أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - شنت منت فين















المزيد.....

شنت منت فين


خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 4935 - 2015 / 9 / 24 - 02:13
المحور: الادب والفن
    


دبجها خليل الشيخة
شنت منت فين
حكاية من التراث الشعبي

يروى في قديم الزمان أنه ضرب الجفاف أرضاً، فسبب نزوح أهلها عنها. فهام أميرها في أرض الله الواسعة. وفي مشواره الطويل كان يمكث في البلدات أياما يرى كيف يعيش ناسها ويتكلم معهم حتى قذفت به قدميه إلى بلده جميلة تكثر فيهاالأنهار والأشجار فمكث فيها وأحبها، ولما تجول في أسواقها شاهد منظرا غريبا تقشعر له الأبدان. كان المنظر عبارة عن كومة هائلة من جماجم بشرية ، فارتعب وخاف من هول مارأى ، ثم تلبسه الفضول ليعرف قصة هذه الجماجم الملقاة في قارعة الطريق، فمال لدكان الخبازيسأله بخوف عن ماجرى لهؤلاء الناس. فتلفت الخباز حوله خوفاً وقلقاً ثم قال له أن كل هذه الجماجم كانت بشرأ قبل ذلك، لكن بنت ملك هذه المدينة تتسلى بالناس وتسألهم في لغز الحزورة فإن عرف المتسابق تزوجها، وإن فشل قطعت رأسه ورمته فوق كومة الجماجم. فاستغرب الامير من هذا الحال واحتار في امر بنت الملك وعملها الظالم، ومالذي يجعلها تأذي الناس وتقتلهم في سبيل حزورة تافهة. أما في قرارة نفسه، فقد استحسن المغامرة وأحب البلدة التي فيها تلك المرأة الظالمة للناس، فتوهم بأن له القدرة على مقارعتها وهزيمتها. وصمم على مواجهتها وفك ألغاز الحزورة التي مات من أجلها المئات من الناس. رجع إلى الخباز وسأله عن كيفية التقدم للمسابقة، فنظر اليه الخباز ضاحكاً وقال يا أخي لاتغامر بنفسك فقد فشل المئات من قبلك ولن تكون أنت الفائز في هذه المغامرة القاتلة، فرد الآمير بأن الأعمار بيد الله وهو غير واجف إذا فشل في معرفة الحزورة وقطعت رأسه، فهو ليس أفضل من هؤلاء الناس الذين غامروا من قبله. فقال الخباز إذا كان هذا قرارك، فمكان بنت الملك في ذلك القصر المنيف بنهاية الشارع. وأشار بأصبعه على القصر. غادر الأمير راجعاً إلى الخان وحتى تلك اللحظة لم يعلن لأحد عن تاريخه وأمارته التي خسر. وارتاح في تللك الليلة يفكر عن أية شيء ستكون الحزورة التي حيرت مئات الناس .وبعد أن تعشى استرخى على سريره ونام حتى الصباح. وعندما استيقظ لملم نفسه وارتدى أبهى ماعنده من ثياب ثم توجه إلى قصر بنت الملك طالباً للمغامرة. هناك أوقفه الحاجب، وسأله عن طلبه، فأجابه بأنه يريد أن يدخل في مسابقة حزورة بنت الملك. فطلب الحاجب منه الانتظار حتى يخبر سيدته، وعندما عاد أشار له بالدخول. وتقدم الآمير يمشي الهنيهة في بهو القصر حتى وصل إلى مكان في غاية الجمال والاتقان وشاهد بنت الملك تجلس وسط خدمها على مصطبة وحولها وسائد الحرير بجميع الألوان. فركع أمامها مبجلا ونهض متواضعاً، فأشارت له أن يتقدم إلى الأمام. وعندما نظرت إلى ثيابه ووسامة وجهه أدركت بأنه من طبقة الأمراء فأشفقت عليه وقالت ماالذي جعلك تأتي إلينا أيها الشاب؟ فقال بانه خسر أهله وعائلته في بلدة بعيدة وهو الآن إن خسر رأسه غير آسف على حياته بعد أن ذهب الأحباب والأتراب. فتبسمت بنت الملك وقالت له أنصحك أيها الشاب أن تذهب ولا تضيع حياتك في سبيل هذه الحزورة. فانحنى ثانية أمامها احتراماً وتبجلاً ثم قال ياسيدتي إذا لم أحزر هذا اللغز فالأصح لي أن امضي كما مضى المئات من الناس قبلي غير مؤسوف علي. فأعجبت بكلامه ورباطة جأشه ولباقة لسانه. وتمنت في داخلها أن يحزر لغزها ويفوز. فقالت إذا كان هذا قرارك، فهلم إلى المسابقة. فوقف متحفزاً جاهزاً بكل حواسه ليصغي لذلك اللغز. فقالت هذا للغز مؤلف من ثلاث كلمات إن عرفته فزت وإن فشلت قطعت رأسك. فقال الأمير إني أنتظر ياسيدتي.
فقالت وهي ترفع اصبعها إلى أعلى : شنت منت فين؟ أصغى الأمير لكنه لم يستوعب الكلام، فهل الجملة أعجمية وهو لايتقن لغة غير لغته. فتأمل قليلاً ثم طلب منها بأدب أن تعيد عليه الحزورة مرة أخرى، فكررت شنت منت فين؟ فتأمل مرة أخرى وعرف بأنه قد فشل في الاجابة وأن مصيره قد تحدد وأن راسه سيلقى غداً على كومة الجماجم في قارعة الطريق. وكاد أن يستسلم لوهنه وقدره المرسوم، إلا أن جرأة الامارة شجعته على أن يطلب من بنت الملك أن تمهله ثلاث أيام كي يتفكر في هذه الحزورة وسيأتي بالجواب انشاء الله. فنظرت إليه المرأة وأشفقت لحاله فقالت له اسمع أيها الشاب فأنا في العادة لا أعطي أحداً فرصة فإما أن يعرف وإلا قطعت رأسه، لكني سأكون معك متساهله وأعطيك ثلاث أيام لكن بعدها حتماً سأنفذ بك حكم الاعدام إن عجزت عن هذا اللغز. فشكرها وغادر القصر.
وفي طريقه إلى الخان، فكر ماذا تكون هذه الشنت منت وقرر أن يفسر اللغز ويراقبها، فلا بد أن هذه الحزورة لها علاقة في حياتها. فتخفى في اليوم الثاني بثياب عتال أي حمّال وجلس قرب القصر ليرى من الداخل ومن الخارج. وعندما سقطت الظلمة رآى امرأه تخرج وقد غطت وجهها وغادرت القصر. فتبعها في الليل في الأزقة الضيقة حتى خرجت من المدينة واتجهت صوب البرية. وظلت تمشي تلك المرأة حتى اطمأنت أنه ليس من احد يتبعها فكشفت عن وجهها فلمحها من خلال ضوء القمر بأنها هي ذاتها، بنت الملك صاحبة الحزورة. ففرح في داخله إذ أنه سيكشف سرها. في البرية كان هناك بناءً قديماً دخلته واختفت فيه. ووقف هو متسآئلا هل يدخل ويعرّض حياته للخطر أم يرجع في اليوم الثاني ويدخل البناء قبلها. وحسم تردده وقرر الرجوع إلى الخان، فتعشى حتى شبع ثم نام مطمئن البال.
في اليوم الثاني، استيقظ باكراً، فتناول فطوره ثم وضع في جعبته رغيف خبز وغادر الخان متجهاً للمكان الذي ترك فيه بنت الملك في اليوم الفائت. ولما وصل دار حول البناء عدة مرات فلم يجد أي رائحة للانس فيه. فدخله حذراً متحفزاً فوجده قصراُ قديماً، كان في السابق ربما لأحد الامراء إلا أنه اليوم شبه مهجور. وتنقل في الغرف الكثيرة، وسمع صوتاً فيه بكاء، فاختفى وتحفز خائفاً ثم اقترب ببطء للمكان فلم يجد شيئاً يذكر. وظل يبحث عن مصدر الصوت حتى سمعه مرة اخرى، وظل يبحث في الغرفة الواسعة حتى اهتدى إلى طفلين غريبي الشكل يبكيان، وعرف أن هذين الطفلين ربما لبنت الملك. ثم فتش كل القصر فلم يجد مايثير الانتباه سوى الطفلين.وظل قاعداً حتى اقتراب المساء. ومع اقتراب المساء سمع صوتاً فيه همراً وجعراً اتياً من الخارج، فأختفى في أحد الصناديق المنتشرة في الغرفة وبدأ يراقب من خلال ثقوب في جانب الصندوق حتى شاهد غولاً ضخماً يدخل الغرفة وهو يهمر ثم أمسك بالطفلين الغريبين وقبلهما واخذ يداعبهما حتى ظهرت بنت الملك اتيه من الخارج فصاحت أين شنت ومنت فرد الغول عليها بأنهما معه . فأخذت منه الطفلين وأرضعتهما ثم اعادتهما إلى سريرهما ورمت بشالها على الصندوق الذي كان الامير (حسيم) يختفي فيه. وبعد أن انقضى الليل وبدأ الفجرينساح في البرية، غادرت بنت الملك ثم اختفى الغول في الصباح. فنهض الأمير حسيم من الصندوق وأخذ الشال ثم حمل الطفلين الشبيهين بالغول ومضى إلى خانه. فقد اكتشف السر الذي أودى بحياة المئات من البشر وانتظر حتى ساعة متأخرة من الصباح فذهب إلى قصر الملك ودعاه من خلال الحاجب إلى قصر ابنته في الوقت الموعود. وفي الظهيرة كان الملك وحاشيته في مكان صاحبة الحزورة واجتمع اناس كثير. وعندما سمح الملك للأمير بالتحدث، تقدم الأمير حسيم ثم ركع بين يدي الملك وقال ياملك الزمان، اني مستعد للادلاء بسر اللغز الذي كانت صاحبة السعادة اعطتني ثلاثة ايام كي افكر به. فقال له الملك تفضل. تقدم الأمير من الملك وسأله قبل أن يدلو بالأمان والحماية. فأعطاه الملك الأمان. ولما أخذ الأمير الأمان بدأ يتحدث قائلاً: ياملك الزمان أنا لست من هذه المملكة، لكني أحببتها وأحببت أهلها وملكها، وتمنيت انقاذ رجالها من فقدان رؤوسهم في سبيل حزورة، فأتيت مغامراً ثم سألت الله أن يعينني على حل لغز صاحبة السعادة. أولاً الشنت منت هما طفلي صاحبة السعادة وهم في هذا الصندوق، ثم فتح الصندوق وحمل الطفلين ووضعهما على ظهر الصندوق وهذا شال صاحبة السعادة تركته في قصر قديم في البرية حيث كانت تلتقي الغول هناك. ولما سمعت بنت الملك ذلك غضبت بسبب انكشاف سرها امام الملأ وهربت من المجلس. أما أبوها الملك فقد شعر بالعار وأمر بأن يحضروها مكبلة. وقال لها، تباً لك، قتلتي كل هؤلا الناس من أجل الغول وقردين اسميتيهما شنت ومنت، ثم أمر بقطع رأسها ورميه فوق كومة الجماجم. وقال للأمير حسيم أنت من الآن فصاعداً وزيري ويدي اليمنى لاتفارقني ابداً. ثم أرسل شرطته لإنتظار الغول وقتله ، وهكذا فقد خسر الأمير حسيم بلدته من الجفاف لكن وهبه الله مقاما أفضل منه لنيته السليمة وسريرته الحميدة وعاش بعدها عيشة رغيدة. وتوتي توتي بعبكم مفلوتي.
------------------------------------------------------------
كانت جدتي - رحمها الله - تروي لنا الحكايات ومن جملتها هذه الحكاية في ليالي الشتاء الباردة وقد التففنا حولها وطوقنا المدفأة التي تعمل على المازوت وابريق الشاي يتسخن على سطحها وهدير نارها يشكل صوتا موسيقيا يزيد من الحكاية متعة وجمالاً، وجدتي هذه كانت موسوعة متنقلة من الحكايات التي في غالبها عن الامراء والملوك والجنيات والغولة. تحفطها بكل تفاصيلها بما في ذلك الاشارات من اصبعها وتمثيل شخصياتها. وهذه الحكايات من المفروض أن تكون جديرة لدراسة المجتمع القديم وشكل رغباته واسقاطاته النفسية والاجتماعية وأسلوب عيشه.



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عربو الغرقان
- خوازيق
- حدث ذات مرة - قصة قصيرة
- كتاب سيكولوجيا العنف عند البشر
- سيكولوجيا العنف -4
- اسوداد الوجه-قصة قصيرة
- سيكولوجيا العنف(3)
- سيكولوجيا العنف(2)
- سيكلوجيا العنف (1)
- الأزمة
- المبعدون - قصة قصيرة
- مقاومة - قصة قصيرة
- الاخوة الاعداء - قصة قصيرة
- تخيلات عائمة - قصة قصيرة
- شالوم - قصة قصيرة
- غابة التخلف -قصة قصيرة
- حفار القبور
- الثأر والبندقية - قصة قصيرة
- الزنزانة
- مدن غير مرئية


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - شنت منت فين