أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الجيكولو في مخالب المتعة















المزيد.....

الجيكولو في مخالب المتعة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 02:02
المحور: الادب والفن
    


لم تكن القصة الإطارية شكلاً جديدًا من أشكال الأدب، فلقد عرفناها في "ألف ليلة وليلة"،و "حكايات كانتربري" و "الديكاميرون" وسواها من الأعمال الأدبية المعروفة. غير أن ما يميّز رواية "مخالبُ المتعة" للروائية المغربية فاتحة مرشيد هو تعدد القصص الإطارية من جهة، وتعدد القصص المتوالدة عن الشخصيات السبع الرئيسة في الأقل. وإذا كانت الحكاية الإطارية في "الليالي العربية" تتمحور على فكرة الخيانة الزوجية التي تقوم بها زوجتا الملكين الشقيقين شهريار وشاه زمان مع عبيدهما في أروقة القصر وغُرَفه السريّة فإن الحكاية الإطارية في "مخالب المتعة" تتناسل إلى حكايات إطارية متعددة أول الأمر مثل البطالة، والدعارة الرجالية، والحُب الروحي وما إلى ذلك، ثم تتوالد عن هذه الحكايات الإطارية قصصًا ثانوية لا تشذّ كثيرًا عن القصص الأُم.
لابد من الإشارة إلى أن فاتحة مرشيد قد تناولت موضوعًا جديدًا في هذه الرواية وهو "بيع الهوى" من جهة الرجال هذه المرّة، وأن البطل هو"بائع هوى" بامتياز، ويسمى بالإنكَليزية Gigolo وهو غالبًا ما يكون شابًا وسيمًا يتقاضى على مهنته أجرًا مُجزيًا من نساء ثريات، وكبيرات في السن.
تبدأ الرواية بشخصية أمين العبادي الذي تخصص في التاريخ والجغرافية لكن لم يجد وظيفة فانضمّ إلى جيش العاطلين عن العمل في المملكة غير أن صديقه عزيز البوكَوص اقترح عليه أن يتخصص بجغرافية النساء وما تنطوي عليه من جبال وهضاب ومغاور بدلاً من أن يمدّ يده كل يوم إلى شقيقته فاطمة التي تعمل في صالون للتجميل. لقد عرض عليه عزيز أن يعمل "بائع هوى" ويتقاضى أجورًا مغرية حيث عرّفه على منجم صغير من النساء الثريات مثل ليلى وبسمة كما أتاح له معرفة الشخصيات الأخر التي تتحرك على مدار النص كالنادلة ميمي، والرسّام إدريس، وسائق التاكسي مصطفى وسواهم من الشخصيات التي تصلح لأن تكون قصصًا إطارية تتناسل منها العديد من القصص الثانوية التي تؤثث خريطة النص الروائي.
على الرغم من أنّ أمين العبادي هو الشخصية الرئيسة التي لا تختفي على مدار النص وسوف يجد في النهاية عملاً بناءًا على الرسالة التي تركتها بسمة بعد رحليها النهائي إلى كندا إلاّ أن هذه الشخصية ليست مهيمنة تمامًا لأن هناك منْ يقترح، ويحرّض، ويستفِّز وهو "الجيكَولو" عزيز البوكَوص الذي سيسرد لنا حكايته بتقنية "الراوي المُلتبِس" ويكشف عن طفولته وصباه وشبابه قبل أن يصبح "بائع هوى"، ويتحول إلى مجرد آلة جنسية لا غير! إنه، باختصار شديد، مُفعِّلٌ للأحداث ومنفعِلٌ بها.
تكشف القصة الثانوية التي باح بها عزيز عن طفولة مُستلَبة، فقد انفصل أبواه وهو في التاسعة من عمره. وتزوجت والدته من شاب أعزب بعد انتهاء العُدّة مباشرة، فيما اقترن والده السي علال بطالبة كانت تدرس في المدرسة التي يعمل فيها حارسًا. وكان يغار عليها من ولده الوسيم الذي ضبطة ذات يوم وهو يتلصص على مفاتنها العارية في الحمّام فطرده من البيت إلى الأبد. ثم انتقل إلى العيش مع والدته وتحمل عجرفة زوجها لثلاث سنوات قبل أن ينتقل إلى الرباط، ويتخرج ثم يسافر إلى ألمانيا مع فتاة أغرمت به في المغرب، لكن هذه الفتاة سرعان ما اكتشفته في وضع مريب مع أختها فألغت فكرة الزواج وتركته يعود إلى المغرب بخُفيّ حُنين. تُرى، هل يبحث شاب بمواصفات عزيز عن حُب حقيقي إذا كان يتلصص على زوجة أبيه، ويعاشر أختين ألمانيتين في آنٍ واحد؟ وهل يمكن لهذا الشاب أن يتجاوز على الاتفاق المُبرم بينه وبين ليلى وينتقل من حالة الإمتاع الجسدي إلى الحُب الروحي؟ الجواب هو كلا بالتأكيد، وهذا ما تؤكدة القصة الثانوية التي سردتها ليلى لعزيز أولاً ولأمين لاحقًا. فلقد كانت ليلى ضحية لزوج أمها الذي كان يغتصبها منذ سن السادسة وحينما امتنعت زوّجها إلى رجل ثري يكبرها بثلاثين سنة! لا تستطيع ليلى أن تمارس الحُب مع رجل كبير سنًا لأنه يذكِّرها بزوج أمها. كما أنها لا تطيق حُب التملك، وأكثر من ذلك فإن مدة صلاحية العلاقة قد انتهت، فلاغرابة أن تنفض يدها منه، لكنه يقتلها طعنًا بالسكين ثم يسلّم نفسه للشرطة.
يسقط أمين في شِباك المتعة الروحية التي تلهث وراءها بسمة حيث تضرب له موعدًا في غرفة بفندق فخم وتخبره منذ اللقاء الأول بأنها لا تبحث عن الجنس، ولن تمارسه مع رجل غير زوجها، ولكنها تحتاج إلى صديق يتحول إلى أذن صاغية، وصدرٍ حنون يغمرها بعاطفة سامية كي لا تموت حزنًا. كان الحنان في عُرفها مسموحًا، والشهوة محظورة فينبغي عليه أن يتحكم بنزواته الجسدية ويكتفي بما تجود عليه من حُبٍ عذري.
يمكن اختصار قصة الثانوية بأن زوجها كان السبب في غرق ولدها لأنه اقتنى له زلاجة مائية. ثم يقرر هذا الزوج الرحيل إلى كندا فتلتحق به بعد أن تترك لأمين رسالتين، الأولى له وقد أخبرته فيها بأن ليلى قد أحبت عزيزًا بكل جوارحها، وقد شعرت بضعف شديد تجاهه فدفعته لكرهها بكل السبل، وأن ذهابها إلى العشيق المزيّف فرانسوا هو مجرد وسيلة للتحرر من حُب عزيز. أما الرسالة الثانية فهي موجهة إلى مدير المعهد العالي للتكوين ليستلم تعيينه هناك ويواصل دراسته العليا في ظروف مادية أفضل. لقد كانت بسمة ميتة بعد وفاة ولدها لكن علاقة أمين الروحية بها أثبتت لها أنها ما تزال حية، وسوف تعيش على ذكراه.
ربما يكون الرسّام إدريس هو النموذج الأفضل للقصة الإطارية بوصفه معلم رسم، ومبدع محتفٍ بعزلته الأبدية حيث يسرد لنا قصة تعلقة بالمرأة العراقية بلقيس التي هرب زوجها من قمع صدام حسين، ثم عاد بعد سقوط بغداد تاركًا إدريس يرسم وجهها مئات المرات كي لا ينسى معالمه خصوصًا وهي التي أحبته كما لم تحبه امرأة أخرى من قبل. ثم يروي لنا قصة الرسامة الموهوبة التي اشتهرت وأثْرتْ ثم أقدمت على الانتحار لأن ناقدًا فنيًا لم يُمسك بفرشاة في حياته قال إن لوحاتها "ينقصها العمق" ! أما القصة الثالثة والأخيرة فهي قصة أحمد الذي حلم بزيارة الهند والتعرف على تاج محل لكن أبناءه حجروا على أمواله فمات في بين صفوف الكراسي في سينما النور مع علبة المهدئات التي كانت بحوزته.
لا تخلو أية شخصية من قصة فرعية فميمي أحبت سائقًا وأعطته أساورها، واستلفت له نقودًا لكنه هرب في نهاية المطاف تاركًا لها ورقة الطلاق، ومع ذلك فقد اتجهت بقلبها صوب عزيز المنغمس في مسراته اليومية.
أمين هو الآخر كان يحب أحلامًا من طرف واحد حيث لجأ إلى مراسلتها باسم مستعار هو ربيعة المريني لكن أحلامًا أخبرته بأن الحُب لا يحتاج إلى كل هذا التعقيد واللف والدوران.
تُعدّ نهاية "مخالب المتعة" من أجمل النهايات الرمزية فلقد جلب أمين لوحة من لوحات إدريس الجميلة كي يقدّمها هدية إلى بسمة لكنها لم تكن هناك وإنما في جوف الطائرة التي سوف تقلها إلى كندا. احتضن لوحة إدريس وخرج وفي جيبه رسالة وداع وتوصية شغل.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائية العراقية سميرة المانع تترجم صباح الخير يا منتصف الل ...
- قنبلة المخرج الأميركي رَشمور دينُويَر
- بانتظار مامو. . . البطلة التي أخرجت 100 طفل من السجون النيبا ...
- المخرج جوناثان هالبرين وموت عقد الستينات
- محاكمة الفكرة المستحيلة في ليلة الهدهد
- ومضات من السيرة الحياتية والشعرية لديلِن توماس في شريط سينما ...
- رسائل حُبٍّ للرجال العظماء
- الليالي العربية في الخطاب البصري الغربي
- الفن الفقير
- ديمومة الملاحم في الذاكرة الجمعية
- أفلام الطبيعة
- هل الفنان الغرافيتي مُشوّه للجمال؟
- موت السلطة اللاهوتية في العقل الجمعي العراقي
- معاناة المسلمين الأيغور
- فيلم امرأة من ذهب لسايمون كيرتس
- الخامسة علاوي ومقترح الأدب الجغرافي
- -الولد الشقيّ- الذي يحمل مفاجآته معه أينما حلّ أو ارتحل
- الولد الشقيّ الذي يحمل مفاجآته معه أينما حلّ أو ارتحل
- انهيار الجلاد وانتصار الضحية في ثاني أفلام المخرجة أنجلينا ج ...
- تجنّب عادة الاستظهار واللجوء إلى تحليل القصائد


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الجيكولو في مخالب المتعة