أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمود عباس - من الإسلام إلى التعريب - الجزء الأخير















المزيد.....

من الإسلام إلى التعريب - الجزء الأخير


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4946 - 2015 / 10 / 5 - 19:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تتصارع الدول والقوى الإقليمية على جغرافية المنطقة، لاستعمارها بطرق مختلفة، يريدون إعادة التاريخ الغابر، وترسيخ ثقافة القبائل العربية الإسلامية بأساليب مختلفة، وفي مقدمتهم دول الخليج وإيران وتركيا، جميعهم يسخرون الإسلام، وبين يدي كل طرف مذهبه، يستخدمها بطريقته وأدواته لتتلاءم والعصر، فالتكتيك الحديث للاحتلال تبين على أنهم وفي لا شعورهم السياسي والفكري مقتنعون بأن هذه المناطق ليست عربية، تحولت وتحت سياقات دينية ولغوية وتاريخية إلى دول عربية، وهي وطن الجميع إذا ألغيت منها التغيرات الماضية ونظر إليها كواقع حاضر جاري، وعزل عنها أبعاد انتماءها القسري إلى الوطن العربي.
شمال أفريقيا أسطع مثال على سطوة العرب على أبناء المنطقة، وتسليط مصطلح الوطن العربي عليه، دون الإحساس بالإجحاف المفتعل بحق شعوبها الأصليين كالأمازيغ والطوارق والقبط وغيرهم، أو أي شعور بأنهم أظهروا الإسلام بأبشع الصور والمفاهيم، وهي أسوء من محاولات المستعمر الفرنسي عندما حاول فرنسة الجزائر. ولم تختلف ما حدث في سوريا الكبرى عنها، وكذلك مناطق الكرد، فالطبري وغيره وأبن خلدون لاحقا، يؤكدون على أن الكرد كان لهم وجود ديمغرافي مكثف في فترة الاجتياح العربي الإسلامي، على شمال الخليج ومدينة البصرة والمناطق المحيطة بها، ففي حادثة يذكرها الطبري من عهد علي أبن أبي طالب يذكر (أنه عندما دخل معقل بن قيس بأمر من علي أبن طالب البصرة، " شرخوا سبعين عربيا وقتلوا نحو ثلاثمائة من العلوج والأكراد") فالعرب كانوا قد مرقوا من الإسلام، والعلوج منعوا من دفع الخراج، واحتموا بالكرد هناك. ويؤكد أبن خلدون على دفاع الكرد عن المنطقة والتي هي دلالة أنهم كانوا أصحابها، بقوله الوارد في كتابه التاريخ لأبد خلدون الصفحة 561(... أجتمع ببيروذ بين نهري تيري ومنادر من أهل الأهواز جموع من الأعاجم أعظمهم من الأكراد، وكان عمر قد عهد إلى أبي موسى أن يسير إلى أقصى تخوم البصرة... فجاء إلى بيروذ وقاتل تلك الجموع قتالا شديداً وقتل المهاجر بن زياد...فاستخلف أبو موسى عليهم أخاه الربيع بن زياد....) ويقول في نفس الصفحة أن عمر بن الخطاب. (...بعث عليهم سلمة بن قيس الأشجعي.... فلقوا عدواً من الأكراد المشركين فدعوهم إلى الإسلام أو الجزية، فأبوا وقاتلوهم وهزموهم وقتلوا وسبوا وقسموا الغنائم....) مثل هذه الحوادث مليئة بها صفحات تاريخ القبائل العربية الإسلامية، فمن حينها وحتى الجاري فترة كافية لترسيخ الاستعمار الإسلامي –العربي وتشويه جغرافية المنطقة وتغيير ديمغرافية شعوبها، والتي سهلت للأنظمة العروبية تمرير مخططاتها في العصر الحاضر.
رسخت الدول العربية والإقليمية الإسلامية، منطق الاستعمار، وألغت جميع مفاهيم الدين حول المساواة بين الشعوب، متكالبين على قوانين السيد والموالي، والاستعمار الكلاسيكي، وبأساليب ملتوية، وبشعارات أخبث من أن تدحض بسهولة، وبها فتحوا الدروب لأي قوي احتلال المناطق واحتوائها، وهي من المنافذ التي تمر من خلالها الأن الدول الكبرى لتغيير وجوه سيطرتها على المنطقة.
وما يجري الأن من إلغاء الأخر، وابتذال الشعوب، تحت غطاء الوطنية، طفرة جديدة، تنميها القوى العروبية الإسلامية، وهو الوجه العصري لإعادة تركيب المخلفات الثقافية والسياسية المتراكمة من استعمار القبائل العربية الجاهلية الغازية تحت غطاء الجهاد في سبيل الإسلام، والتي ورثتها الأحزاب العنصرية والسلطات الشمولية، مخلفات الاستعمارين الخارجي، العثماني والأوروبي، والشعوب اليوم تدفع ثمن تلك الأوبئة، ويحاولون تطبيعها ثانية بمصطلح الوطن، حيث العروبة والإسلام، أي الوطن العربي، والعالم الإسلامي. وعليه نطالب شعوب هذه المناطق وفي هذا الواقع المذري، المساهمة مع القوى الرافضة تغيير النظام بكليته، ومنها الثقافة السائدة، وإزالة الطابع العروبي عنها، وإلغاء مصطلح الوطن العربي، والإسلام بدون عالمه، وخلق نظام ديمقراطي يكون للجميع حق العيش بالسلام والمساواة.
لا شك أنه طرح ثقيل، وقد يكون غير منطقي للبعض، لكنه ليس بأكبر من مخططات الدول الإقليمية الاستعمارية، والتي مارست وتمارس مؤامرة الإسلام السياسي لتغطية الأبعاد العنصرية، كالأحزاب العروبية-الإسلامية في تعريب الدول بمصطلحهم، الذين غضوا الطرف عن نتائجها الكارثية.
أتبعت بعض الشعوب الأخرى التي أسلمت، الإسلام السياسي بأساليب القبائل العربي للسيطرة، كالعثمانيين الأتراك، والذين كانوا مثلهم قبائل بربرية بدوية لا تعرف من الحضارة شيئاً، واستندوا مثلهم عن منطق الغزوات، ورفعوا عنهم راية الإسلام، استخدموها للسيطرة والطغي، وبعد أفول نجمهم ظهر أتاتورك بمخططه التتريكي الذي سمى الجغرافية باسم تركيا لتطبيع مناطق الشعوب فيها وبشكل خاص جغرافية الكرد، والتي اشتغلت عليها جميع الحكومات التركية اللاحقة لأتاتورك وكادت أن تنجح، لولا النهوض الكردي الثقافي والسياسي.
السياسة نفسها استخدمتها فرنسا في الجزائر، وفيما بعد الشريحة العروبية- الإسلامية التي حكمت بعدهم ومعهم المستعربون من الأمازيغ، عند تعريب شمال أفريقيا، وتغيير ديمغرافية وثقافة الأمازيغ والبربر والطوارق، ولذلك فطرق نضال وشعارات المنظمات الأمازيغية القومية تختلف عن أساليب الحركة القومية الكردستانية، فهم يطالبون بعودة الشعب الأمازيغي المستعرب إلى أصلهم الأمازيغي، والتحرر من الاستعمار الثقافي قبل الاستيطاني، ولا يطالبون بإخراج المحتل، فالعرب المحتلون اقليه بالنسبة للشعب الأمازيغي المستعرب، فأكثر من 80% من شعب شمال أفريقيا حالياً، في الواقع، ليسوا عرب، فقط حكامهم وبعض القبائل المهاجرة إلى هناك مع الاجتياح الإسلامي، حكموا وعربوا المنطقة عن طريق لغة الإسلام- القرآن، ولم يكونوا بتلك النسبة ليغيروا في ديمغرافية المنطقة بدون تغيير لغة الشعب ذاته.
وللمقارنة، لم يطبق شاه إيران طريقة فرنسا ولا تركيا ولا العرب للقضاء على شعوب إيران ومن ضمنهم الكرد، بل قام بتغيير اسم الإمبراطورية الفارسية إلى إيران لغايتين: الأولى استمرارية شاهنشاهيته، أي ملك ملوك الشعوب، ومن بينهم الكرد، وأبقى أسم كردستان على جغرافية ضيقة من جغرافية كردستان الحقيقية، والسبب الثاني، ليبين للدول الكبرى التي كانت تستعمر إيران بأنه ديمقراطي وحضاري ويتعامل مع شعوب دولته بطرق ديمقراطية، وبها حصل على مساعدة ومساندة الدول الكبرى للقضاء على كل حركة قومية تحررية في ايران، ومن ضمنها القضاء على جمهوريتي مهاباد الكردية والأذربيجانية.
ثورات الشرق رفعت شعار إسقاط النظام، وتشمل طغيان الفكر العروبي-الإسلامي القومي، وسيادة الشريعة الإسلامي على الدستور، وتحرير مؤسسات الدولة عنهما، ولا يعني هذا ألغاء الكيان العربي، بعد أن أصبح واقعا، بل المساواة في التعامل ضمن هذه الجغرافيات، باللامركزية، وقبول الآخر، والعنصر العربي هنا مثله مثل الأخرين، لا أفضلية عن طريق الأكثرية أو التمسك بالبعد الإسلامي. ومطلوب من المعارضة الوطنية، تقبل الشعار والتمسك به وتطبيقه في نداءاتها وأدبياتها، ليتبين التمييز بينها وبين السلطات الشمولية السابقة والأحزاب العروبية، كالبعث والإخوان المسلمون العروبيون، والمعارضة الانتهازية، المتعاملة مع الدول الإقليمية، وللتمكن من إسناد الثورة والتلاؤم مع الشباب الثوري، الغائب عن الساحة حالياً جراء سيطرة الانتهازيين، والقوى الاستعمارية العروبية القومية والإسلام السياسي.
فالثورة كانت لها بعدين، الصراع ما بين ناهجي الاستعمارين الإسلامي السياسي -العروبي، والشعوب الراغبة بالتحرر منهما، وعزل الدين كبعد روحي عن السياسة. وعلى الأغلب، نكوص العرب والمسلمون العروبيون، في الفترة الحاضرة على ذاتهم ضمن المنطقة المسماة جدلاً بالوطن العربي، ودفاعهم المستميت عن الإسلام السياسي كموروثهم، دون الأخرين، وتقديس لغتهم مع إلغاء لغات الشعوب الأصلية، ما هو إلا ردة فعل على ضعف حجتهم أمام الواقع الحضاري الذي لا قدرة لهم على مواجهتها بالمنطق والحجة العقلية، وهي دلالة بداية انحسار الاستعمار العربي والإسلام السياسي العروبي، فلا طريق غير العمل معا وتقبل البعض دون عنجهية السيادة والموالي.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
25-8-2015



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء السادس
- استراتيجية الإنترنيت الأمريكية
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الخامس
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الرابع
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الثالث
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الثاني
- من الإسلام إلى التعريب - الجزء الأول
- الخلاف والاختلاف في الحركة الكردستانية - الجزء الأخير
- الخلاف والاختلاف في الحركة الكردستانية - الجزء الثاني
- مؤسسات مثقفي غربي كردستان
- الخلاف والاختلاف في الحركة الكردستانية - الجزء الأول
- من طمر الثورة السورية
- دور الحركة الثقافية الكردستانية - الجزء الثاني
- سذاجة النقد - الكاتب إبراهيم إبراهيم مثالا
- دور الحركة الثقافية الكردستانية - الجزء الأول
- عمر حمدي-مالفا-الفنان
- بين الإلهين - الجزء الثاني
- بين الإلهين - الجزء الأول
- الصفقة الأمريكية التركية - الجزء الثاني
- الصفقة الأمريكية التركية- الجزء الأول


المزيد.....




- وزير الداخلية الفرنسي يزور المغرب لـ-تعميق التعاون- الأمني ب ...
- قطعها بالمنشار قبل دفنها.. تفاصيل جديدة تُكشف عن رجل قتل زوج ...
- فك شفرة بُن إثيوبي يمني يمهد الطريق لمذاق قهوة جديد
- الشرطة الهولندية: عصابات تفجير ماكينات الصرف انتقلت لألمانيا ...
- بعد موجة الانقلابات.. بقاء -إيكواس- مرهون بإصلاحات هيكلية
- هل يحمل فيتامين (د) سر إبطاء شيخوخة الإنسان حقا؟
- وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في مدينتي أوديسا وتشيرنومورسك ...
- الاحتلال يتحدث عن معارك وجه لوجه وسط غزة ويوسع ممر -نتساريم- ...
- كاتب أميركي: القصة الخفية لعدم شن إسرائيل هجوما كبيرا على إي ...
- روسيا تصد أكبر هجوم بالمسيّرات الأوكرانية منذ اندلاع الحرب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمود عباس - من الإسلام إلى التعريب - الجزء الأخير