أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى آني - حمل الرجل














المزيد.....

حمل الرجل


مصطفى آني

الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 20:26
المحور: الادب والفن
    


مصطفى آني حمل الرجل
رجلٌ في الاربعين من عمره يقابل رأس ماله المفروش أرضاً على رصيف طريق مزدحم وسط تلاطم أمواج الناس جيئةً وذهاباً وهو لا يتوقف عن الصياح إلا نادراً وبلغات عدة يَشهر بضاعته تارةً ويمدحه بلسان طري تارةً أخرى وإن بضاعته ماركة عالمية حيث جلبه من دول بعيدة دون أن يذكر من أي أسم البلد ؟ لإنه يعلم إن معظم المواد المستهلكة في اسواق مدينته آتية من دولتين جارتين سيئتا الصيت .
تعب من الوقوف والصياح فجلس على حافة الرصيف يراقب الناس ينظر إلى بضاعته بنظرات حزينة ويصفف بعض قطعها بحركات يائسة يُخرج سبحته الطويلة من جيب شرواله يقلبها يمنة ويسرة ثم يلفها على سبابته مرات ومرات ثم يتوقف عن الحركة ويغوص في التفكير بوطنه الذي لم يستطع ان يوفر له مكاناً يفتح بابه في الصباح ويغلقه في المساء رغم إنه فقد أخ له في الحروب الكثيرة الذي خاضته بلده المحرر للتو من غطرسة الاعداء فأتوا الأقرباء يلبسون عباءات الامل والحياة المزعومة ! فقد تعب ظهره من الحمل يومياً إلى البازار وهو حاملاً على ظهره بضاعته المشؤومة.
يلمح سيارة لشرطة من بعيد فلم يغر أي أهتمام لهم وكنت أظنه بإنه سيحمل رزق أولاده المنتظرون بعودة أب يائس ، يستدير ظهره لهم فتعلم حينها بإن المطعون بصمت لا يهاب أزيائهم ولا هيئات سياراتهم ولا ألوان رتبهم المستوردة من بلدان لا نعرفها سوى بالأسماء والعداء او بالأفلام الإباحية المصدرة لنا ؟! ونحن نقضمها بنهم .
وإن أحلامه الوردية أجُهضت على صدر الأرصفة التي كلما باع قطعة من بضاعته يضيع منه حلمٌ كان يبني أساسها من دموع اطفاله الباكون ، وأم أولاده الوحيدة التي لقت في هذا الرجل فارس أحلامها وملك زمانها فحل الأطفال محل احلامها فتلعب معهم لتنسى ينابيع السراب المغشوشة أما هو فمازال مكباً على زبائنه يجادل أحدهم ويقول له إن لم يعجب الاهل بلونه او إذا لم يصلح لهم قياسه فعيد لي هذا محلي وأنا هنا يومياً .
قهقه الزبون من كلامه وأخذ يردد كلمة محل مرات عديدة وقال وأي المحل تقصد وهل الرصيف محل ؟؟!!!!.
تسمرالرجل في مكانه حس بإهانة كبيرة وصفعة لا مثيل لها من إنسان مثله ! حرك رأسه بالقبول تراجع خطوتين جلس بجانب حافظ المياه أتكأ عليه بيده اليمنى تشرد فكره أكثر فأكثر حتى بقي لم يبالي بزبائنه السائلين عن أسعاره بضاعته !.
أخذ فكره يخيط بمغزل آخر وإن الانسان هو نفسه كالبلابل من صنف واحد ولكن ربما تختلف ألحانهم أو كورود ذات ألوان مختلفة فإنهم يزهرون في الفصل نفسه ويزبلون بالطقس نفسه لكن ربما تختلف الوانهم هم الاخر أيضاً أو كشجرة فارعة من غابة كبيرة فإنهم مشتركون بالخضرة والعطاء والمكان وإن أختلف ثمارهم فهؤلاء هم كالانسان مباشرة وإن أختلف الناس عن بعضهم باللغات أو بلون او بالاعتقاد فتبقى البسمة البادية على افواه جميعهم هي عنوان فرحهم ودمع عنوان حزنهم وإن بقي الحزين صامتاً لم يتكلم .
عاد إلى حاله بعد رحلة منشطة ولكي يزيل آثار الزبون السلبية على نفسه البائسة سابقاً ، ينهض مجدداً بنشاط أكبر يبحث عن الزبائن الذي بالقريب كان يتجاهلهم يجلبهم من الطرف الثاني لشارع ناسياً كلام ذاك الزبون الفض وإن الانسان لابد ان يختار عطر الذي يناسبه ويسد شمه لروائح التي تزعجه حينها بدأ الشمس بالأفول فجمع بضاعته كالعادة وحمله على ظهره وذهب ليشتري إحتياجات منزله فإن أتراحه بإنتظاره فمن أجلهم يقفز قفزات رياضية على عرقلات زبائنه ولتبقى الضحكة ثابتة على ثغرهم الجميل والبريء .
مصطفى آني / سليماني 2015/9/20



#مصطفى_آني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آراء مهندسو إعادة إعمار - كوباني
- أصابع الشرف
- ثوريو البارحة يطلقون النار على ثورة اليوم
- كوني لي وطن
- تتهاوى الكردياتية
- قنديل والعرش العظيم
- كوباني عاصمة الخلافة
- أريدك طقساً خامسا
- الثورة نار
- سئمنا منكم
- أيام خلت وأتت
- مطلب القلم
- اي شهيد
- كوردستان حقيقة
- غريبا امرك ياسياسة
- جانب من التضامن العربي
- جيوش المتعاركة
- ماذا يريد الاحزاب الكوردية من الشعب :


المزيد.....




- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى آني - حمل الرجل