أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير عادل - العلمانية بين الطبقات وتياراتها السياسية















المزيد.....

العلمانية بين الطبقات وتياراتها السياسية


سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 00:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اثير لغط كثير حول مقولة "العلمانية" وخاصة في السنوات الاخيرة بعد صعود نجم الاسلام السياسي وسيطرته على السلطة السياسية في العراق وهو النموذج الشيعي او اعلان تأسيس دولته التي تسمى ب"دولة الخلافة الاسلامية" النموذج السني. وكثيرا ما لصقت عنوة بقصد من قبل التيارات الاسلامية الصفة العلمانية بالنظام البعثي الحاكم في العراق او في سورية او نظام العسكر في الجزائر او مصر، على سبيل المثال، لتبرير هجماتها الدعائية والسياسية ضد تلك الانظمة والمطابقة او المساواة بين "علمانية" تلك الانظمة القومية وبين استبدادها السياسي، والغاية من تلك الهجمات هي وأد اية حركة سياسية واجتماعية تطالب بعلمانية الدولة.
*****
لا تعني "العلمانية" اكثر من فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم. وليس للعلمانية اية علاقة فيما اذا كان النظام السياسي قومي او دكتاتوري. ففي تركيا هناك دولة علمانية على سبيل المثال لا الحصر ولكنها دولة قومية شوفينية، وكانت الاتاتوركية اكثر التيارات السياسية التي قتلت وعذبت واعتقلت الاف الشيوعيين واليساريين تحت رايتها. كما مارست سياسة شوفينية قومية ضد الناطقين باللغة الكردية طوال عقود من الزمن.
*****
اذا عدنا الى مقدمة ما بدأنا به حديثنا بخصوص الانظمة العربية، فهي انظمة قومية عروبية ودساتيرها اعتمدت وتعتمد على الاسلام في سن قوانينها فيما عدا تونس، واليمن الجنوبية في مرحلة تاريخية معينة. لنتصفح قليلا ادبيات احد ابرز التيارات السياسية في الحركة القومية العربية وهو حزب البعث الذي حكم العراق لمدة 35 عام وما زال يحكم سورية، فأن منظره ميشيل عفلق يؤكد في كتابه في "سبيل البعث" بأنه لا يمكن الفصل بين العروبة والاسلام " الاسلام هو الهزة الحيوية التي تحرك كامن القوى في الامة العربية فتجيش بالحياة الحارة، جارفة سدود التقليد والاصلاح" ويستطرد "الاسلام تجدد العروبة وتكاملها- ...فملحمة الاسلام لا تنفصل عن مسرحها الطبيعي وهو ارض العرب، وعن ابطالها والعاملين فيها وهم كل العرب" و" الحقيقة الباهرة التي لا ينكرها الا مكابر، هي اذن، ان اختيار العرب لتبليغ رسالة الاسلام كان بسبب مزايا وفضائل اساسية فيهم" " فالاسلام اذن كان حركة عربية، وكان معناه، تجدد العروبة وتكاملها" " وطبيعي ان العرب لا يستطيعون اداء هذا الواجب الا اذا كانوا امة قوية وناهضة، لان الاسلام لا يمكن ان يتمثل الا في الامة العربية، وفي فضائلها واخلاقها ومواهبها". ويستمر عفلق في تتويج العرب عن طريق الاسلام من خلال عبارته المشهورة اذا كان محمدا هو كل العرب، فليكن كل العرب اليوم محمدا.
وعلى الرغم ان عفلق جاء بعد ساطع الحصري المعروف بفيلسوف القومية العربية، وهو اول من حاول بفصل العروبة عن الاسلام لعبور الهويات الدينية عبر نظريته كل من يتحدث العربية فهو عربي ( انظر كتابه- العروبة اولا)، ونقل مفاهيم القومية الغربية الى القومية العربية المستحدثة، واختصر القومية باللغة والتاريخ،منبهرا بالتجربة البروسية والمدرسة الالمانية. وكلا الشخصيتين انبهرا بتجربتي توحيد ايطاليا والمانيا، الا ان الحصري فشل في ابعاد الاسلام بشكل نهائي عن العروبة وخاصة عندما ترتطم الاخيرة بقومية الاستعمار الغربي. اي بعبارة اخرى ان العروبة التي جاءت في الفكر القومي لعفلق كأحدى اجنحة التيارات السياسية في صفوف البرجوازية في ما سمتها با "الوطن العربي" لم تفصل نفسها عن الاسلام، كما كان حال البرجوازية القومية في اوروبا التي فصلت نفسها عن المسيحية في نهاية القرن الثامن العشر وحيث توجت في الثورة الفرنسية عام 1789. وعلى صعيد السلطة السياسية جسدت القومية العربية نموذج عفلق للفكر العروبي الذي لا ينفصم عراه عن الاسلام.
واذا كان المنبع الاصلي "للقومية" والايديلوجية القومية وتنظيراتها الفكرية والسياسية هو اوروبا، واستطاعت البرجوزاية الصاعدة على حساب الطبقة الاقطاعية ان تفصل نفسها عن الدين وتوجه سياط نقدها الفكري والسياسي ضد المسيحية وحصونها، وتعلن ثورتها ضد الكنيسة ودك الاسس الاقتصادية التي استندت عليها وهو النظام الاقطاعي، فأن البرجوزاية القومية في العالم العربي وقعت في تناقض صارخ للبحث عن هويتها السياسية والفكرية. ففي الوقت الذي شحذت اسلحتها ضد الاستعمار مهد الفكر القومي، واجهت في نفس الوقت تحديات امام مشروعها في بناء سوق وطنية واقتصاد مستقل وشراكة غير منقوصة في النظام الراسمالي العالمي. ان احدى تلك التحديات هي النظام الاقطاعي المتحالف مع رجال الدين حاملي راية الاسلام. ان التناقض المذكور جعله اي البرجوازية القومية ان لا تحذو حذو البرجوازية في اوروبا في فصل الدين عن الدولة، بل ذهبت للاحتفاظ بالدين ومزجها بهويتها الفكرية والسياسية وحافظت على اركان الاسلام، وجعلها مادة حية في دساتير في جميع البلدان التي حكمتها " ان العرب ينفردون دون سائر الامم بهذه الخاصة: ان يقضتهم القومية اقترنت برسالة دينية، او بالاحرى كانت هذه الرسالة مفصحة عن تلك اليقضة القومية...وما دام الارتباط وثيقا بين العروبة والاسلام، وما دمنا نرى في العروبة جسما روحه الاسلام، فلا مجال للخوف من ان يشتط العرب في قوميتهم. انها لن تبلغ عصبية البغي والاستعمار" – نفس المصدر السابق- ان كل عمل التيار القومي العروبي مع الاسلام تجلى بأنه انتزع الاسلام من النظام الاقطاعي والاستعمار، وشذبه واحتفط به ووضعه في مكان بعيد عن تناول معارضيه كي يتم استخدامه فيما بعد.
ان ضعف التيار القومي العروبي على الصعيد الفكري والسياسي امام التيارات الفكرية والسياسية الاخرى وخاصة التيار الماركسي، والتيارات الديمقراطية والليبرالية القادمة من الغرب، دفعه للبحث عن مادة اخرى كي يستمد قوته منها ووقودا لديمومته ويستند عليها ويجعل هويته اكثر تماسكا. كما ان شعور التيار القومي العربي بالضعف في منافسة قومية الاستعمار التي استلهم منها فكريا وسياسيا، وبالتالي البحث من اجل الاستنهاض في مواجهة مشروعه الكولنيالي، وجد ضالته في الاسلام والذي اصبح اكسيره الابدي. فالاسلام له تاريخه من الاستعمار الذي سمي بالفتوحات لا تقل مساحته عن مساحة الاستعمار الاوربي اذا لم تكن اكبر، وله مفكريه وفلاسفته ومنظريه وفقهائه لا يقلوا مكانة ولا عدد عن مفكري وفلاسفة ومنظري الاستعمار الاوربي. اي عندما تفكر البرجوازية التي وحدت صفوفها التيار القومي العروبي في المنطقة ان يكون لها حصة مقبولة في السوق الراسمالية العالمية ولها الحق في منافسة البرجوازيات الاوربية، فأن حقانيتها تستمدها من تاريخها الذي يمتد الى عصر "الفتوحات" وليس الى عصر الاستعمار الاوربي. بمعنى اخر اصبح الاسلام جزء لا يتجزء من هوية التيار القومي العروبي الذي انفرد في حكم بلدان العالم العربي. ولذلك ان الانظمة القومية العربية مثل نظام البعث في العراق او نظام الجماهيرية في ليبيا* او حتى نظام البعث في سوريا، نظام العسكر في مصر والجزائر، وعلي صالح في اليمن.. فجميعها احتفظت بالاسلام كمادة احتياط لمواجهة اي تغييرات طارئة او ثورية وعاصفة في المجتمع. فالانظمة العربية استندت دائما على عكازتين، الاولى العروبة والثانية الاسلام. وهلم جرا فأن القومية الناصرية لم تختلف عن القومية البعثية او المسميات القومية العروبية الاخرى بشكل عام من ناحية المحتوى الايديلوجي والسياسي، وتطابقت مع فكر عفلق حول الاسلام والعروبة الذي لم يدحضه اي مفكر قومي اخر فحسب بل ذهب اغلب المفكرين القوميين اما بنقد كل نظرية ساطع الحصري حول الفصل بين العروبة والاسلام او غض الطرف عنها كي لا يصطدموا بالاسلام ويؤلبوا الاخرين على انفسهم. ومن الناحية الاقتصادية اختارت الانظمة القومية المذكورة رأسمالية الدولة التي سمتها بالاشتراكية العربية وهي لا تختلف عن راسمالية الدولة في الاتحاد السوفيتي.
*****
ففي زمن تصاعد خطورة تهديد التيار الاسلامي على السلطة، نجد تلك الانظمة تستميت بالدفاع عن الاسلام في اعلامها ودعايتها وتحريض اكثر من القوى الاسلامية المعارضة لها. واظهار الاسلام بصورة مغايرة من الجانب الفقهي والفكري والسياسي عن اسلام اخوان المسلمين والقاعدة وداعش والتيار السلفي والوهابي، ففي زمن حكم جمال عبد الناصر على سبيل المثال الذي حارب بضرواة اخوان المسلمين " تم زيادة عدد المساجد فى مصر من أحد عشر ألف مسجد قبل ما سميت بثورة يوليو إلى واحد وعشرين ألف مسجد عام 1970 ، أى أنه فى فترة حكم 18 سنة للرئيس جمال عبد الناصر تم بناء عدد ( عشرة ألاف مسجد ) وهو ما يعادل عدد المساجد التى بنيت فى مصر منذ الفتح الإسلامى وحتى عهد عبد الناصر، فى عهد عبد الناصر تم جعل مادة التربية الدينية ( مادة إجبارية ) يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقى المواد لأول مرة في تاريخ مصر بينما كانت اختيارية في النظام الملكي، فى عهد عبد الناصر تم تطوير الأزهر وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية بجانب العلوم الدينية، أنشأ عبد الناصر مدينة البعوث الإسلامية التى كان ومازال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين على مساحة ثلاثين فداناً تضم طلاباً قادمين من سبعين دولة إسلامية يتعلمون في الأزهر مجانا ويقيمون فى مصر إقامة كاملة مجانا أيضا ، وقد زودت الدولة المصرية بأوامر من الرئيس عبد الناصر المدينة بكل الإمكانيات الحديثة وقفز عدد الطلاب المسلمين في الأزهر من خارج مصر إلى عشرات الأضعاف بسبب اهتمام عبد الناصر بالأزهر الذى قام بتطويره وتحويله إلى جامعة حديثة عملاقة تدرس فيها العلوم الطبيعية مع العلوم الديني، .أنشأ عبد الناصر منظمة المؤتمر الإسلامى التى جمعت كل الشعوب الإسلامية، فى عهد عبد الناصر تم ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم، فى عهد عبد الناصر تم إنشاء إذاعة القرآن الكريم التى تذيع القرآن على مدار اليوم، فى عهد عبد الناصر تم تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى فى التاريخ وتم توزيع القرآن مسجلا فى كل أنحاء العالم، فى عهد عبد الناصر تم تنظيم مسابقات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية، والعالم العربى ، والعالم الاسلامى ، وكان الرئيس عبد الناصر يوزع بنفسه الجوائز على حفظة القرآن، فى عهد عبد الناصر تم وضع موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامى والتى ضمت كل علوم وفقه الدين الحنيف فى عشرات المجلدات وتم توزيعها فى العالم كله، فى عهد عبد الناصر تم بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية فى مصر وتم افتتاح فروع لجامعة الأزهر فى العديد من الدول الإسلامية، سجلت بعثات نشر الإسلام فى أفريقيا وأسيا فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر أعلى نسب دخول فى الدين الإسلامى فى التاريخ، حيث بلغ عدد الذين اختاروا الإسلام دينا بفضل بعثات الأزهر فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر 7 أشخاص من كل 10 أشخاص وهى نسب غير مسبوقة و غير ملحوقة فى التاريخ حسب إحصائيات مجلس الكنائس العالمى ، فى عهد عبد الناصر تم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات، وأقيمت مسابقات عديدة في كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن الكريم، وأهديت إلى البلاد الإسلامية وأوفدت البعثات للتعريف بالإسلام في كل أفريقيا و أسيا، كما تمت طباعة كل كتب التراث الإسلامية في مطابع الدولة طبعات شعبية لتكون في متناول الجميع، فيما تم تسجيل المصحف المرتل لأول مرة بأصوات كبار المقرئين وتم توزيعه على أوسع نطاق فى كل أنحاء العالم . وكان جمال عبد الناصر دائم كان حريصاً أيضاً على أداء فريضة صلاة الجمعة فى المساجد". عمرو صايح- كاتب وباحث مصري والمصادر التي اعتمدها (عبد الناصر والإخوان المسلمين : عبد الله امام، الدين والدولة والثورة : رفعت سيد أحمد، النبى والفرعون : جيل كيبل، المؤامرة ومعركة المصير : سعد جمعة، تقرير مجلس الكنائس العالمى لعام 1974، تقرير الحالة الدينية فى مصر عام 1982).
وفي زمن تراجع وهزيمة التيار القومي العروبي في حزيران 1967 والاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982 وحرب الخليج الثانية 1991 واخرها احتلال العراق 2003 يظهر الاسلام راية للانظمة القومية العربية، فبعد هزيمة العراق امام التحالف الدولي بقيادة امريكا في الحرب الخليج الثانية نحت على علم العراق عبارة "الله اكبر" واصدر نسخة جديدة للقرآن كتبت حروفه بدم صدام حسين، واعلن الحملة الايمانية عام 1996 وشيدت عشرات الجوامع والمساجد على طول العراق وعرضه ولقب الرئيس بالمجاهد المؤمن او امير المؤمنين او امير المجاهدين.
وهكذا يظهر بشكل جلي ان قومية الامة العربية في "الوطن العربي" تمتلك رأسين، مرة تظهر برأس عروبي واخر تطل على المجتمع برأس اسلامي حسب الظروف والاوضاع السياسية. وعندما تهزم القومية العربية سياسيا وعسكريا امام مشاريع الغرب "الاستعمارية" فتترك المكان الى الاسلام كأيدلوجية وكحركة سياسية. فأما تستخدم مادتها الاحتياطية** او تحل محلها الحركات والتيارات الاسلامية. وليس داعش الا مشروع اقيم على انقاض المشروع القومي العروبي المهزوم.
فلا عجبا عندما نجد دساتير جميع البلدان العربية تحوي اما عن الاسلام مصدر التشريع او احد مصادر التشريع او المصدر الاساسي في التشريع، الى جانب ان الدين الرسمي للدولة هو الاسلام.
*****
ان البرجوازية في اوربا رفعت راية العلمانية ونجحت في اقصاء الكنيسة والدين عن حياة المجتمع في القرن الثامن عشر، بيد انه من السذاجة الاعتقاد او التعويل على البرجوازية في المنطقة العربية ان تحذو حذو البرجوازية في اوربا. فبالعكس ان البرجوازية في المنطقة تراجعت خطوات الى الوراء لتكف ان ترفع راية الاسلام*** ولتحل بدل عنها الراية الطائفية. لقد اصبحت الطائفية هي جزء من ايديلوجيتها في صراعها مع بقية الاجنحة التي في صفوفها. فالطائفية هي تعبير عن الانحطاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبرجوازية القومية العروبية في المنطقة.
*****
اما فيما يردد البعض بأنه من الممكن ان ترفع الطبقة المتوسطة راية العلمانية، فهو الاخر تصور غير واقعي. فالطبقة المتوسطة تآكل وضعها الاقتصادي وحتى الفيزيقي بسبب التحولات الاقتصادية والتغييرات السياسية والظروف الامنية في المنطقة. فالمحامي والطبيب والمهندس والحرفي والمدرس...الخ هم جزء من الشرائح الاجتماعية الاخرى في المجتمع التي تأثرت بفعل الاوضاع السياسية. اي ان الطبقة المتوسطة لا تمتلك لا الثقل الاقتصادي ولا الثقل السياسي في المجتمع. وان وجودها الوحيد هو على صعيد النخب المثقفة التي انقسمت على نفسها وخاصة بعد غزو واحتلال العراق، فمنها من انظمت الى جوقة عازفي الديمقراطية على يد المارينز الامريكي وسرعان ما اصبحت مذهولة ومصدومة من تسارع الاحداث في العراق والمنطقة وتحاول جاهدة ان ترى اكثر من وقع اقدامها دون جدوى، ومنها من وقفت مشدوهة دون اي حراك، يجرفها ذاك الحدث او هذا دون ان تعرف مصيرها.
*****
ان الطبقة الوحيدة التي لها مصالح حيوية وحساسة في فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم، في ان تكون هوية الدولة علمانية، هي الطبقة العاملة. فشروط وظروف عملها تفرض عليها ان توحد صفوفها تحت راية واحدة. ان العامل المصنف السني او الشيعي او المسلم او المسيحي او الصابئي.. لا يعنيه ان كان رب عمله او مجلس ادارته من السنة او الشيعة او من التصنيفات الدينية الاخرى.. فالكل يعتمد في انتزاع ارباحه من عرق العمال وكدهم. فعلى سبيل المثال ان من يدير شركة نفط الجنوب هم من اعضاء التحالف الشيعي الحاكم، وانهم متحالفين مع الشركات الاجنبية مثل البي بي البريطانية واكسيون موبايل وشيفرون الامريكية وبترو جاينة الصينية ولك اويل الروسية وتوتال الفرنسية... في استغلال العمال اكثر ما يمكن لرفع ارباح تلك الشركات. ان ادارة شركة نفط الجنوب تقدم خدمات شبه مجانية وتعمل كأداة قمعية ضد عمال شركة نفط الجنوب الذي يصل عددهم الى 28 الف عامل. وفي نفس الوقت تحاول نشر الطائفية والكراهية الدينية في صفوف العمال بالتنسيق والتعاون بين القوى الاسلامية المختلفة من خلال تشكيل اتحادات او نقابات طائفية ونشر الدعايات في صفوف العمال لجرهم الى المناسبات الدينية الطائفية عن طريق منح العطل وفي نفس الوقت استمرار الاجور دون قطعها اذا اشترك العمال في تلك المناسبات...الخ. ان الشغل الشاغل لادارة الشركة هو تفتيت صفوف العمال ووحدتها. وهكذا يشمل هذا المثال على صعيد العمال في العراق برمته.
ان الطبقة العاملة في العراق وحتى في المنطقة لها مصلحة مباشرة في رفع راية العلمانية في نضالها السياسي والعمل على فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم. لانه ببساطة ان عدو الطبقة العاملة هي الطائفية والدين وان جميع اجنحة البرجوازية مختلفة على كل شيء الا انها متفقة على تفتيت وحدة العمال ودك اسفين في صفوفها. وعليه ان اكثر التيارت حزما كما يقول ماركس هو التيار الشيوعي في صفوف الطبقة العاملة، فعلى الشيوعيين ان يدركوا هذه الحقيقة ويسلحوا العمال بها، بأن الدين والطائفية العدو الاول الذي يقف عائقا امام تطور نضالات العمال. وليس هذا فحسب، بل امسى الاسلام السياسي برمته عامل تفرقة ونشر الكراهية في صفوف المجتمع، عامل عدم الاستقرار، عامل السلب والنهب طوال هذه السنوات. ان الطريق لاقصاء الاسلام السياسي من حياة المجتمع هو في رفع راية العلمانية على الدولة. ان بديل الدين والطائفية في العراق هو العلمانية، هو فصل الدين عن الدولة.
• يشار ان فلم "الرسالة" وهو اكبر فلم دعائي اسلامي انتج في اوج الحرب الباردة الذي اخرجه مصطفى العقاد وكرم في مهرجان دمشق وحلب ومول ماديا من قبل نظام القذافي "العلماني" حسب وصف التيار الاسلامي له وقدر ميزانية الفلم ب 10 ملايين دولار انذاك في عام 1976.
• ** جميع الخطب والكلمات لزعماء وملوك وقادة الانظمة العربية والبيانات السياسية تستهل بعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم".
• *** بعد سقوط النظام البعثي في العراق على يد الاحتلال الامريكي، تشكلت جبهة الجهاد والتوحيد الذي اصبح رئيسها عزت الدوري الامين العام الجديد لحزب البعث بعد اعدام صدام حسين. وتشكلت عشرات المنظمات تقاتل الاحتلال واغلبها حملت عناوين واسماء اسلامية، مثل الجيش الاسلامي وجيش محمد وجيش عمر وجيش السنة والصحابة...



#سمير_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتجاجات الى اين؟
- الاحتجاجات بين فكي قم والنجف
- قانون حظر الاحزاب والطريق الى الاستبداد السياسي
- تقديس العفوية ومعاداة التحزب، سياسة تبغي من ورائها خدمة السل ...
- رسالة مفتوحة... مهدي الحافظ ومشروعه الكاريكتيري
- مقتدى الصدر.. القوة الأحتياطية المعادية للأحتجاجات الجماهيري ...
- كم دخل في جيب المواطن من اصلاحات العبادي!
- في بلد الحريات تتحولون الى كاريكتير دكتاتوري
- اوهام حول العبادي و....
- حذار من الاوهام
- ميليشيات التحالف الشيعي ولعبة كسر العظم
- اردوغان يحاول انقاذ ما يمكن انقاذه
- اسلاميي كردستان بين الفضائيين وضحالة التفكير
- -جماعتنا- قتلت منا ودمرت منازلنا فماذا عن -جماعتهم-!!.. هذا ...
- كلمة -لا- والوسائل السلمية القذرة للطبقة البرجوازية
- لا مكان لداعش ومؤيديه في المجتمع.. علينا تطوير وسائلنا النضا ...
- داعش والقوة الثالثة
- سعر الدولار بين سلطة المال ومال السلطة
- في ذكرى سقوط الموصل.. الرمادي تتبعها
- اردوغان لم يسعفه القرآن والعدالة والتنمية فشل في ان يحل محل ...


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير عادل - العلمانية بين الطبقات وتياراتها السياسية