أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - سوريا .. بين المستنقع ولعبة المصالح















المزيد.....

سوريا .. بين المستنقع ولعبة المصالح


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4942 - 2015 / 10 / 1 - 21:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وكأنما افاق العالم فجأة على وجود أزمة طاحنة فى سوريا "رغم إستمرار القتل والذبح والبراميل المتفجرة والتدمير فى كل بقاع سوريا لحوالى 5 سنين"، ربما ساعد على إيقاظه زحف عشرات الألوف من اللاجئين السوريين الى شواطئ أوروبا بعد أن إبتلع البحر عدة آلاف منهم، وربما أيضا الواقع الجديد من التدخل الروسى فى الأزمة لمساندة نظام الأسد (رغم أن ذلك التواجد العسكرى قديم جديد وأن ماتم إعلانه من أمريكا عن تكثيف ذلك الوجود بطائرات ومعدات عسكرية ومساكن جاهزة هو ما أثار قلق البعض داخل المنطقة وخارجها)، يضاف الى ذلك ما أعلنته روسيا صراحة أنها لن تتخلى " تحت أى ظرف" عن بقاء بشار الأسد وهو ما تعارضه السعودية ودول الخليج بينما الغرب وأمريكا قد بدؤوا فى تليين موقفهم من هذا الموضوع "بعد أن ظهر لهم فشلهم فى مواجهة داعش عن طريق الضربات الجوية والجيش العراقى والحشد الشعبى" وتضاؤل الإهتمام الأمريكى بمشاكل المنطقة بعد مسلسل الفشل المتكرر فى أفغانستان والعراق وليبيا وغيرها من البلدان، والذى أدى فى النهاية الى فقدان حماس الإدارة والشعب الأمريكى لمزيد من التورط فى هذه الملفات، يعزز ذلك الإكتفاء الذاتى لأمريكا لأول مرة من النفط وعدم حاجتها للنفط الخليجى وتنامى إحساس دول الخليج بتخلى أمريكا عنهم بعد ماتم من تقارب أمريكى- إيرانى بتوقيع الإتفاقية النووية.
الغرب عموما بما فيه الجانب الأمريكى أقرب الى تفهم التدخل الروسى من تدخل إيران وملحقاتها "حزب الله وجماعة أبو الفضل العباس الشيعية العراقية والحرس الثورى" ويرون أن تدخل إيران بما تمثله من جانب مذهبى ربما ستؤدى الى توسيع دائرة الصراع وجرّه الى تناحر سنى- شيعى، بعكس التدخل الروسى الذى يملك آلة عسكرية أضخم أقدر للتأثير فى العمليات ويعد بعيدا عن الحسابات المذهبية والعرقية وأن روسيا تتشارك فى الرؤية مع بقية دول الغرب فى كثير من القضايا (رغم وجود تباينات وصراعات حول عدد من القضايا وعلى رأسها الموقف فى جمهورية أوكرانيا "وهو ما تجد روسيا إمكانية تجاوزه عبر بوابة سوريا ومحاربة داعش")، إن الروس حاليا يتسلمون زمام المبادرة بعد أن قادوا حراك سياسى ناجح وإستطاعوا بجهد مكثف تليين الموقف الغربى رغم بقاء بعض التصريحات المتناقضة الكاشفة لتردده "بسبب مراعاتهم لرغبات بعض دول الإقليم الرافضة لأى دور للاسد"، ولعل قيام روسيا بعملياتها فى قصف المواقع والأهداف الإستراتيجية للمعارضة الإسلامية وتشمل الى جانب تنظيم الدولة قوى إرهابية أخرى كجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرها قد وضع كل الأطراف أمام الأمر الواقع، وكما يبدو حتى الآن فإن الجانب الروسى يعمل على ممارسة دوره من خلال القصف الجوى والدعم العسكرى للجيش السورى بالتدريب والتسليح والخبراء وإبقاء العمليات الأرضية بعهدته، ذلك بالإضافة الى تشكيل ما يشبه غرفة عمليات ببغداد تضم روسيا وايران ولبنان وسوريا مع إحتمال إنضمام مصر اليهم، ويبدو أن الروس قد إستوعبوا جيدا درس التدخل البرى للإتحاد السوفييتى فى أفغانستان فى ثمانيات القرن الماضى وما جرّته عليهم من ويلات.
جاء التدخل الروسى بشكله الراهن بعد أن كثر الحديث عن منطقة حظر جوى على الطيران السورى فى مناطق الشمال وعن إحتمال موافقة أمريكا والغرب على خطة تركيا بإقامة منطقة آمنة أو عازلة وقد تم إفشال بوتين لذلك المشروع التركى، وربما يزيد التدخل الروسى من جراح أردوغان ويقضى "بشكل أو بآخر" على آمال حزب العدالة والتنمية فى الإنتخابات التركية الوشيكة، وينهى تماما مخطط أمريكا والناتو فى التدخل "التى طبقتها فى العراق وليبيا" والتى قادت الى نتائج كارثية أدت الى تغلغل الإرهاب وإنتشاره بالمنطقة والعالم أجمع، ويكشف عدم جدية أمريكا وحلفائها فى القضاء على داعش " أليس غريبا أن يتم طرد طالبان من مدينة قندوز الأفغانية فى اليوم التالى لإستيلائهم عليها بينما يردد أوباما وجنرلاته أن إزاحة داعش من الأنبار قد يستغرق أكثر من ثلاث سنوات"، إن تحرك بوتين فى سوريا يكشف حقيقة تهافت السلوك الأمريكى وعدم جديته فى القضاء على داعش رغم البروباجندا الواسعة المصاحبة للحلف الأمريكى، ويراهن الغرب على أن تكلفة التدخل الروسى ستفوق قدراته من الناحية الإقتصادية " مع تهاوى أسعار النفط و الحصار الإقتصادى الغربى"، وقد يقود هذا التدخل وتداعياته الى إستنفار دول الخليج لما يسمى بحركة جهاد إسلامى ضد روسيا (أشبه بما حدث سابقا ضد الإتحاد السوفييتى فى أفغانستان)، كما قد يؤدى الى من تبقى من المعارضة المدنية السورية الى الحشد ضد ما يدعونه من إحتلال روسى وتوحدها فى مواجهته، ويعتمد كثيرا على الهدف الرئيسى من التواجد الروسى العسكرى فى سوريا هو فيما يبدو " حتى الآن" إرسال رسالة الى دول الإقليم والغرب عموما أنه لا يمكن تجاهل روسيا فى أى تسوية سياسية للوضع فى سوريا.
يقوض الوجود الروسى بشكل متزايد العمليات التى تقوم بها إسرائيل فى المجالين السورى واللبنانى، وربما يكون هروع نتنياهو الى موسكو أحد أسبابه، ولكن بالتأكيد توجد أسباب أخرى وعلى رأسها الخوف من تسرب الأسلحة الروسية الى حزب الله "عدو إسرائيل التقليدى" أو حدوث إشتباك عسكرى بالخطأ مع القوات الإسرائيلية " (يجب التذكير أنه لا يوجد عداء بين روسيا وإسرائيل فى الوقت الحالى)، وبالنسبة لتركيا "العدو التاريخى لروسيا منذ العهد العثمانى" فإن الوجود الروسى سينسف إمكانيات أنقره فى ضرب مقاتلى حزب العمال الكردستانى وسيقضى على طموحات تركيا فى إقامة منطقة عازلة بشمال سوريا، كما يبدو أن التدخل الروسى "فى النهاية" سيؤدى الى تفكك الحلف الأمريكى الحالى المواجه لداعش لحساب تحالف روسى جديد، وانهاء التصنيفات أمريكية حول المقاومة المسلحة المعتدلة وغير المعتدلة، عموما سيتوقف مدى التدخل الروسى على الهدف الرئيسى منه والذى يبدو " حتى الآن" دعم النظام السورى وبشار الأسد ، كما أن التدخل الروسى فى سوريا سيؤدى بالضرورة "من وجهة النظر الأمريكية" الى وقف التقارب الروسى السعودى فى المنظور القريب.
إن ما يمكن وصفه بالمغامرة الروسية الجديدة هو نتاج لسياسة بوتين فى نقل الصراعات الداخلية الى الخارج "مسجلا نقاطا على خصومه"، فمن أوكرانيا والقرم الى سوريا يحاول بوتين الهروب من أزماته الإقتصادية الداخلية (مستغلا تدفق اللائجين الى أوربا والفشل فى مواجهة داعش سبيلا)، كما أن من حساباته أن هناك حتمية لمواجهة قادمة بين روسيا وداعش "لذا فقد قرر أن يأتى هو إليها بدلا من إنتظارها على أرضه"، كما أن بعض المحللين الإقتصاديين الروس يعتقدون أن التدخل الروسى سيعيد لأسعار النفط والغاز حيويتها وإرتفاعها مرة أخرى، كما يساعد روسيا على التحكم فى عملية ضخ النفط والغازالإيرانى الى أوروبا " من أنبوب خاص عبر سوريا" بما يعطى للروس أولوية التحكم فى عودة إيران الى السوق العالمى بعد رفع العقوبات عنها، وبعيدا عن تلك الأصوات الخليجية الناعقة فإن التدخل الروسى سيبدد كثيرا من الأوراق السعودية فى سوريا وذلك بعد اللطمة التى تلقتها بالإتفاق الأمريكى النووى مع إيران.
إن التدخل الروسى المباشر فى سوريا قد أربك جميع الحسابات خاصة من جانب ما يعرف بالمعارضة المدنية أو المعتدلة وبقايا ذراعها العسكرى "الجيش السورى الحر" فبعد تطلعها لتدخل أمريكى مباشر يزيح نظام الأسد أو حتى بتدخل تركى عسكرى لصالحها إذا بها تفاجأ بالتدخل من الشرق لصالح النظام مع تراجع غربى وتركى عن المسلمات السابقة وقبولهم المرتبك ببقاء الأسد لفترة إنتقالية مؤقته "لا يعلم مداها الاّ الله"، ويزداد موقف المعارضة تعقيدا بمباركة بعض أجنحتها للتدخل الروسى بإعتباره إنتصارا للحل السلمى التوافقى.
أخيرا فربما يكون من مزايا التدخل الروسى أنه قد يؤدى الى تخلى السعودية عن تحفظاتها على عمل عربى لإنشاء قوة عسكرية مشتركة لمواجهة الإرهاب فى المنطقة فى محاولة منها لكسب موقف دول عربية مؤيدة للمشروع "وعلى رأسها مصر" ورغبتها فى إيجاد مظلة عربية لمواجهة التدخل الروسى، إن التدخل العسكرى الروسى فى سوريا سيؤدى بالضرورة الى تغيير خريطة التوازنات والتحالفات الإستراتيجية بالمنطقة وإعادة رسمها من جديد...وهو ما يحدث الآن.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا .. الأكثر جذرية فى مواجهة داعش
- نظام سلطوى بملامح فاشية
- قراءة جديدة لإتفاقية كامب ديفيد
- بعد إنتخاب -جيرمى كوربين-.. حزب العمال لليسار در
- تحليل دور الإسلام السياسى واليسار والقصر فى الإنتخابات البلد ...
- أردوغان يعالج أزماته الداخلية خارج حدوده
- هل تحولت روسيا الى دولة إمبريالية؟
- دعوة للمراجعة
- بين داعش والصهيونية .. مقاربات أيديولوجية وممارسات وحشية
- تلك الأعمال الدرامية عن يهود مصر
- اليمن والمنطقة وتداعيات ما بعد العاصفة
- داعش .. أعلى مراحل الإسلام السياسى
- جيش الفتح .. ذراع القاعدة فى سوريا
- تلك الضجة المفتعلة حول بئر زمزم
- أمريكا تلعب دور المحلل بين السعودية وإيران
- إخوان كاذبون...حقيقة ما جرى فى عرب شركس
- الفلاحون...والأزمات المتفاقمة
- تأجير مصانع الغزل والنسيج .. وجه آخر للخصخصة
- البيان التأسيسى لتحالف قوى اليسار بالأسكندرية
- الصراع السنى الشيعى وعودة الحروب الدينية


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - سوريا .. بين المستنقع ولعبة المصالح