أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زاهر بولس - جدلٌ في -جدل-: حضارتنا عربيّة أسلاميّة















المزيد.....

جدلٌ في -جدل-: حضارتنا عربيّة أسلاميّة


زاهر بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4946 - 2015 / 10 / 5 - 17:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُخطئ من يعتقد بامكانية حل القضيّة الفلسطينيّة على أساس دولتين أو حتّى دولة واحدة.

في الاستراتيجيّات السياسيّة العالميّة للدول الاستعماريّة توجد قاعدة ذهبيّة: لا يُسمح لأي كيان سياسي، سوى المركز الاستعماري، وليس من يدور في فلكه، بضم أراضٍ من كيانات سياسية مجاورة، ضمن مسار تفتيتي للكيانات السياسية في العالم خارج هذا المركز، ولن يُسمح حتّى باتفاق ما بين فتح الضفّة الغربيّة وحماس غزّة، وان توفّرت لديهما الإرادات جدلًا.

سُمح للألمانيتين أن تتوحدا، ولإسرائيل أن تبتلع الضفّة الغربيّة بما فيها القدس وأن تضم الجولان. وصفّق المركز الاستعماري لتفكك الاتحاد السوڤ-;-ييتي واستقلال دول كبيرة عنه ذات مساحات شاسعة، وقامت الدنيا ولم تقعد لانضمام القرم رغم صغرها لروسيا الإتحاديّة. ولا يُسمح للصين باستعادة تايوانها وتُطالَب بالانسحاب من التبت، ولو استطاع المركز الاستعماري لتدخل عسكريا لانتزاع التبت والقرم.

لذا لا يمكن لكيان فلسطيني مستقل أن يقوم إلا ضمن مشروع توحيدي عروبي، متصالح مع حضارته العربيّة- إسلاميّة، يلغي الكيانات السياسيّة نتاج اتفاقيّة سايكس- بيكو، وهذا مشروع جماهيري تنهض به الأمّة العربيّة، ولا يمكن أن يكون نِظاموي.

لقد دأب الغرب على محاولة ضرب شرعيّة الكيانات العالميّة الكُبرى من خلال التشكيك بثقافاتها، وموضعتها دونيّا مقابل حضارتهم الغربيّة، ونجحوا في إقناع شعوب الغرب، كظهيرهم الساند، لكن الأخطر هو نجاحهم بإقناع كُثر من اكاديميي الحضارات، التي لا ترتضي الهيمنة، بدونيتهم، من خلال المطابقة الموهومة ما بين الأكاديمي والمثقّف! وهذا ما تنبّه له إدوارد سعيد في مؤلّفه الهام "الاستشراق".

ومن هنا يُصبح الدفاع عن الموروث الثقافي وتطويره بما يتلاءم وروح العصر كما نراها نحن، قضيّة وجوديّة لا مناص منها لأي إدراك ثوري. وهذا يتأتّى بالحفاظ على موروث حيّزنا الثقافي- حضاري التعدّدي القديم ما قبل الإسلام، والحفاظ على الموروث الحضاري التعدّدي العربي- إسلامي والعربي والإسلامي عمومًا، وهو ما اصطلحنا على تسميته بالحضارة العربيّة- الإسلاميّة بما فيه ما كان سابقًا.. ولا سابق، ولا يمكن تسميته بأي اسم بديل دون السقوط في براثن سياسات الغرب التفتيتيّة.

إن الشرارة التي انطلقت من تونس طالت العالم العربي كلّه على أقل تقدير.. والعالم بأجمله باعتقادي. فما الذي يجعل السوري والعراقي واليمني والمصري والخليجي والمغربي والفلسطيني والجيبوتي والسوداني وغيرهم يتفاعل مع هذه الاحداث؟ إنه الإنتماء إلى الحضارة العربيّة الاسلاميّة التعدّديّة التي لا يستطيع أحد أن يرى المستحدثات في كل الساحات إلا من نافذتها، من كافة الانتماءات الدينيّة والمذهبيّة والايديولوجيّة، حتّى الالحاديّة منها، والقوميّة المتداخلة في الحيّز العربي.

إنها ليست نظريّة المؤامرة، ومن يتهمها بأنها نظريّة مؤامرة يردّد خلف من برمج لمقولات الدفاع المسلوب الإرادة والتفكير، عن استراتيجيّات الاستعمار معتقدًا بذكائه. وتجربة "الربيع العربي" خير مثال وإثبات.

قبل عصر الفضائيات، كان فلسطينيو الداخل يفقهون اللهجة العاميّة المصريّة لا لقربها من اللهجة الفلسطينيّة بل لتطوّر السينما العربيّة المصريّة واطّلاعهم على كم هائل من أفلامها، وفي عصر الفضائيات اكتشف فلسطينيو الداخل أنهم لا يفقهون إلا القليل، الشبيه، من اللهجات المحليّة العاميّة للعراق وبقيّة دول الخليج أو دول المغرب العربي، وأدركوا التشابه ما بين اللهجة الفلسطينيّة ولهجة سوريا ولبنان والاردن، أو باختصار بلاد الشام، لأنها وحدة شبه متجانسة لأسباب تاريخيّة وسياسيّة وجغرافيّة، ومصر لما ذكرناه أعلاه!. ولنكتشف أن اللغة العربيّة الفُصحى متوَّجَة بالنَص القرآني من المركّبات الأساسيّة الجامعة الناظمة للأمة العربيّة، ولكن..

يعلم راسمو السياسات الاستعماريّة حق العلم أن احد اهم التأثيرات على تفتيت المركز الثقافي الاوروبي قبل بضعة قرون هو السيرورة التي بدأها مارتن لوثر الألماني (كان من بدأ قبله وفشل لقصور التكنولوجيا في حينه، وخصوصًا تقنيّة الطباعة) لإنزال اللغة اللاتينيّة عن عرشها الديني- ثقافي فسرّع مسارات التشظّي لتتطوّر المحليّات إلى لغات قوميّة، بالحضور الدائم للسياسة والجغرافيا، في كل من ايطاليا وفرنسا واسبانيا وإسقاطات تتابعيّة في كيانات أخرى.

ويعلم راسمو السياسات الاستعماريّة أن الهيمنة على العالم العربي لا تتأتّى إلا بتشظّي ثقافاتها التعدّديّة، وتشظّي الثقافات التعدّديّة لا يتأتّى إلا بتشظّي اللغة الفُصحى الحيّة دائمة التطوّر، لتتحوّل اللغة المحليّة العاميّة، على جماليتها ورقيّها الذي لا يُنكَر والذي من الواجب الحفاظ عليه وتطويره بموازاة اللغة الفُصحى، إلى مجاميع لغات فُصحى لقوميّات متعدّدة! وهي ممكنة في وعيهم العلمي البارد البعيد عن الوجدانيّة، ما دام النموذج قد حصل في ربوعهم، ولكن.. تبقى أمامهم عقبة كُبرى، ألا وهي حضور النَص القرآني في خلجات قلب اللغة العربيّة الفُصحى وحماية المؤمنين لصدارته.

ويعلم راسمو السياسات الاستعماريّة حق العلم بصعوبة النيل من صدارة القرآن الكريم مباشرة لتفتيت اللغة وبالتالي الأمّة فيلجأُون إلى استراتيجيّات التفافيّة ذات أبعاد ثقافيّة موغلة في القِدم يستحضرونها بمعونة وكلائهم المحليين في كل قُطرٍ، وليس هذا المكان للتوسّع فيها رغم أهميّتها، منها:
1- اللعب على تناقضات قوميّة يختلط فيها الوهمي بالحقيقي ما بين التركيّة والعربيّة كان من أصعب نتائجها فرض الأبجديّة اللاتينيّة بدل العربيّة على بلد تفاعل حضاريًا لقرون مع العربيّة لغة وحضارة، رغم ان ايران تستخدم الحرف العربي وتدرّس اللغة العربيّة في مدارسها الاعداديّة والثانويّة من باب المقارنة لكشف التناقض الموهوم.

2- اللعب على تناقضات بين السنّة والشيعة يختلط أيضًا فيها الوهمي بالحقيقي لتفتيت العالم العربي داخليًا وإسلاميّا إقليميّا.

3- تفتيت الكيانات السياسيّة نتاج سايكس- بيكو مرّة أخرى ضمن صراعات دمويّة كما في العراق وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين، وكما نقول: الحبل على الجرّار.

4- وكل ما ذُكر أعلاه زائل في سيرورة التاريخ مادمنا نحافظ على موروثنا الثقافي بكافة مركّباته، وهذا ما يُرعب راسمي السياسات المُستقبليّة لذهنيّة الهيمنة والاستعمار، فيستهدفون الرموز الحضاريّة ويقولبونها ويسوّقونها الى ذهنيّة شعوبهم من خلال رسومات كاريكاتوريّة مهينة، تحت راية حريّة التعبير المُحرَّفة، أو الحريَّات الفرديّة المُحَرَّفة، وغيرها، من خلال بناء أذرع لها بين ظهرانينا على شكل جمعيّات وإرساليّات وتنظيرات أكاديميّة تدّعي الموضوعيّة وتجيد تغليفها مدفوع الثمن!

وهنا تُرمى الكُرة إلى ملعب العلماني أو القومي أو الإشتراكي العربي المخلص أو خليطهم ونتاج تفاعلاتهم، فكيف يُدافع عن وجوده دون الدفاع عن الموروث، وما أجمل الموروث فينا، دون الدفاع عن الحضارة العربيّة الإسلاميّة واللغة العربيّة وصدارة القرآن الكريم فيها وفي مجمل حضارتنا، المحميّ في وجدان المؤمنين وإن فَرَضًا لم تكن منهم ولك قراءتك النقديّة العلميّة المشروعة؟! أنا أقول لك بالفم الملآن إنك لن تستطيع سوى أن تضع يدك في يد مؤمنين مخلصين غير منتفعين همّهم همّ الأمّة المشترك، وهم الأكثريّة، يكون الجميع فيها مواطنين متساوين في دولة الحريّات الجمعيّة والفرديّة والعدالات على أنواعها، وبهذا ايضًا على اليهود أن يتعايشوا دون حق بالسيادة على فلسطين.

وإن لم يكن هذا ممكنًا فلا أعتقد أن شيئًا آخر له أمل بالحياة رغم استعدادي للجدل، لكوني ابن حُمَادَى الحضارة العربيّة الإسلاميّة وأعشقها، وانفتح من نافذتها تفاعليًّا انسانيّا على حُمَادَى حضارات العالم بنديّة واحترام.



#زاهر_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأهمِس لكِ بِسِر
- رؤيا في المكان الما
- الحفريّات في الكتب كي لا تستسلم الأسطورة
- تمنيّتُ
- طولُ القُبَلِ يَنُوبُ عن قِصَرِ الكَلام
- وأحتَرِق.. سِرب أسرار ووصيّة
- بيرانديلّو
- آغازادة
- مايسترو الإرهاب
- من شدّة العشق
- مُشاغبة حيّزيّة 2
- مشاغبة حيّزيّة
- قراءة في ديوان الشاعر أيمن كامل إغباريّة -ملاقط غسيل-
- ليْ.. طيني
- رأيتُكِ.. لحظة التشكُّل
- اتّسع الصفر بيننا
- خطوة لا أكثر.. (عن حريّة التعبير)
- استغراق
- حَنِين الدَفَاتِر إلى الشَجَر
- سجّل ما هو آت


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زاهر بولس - جدلٌ في -جدل-: حضارتنا عربيّة أسلاميّة