أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر ديفد ري،David Ray ـ الى طفل في بغداد















المزيد.....

الشاعر ديفد ري،David Ray ـ الى طفل في بغداد


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 365 - 2003 / 1 / 11 - 15:18
المحور: الادب والفن
    



                     خاص: الحوار المتمدن


عندما يخاطب الشاعر ديفد ري طفلا في بغداد بأن لا تخاف لأن قنابلنا ذكية، يكون الضمير الانساني قد حزم أمره من هذه البشاعة المتكررة التي اسمها الحرب، فالحروب الجديدة وخاصة الحروب المخصصة لقتل  اطفال الهنود السمر هي  نوع من القتل الابيض الذي ستشاهدونه قريبا على الشاشة بين نهاية هذا الشتاء وبداية الربيع، لأن موتنا لا قيمة له ما لم يكن مرئيا  للعالم كفرجة أو مذبحة جميلة، ولأن اطفالنا لا تنطبق عليهم شروط الطفولة كما حددتها القوانين.

إنهم أطفال خارج التاريخ، وخارج شروط البراءة، وهذه الشروط الجديدة التي حددها النظام الدولي الجديد لا تضع في قواميسها اطفالنا كمخلوقات تستحق الحياة والفرح والضحك والنوم والحلم واللعب والأمل والاستحمام وحتى الموت الطبيعي.ليس مسموحا لآزاد الطفل الكردي الذي ولد في لية ثلجية عاصفة بين جبل
هندرين، وبين مضيق برسلين،ولا لشقيقه الجنوبي حمد الذي ولد على كدس تبن في ريف جنوبي على ضوء القمر، ليس مسموحا لهما بالمرور بمراحل الطفولة المعروفة حتى سن الكهولة، لأن طائرات الشبح وغيرها ستختصر الاعمار وتجنبهم مرارة العيش، ولا أهمية لمراحل المراهقة والشباب والشيخوخة فالنظام الدولي الجديد معني تماما بتوفير السعادة لهؤلاء الاطفال واختصار اعمارهم بدون الم.ومن يفعل ذلك غير القنابل الذكية؟.وفي الوقت الذي يصرخ هذا الشاعر ـ ديفد ري ـ  في وجه الموت والخسة والدناءة، يقف كثيرون من شعراء العراق كإنهم فعلا قادمون من كوكب آخر ـ حسب تفسير  الطائفة الرائيلية ـ في قدوم كائنات من كوكب آخر.


نقرأ في الصحف وفي المقاهي وفي حفلات الردح ، حوارات عن الجيل السبعيني، والثمانيني والتسعيني وكيف ان الشاعر الفلاني قد تمكن من تحريك الساكن
وايقاف المتحرك، وانشغالات لا أول لها ولا آخر عن قصيدة النثر والريادة.هذا في الوقت الذي يساق فيه الشعب العراقي الى المحرقة دون ان يكف بعض
هؤلاء عن هذا النوع من الاحتقار واللامبالاة والاهانة مع ان كل شيء مدون ومكتوب ومؤرخ للأجيال القادمة.إكذوبة كبيرة هي بدعة الاجيال الشعرية في العراق.لا يوجد سوى جيل شعري واحد في العراق، لأن الاجيال الشعرية ليست أبواب فنادق أو غرفا أو أرصفة مجرد المشي عليها يتم تلوين الشعراء.

وصف الجيل يقال عن مرحلة تحمل مواصفات تاريخية واقتصادية وثقافية وفكرية مميزة، وحقبة من التاريخ خاصة ونادرة واستثنائية، وهؤلاء نسخ مكرورة من بعضها.

  كما أن غالبية هؤلاء هم شعراء على الورق.
يكتبون قراءاتهم وليس تجاربهم أو أفكارهم.

  افكارهم موجودة في سلوكهم اليومي وتعرفونه.

  وهذه هي ثقافة التمشدق ـ بتعبير المرحوم المفكر علي الوردي. وهي ثقافة تكون فيها المعايير مثالية، وصارمة، وحدية، وعلى المستوى الاخر يكون السلوك عكس ذلك تماما.

وهذه الثقافة تنشأ في حقب الخوف والارهاب وتحول الانسان الى مهرج حتى وهو يتحدث عن أنبل القيم لأنه يعتقد ان هذه المعايير المثالية تنطبق على الاخرين فقط وهو معفي منها تماما.

هناك انفصال شعري وسلوكي وانفصام بين القول وبين الفعل، بين حساسية شعرية ورقية وبين جلافة واقعية، بين عشق العصافير على الورق وذبحها وكراهيتها على حبال الغسيل، بين حب الاطفال في القصائد فقط وتركهم يموتون بالغازات أو القنابل أو الابادة في الواقع.

لا مبالاة غريبة لم نجدها في جيل شعري آخر، في مكان آخر.

كان أراغون عاشقا وعدميا وسكيرا، ولكنه كان شاعر مقاومة مع شعراء جيله.وكان اليوار عاشقا وعذبا ورقيقا وشفافا لكنه كان شاعر مقاومة ايام
الاحتلال النازي لباريس وكانت قصيدته ـ الحرية ـ تنزل على رجال المقاومة بالمظلات.هكذا كان الروائي اندريه مالرو روائيا مبدعا كبيرا، ولكنه كان رجل مقاومة حتى أسر وفر من الاسر..

هؤلاء وغيرهم كانوا شعراء حداثة ومشغولين باللغة والتجديد والعصر، لكن هذا لم يمنعهم من الانخراط في معركة الحرية.لم يجلسوا في مقاهي الشانزيليه ليتحدثوا عن الريادة والنشر والمكافأة ومعارك الذباب والوهم وحرف الجر والممنوع من الصرف، وجنود الاحتلال النازي يمرون من امامهم في تجسيد واقعي للعار.

كل شعراء العالم كانوا مشغولين بالحداثة وبالحرية الا شعراء حقبة التشوه الحالية فلا يشغلهم عن نرجسيتهم بديلا ولو سيق كل اطفال العالم الى الموت
الان.

إن اختصار العراق بإسم هذا الطاغية السافل هو جريمة كبرى.العراق هو عنوان ضخم وعملاق.العراق هو عبد الله كوران والمتنبي وفكرت جاويد والصدر وآمنة وفهد والجواهري وهادي العلوي وغيرهم، وغيرهم.  يبدو ديفد ري خارج السرب ويغني في مأتم خاص بالشعراء العراقيين المدهوشين من
هذا الرجل الذي يبكي موت اطفالهم، في حين لا يبكي هؤلاء إلا على  تأخر قدوم الباص الذاهب الى الريادة أو التاريخ أو المزبلة.

 

                       قصيدة ديفد ري
                      الى طفل في بغداد

   لعل قنابل عصفت بك
  الى غد افضل.
   انت وببغاؤك المفعم بالحيوية.
  قد تتبادلان المواقع.
نعطيك فرصة في الاقل لتحسين نفسك.
من يدري لعلك ستولد تحت
نجم سعيد في المرة القادمة، لعلك
ستعيش في ارضنا ذات الحليب والعسل
وتقوم بالقاء القنابل انت نفسك.

يقولون انك ستموت هذه السنة،
وان قنابلنا هي التي فعلت ذلك.
انقطاع الكهرباء لوث الماء،
شيء من هذا القبيل

ولكنهم يبالغون.
لو عرفت هذه القنابل لأحببتها.
نرسم عليها وجوها.
نجعلها صقيلة لامعة ونعطيها اسماء اليفة.

هي ذكية..
لهذا السبب وَجَدتْك.

 

ِِ   نعم، ديفد، نحن على موعد قريبا على شاشة السي.أن.أن. لكي نرى للمرة الاخيرة اطفالنا كيف يموتون هذه المرة بالقنابل الذكية والفراغية والعنقودية
والقصف السجادي وبحرائق محطات الوقود وآبار النفط والغازات وسياسة الارض المحروقة...كل ذلك من اجل " الديمقراطية" التي ستقتل شعبا بأكمله وتنقذ الارض من الفاشية.

جهزوا انفسكم لمشاهد الموت القادم ، ولاتنسوا الكرزات والقهوة والويسكي
لأن 
موتنا هذه المرة سيكون على أحدث الاسلحة الذكية التي سوف لن تقتل احدا
ابدا غير
الطاغية،
والحاشية،
ومليون عراقي،
قتلوا سهوا أو خطأ.




#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر الاجنبي والحرب ـ موسم قتل العراقيين
- القاص مهدي جبر ـ وداعا طائر التم
- الروائي نوري المرادي ـ خضرمة ـ الموسم الخامس.
- إحتفالية بالروائي عبد الخالق الركابي ـ سابع ايام الخلق
- الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل
- الروائي الطاهر بن جلون و ـ تلك العتمة الباهرة
- الروائي المغربي محمد شكري و ـ زمن الاخطاء
- عبد الله القصيمي، المتمرد القادم من الصحراء
- الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟
- الشاعر حسين عبد اللطيف في- نار القطرب-
- احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !
- وثيقة التوجهات السرية!
- صرخة تضامن مع مروان البرغوثي


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر ديفد ري،David Ray ـ الى طفل في بغداد