أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - الطبيب المريض














المزيد.....

الطبيب المريض


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4929 - 2015 / 9 / 18 - 01:45
المحور: الادب والفن
    


التـقاها يوما امام الباساج الذي يتـقاطع عليه طريقين احدهما يتجه الى الشمال و الاخر الى الجنوب. طريق الحكمة القديم و طريق امتصاص الدماء الحديث. كانت واقـفة بتـنورتها السوداء القصيرة. ساقان عاجيتان لذيذتـان و شعـر كستـنائي غامق اللون يتهادى على كـتـفيها. اول حركة جريئة يقوم بها في حياته اوقـفـت السيارة بجانبها فصعدت دون اي كلمة و اكـتـفـت بالعلامة على الزجاج الامامي للسيارة و التي تـفيد انه طبيب.
بسهولة تامة استدرجته الى بيتها الفقير ليخطبها من والدها الذي يشتغل حارسا في احدى الشركات. يأخذها من البيت و يرجعها متى يشاء. الاب مبهور بالطبيب ابن العائلة اضافة الى قوله عن ابنته انها "تـدوخ بلد".
مكنـته من القبل في فمها و من مداعبة ساقيها في السيارة و هو الامر الذي جعله يستهجن حياته السابقة. لم يكن يتحدث كثيرا عن حياته المهنية. سألته في آخر لقاء بـينهما عن المال و الواجب الإنساني فقال بكل بساطة دون ان يدرك تـداعيات كلماته الصادمة.
"نحن الاطباء نزيل الالم و مهما كان المريض فقيرا فانه ينزل النقود من السماء ليتخلص من الالم"
قالت :
- يعني تـتاجرون بآلام الناس..
ابتسم و قال:
ـ مثل كل الاعمال.
ـ لكن الطب مهنة انسانية.
ـ طبعا. الطب يخلص الانسان من الالم اما بالشفاء او الموت.
و يضحك. قالت بنبرة حادة:
ـ هل قرأت لابن سينا و الرازي و ابن نفيس و ابن رشد اي فلسفة الطب؟..
قهقه و قال:
ـ انت تبحثين عن الحكيم و ليس الطبيب. نحن مجرد حفظة لا نفكر و انما نأخذ ما توصل اليه العالم. الاسماء التي ذكرتيها لا تعني شيئا اليوم سوى رفعها كعناوين للمصحات او الاقـسام.
قالت :
ـ يعني انت مجرد ميكانيكي ، تـنظر الى الانسان كسيارة و لا تدفع الضرائب و تعيش على حساب المجموعة الوطنية بضمير هادئ.
ـ دعينا من هذا التـفـلسف. انا طبيب و كفى اما عن العلاج المجاني الذي تـتحدثين عنه فهذا شأن الدولة و ليس شأني...
لم يكن قادرا على فصل نفـسه عن جسدها، كما لم تخطر بباله من قبل امرأة تـفكر و تعتـقد في افكار انسانية. لم يكن يدرك ان جذوته قد انطفأت لديها. لم يدرك ان قـناعاته الراسخة تلك التي تستـند الى واقع فاسد اكبر منه هي بالذات ما رسمت صورته في وجدانها ككائن حقير. انقـشع بهرج الطبـيب و العائلة النبـيلة التي ينحدر منها، و ارتـفعت بالمقابل بساطة ابيها العامل و عقـلها الذي يضج بالأفكار الانسانية. حسمت امرها مع حلم الزواج الهانئ و السيارة و الرفاه المادي.
كانت هي تبحث عن اللحم الذي يكسو عظامها. الرفاه المادي لكائن جميل مثـقـف "يدوخ بلد". اما هو ففي حقيقة الامر كان يبحث عن مغامرة عاطفية مع فتاة فاتـنة تـلبس التـنورة القصيرة، ليتباهى بها و يغطي على جفافه المزمن و تخـشبه الدائم حتى مع مرضاه. كان هو يبحث عن ثوب جميل يزين به كيانه الباهت.
و ادخله فـقـدانها في جوف السعير. اما هي فـقد ارجعها ابتعادها عنه الى صديقها الذي تسميه بالفيلسوف الصغير. انه عازف الكمان و القيثارة. فنان حر متـشرد يعـيش الجمال..
حكت له عن تجربتها مع الطبيب فقال بضحكة عارمة و قـد بلغت به نـشوة مخدر الزطلة الى اعالي السماوات :
ـ غريب ان يـبحث الانسان عن مداواة الالم عند الاطباء. انهم ضفادع. الشفاء من الروح. الشفاء على انغام القيثارة و الكتاب المذهل و الثورة الدائمة..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الادب و الثورة
- انتصار الجبهة الشعبية لصالح الديمقراطية الحقيقية
- اقرا باسم ربك
- مشروع قانون للمصالحة ام للقمع في تونس ؟
- الدماء المراقة بين ارسطو و ابن رشد
- تساؤلات الى العراقيين
- مدينة العشق
- اليسار بين الانساني و السياسي
- الإشفاق على الذات
- نسبية القرآن
- ما اروعك يا ناري المقدسة
- مطرقة النقد لفتح ابواب المستقبل العربي
- الجسد المقبور
- رؤية في تحديد مسار الثورة
- إنتصار الموت في تطاحن الأموات
- المفكر التونسي -يوسف صديق- يدعو الى الغاء وزارة الشئون الدين ...
- حديث الباب
- مقهى الشعب
- في ذكرى اغتيال الحاج -محمد البراهمي-
- المنبتون يهددون الثورة


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم بن محمد شطورو - الطبيب المريض