أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ابن خلدون : إحترنا فيك .!















المزيد.....

ابن خلدون : إحترنا فيك .!


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4945 - 2015 / 10 / 4 - 18:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


د – إجتهادات خلدونية في متفرقات إجتماعية: فى العلم والتعليم
كتاب مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية
القسم الثاني : قراءة في مقدمة إبن خلدون
الفصل الثالث : اجتهادات إبن خلدون لعصره وعصرنا : فى العلم والتعليم
عموما :
1 ــ كعادته يربط إبن خلدون كل مظاهر الحضارة بتقدم العمران وإزدهاره . لذلك يقول هنا أن إزدهار التعليم بإزدهار العمران .
2 ـ ، ويدعو إلى الرحلة في طلب العلم ، وكان ذلك عادة في التاريخ العلمى العربي ، إلا أن الرحلة كانت تقتصر على داخل العالم الإسلامي ، حيث لا حدود ولا قيود.
وهذه الدعوة للرحلة طلبا للعلم لاتزال سارية المفعول فى عصرنا، ولكن ليس للعالم الثالث ، ولكن إلى بلاد الحضارة حيث كانت، من اليابان شرقا إلى أوربا وأمريكا غربا .
3 ــ وفي العلوم دعا إبن خلدون إلى عدم التفريع في العلوم التي ليست مقصودة لذاتها كالنحو ، لأن التفريع فيه يصبح لغوا ويزيدها تعقيدا . هى ( علوم للوسائل ) أى بها يمكن فهم (علوم المقاصد ) وهى عندهم العلوم المتصلة بالقرآن والحديث والفقه والتشريع .
وكالعادة فإن مصطلح ( العلماء ) فى العصر المملوكى ـ عصر ابن خلدون ــ ينصرف أساسا الى الفقهاء والمتخصصين فى الحديث . وليست هذه فعلا علوما لأنها قامت فى العصر العباسى على إفتراء الأحاديث وبناء الفقه عليها . ثم جاء عصر التقليد العلمى ـ العصر المملوكى ـ الذى إنعدم فيه الابتكار والاجتهاد والتجديد ،فنشر هذه الأكاذيب وشرحها ولخّصها على أنها علوم .! .
4 ــ وفي التعليم أشار ابن خلدون من طرف خفي للربط بين زيادة الذكاء بالتعليم وممارسة الصنائع حتى تزداد ملكات التلميذ ، كما نهى عن الشدة في ضرب التلميذ ، ومراعاة التدرج في التدريس له .
5 ــ عرفنا المستوى الهابط للعلم في العصر المملوكي حيث دار حول التقليد والجمود وتلخيص ما سبق ثم شرح التلخيص ، ثم تحويل الملخص إلى متن وإعادة شرحه وهكذا ، وقد هاجم إبن خلدون هذه الظاهرة تحت عنوان "كثرة الإختصارات في العلوم مخلة بالتعليم " وعنوان " كثرة التأليف في العلوم عائقة عن التحصيل " وفيها رصد الأثر السئ لهذه الظاهرة على درجة إستيعاب الطالب لهذه المؤلفات التي تدور حول حشو وقشور وتفصيلات شكلية لا طائل من ورائها.
6 ــ إلا أن إبن خلدون فاته أن ينبه على خطورة الحفظ والتلقين فى قتل ملكة الإبداع والنقد ، وخصوصا حفظ مثل تلك المؤلفات والمتون والملخصات المتخلفة الهابطة .
7 ـ ولقد إهتم إبن خلدون بتنمية ملكات النفس في حديثه عن التعليم والصنائع ، إلا أنه كان يربطها أحيانا بملكة الحفظ والتلقين دون أن يدري خطورة التلقين على مستوى العقلية . بل إنه يعتقد بأهمية التلقين ويرى أن التعليم الفعلي يكون بالمباشرة والتلقين ، ويفتخر بشيخه السطي بأنه كان في الفقه لا يجاريه أحد في الحفظ والفهم . ومن هنا كان خضوع إبن خلدون لمنطق عصره القائم على الحفظ والتلقين وترديد ما قاله السابقون دون نقد أو إعتراض ، مع أن عقليته المتفردة كانت تطل بين السطور تبتكر وتقول ما لم تقله عقول الآخرين في عصره ، وعلى سبيل المثال فإنه يعلل إنتشار المذهب المالكي في شمال أفريقيا والأندلس برحلتهم إلى الحجاز دون المرور على العراق فاقتصروا على الأخذ عن علماء المدينة ومذهب مالك فيها ، ثم تشابه الظروف البدوية بين الحجاز وشمال أفريقيا .
إقتراب من نظريات علمية حديثة وتلك العقلية الخلدونية إقتربت بالفكر المجرد – دون تجربة – من بعض النظريات الحديثة في مجال العلم ، وقد شهدنا إقترابها من نظرية العرض والطلب ،وإبتكارها لكثير من قوانين العمران ، وصلاحية أغلب تلك القواعد والقوانين لعصرنا ، مع إختلاف الظروف .
1 ـ فقد سبق نيوتن في قانون الجاذبية القائل : كل فعل له رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الإتجاه ، إذ قال إبن خلدون : أن الآثار إنما تحدث عن القوة التي كانت بها أولا ، وعلى قدرها يكون الأثر .
2 ــ وسبق إبن خلدون نظرية النشوء والإرتقاء أو التطور التي نادى بها دارون وسماها إبن خلدون التدرج ونظرية إبن خلدون مختلفة عن نظرية دارون وأوسع وأشمل ، لأنها تبدأ بالمعادن وقابلية أعلى درجة منها لأن تلتحق بالدرجة السفلى من النبات ، ثم قابلية أفق النبات لكي يلحق بأسفل درجة من الحيوان ثم قابلية أفق الحيوان لأن يلتحق بالإنسان ، ثم قابلية أكمل البشر للسمو إلى عالم الملائكة ، وفيها يحدث الوحي . وهي نظرية خلدونية نرفضها تماما .
والحقيقة أننا فى حيرة مع العقلية الخلدونية
إبن خلدون : إحترنا فيك
وهذا بدوره يجعلنا نقترب من العقل الخلدوني الحائر بين الإنطلاق العبقري والخضوع لثوابت عقله .
1 ـ ففي أجزاء من نظريته عن التدرج يتفق بعقله المجرد مع حقائق علمية أثبتتها التجربة من حيث تحول المعادن إلى كائنات حية ، فهناك جراثيم الإنفلونزا ، التي تمر بفترة بيات وسكون تكون فيها مجرد بلورات معدنية ثم إذا جاءتها نقطة ماء دبت فيها الحياة ، إلا أن إبن خلدون حين يخضع لثوابت عصره ومنها العلم اللدني يقع في الخطأ ويفترض صعود الإنسان إلى عوالم الملائكة ، مع تأكيدات القرآن بأن الإنسان لن يرى الملائكة إلا عند الموت وعند البعث ، أي بعد أن يتخلى عن جسده المادي .
2 ــ وهناك مثل آخر على هذه الحيرة الخلدونية ، ففي الرد على أسطورة عوج بن عناق العملاق الذي كان يتناول السمك من البحر ليشويه في الشمس يقول إبن خلدون أن الحر هو الضوء ، والضوء فيما قرب من الأرض أكثر مما بعد عنها حيث تنعكس الأشعة من سطح الأرض بمقابلة الأضواء فتتضاعف الحرارة بسبب ذلك ، فإذا تجاوز الإنسان مطارح الأشعة الشمسية المنعكسة إنخفضت الحرارة ، أو بتعبيره " لا حر هناك بل يكون البرد حيث مجاري السحب " وهنا كلام علمي جميل ، إلا أنه سرعان ما يخضع لثوابت عصره فيردد ثقافة العصر القائلة بأن الشمس في حد ذاتها جسم بسيط مضئ ليس حارا ولا باردا ، ويتجاهل وصف القرآن للشمس بأنها سراج وهاج . وفي أثناء تأكيده على نظريات العلم اللدني الخرافية تتسلل بين السطور عبارات صحيحة علميا كقوله أن " سرعة فكر الإنسان أسرع من لمح البصر " أو " أن الأحداث توجد في عوالم الملائكة ( أي البرزخ) مجردة عن زمن الحدوث ".
3 ــ وحتى في الأمور الطبية نرى عقله يفتي بأراء جيدة كقوله عن أهل الحضر أنه تكثر فيهم الأمراض لكثرة الأكل وتعدد ألوانه وخلطه بالتوابل والبقول ( أي الطعام المسبك ) ثم لا يمارسون الرياضة . أما البدو فالأغلب عليهم الجوع وقلة الأكل وكثرة الحركة والنشاط فيحسن بذلك هضم طعامهم البسيط القليل في مناخهم الجاف ، لذلك لا يحتاجون إلى الطبيب. وما أروع قوله عن طب البادية أنه مبني على التجربة القاصرة ، وليس على قانون طبيعي ، ويجعل منه الطب النبوي المنسوب للنبي ، وهذا كلام جيد خصوصا حين يقول أن النبي لم يأت ليعلمنا الطب وإنما لكي يعلمنا الشرائع . وليته يتوقف عند ذلك ، ولكنه يسرع باسترضاء ثوابت عصره فيقول أن ما جاء في الأحاديث يمكن استعماله على سبيل التبرك وصدق الإعتقاد فيكون له أثر عظيم في النفع تبعا للإيمان .
4 ــ وتصاحبنا هذه الحيرة حتى في آرائه الأدبية . إذ يطالعنا بآراء معقولة عن الملكات الأدبية مثل " إذ تنازعت ملكتان تعذر أن تتم الملكتان معا " أي في الألسن واللغات ، ويجعلها مثل الصنائع ، ويقول " ملكة الفصاحة تستفاد بالتعليم منذ الطفولة " ، " لا تتفق الإجادة في الشعر والنثر معا إلا للأقل من الناس "، " الفصاحة أساس الشعر والنثر " ،" صناعة النظم والنثر في الألفاظ وليس المعاني " .
وفي موضوع السجع الذي ساد النثر في العصرين المملوكي والعثماني نرى موقف إبن خلدون عجيبا . إذ يهاجم السجع ويرى وقوع الأدباء في السجع بسبب عجزهم عن الفصاحة ، لذا يسترون بالسجع فقرهم في البلاغة ، وهذا كلام صحيح ، ويعززه حديثه عن نفسه في تاريخه أنه حين عمل كاتبا للسر لدى السلطان أبو سالم لم يلتزم بأسلوب السجع المعتاد ، يقول عن طريقة السجع " لضعف انتحالها وخفاء المعاني منها على أكثر الناس ، بخلاف الكلام المرسل " ويقول أنه إنفرد بهجر أسلوب السجع وكتب كلاما مرسلا فاستغربه أهل صناعة الكتابة .
وهذا كلام جميل . . إلا أن إبن خلدون في إفتتاحية المقدمة أنشأها بأسلوب السجع المتكلف اللزج المملوء نفاقا للسلطان أبي فارس وحتى لا تنتقده حاشية السلطان .
ولم يدرك إبن خلدون بعبقريته المعهودة أن ذلك السلطان لن يلبث أن يصبح نكرة مجهولا ، وإن إسم إبن خلدون هو الذي سيبقى في دنيا الحضارة . وما كان أجدره أن يحذف هذه السطور ويتخلى عن السجع الذي التزم به في الإفتتاحية حتى لا نحتار معه في تلك المتناقضات .
ولكنها في النهاية حيرة سهلة ، لأنها كانت تعبر عن ظاهرة العقلية الخلدونية التي تناقضت مع مألوف عصرها ولكن أرادت التصالح مع ذلك المألوف . وبين التناقض والتصالح تنشأ الحيرة . وإذا عُرف السبب بطلت الحيرة وبطل العجب .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إجتهادات خلدونية في متفرقات إجتماعية: علم إجتماع المدن والصر ...
- وصفة سحرية خلدونية للإصلاح الإقتصادي: الضرائب ، تحديد النسل ...
- وصفة سحرية خلدونية للإصلاح الإقتصادي: عدم تدخل الدولة فى الا ...
- – إجتهادات خلدونية في إقتصاديات العمران ( علم العمران أو الإ ...
- آل سعود : على دين الكذاب أبى هريرة
- ( ق2 ف3 ) أ إجتهادات سياسية لإبن خلدون سارية المفعول
- رسالة الى الأحبة : عن التسجيل فى موقع أهل القرآن
- ( ق2 ف3 ) أ إجتهادات خلدونية في السياسة العمرانية (علم الاج ...
- زوجة مردت على النفاق .!!
- ( ق2 ف3 ) عبقرية إجتهادات إبن خلدون في علم العمران (الإجتماع ...
- سبحانك ربى .. هذا بُهتان عظيم .!! .الى متى يستمر تشويه الاسل ...
- ( ق2 ف3 ) : أخطاء خلدونية مختلفة
- ( ق2 ف3 ) أخطاء خلدونية منهجية
- الاجتناب .. ولآخر مرة .!!
- هذا الشيعى ( عبد الحسين )
- بين الشورى والإستبداد في تاريخ المسلمين : قراءة سريعة
- ( ق 2 ف 2 ) التأثر الموضوعي فى المقدمة : في القضايا السياسية
- التأثر الموضوعي في القضايا الإجتماعية : من ملامح التاريخ الإ ...
- بيان من المركز العالمى للقرآن الكريم : الى متى يستمر قتل الح ...
- ( ق 2 ف 2 ) التأثر الموضوعي لابن خلدون فى المقدمة في القضايا ...


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ابن خلدون : إحترنا فيك .!