أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد حسين - السعادة بعيون الإكتئاب















المزيد.....

السعادة بعيون الإكتئاب


رائد حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4937 - 2015 / 9 / 26 - 20:11
المحور: الادب والفن
    


تكادُ تُختصر قصة الجنس البشرى فى جملة "البحث عن السعادة" ..
وفى عبائة هذه الجملة كُتب الكُتَّاب وتفلسف الفلاسفة, ولما كانت حياةُ الإنسان أقرب الى الشقاء,مع إختلاف التجارب والمراكز وعلى مر الأزمنة ,
وأقل قيمة من أن ُيلتفت إليها ,رغم ما يحملهُ الفرد لذاته من قيمة وحب, خلقت الحاجة ,للسعادة طورها الميتافيزيقى ,الخلاص ,النعيم , السعادة الأبدية حيثُ لا ألم ,لا تعاسة,لا شقاء..
تلك الجنة التى رأها الإنسانُ فى أمانى روحه المنهكة ولم يجدها أبداً فى واقعه المؤسف,
فأيقن أنه مطرودٌ محرومٌ بسبب شروره وأطماعه وطبيعته البشرية, وما تحمل من ميل للشهوات وحب للذات ,
ورغم كل الوعود التى قطعتها الأبعاد الميتافيزيقية للإنسان التعس ,لم يكف عن البحث عن السعادة فى الحياة .. !
أعتقدُ أنَّ الأصل هوالحزن والشقاء ,
ولكن هناك فرصة لتحجيم سيطرة التعاسة علينا ووضعها فى معدلها الطبيعى عن طريق تحليل أسباب الإكتئاب..

1 - الملل .

الملل وليد الرفاهية ,فقد إستطاع الإنسان أن يتصل بالعالم كله وهو يستمتع بمشاهدة مبارة كرة قدم ,بينما يتناول شرائح البطاطس ..
فى وقت ما كان مجرد التواصل مع الأقارب فى البلدة المجاورة يعد رحلةً مثيرة مليئة بمشاهد مختلفة عن تلك التى نراها فى بلدتنا ,
والعمل كان شاقاً لدرجة لا تسمع للعقل الواعى أن يوجه تفكيرهُ إلى الذات ,وشرائح البطاطس لها موسمها السنوى..
ربما قامت التكنولوجيا بـ"ضغط" الأيام , فصار الروتين يحكم الحياة بقوة خانقة,
لكن كما قدمت لنا التكنولوجيا الملل ,فيجب أن نلاحظ أنها قدمت لنا أيضاً العالم كله بين أيدينا ,
فالذين لهم شغفٌ أو إهتمامٌ بشكل من أشكال العلوم أو الفنون سيعرفون كيف يبددون وقت فراغهم الخانق وسيجدون ملجأً يحميهم بطش الملل .


2- الإحساس بالذنب.

وهو خاصٌ بالمتدينين ,
والذين لا يعرفون كيف يدافعون عن "أخطائهم " الإنسانية بإرجاعها لأسبابها العلمية أو الطبيعية,
فهم يفشلون دائما فى محاولة السيطرة عليها فيحتقرون أنفسهم ويحسدون غيرهم ممن يظنونهم
"نقاة القلوب طاهرين " ,
ويظن الإنسان الذى يعانى من الإحساس بالذنب أنه ليس محظوظاً,أوأنه سيئاً لدرجة تمنعه من الوصول الى ما وصل اليه أولائك "الطاهرون" ..
على الرغم من أن معظم الأخطاء التى تقع فيها وتخفيها عن الناس ,وتحتقر نفسك بسببها ليست خاصة بك ..
بل هى سمة من سمات الإنسان,وكل ما تفعلهُ هو سوء الظن بنفسك فقط ,
فلو إنكشف لك أمر أحد "الطاهرين " ربما ستعرف أنك تستحق تمثالاً برونزياً.

3_ المنافسة .
.
كل ما وصلت إليه الحضارة الإنسانية حتى اليوم من نتائج المنافسة بين أبناء الجنس البشرى ,
حركت ملوكاً وأحرقت مُدناً وأشعلت حروباً وأقامت حضاراتٍ , إنبثقت منها أفكارٌ ونظرياتٌ وثقافاتْ ,
ومازالت هذه الثقافات تتنافس فى كسب المتعاطفين والمؤيدين حتى الآن..
ولكننا نقصد بالمنافسة هنا ,صورتها الفردية ,وهى أن تكون المنافسة هى المحرك الذى يأخذ قرارات الإنسان ,
ولأن معظم القرارات لا تحقق مبتغاها _غالباً_,فلن يكون الإنسان فى هذه الحال سعيداً بأى حال من الأحوال ,
حتى وإن صادف أن إنتصر فى المنافسة التى ربطها بشخص معين فلن تستمر سعادته بالانتصارسوى لحظات..
فالعدو الذى خلقه سيظل يُطل ُ دائماً بصور مختلفة ,
وتعد المنافسة مدخلاً لعامل آخر من أهم عوامل التعاسة وهو الحسد.

4- الحسد.
"فى يوم ما جلسَ أحد الكائنات رباعية الأبعاد التى تعيش فى أحد كواكب مجرة "أندروميدا ",جلس الى أبنائه وقال :
أتعلمون .. فى إحدى كواكب المجرة المجاورة "درب اللبانة" , تمنى أحد البشر أن يفقد زميلهُ كل أسباب السعادة التى لم تتوفر لديه ,
حتى قتله الحقد ,وظلَّ زميله تعيساً أيضاً على عكس ما كان يظن ذالك الأحمق .. "

بالتأكيد لا يعرف أحد فى المجرة المجاورة أنك تحسد وبشدة ,كما لا تعرف أن نظرتك الحقودة لزميلك / لجارك نظرة غاية الضيق للعالم ,
العالم أوسع من كل هذا الهراء ,فلا وزن لما يملك زميلك او جارك أو كوكبك المسكين فى هذا الكون الرحب ..
بل فى عقلك أنت متسعٌ للكون الكبير إذا تم تطهيرهُ من أنماط التفكير الهدامة,
فالحسدُ يولد طاقة سلبية من شأنها أن تبدد كل أسباب السعادة التى فى متناول اليد,
فلن يترك لك الحسد أى فرصة لتأمل ما بين يديك ,
أو حتى التفكر فى أن كل الأشياء التى حُرمت منها لا تعدو أن تكون وهماً فانياً طالما حريتك متاحة وكرامتك محفوظة .


5- الإنغماس فى الذات .

كل الأسباب التى ذكرتها والتى لا يسمح المقال بذكرها مرتبطة بهذا السبب ,
إنه المحرك لكل أسباب التعاسة ,فالانسان الذى يحلل كل شيئ على أنه نتيجة لحظه السيئ أو مؤامرة من الكارهين ,
أو يفسر تجاهل الناس له ,موقف إعلان عداء ,
رغم أنهم ربما يكونون منشغلين فى مصائبهم الخاصة والتى بدورها تمنعهم من التطلع للخارج ولو مؤقتاً ..
ذالك الشخص يظل تعيساً لأن تحليله الخاطئ يزيد من شدة انغلاقه على نفسه .
كذالك أيضاً الشخص الذى يعتقد أن الناس لا يتحدثون عنه ابداً بطريقة غير ودودة أو ساخرة ..
ثم ما يلبث أن يعرف الحقيقة فتصدمه ,فيضطر لإتخاذ تدابير عدائية,
ويتحدث عن الخيانة فى أبشع صورها ويتذكر كم مرة دافع عنهم فى غيابهم ,لكنه لن يتذكر ابداً أنهم كانوا مادة للضحك على مائدته لفترة طويلة ,
المعزى هنا ,أن الناس قد يلجؤن للسخرية والضحك حتى على من يحترمونهم ..
فإنزال البشر فى قوالبهم الطبيعة هو السبيل الوحيد لفهمهم والطريقة الأمثل للتعامل معهم ,
الوعى بالذات حمقٌ عظيم ,والانسان الأقل تعاسة هو ذالك الشخص الذى يهتم بمشاهد العالم الخارجى أكثر من عالمه الداخلى,
فعن طريق توجيه الوعى المتيقظ لهدف سيتم إستثمار طاقتهُ المهدرة وسيشعر الإنسانُ بلذة السعادة لأنه أنجز شيأً ,
ولأن هذهِ اللذة لا تدوم فإنَّ الإنسان الأقل تعاسة هو الذى لا يتوقف عن خلق أهدافِ وريها بجهدهِ وشقائهِ ليحصد لذة جديدة .

***

ليس من أهداف هذا المقال تقديم وصفة سحرية للسعادة أسوةً برواد العلوم الزائفة ,
ولكنى أحاول تشريح الواقع لتتضح أجهزته الدقيقة
_إنه مصدر سعادتى الأول ,أن اصوغ لك المقال فى أبهى صورة أستطيع _
فبنفس القدر الذى يشعر به الإنسان بالبؤس,لم يترك فرصة واحدة متاحة لإقتناص السعادة الإ وإستغلها ,
لكنه يود لو أقامت معه تحت غطائهِ الحريرى فى سريرهِ الواسع ,ملتهبة طريَّة ,لا تملُ من إلتهام شفتيه ,
وهو ما ينفيهِ هروبها المفاجئ ,فيسكن للإكتئاب بائساً وكأنه لا يدرى أن السعادة لا يمكن أن تُرى الإ بعيون الإكتئاب ..
من المشين تجاهل الحب ودوره فى السعادة والإكتئاب لكنه يحتاج الى مقال كامل لأهمية التفاصيل وعلاقتها بكل العوامل التى ذكرتها ,
ربما الحب يغنى عن كل شيئ ,ويمنح السعادة المنشودة ,
لكن الذين يعانون من شدة الذكاء قد يختارون الفراق حتى لا يَسجنوا أنفسهم فى جنة الحب التى ستفصلهم بعسلها وحليبها عن العالم الصاخب ,
إنهم يريدون تحقيق الذات من خلال المنافسة !
أود لو قلت :
إنَّ السعادة إحساسٌ سامى ٌعُلوى, لم يكن الإنسانُ ليدرك معناه الإ بتجرع البؤس ,
فلا معنى للسُكَّرِ دون العلقم ,
ولا معنى للجنون دون العقل ,ولا معنى للخيال دون الواقع ..
وأخيراً لا معنى للرحلة دون هدف.









#رائد_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما كان الإنسانُ خروفاً
- أنا والموت .. وهوايا .
- الهوية ايه ؟!!
- ستقوم القيامة فى اغسطس
- الخمايسى و الأقزام


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد حسين - السعادة بعيون الإكتئاب