أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - 2016 سنة الاحتقان أم سنة تنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي















المزيد.....


2016 سنة الاحتقان أم سنة تنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 4928 - 2015 / 9 / 17 - 19:10
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


أجرت الصحافية بجريدة المنعطف السيدة بشرى عطوشي حوارا مع عبد السلام أديب جاء كما يلي:

حسب تقرير صندوق النقد الدولي الأخير والذي أوصى من خلاله المغرب بضرورة الإسراع في اعتماد آليات الضريبة وتقليص الإنفاق العام والتحكم بمصاريف القطاع العام ووقف التوظيف إلا للضرورة، وبهدف تحقيق نمو أعلى ومعالجة الخلل الاجتماعي الذي قد يشكل تهديداً على المدى المتوسط. ومن جهة أخرى حث صندوق النقد الحكومة على ضرورة إصلاح أنظمة التقاعد ورفع الدعم عن الأسعار، وذلك عبر إصلاحات مالية عاجلة، في الوقت الذي كشف الصندوق أن التدفقات الاستثمارية بالمغرب تراجعت عن السنوات الفارطة، كما أكد أن أداء اقتصاد المغرب سيشهد، رغم ذلك، تحسنا طفيفا، متوقعا أن تتجاوز نسبة النمو هذه السنة أربعة في المائة، وذلك على خلاف باقي بلدان المنطقة المغاربية حيث توقع نسبة نمو ضعيفة في كل من تونس والجزائر وليبيا.

الأستاذ الكريم من خلال ما سبق يتضح أن الحكومة وفي آخر سنة من ولايتها مصرة على أن تجعل من 2016 سنة صعبة بتنفيذها لمخططاتها المتعلقة برفع ما تبقى من دعم عن كاهل صندوق المقاصة ، وذلك المتعلق بإصلاح التقاعد ، وعلاقة بهذا تقبلوا دعوتي باستضافتكم في صفحة قضية ورأي من خلال الحوار التالي :

• ما هو تأثير الاقتراض من صندوق النقد الدولي على استقلالية القرار الاقتصادي والمالي للحكومة المغربية ؟

** هناك جواب بديهي وحيد على هذا السؤال، وهو ان الاقتراض من صندوق النقد الدولي يفقد استقلالية القرار الاقتصادي والمالي للحكومة المغربية. لكن ما يخفيه السؤال من اسئلة أخرى مرتبطة به وأيضا انواع الاجوبة التي يمكن التقدم بها هي ما يمكن من النفاذ الى جوهر السياسة العمومية في المغرب وفهم قوانينها، والتي تفسر من جهة حجم التناقض والتفاعل القائم في العلاقات بين التحالف الطبقي الحاكم في المغرب والرأسمال المالي العالمي وأيضا حجم التناقض والتفاعل القائم بين هؤلاء والطبقات الشعبية المستغلة، الوسطى والعاملة.

ومن بين الاسئلة المهمة التي تجب الاجابة عليها: لماذا هذا اللجوء المتزايد الى الاقتراض الخارجي رغم كونه ظل يشكل شبحا اسودا في تاريخ الشعب المغربي؟

فمن خلال الاقتراض الخارجي أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين أخضع الشعب المغربي للتبعية للدول الدائنة ثم للاستعمارين الفرنسي والاسباني. ثم من خلال هذا النهم للاقتراض الخارجي منذ اواسط عقد الستينات الى غاية نهاية عقد السبعينات من القرن العشرين، انبطح الشعب المغربي كلية جراء تفاقم المديونية الخارجية لإجراءات التقويم الهيكلي نتيجة عجزه التام عن سداد خدمات هذه المديونية التي كان يفصلها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي على مقاس تغلغل الشركات متعددة الاستيطان في بلادنا وسيطرتها على كافة مقدرات البلد الاقتصادية خلال عقدي الثمانينات والتسعينات، وبالتالي تم اخضاع الجماهير العمالية والطبقة الوسطى الى كافة أنواع الاستغلال المزدوج الخارجي والداخلي وايضا الى تجميد الاجور والبطالة الواسعة وارتفاع اسعار المنتجات والخدمات.

ورغم المحاولة الايجابية لسياسة التدبير النشيط للمديونية الخارجية التي اتبعتها حكومة عبد الرحمان اليوسفي خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، عادت الحكومات المتتالية بعدها منذ سنة 2007 على الخصوص الى اللجوء المتزايد نحو سياسة الاقتراض الخارجي، والتي عرفت أوجها خلال حكومتي بنكيران الأولى والثانية منذ 25 نونبر 2011.

هناك جوابان يفسران هذا اللجوء الاضطراري المتزايد للاقتراض الخارجي، الأول يقوم على قانون اتجاه معدل الربح الى الانخفاض وبالتالي الى الكساد والأزمة الاقتصادية والمالية التي تضطر الحكومات الى معالجتها عن طريق اللجوء المتزايد للاقتراض الخارجي لسد الفجوة التمويلية القائمة. ثم هناك جواب ثاني يقوم على قانون المحافظة على البنية الطبقية للدولة وهو قانون ذو طابع سوسيولوجي، مرتبط بالتركيبة التاريخية للمجتمع المغربي الموحدة في اطار من التناقض والتناحر الطبقي. فوحدة وصراع البنيات الطبقية هو ما يفرز الطابع الاستبدادي للدولة ويطلق أيادي أصحاب النفوذ في ممارسات الفساد والنهب مما يعمق الصراع والتناقض. فمن أجل المحافظة على البنيات التحتية الاقتصادية القائمة وأيضا المحافظة على البنيات الفوقية السياسية والاجتماعية والايديولوجية، عندما توشك التناقضات على الانفجار، فإن الاقتراض الخارجي يصبح آلية من آليات الحفاظ على استقرار النظام واستمراره.

فالبنيات التحتية الاقتصادية في المغرب مرتبطة ومتداخلة بشكل وثيق مع اقتصاديات الدول المجاورة وخاصة الاتحاد الاوروبي الذي يستحود على 70 في المائة من التجارة الخارجية المغربية، مما يحتم تكييف النسيج الانتاجي المغربي مع متطلبات هذه التجارة، كما ترتبط هذه البنيات التحتية باقتصاديات حوالي خمسين دولة ابرم معها المغرب اتفاقيات التبادل الحر منذ اواسط عقد التسعينات. ان تفاعل هذه الروابط الاقتصادية لا تخلو من تنافس وتناقض وتفاوت في القوة والضعف. كما أن عمل نمط الانتاج الرأسمالي في هذا الوسط الشديد المنافسة، يفرز اختلالات هيكلية بين رؤوس الاموال المتراكمة لدى البرجوازية والفقر المتفاحش وسط الطبقة العاملة. ويؤدي هذا الاختلال إلى عدم قدرة مجموع القوى العاملة على امتصاص (شراء) كافة المنتجات والخدمات المصنعة محليا أوالمستوردة. ونتيجة ذلك يتراكم كم هائل من الانتاج الزائد الذي يستحيل تصريفه وتحويله بالتالي الى ارباح. وهذا يعني تراجع في المداخيل الضريبية وضعف في السوق الداخلي وتوقف في الانتاج وتسريح للأيدي العاملة.

وبما ان مثل هذه الازمة تهدد البنيات الاقتصادية التحتية وأيضا البنيات الفوقية السياسية من سلطات وقوانين ومؤسسات وتعليم وثقافة وايديولوجية ... بالسكتة القلبية، فان اعادة الحياة الى هذا الجسم المتهالك المزدوج التركيب يتطلب من الحكومات اللجوء الى ضخ شحنات من الأموال الساخنة من الخارج لإعادة الانتعاش والحياة اليه. وبطبيعة الحال فان للاقتراض الخارجي ثمنه، خصوصا عندما يقف ورائه الرأسمال المالي العالمي ومؤسساته الامبريالية التي لن تعيش بدون نهب الشعوب التابعة.

فنحن إذن أمام رغبتين متناقضتين لكنهما موحدتان ومتكاملتان، فالرغبة الأولى تنبع من برامج الحكومات المتعاقبة الممثلة للتحالف الطبقي الحاكم والمنشغلة بالحفاظ على مصالح هذا التحالف، والرغبة الثانية تنبع من استراتيجيات الرأسمال المالي العالمي المهيمن بدون شريك والذي حقق منذ 1992 انتشارا عالميا لإحكام سيطرته ونشر نفوذ شركاته متعددة الاستيطان، والذي يجد في تلبية رغبات حكوماتنا المتعاقبة للمزيد من الاستدانة وسيلة لبسط هيمنته وفرض شروطه.

إن سيرورة هذا التناغم بين الرغبتين الداخلية والخارجية ووقعهما السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يفرز استغلالا مزدوجا للجماهير الكادحة ويملي سياسات تقشفية متواصلة لا تنتهي مع حكومة معينة الا لكي تبدأ مع الحكومة الموالية، فتحمل معها من جهة الفقر والبطالة والتهميش وقمع كل تعبير سياسي شعبي غاضب، كما تحمل معها من جهة أخرى الاغتناء السريع للتحالف الطبقي الحاكم وتعهد اتباعه وخدامه الاوفياء مع تقوية ادواته السياسية والنقابية والقمعية.

ولا ينفرد المغرب بهذه الظاهرة، بل ان جميع دول الجنوب تخضع منذ استقلالاتها الشكلية عن المتروبولات الاستعمارية، لنفس الوصفة من التناغم بين حكومات دول الجنوب وحكومات وشركات متعددة الاستيطان لدول الشمال. وحيث أصبحت الاستدانة الخارجية والاستثمارات الاجنبية المباشرة مكونا هيكليا للبنيات الاقتصادية التحتية لدول الجنوب. ومن خلال هذه المديونية الخارجية التي لا تنتهي تدخل شعوب دول الجنوب في دوامة من التبعية والتخلف لا تنتهي أيضا. فكلا الطرفين في حاجة الى الاخر رغم تناقضاتهما.


• كيف سيكون تأثير هذه القرارات اللاشعبية على معيشة المواطنين ؟

** ان هاجس صندوق النقد الدولي كمؤسسة امبريالية هو ضمان استمرار دول العالم الثالث كأسواق مستوعبة للمنتوجات الصناعية وخدمات دول الشمال وايضا مستقبلة للاقتراض الاجنبي وايضا رؤوس الاموال المستثمرة بشكل مباشر، ويقف في مواجهة هذا الهاجس الافقار الحاصل في دول الجنوب والتهديد بتوقف التدفقات المالية كعائدات المديونية الخارجية وتحويلات المستثمرين الاجانب. لذلك يحرص صندوق النقد الدولي على توازن ميزان أداءات بلدان الجنوب ويتدخل بواسطة خبرائه لدراسة اقتصاديات هذه الدول واقتراح حزمة من السياسات التقويمية التي تلائم هذه الاقتصاديات مع شروط التراكم الرأسمالي في دول الشمال.

وقد ظل التاريخ الاقتصادي والمالي المغربي الحديث مطبوعا بتوجيهات صندوق النقد الدولي خصوصا وأنه كان وراء سياسات التقويم الهيكلي لعقد الثمانينات وأيضا الاصلاح الجبائي المعتمد في اطار هذه السياسات. وحين يأتي صندوق النقد الدولي اليوم لكي يضع حصيلة النظام الجبائي المغربي ويصوغ عدد من الانتقادات بشأن هذا النظام وبالتالي يضع توصياته لمعالجة اختلالاته، فإنما يواصل ممارسة نفس الوصاية على السيادة المغربية والنابعة من حاجة النظام الى استمرار تدفق الاقتراض الخارجي اليه مقابل الالتزام بتنفيذ توصيات الصندوق.

ومن بين التوصيات التي يوصي بها الصندوق نجد مطالبته بالإسراع في اعتماد آليات الضريبة وتقليص الانفاق العام والتحكم بمصاريف القطاع العام ووقف التوظيف الا للضرورة بهدف تحقيق نمو أعلى واعتماد إصلاح أنظمة التقاعد ورفع الدعم عن الاسعار عبر اصلاحات مالية عاجلة.

إن القارئ النبيه لهذه التوصيات الواردة في تقرير الصندوق الاخير المعلن عنه يوم 13 شتنبر 2015، سيلاحظ كما لو أن الصندوق ينبه حكومة بنكيران بالتزاماته امامه، منذ ابرامه لخط الائتمان سنة 2012 بمبلغ 6,2 مليار دولار واعادة خط ائتمان آخر سنة 2014. فكافة السياسات التي اعتمدها بنكيران منذ مجيئه للحكومة لم تكن سوى تطبيق نشيط لتوصيات صندوق النقد الدولي ولم تشكل أبدا ابداعا خاصا بحزبه أو نتيجة تفاهماته مع الأحزاب المشكلة للحكومة. وهو التطبيق الذي يفصح عن مدى التناغم بين مصالح التحالف الطبقي الحاكم في بلادنا ومصالح رأس المال المالي الدولي. رغم طبيعته اللاشعبية واللاديموقراطية.

وتتكامل توصيات صندوق النقد الدولي الحالية مع سياساته المعتمدة من طرف الحكومات المتعاقبة منذ عقود، والتي يمكن تلخيصها في عجالة في ما يلي:

1 – تفكيك المرافق العمومية وخوصصتها؛

2 – رفع اسعار المرافق الحيوية وافراغها من محتواها، مثل التعليم والصحة في افق خوصصتهما، مع دفع الطبقة الوسطى الى بدل مزيد من الجهد المالي لتدريس ابنائها ومعالجتهم، في المدارس والمستشفيات الخاصة؛

3 – تفكيك انظمة التقاعد على علاتها ورفع سن التقاعد وتقليص رواتب التقاعد مع رفع معدل الاقتطاعات؛

4 – رفع اسعار جميع المواد والخدمات التي تستفيد منها الطبقة الوسطى ابتداء من رفع اسعار المحروقات، في تناقض تام مع تراجع اسعار المحروقات دوليا؛

5 – رفع اسعار فواتير الماء والكهرباء التي تلتهم نسبة مرتفعة من اجور الطبقة الوسطى.

لقد مكنت هذه الاجراءات التي أوصت بها تقارير صندوق النقد الدولي، التحالف الطبقي الحاكم من تحقيق ادخارات مالية هائلة، مكنتها من خدمة قطاعات الأمن والسيادة على الخصوص وأيضا ضمان سداد خدمة الديون المتراكمة. ومن بين النتائج الاجتماعية الوخيمة لهذه الاجراءات:

1 – تجميد التوظيف في القطاع العمومي وانتشار البطالة في القطاع الخاص، حيث لم تعد هناك علاقة قائمة بين نسب النمو الاقتصادي ونسب التشغيل، فحينما تتحقق نسب من النمو فإن ذلك لا يرتبط بازدياد في معدلات التشغيل بل يتحقق عكس ذلك أي في المزيد من اتساع معدل البطالة؛

2 – بلغت نسبة البطالة حتى منتصف سنة 2015، 9,9 % وحيث تجاوز عدد العاطلين من حملة الدبلومات العليا مليون و200 الف شاب وشابة. علما ان نسبة البطالة في الحواضر تصل الى 14,8 %. وحيث نجد بين كل عشرة شباب اربعة منهم عاطلين عن العمل في الوسط الحضري.

3 – تفاقم حدة الازمة الاجتماعية في البوادي، حيث تتدنى المداخيل الفردية وترتفع نسبة البطالة المقنعة علما ان البادية تضم ازيد من 60 % من الساكنة المغربية والتي تعيش في اوضاع مزرية من الفقر والبطالة والأمية.

4 – تراجع الاستهلاك النهائي للأسر سنة بعد أخرى منذ اربع سنوات نتيجة الارتفاع المهول المتوالي في اسعار المنتجات والخدمات، حيث ارتفع هذا الاستهلاك سنة 2014 بنسبة 3,2 فقط مقابل 5,4 % سنة 2011. وقد أدى هذا التراجع الى تراجع كبير في معدل الطلب الداخلي – المحرك الاساسي للنمو- حيث تدهور من 3,7 الى 1,2 نقطة مئوية.

5 – كما شهد القطاع الصناعي سنة 2014 تسريح 37.000 عامل وعاملة، وهو الأكبر من نوعه منذ سنة 2009 (50.000 عامل وعاملة).

6 – تدهور قدرة قطاع الخدمات عن استيعاب اليد العاملة العاطلة حيث لم يوفر سنة 2014 سوى 42.000 منصب شغل.

• الفئات الميسورة تستفيد بنسبة 40 في المائة من الإعفاءات الممنوحة، في حين أن الشرائح الاجتماعية الفقيرة لا تستفيد سوى بنسبة 10 في المائة من هذه الإعفاءات علما انها تمنح أساسا تحت تبريرات مساعدة الفئات المعوزة ما هو تعليقكم ؟

** لقد ظل النظام الجبائي المغربي، منذ بداية عقد الستينات، وعلى الرغم من الاصلاح الجبائي المعتمد تحت اشراف صندوق النقد الدولي في عقد الثمانينات والذي أدخل الضرائب الحديثة، كالضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل، يتسم بنفس الحيف بين الطبقات الاجتماعية.

فبالنسبة للضرائب على الدخل نجدها تعاقب ذوي الدخل المحدود كالأجراء والموظفين وذلك من خلال معدلات ضريبية تصاعدية حادة خصوصا في شرائحها المتوسطة وتخفيفها بالنسبة للمعدلات العليا، مع استفادتها من الاعفاءات المقررة في الشرائح الدنيا للدخل. مع العلم أن هذه الضرائب يستحيل التملص منها لكونها تقتطع عند المنبع. كما تتساهل مع مداخيل الشركات والمهن الحرة سواء بالنسبة لمعدلاتها المعتدلة وأيضا نظرا لحزمة الاعفاءات التي تستفيد منها هذه المداخيل بالإضافة الى سهولة التملص من هذه الضرائب عبر مختلف الاساليب القانونية وغير القانونية لكونها تخضع لتصريحات المكلفين بالضرائب وأيضا تتيح امكانيات واسعة لإعلان الخسارة والعجز وبالتالي الاعفاء او الخصم من الضريبة المقررة.

أما بالنسبة للضرائب على الانفاق كالضريبة على القيمة المضافة والضرائب على الاستهلاك والرسوم الجمركية فالمعدلات التصاعدية التي تتقرر في بداية اعتماد المنظومة الضريبية والتي تميز بين المواد الأساسية والمواد العادية والمواد الكمالية عرفت تعديلات متتالية عبر الزمن وبالتالي تم حذف المعدلات الضريبية المرتفعة (30 %) على المواد الكمالية فأصبحت تخضع لتضريب بمعدل (20 %) مثلها مثل المواد والخدمات العادية. أما المواد والخدمات الأساسية الواسعة الاستهلاك خصوصا من طرف الجماهير المسحوقة فقد انتقلت من الاعفاء الى التضريب بسعر منخفض أول (4 %) ثم سعر منخفض ثان (7 %) ثم سعر منخفض ثالث (10 %). ويظهر بشكل واضح طبيعة الحيف الذي يطال الطبقات المسحوقة مقارنة بمحاباة الطبقات الغنية.

ان تقرير صندوق النقد الدولي الذي يتحدث عن مجال الحيف فقط في ما يتعلق بالإعفاءات يغفل متعمدا أو جهلا باقي مكامن حيف النظام الجبائي المغربي. وحين يشير الى ارتفاع مستوى الضغط الجبائي المغربي والذي يصل الى 25 في المائة، وهو مستوى يضاهي باقي الدول السائرة في طريق النمو، فان هذا الضغط الجبائي يقع عبئه اساسا على ذوي الدخل المحدود وخاصة من بين الطبقة الوسطى من الاجراء والموظفين والتقنيين والذين يحققون 70 في المائة من المداخيل الضرائب على الدخل، كما أن 2 % من الشركات فقط تحقق 80 % من ايرادات الضريبة على الشركات، بينما باقي الشركات اما انها تتهرب من الضريبة او أنها معفاة قانونا منها. أما المهن الحرة كمهن الطب والمحاماة فتخضع لتضريب تافه غير متناسب مع مداخلها الضخمة. أما الضريبة الفلاحية التي كانت معفاة الى غاية سنة 2014 فان الاجراءات المعتمدة لهذه السنة لا تهم نظريا سوى 2 % من الشركات الفلاحية، علما ان لدى هذه الشركات ايضا امكانات هائلة للتهرب من كافة انواع الضرائب، بل والحصول على اعانات واستثمارات هائلة من الميزانية العامة للدولة منها تلك التي تم التلميح لها في الخطابات الرسمية الاخيرة.

• كيف تقيمون إشارة صندوق النقد الدولي إلى أن الإعفاءات الضريبية لم تحظ لحد الآن بنظام الحكامة والتتبع والتقييم بهدف ضبطها علما أن مبالغها في تزايد مستمر من سنة لأخرى ؟

** بلغت النفقات الضريبية المترتبة عن الاعفاءات المتنوعة والتي تحظى بها ثروات وشركات ومداخيل الطبقات الغنية المهيمنة، حسب تقرير صندوق النقد الدولي سنة 2013-2014 نسبة 4 % من الناتج الداخلي الاجمالي، وهو ما يصل الى حوالي 18,495 مليار درهم. ان هذه الاشارة لا تؤكد فقط حجم الاستغلال والحيف الاقتصادي المترتب عن الانقسام الطبقي في المغرب الى اقلية من التحالفات الطبقية الحاكمة وشرائح واسعة من الطبقة الوسطى والطبقة العاملة وباقي الشرائح الفقيرة والمهمشة. بل يؤكد أيضا غياب الديموقراطية السياسية بل وغياب المعبر السياسي للطبقات المسحوقة والذي يمكنه مباشرة الضغط السياسي لمعالجة هذه الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية العميقة.

وقد أبانت الانتخابات الجماعية الاخيرة عن مستوى تردي الوعي الشعبي في تعديل الوضع السياسي والاقتصادي المتردي والمنتقد حتى من طرف المؤسسات المالية الامبريالية، حيث استطاعت العديد من الوجوه المحروقة رغم اتهامها بالفساد وباستغلال النفوذ، العودة الى احتلال المناصب الحساسة في الدولة دون حرج والتي من خلالها تتم صناعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية الطبقية. كما ان تخلف الوعي الطبقي يجعل من العادي جدا القبول بنتائج انتخابات تؤكد ان 71 % من المغاربة الذين لهم الحق في التصويت(17.443.000 نسمة) قاطعو هذه الانتخابات وأن 29 % (7,280,000 نسمة) هم فقط من يقرر سياسات اقتصادية واجتماعية لا شعبية ولا ديموقراطية.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة بنكيران التقشفية لميزانية 2016
- الميلودي موخاريق الامين العام للاتحاد المغربي للشغل يسيئ لمب ...
- الشباب والاشتراكية
- ازمة الامبريالية وتفكك الدولة الوطنية
- الحصيلة الحكومية
- المسألة النقابية في المغرب والنضال العمالي
- اشكالية مطلب الزيادة في أجور العمال
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ...
- الارهاب كمؤشر على انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي
- ذكرى مرور مائة سنة على جريمة ابادة العنصر البشري في حق الشعب ...
- ماذا بعد اضراب 29 اكتوبر؟
- دلالات التناقض السياسي في المغرب في مواجهة منظومة حقوق الانس ...
- معضلة البطالة و السياسة التشغيلية للحكومة
- البطالة افراز مباشر للسياسات الحكومية البرجوازية
- حصيلة سنة 2014 بالمغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا
- سياسة الميزانية في ظل القانون المالي لسنة 2015
- مأزق الأداء الحكومي في المغرب سنة 2014
- تجربة التدبير المفوض في المغرب تحت المجهر
- التصريح الختامي لملتقى الاحزاب والمنظمات الثورية حول الشرق ا ...
- الاقتصاد المغربي لا يتماشى مع البنوك الإسلامية


المزيد.....




- -ستاندرد آند بورز- تخفض تصنيف إسرائيل الائتماني
- البنك المركزي المصري يعلن القضاء على السوق السوداء للدولار
- أسعار النفط تقفز وسط تقارير عن ضربات إسرائيلية على إيران
- أسواق آسيا تلونت بالأحمر والذهب ارتفع.. كيف تفاعلت الأسواق م ...
- حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
- مفاجأة جديدة اليوم|.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 ...
- شويغو يتفقد مصنعا لإنتاج الدبابات وقاذفات اللهب الثقيلة (فيد ...
- ارتفاع أسعار النفط بعد أنباء عن هجوم إسرائيلي على إيران
- بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر بلجيكا تستأنف استيراد الماس من روس ...
- مطار حمد الدولي ينتزع الصدارة في قائمة أفضل مطارات العالم


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - 2016 سنة الاحتقان أم سنة تنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي