أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - الشباب المغربي و تحدي هجرة الكفاءات















المزيد.....

الشباب المغربي و تحدي هجرة الكفاءات


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1356 - 2005 / 10 / 23 - 09:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ألقى البروفسور المهدي المنجرة بفرنسا في نهاية شهر سبتمبر 2005 محاضرة قيمة تحت عنوان: الشباب المغربي و تحدي هجرة الكفاءات.
و لا يخفى على أحد أن هذه الاشكالية أصبحت حيوية و حاسمم بالنسبة لمستقبل المغرب، الوكول للشباب المغربي بناؤه و تشييده حاليا في وقت يعاين فيه الجميع الهدر الطمي و الكيفي للموارد البشرية للبلاد.
و قد أكد البروفوسور المهدي المنجرة منذ بداية محاضرته على غياب معطيات موثوق بها باعتبار أن الاحصائيات المغربية في هذا المجال لا يمكن الاعتماد عليها، إن لم تكن غائبة بالمرة رغم توفر المغرب على وزالاات و مراصد و مؤسسات من المفروض الاعتناء بهذه الاشكالية. علما أنه من الصعب الحصول على معطيات حتى عند الجوء إلى الجمعيات و الهيئات المهنية ( الأساتذة، الأطباء، المهندسين...). هؤلاء لا يهتمون بهجرة زملائهم. و على سبيل المثال لا الحصر، فحسب مصلحة الدراسات التابعة لوزارة الصحة هناك حاليا ما يناهز 600 طبيبا مغربيا بالخارج. إن أهم المعطيات بهذا الخصوص توجد على شبكة الأنترنيت، إلا أنه تظل ناذرة و ناقصة.
و كعادته قبل الولوج في لب الموضوع، يسعى الروفسور المهدي المنجرة الانطلاق من معطيات مملموسة و واضحة، لذلك أوضح أن محرك "غوغل" يفيد بوجود أكثر من 146 ألف من المراجع المرتبطة بعبارتي: الهجرة و الكفاءات، و أكثر من 137 ألف مرجع مرتبط بعبارة : هجرة الأذمغة، و إذا أُضيفت عبارة المغرب نحصل على على أكثر من 101 ألف (بالانجليزية) و أكثر من 16 ألف ( بالفرنسية). كما أكد البروفسور أن هناك فرق كبير بين نتائج البحث بخصوص المراجع الانجليزية و المراجع الفرنسية حيث أن الأولى تفوق الثانية في الموضوع. و يضيف البروفسور أن مدى و أهمية إشكالية هجرة الكفاءات أضحيا عالميين أبتداءا من 1967 عندما تقدمت كل من البرازيل و مصر و ايران بقرار عدد 2320 للجمعية العامة للأمم المتحدة للمطالبة بإجراء دراسة في موضوع هجرة الكفاءات. و أكد أن خلاصات الدراسات المنجزة بهذا الصدد أجمعت على سببين لهجرة الكفاءات . الأول يتعلق بضعف الامكانيات و البنيات للتمكن من ممارسة ما تعلمه المرء و قلة الموارد المالية المخصصة للبحث العلمي و هذا واقع يساهم في إهدار المعارف. و السبب الثاني يكمن في التضييق على حرية التعبير و سيادة الخوف الذي لا يسهل الابتكار و الابداع. و رغم أن للعامل المادي دوره، فإنه ليس هو الحاسم كما يعتقد البعض. و في هذا الصدد يدلي البروفوسور المهدي المنجرة بحالة كل من اسبانيا و طندا و الهند، و ذكر مبادرة الملك كارلوس بهذا الخصوص و قرار البرلمان الكندي في رفع الموارد المالية المخصصة للبحث العلمي سنة 2003 و قيام الهند بإحداث قرى علمية لتسهيل البحث العلمي في التكنولةجيات الجديدة الشيء الذي ساهم في التقليل من هجرة الكفاءات الهندية إلى الخارج. و أضاف البروفسور قرار الصين بخصوص إحداث 70 محطة صناعية للطلبة الصينيين العائدين من الخارج لإنشاء مقاولات صناعية بفضل قروض و تسهيلات أخرى,
و بخصوص المغرب أوضح البروفسور المهدي المنجرة أن الاشكالية لا تقتصر على هجرة الباحثين و إنما تهم كل الكفاءات، الرياضية و الموسيقية و الفنية التشكيلية و المسرح و كل القطاعات التي تعتمد على الخلق و الابتكار و الابداع. و في هذا الصدد أدلى بمثل يكفي لتوضيح الصورة بجلاء، إذ بخصوص مباراة المغرب ضد تونس في كرة القدم مؤخرا استدعى المدرب الوطني 24 لاعبا لا يوجد ضمنهم إلا لاعبا واحدا يمارس بالمغرب و هذا ما أكدته جريدة لومتان الصحراء الصادرة يوم 29 سبتمبر 2005.
و في واقع الأمر يرى البروفسور المهدي المنجرة أن هجرة الكفاءات المغربية الشابة تتموقع في إطار ظاهرة تهم كافة بلدان العالم الثالث. و في هذا المجال أدلى البروفسور بجملة من الاحصائيات الدالة. ففي سنة 2000 كان العجز بخصوص أصحاب المؤهلات العالية يقدر بما يناهز 4 ملايين: 350 ألف بالولايات المتحدة الأمريكية و 300 ألف بألمانيا و 220 ألف ببريطانيا و بين 35 و 185 ألف بفرنسا و 35 ألف بكندا. كما أشار بخصوص فرنسا أن آخر تقرير في الموضوع أقر بأن فرنسا بحاجة إلى توظيف ما بين 8 و 7 ، 14 ألف باحث ما بين 2001 و 2013. أما فيما يتعلق بإفريقيا و العالم تؤكد الاحصائيات المتوفرة أن هناك ما يناهز 300 ألف عامل مؤهل من أصل إفريقي يعمل بأوروبا و أمريكا الشمالية. و تفيد إحصائيات منظمة – OCDE - أن هناك أكثر من مليون إفريقي حاملين لشواهدة عليا يوجدون بالغرب. كما أن إحصائيات برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة تقدر ، بخضوض البلدان العربية و الافريقية، ان 54 في المئة من الأطباء و 26 في المئة من المهندسين و 17 في المئة من أصحاب الشواهد العلمية العليا المتخرجين من الجامعات و المعاهد العربية و الافريقية يهاجرون إلى الولايات المتحدة و كندا. و أن نصف الطلبة الأفارقة و العرب الذين يتابعون دلراستهم بالخارج لا يعودون إلى بلدانهم.و هنا يتساءل البروفسور المهدي المنجرة من يُساعد من؟
و لعل من العوامل التي تساهم في توضيح إشكالية هجرة الكفاءات، مدى الاهتمام بالبحث العلمي و هذا ما كشفه البروفسور بجلاء. ففي سنة 2001 خضضت بلدان الاتحاد الأوروبي 178 مليار أورو للبحث العلمي و خصصت له اولايات المتحدة 315 مليار أورو و اليابان 143 مليار أورو. أما الصين فقد خصصت 9 في المئة من ناتجها الداخلي الخام للبحث العلمي، و هذا ما يفسر تطورها الاقتصادي المطرد.
أما المغرب فلا يخصص بالكاد إلا 2 ، 0 في المئة من ناتجه لهذه الغاية هذا دون الحديث عن غياب حسن تدبير هذا المبلغ الزهيد الذي لا يكاد يبين. و للإشارة فقد سبق للبروفسور المهدي المنجرة مرارا و باستمرار، و ذلك منذ أكثر من عقد من الزمن، أن طالب و لازال يطالب باستثمار على أقل 5 ، 1 في المئة من الناتج الداخلي الخام المغربي في البحث العلمي إلا أنه لم يلق طلبه هذا و إلى حد الآن آدان صاغية رغم انكشاف الأمور و انفضاحها.
و بعد هذا محص البروفسور جملة من المعطيات المرتبطة بالمغرب، حيث أوضح أن عدد الطلبة المغاربة خلال السنة الدراسية 2005 – 2006 يبلغ 375 ألف طالبا و تساءل عن مآلهم بعد حصولهم على الشهادة الجامعية و اعتبر هذا السؤال سؤالا جوهريا و مركزيا. فهناك 27 في المئة من الحاصلين على الشواهد الجامعية يعيشون تحت وطأة البطالة، هذا في وفت أضحى فيه القطاع الخاص المغربي المشغل الأساسي و الأول بنسبة ما يناهز 6 ، 76 في المئة بالوسط الحضري، علما أن الكفاءات المغربية، سواء بالداخل أو بالخارج مازالت لم تُنظم بعد في إطار شبكات، و بالتالي مازالت لم تستفد بعد من كل الامكانيات التي توفرها التقنيات الجديدة للمعلوميات و الاتصالات.
و يؤكد البروفسور المهدي المنجرة أن 60 في المئة من خريجي كعاهد و مدارس المهندسين يهاجرون إلى الخارج، و بذلك أضحينا نعاين بشكل جلي هجرة المعلوماتيين بصفة خاصة.
إن نسبة البطالة بالوسط الحضري مازالت تتراوح حول 20 في المئة، و الفئة الأكثر تضررا هي الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة. أما نسبة البطالة وسط الحاملين للشهادات فتتمحور حول 33 في المئة و 8 في المئة وسط غير الحاصلين على الشهادات (و هذه معطيات سنة 1999 حسب مديرية الاحصاء بالمغرب). و بذلك يكون المغرب يحتضن بين ظهرانيه حاليا أكثر من 200 ألف عاطل حاصل على شهادة الاجازة (الايصانص) حسب رئيس الجمعية المغربية لحاملي الشهادات المعطلين.
و يلاحظ البرزفسور المهدي المنجرة أن هناك ما يناهز 10 جمعيات اختصت بالدفاع على حاملي الشهادات المعطلين و التي تعامل بقساوة لم يسبق لها نظير و بطريقة غير آدمية من طرف قوات الأمن على مراى أعين القائمين على الأمور و العالم بأسره و في واضحة النهار بمناسبة أي نشاط أو حركة مطلبية نضالية تعبوية تقوم بها أو تنوي تنظيمها في وقت كثر فيه الحديث عن دولة الحق و القانون و الانتقال الديمقراطي و تكريس ثقافة حقوق الانسان. و في هذا الصدد و تحت ضغوطات الهيآت الدولية (من ضمنها البنك الدولي) تم عقد لقاء بالصخيرات بضواحي العاصمة الرباط تحت رئاسة الوزير الأول المغربي للنظر في سبل خلق فرص للشغل و العمل عبر ربط التكوين الجامعي بمتطلبات سوق الشغل بالمغرب. هذا في حين يرى البروفسور المهدي المنجرة أن الإصلاح الجامعي المعتمد حاليا بالمغرب يعتبر مصيبة و كارثة وطنية، و أن انعكاساته ستظل فاعلة على امتداد 10 أو 15 سنة قادمة إذا لم تتم إعادة النظر بصدده منذ الآن و بدون ضياع المزيد من الوقت لكن لا حياة لمن يُنادي كالعادة ، و موعدنا بعد عقد من الزمن لتذكير القائمين ببلادنا بهذا بعد فوات الأوان و حتى لا تكون لهم حجة أنهم لم يكونوا يعلموا.
و إذا كانت إشكالية جدوى و نفعية التعليم قائمة حاليا، فإنها لا تشكل الهدف الجوهري للتعليم الجامعي و العالي. فيقول البروفسور...حسب الاتحاد الدولي للجامعات، يُقر بالحق في الاستمرار في التكوين و التعلم و صقل المعرفة من أجل المعرفة إلى مداها. و يعتبر البروفسور أن الخطر الذي يحدق حاليا بجامعات العالم الثالث هو عدم احتلرام هذا الحق، إذ أن الاهتمام أضحى محضورا حول المعرفة المجدية أو النفعية الموجهة نحو متطلبات سوق الشغل. فالمعرفة لا يجب أن تكون تابعة للشغل و إنما العكس، على الشغل أن يتبع تطورات المعرقة و متطلباتها.
و بخصوص التنمية البشرية يحتل المغرب المرتبة 124 بين دول العالم (سنة 2005) و بذلك يتبين التأخر الكبير الذي عليه استدراكه. و يحتل المغرب المرتبة 131 بين 194 دولة بخصوص احترام حرية الصحافة حسب تقرير "فريدوم هاوس" لسنة 2004، كما يحتل الرتبة 77 من بين 194 دولة بخصوص الرشوة حسب تقرير "ترانسبارانسي الدولية" لسنة 2004. و هذه معطيات مُنكشف أمرها في ذهن كل ذي عقل لبيب و لا تحتاج لأي تعليق.
و في هذا الصدد وقف البروفسور المهدي المنجرة مليا للتأكيد على تدهور احترام مبدأ دولة الحق و القانون بالمغرب، و قد أدلى بحجة تفقع العين، إذ أنه مُنع 6 مرات من إلقاء محاضرة بالمغرب، و آخرها منعه بمدينة تطوان، بشمال المغرب، في يونيو 2005 من إلقاء محاضرة تحت عنوان: "الديمقراطية و حقوق الانسان بالمغرب". و من المعلوم أن هذا المنع كان مناسبة لإعلان ميلاد حركة "باراكا" (كفى) بالمغرب للتصدي لمثل هذه الأوضاع التي لازالت مكرسة بالمغرب بالرغم من كل ما يتم الترويج له في الخطابات.
ثم عرج البروفسور المهدي المنجرة على وضعية نوعية الحياة و تدهور مستواها بالمغرب، و لعل من مؤشرات هذا التدهور البين العدد الكبير و المتزايد للمغاربة الراعبين في مغادرة الوطن بأي ثمن (الحراكة، الحريك) أي "الذين يحرقون أوراق الهوية" حسب تعبير البروفسور. و يُقدر عددهم بأكثر من 25 ألف "حراك" كل سنة. و حسب إحصائيات بعض المؤسسات الدولية، هناك ما يناهز 21 ألف مغربي طُردوا من اسبانيا سنة 2001. و يقول البروفسور...إذا قمنا بترتيب عالمي بخصوص المواطنين أكثر إهانة سيحتل المغرب، لا محالة، الصفوف الأمامية الأولى.
و يقر البروفسور المهدي المنجرة بأن من مميزات التخلف الخوف من الكفاءات و محاربتها بمختلف الوسائل الظاهرة منها و الباطنية لأنه ليس هناك اهتمام بتجديد المعارف في وقت تتضاعف فيه المعارف البشرية حاليا على رأس كل 7 سنوات، و حسب "ريشار كناين" 90 في المئة من هذه المعارف أُنتجت في 30 سنة الأخيرة. و يتساءل البروفسور كيف تجب مواجهة هذا الانفجار في المعلومات المنتجة، حيث يتم إصدار أكثر من 6 ملايين مقالة تُنشر في 65 ألف مجلة متخصصة سنويا، و 2500 كتاب جديد تُنشر يوميا، و بذلك تكون أمية اليوم ليست هي أمية الأمس رغم أن هذه الأخيرة مازالت ضاربة أطنابها بالمجتمع المغربي .
و يعتقد البروفسور المهدي المنجرة أن من أهم أسباب هجرة الكفاءات عجز المغرب عن تحيين المعارف. و في هذا الصدد يُذكر البروفسور بمقولة الجنرال الفرنسي "دوغول" حول العالم( بكسر اللام)، إذ قال " العالم هو الذي يعلم مساحات ما يجهله"، و بذلك يقول البروفسور المهدي المنجرة أن التخلف اليوم يمكن تعريفه بظاهرة التصدي و محاربة الكفاءات الوطنية المُبدعة (بكسر الدال) و المُبتكرة (بكسر الكاف) من جهة، و من جهة أخرى بتشجيع و تكريس الخمول الوظيفي و تدبير الرداءة الخاضعة التي تُسهل و تُكرس الرشوة و الفساد و انتهاك الحقوق الانسانية و الخنوع و الذل و الخضوع غير المشروط و التام للقوات العظمى.
و يُقر البروفسور المهدي المنجرة أن من أهم الانعكاسات السلبية و القاتلة لليبرالية المُتوحشة و الخوصصة(الخصخصة) تلك الانعكاسات التي تخُص البحث العلمي الذي تم التخلي عنه وطنيا و انتقل إلى البلدان التي استفادت من خوصصة (خصخصة) المؤسسات الكبيرة للدولة ( و كمثال على هذا قطاع الاتصالات و قطاع الماء و الكهرباء بالمغرب). و يزداد الطين بلة إذا علمنا أن تحويلات العمال المغاربة المقيمين بالخارج لا تُوظف في البحث العلمي و الابداع و الابتكار و إنما تُستخدم في اقتناء العقارات و المضاربات ( سنة 2003 بلغت هذه التحويلات 35 مليون درهما، 5 ، 3 مليون دولار، أي ما يمثل 10 في المئة من الناتج الداخلي الخام. و في هذا الصدد يحتل المغرب الرتبة الرابعة على الصعيد العالمي بعد الهند و المكسيك و الفلليبين.
و بخصوص التحديات يرى البروفسور المهدي المنجرة أنها تتموقع على مستويين، علة مستوى المكان (الفضاء) و على مستوى الزمن (الوقت). و فيما يتعلق بالتضامن على مستوى الفضاء تتمثل التحديات بالأساس في المشاركة و الديمقراطية، و على مستوى الزمن تتمثل في التوقع و القدرة على التوقع. و إذا جمعنا بين المستويين (المشاركة و الديمقراطية و التوقع و القدرة على التوقع نحصل على الابتكار و الابداع و الخلق يقول البروفسور. لكن بدون التصدي الفعلي للأمية و للفقر لا يمكن مواجهة هجرة الكفاءات.
و لعل من أكبر التحديات كذلك وجوب تعلم الثقة بالنفس و الاعتماد على الذات. و هذا من شأنه تسهيل اعتماد مسار واضح المعالم و محدد المقاصد لأنه لا وجود لمنظومة بدون مقاصد معلومة و محددة سلفا. و هنا وجب حضور الشجاعة الفعلية و العملية للتصدي لمنظومة تعليمنا المهترئة، و التي لازالت سائرة نحو التردي و المزيد من الاهتراء، و لن يتحقق ذلك إلا بالبحث الحثيث عن السبل الكفيلة لمواجهة نواقصها و ما أكثرها. و لن يتم ذلك فعلا إلا بالانخراط في النضال و المزيد من النضال من أجل مساحات أكبر و أوسع بخصوص حرية التعبير و غحترام الكرامة الانسانية و الدفاع عنها لأنه بدونها من المستحيل التقدم و التطور.
و لعل أول خطوة في هذا الاتجاه العمل على تقليص الفوارق الصارخة بخصوص توزيع الدخل و الثروات و التصدي للرشوة المُدعٌمة( كسر العين) و المُكرٌسة (كسر الراء) أصلا للمحسوبية و الزبونية، و هذا من شأنه إعادة الاعتبار للصدقية و المصداقية و الثقة المفقودة من أجل التقليل من الشعور العميق باليأس و الاحساس السائد بالاحباط المستدام. و لن يكتما المراد إلا بتجنب الاغتراب و الانصياع له، و ذلك باعتماد الليونة الضرورية للحفاظ و تكريس منظومة قيمنا.
و هذا إن كان يعني شيئا فهو يعني بالدرجة الأولى أن بلادننا تعتمد حاليا نموذج تنمية بدون جدوى و غير ملائم بتاتا سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا، و هذه طامة كبرى لا يمكن الاستمرار في تكريسها بأي وجه من الوجوه، فكفى و ألف ألف كفى من السير في هذا المسارالكارثي.
و تظل إشكالية الإخلاص إلى القيم إشكالية حيوية. إن مختلف الدراسات بيٌنت بجلاء أن العرب يُخلصون أكثر للإسلام من إخلاصهم للوطن. و بخصوص المغرب هذا التفضيل يهم 80 في المئة من المغاربة. لكن التعددية اللغوية تكرٌس التنوع، و في هذا الصدد نبٌه البروفسور المهدي المنجرة إلى أهمية اللغة الانجليزية حاليا، إذ أن 90 في المئة من الأبحاث العلمية تُنشر بالانجليزية و حتى الباحثين الفرنسيين على وجه المثال لا الحصر ينشرون أغلب أبحاثهم بالانجليزية.
و يخلص البروفسور المهدي المنجرة إلى القول بأنه اعتبارا لكونه ساير إشكالية هجرة الكفاءات على امتداد 30 سنة خلت، فإنه الآن غيٌر من موقفه بخصوص الجامعيين و الباحثين المغاربة، و ذلك بعد جملة من الاتصالات و المحادثات معهم على امتداد 10 سنوات و بعد التبادل معهم أكثر من 1000 برقية غلكترونية بخصوص إشكالية هجرتهم من المغرب، و لذلك يقول لهم اليوم ك " أين ما وجدتم شروط التفتح و التألق و الظروف المواتية للبحث العلمي و الابتكار و الخلق، هناك وطنكم". خصوصا و أنه عاين عن قرب كيف كان التعامل مع الذين اختاروا العودة إلى بلدهم و كيف شعروا هم بذلك إذ أن الكثير منهم اضطر إلى العودة من حيث أتى.
تقديم و ترجمة: إدريس ولد القابلة





#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي مستقبل للإسلام في الديار الأوروبية؟؟؟
- مجرد كلمة
- المغرب: المطلوب توحيد اليساريين المغاربة و ليس وحدة القيادات
- اتحاد كتاب الانترنت العرب على الدرب يسير
- خصخصة صناعة السكر بالمغرب
- البطالة بالمغرب
- مجرد كلمة...هل من تغيير وزاري بالمغرب؟
- ليس هناك دخان بدون نار...
- الجهوية و التنمية
- الميلودي زكريا ضحية الضربة الاستباقية
- حول العمل النسائي و العنف ضد النساء بالقنيطرة
- اختلاف بخصوص نسبة النمو بالمغرب
- تدبير القصور الملكية بالمغرب لم ينج من الفساد
- متى ستحضر الإرادة الفعلية للتصدي للفساد؟؟
- موقف حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي المغربي(1) من مشروع ق ...
- المغرب: هل الاقتصاد بخير؟
- الديموقراطية في العالم العربي في نظر الدكتور المهدي المنجرة
- الحصيلة الرسمية لأداء الحكومة المغربية
- الصحة و المغادرة الطوعية بالمغرب
- هل مازالت الخطوط الحمراء قائمة بالمغرب؟


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - الشباب المغربي و تحدي هجرة الكفاءات