى طفولتى بالحرية والسرور والاحترام والحب ولذة التفكير وتفنيد الآراء المختلفة، ولم يكن لقوة فى العالم أن تفرض الطاعة على أمى دون أن يقتنع عقلها، أما أنا فقد عانيت الكثير فى المدارس من عنف المدرسين الذين توقعوا منى الطاعة العمياء، وازدادت معاناتى كلما كبرت، وكان عقلى يكبر معى بالقراءة والبحث والسفر والعلم، وإن تفوقت على زوج أو زميل من زملائى الأطباء أو الأدباء يشعرون بالغضب منى، يكتمونه فى أعماقهم ليتراكم حتى ينفجر، أو ينفسون عنه بتمجيد زميلاتى ذوات العيون الأنثوية الناعسة، أما هذه التى ترفع رأسها وتنظر فى عيونهم مباشرة وتجادلهم فهى ليست طبيعية أو ليست امرأة.

وتلجأ التيارات الدينية السياسية الى تشويه أصحاب العقول المبدعة المستقلة ، الذين لا ينقلون أفكارهم من الكتب والنصوص الدينية أو العلمية أو الأدبية ، وتنال المرأة من التشويه أضعاف ما يناله الرجل ، فالرجل المفكر إن عارض ودخل السجن يصبح بطلا سياسيا تعجب به النساء ، أما المرأة المعارضة فهى فاقدة للأنوثة يكرهها الرجال (علنا أو سرا ) لكن المرأة الذكية تستغنى بعقلها المبدع عن مباهج الدنيا والآخرة ،

أذكر أن إحدى زميلاتنا فى السجن جاءها المأمور ذات يوم بخطاب مسجل ، تصورت أن زوجها يطمئن عليها ويساندها فى أزمتها ، فإذا بها ورقة الطلاق ، ومعها كلمة يقول فيها أكل الناس وجهى بسبب أفكارك الثورية أقمنا لها احتفالا كبيرا بالطلاق شاركت فيه جميع المسجونات من مختلف المهن والتهم والعقوبات ، عانقتها امرأة قتلت زوجها وهنأتها قائلة : تحررت يا ابنتى من قانون الاحتباس دون حاجة لجريمة القتل.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر النساء فى إسبانيا
- الاستغناء والانعتاق من العبودية
- مفاهيم متطورة للأبوة والرجولة
- العبء الذى قتل أمى وأبى
- بذور الإبداع والثورة لا تموت
- وكان للأطفال كرامة العظماء
- يملك الشرف الرجال وتدفع ثمنه النساء
- أسئلة الأطفال المحرمة وتجديد الفكر الدينى
- تقتل الموت وتنتصر الكتابة
- المسكوت عنه فى السلوك؟
- وضحكت الطفلة بدموع كالبكاء
- الوجه الآخر لنيلسون مانديلا
- منذ اكتشف الرجل -الإسبرماتوزوم-
- إنه الدم -2-
- بشائر صوت الكروان
- لم يعد يراها
- من وراء ظهرها فى فراشها؟
- فتيات الصين والثورة الثقافية
- الإبداع والثورة والحدس باللا معقول
- ثقافة الخرافة فى تونس


المزيد.....




- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - وتسعد المرأة بعقلها المبدع؟