أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال الربضي - مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.













المزيد.....

مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4924 - 2015 / 9 / 13 - 02:02
المحور: المجتمع المدني
    


مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.

جلسنا في مقهى وسط عمـَّان القديمة، طلبت ُ أرجيلة بنكهة الشمَّام لأنها أخف ُّ النكهات على صدري، بينما طلبها صديقي بليمون و نعنع، مع شاي أخضر لي، و قهوة له.

وضع النادل عبوتي مياه إجباريتين على الطاولة، ثم ذهب.

(سأقوم تحويل أو ترجمة الكلام من لهجتنا الأردنية المحكيَّة إلى الفُصحى ليتمكَّن القراء الكرام من فهم الحوار، و سأرمز لنفسي بـ: ن، و لصديقي بـ: ص)

ن: كيف َ حالك ُ يا صديقي؟ (و هي الجملة أكثر استخداما ً بين الأردنين و تخدم كفاتحة للحديث أكثر منها سؤالا ً يريد إجابة)
ص: الحمدلله، كيف أحوالك و ما أخبار ُ العائلة؟

ن: كُلُّنا بخير، ما أخبار ُ زوجتك ِ و عائلتك؟
ص: الحمدلله، الحمدلله، كلنا بخير.

و بعد َ الكثير من الأخذ و الرد و السؤال و الجواب عن العمل و الطقس اتجه الحديث تلقائيا ً عن داعش و الطائفية و العنصرية و توقفنا عن الحديث حين حضر َ النادل مع الأراجيل، و بدت الدقيقة ُ التي يُعدُّ فيها الفحم و يقوم بتوليع ِ النفس لنا ثقيلة ً كأنها ساعة، و ما أن مضى حتى سحبت ُ و صديقي نفسين شرهين و نفخناهما في الهواء ثم عدنا للحديث.

ص: يا رجل، الأمور ُ تتجه للأسوأ، ألا تظن ُّ ذلك؟ لقد جُنت الناس.
ن: أؤيدك، أُحسُّ أنني في أردن ٍّ آخر غير الأردن ِّ الذي أعرف، و أعتقد ُ أن الشيوخ المودرن Modern قد تجاوزوا حدودهم كثيرا ً.

ص: هؤلاء ِ مقرفون لكنَّهم لا يمثِّلون الأردنين.
ن: بصراحة، أحس ُّ أحيانا ً أن شعبنا فقد حسَّه الفطري و أصبح أكثر ميلا ً للتدين، و أنا أشعر ُ بالقلق من تنامي الظاهرة الدينية مؤخرا ً.

ضحك صديقي ثم قال:
ص: بالطبع أنت قلق فأنتم جماعة الملحدين لا تحبون الدين و لا الأديان، و لو تركنا الأمور لكم لأغلقتم الجوامع و الكنائس كلها.

بدا تعليقه مقدِّمة ً لتغير مجرى الحديث و لم أشأ أن أفقد َ الزخم السابق الذي بنيناه ُ فوق الأحداث ِ التي تعاني منها المنطقة نتيجة َ الطائفية ِ الدينية فقلت:
ن: و هل يرضيك َ ما نتعرض ُ له في العراق و سوريا و مصر، و التحشيد الطائفي الحديث عندنا؟!

ص: تقول ُ "نتعرض" أي أنك تشمل نفسك في جماعة المسيحين مع أنك ملحد، لماذا؟

كان سؤاله ودِّيا ً فهو يعلم ُ موقفي جيدا ً لكنه أراد أن يستثيرني لأتكلم، و هكذا هم أصدقائي حين َ أكون ُ معهم، أُحسُّ أنهم يتعمدون فتح المواضيع لأنهم يعلمون أنهم سيتلقون أفكارا ً تستثيرهم لاتخاذ مناهج فكرية مختلفة عما اعتادوا.

قلت ُ له و أنا أرفع ُ قدح َ الشاي الأخضر و أرمقه بنظرة ٍ ثاقبة.

ن: أستحلفك َ بشرفك هل تعتقد ُ أنني سانسلخ ُ من أهلي و جماعتي لمجرّد أنني لم أؤمن بما يؤمنون به؟ هل سأنسى تربيتي؟ هل سأتنكَّر ُ للرهبان ِ الذين تربيت ُ في مدارسهم؟
ص: طبعا ً لا أنت تعلم أنني أستفزُّك.

ن: نعم أعلم، لكن الموضوع لم يعد موضع إيمان، لم يعد موضوع عقيدة، إنه موضوع ثقافة ضد ثقافة و فكر ضد فكر، في الفترة الأخيرة أصبح الشيوخ مسعورين بكل معنى الكلمة، الشحن الطائفي تصاعد برائحة قذرة لم أعد أستطيع ُ احتمالها، إن الشيوح اليوم يبنون الكراهية بمكر ٍ شديد، يكدسون مخزونا ً من الغضب ضد المسيحي و الكراهية له تفوق أي تخيُّل، لقد أصبحت مسألة تكسير عظم، المسلم الحق ضد المسيحي الباطل، الفضيلة الإسلامية ضد القذارة المسيحية، الحجاب ضد السفور، الله ضد الشيطان، نحن الشيطان هنا يا صديقي، و أنا أرى قومي يتألمون و يعانون، لا أستطيع أن أبقى مكتوفا ً، أجد ُ نفسي في صفهم تلقائيا ً و بدون تخطيط، أنا مصاب بقرف شديد، هل تعلم أنني قبل عدة شهور ثرت ُ في وجه موظف السوبرماركت و لعنت ُ السلفية و داعش و القاعدة و الشيوخ جميعا ً على مسمع من كل من كانوا على الكاش، لقد استفزني بتعليق ٍ مثل وجهه (تعبير أردني كناية عن احتقار كلام الطرف الآخر) و اعتقد ُ أن تضخم عروق الرقبة عندي مع عيني المحمرتين كان كفيلا ً بإخراسه و تحذيرا ً لأي شخص في السوبرماركت فلم يتكلم أحد.

ضحك صديقي و قال بمكره المحبب إلى قلبي:
ص: أعرف أعرف، ما زلت َ كما أنت، ماذا قال الرجل؟
ن: ليس مهما ً ما قال، المهم أنه أصبح يمثل ظاهرة في الشارع اسمها ظاهرة "الحمار الطائفي" هذا الحمار الذي لا يفهم شيئا ً و لا يستطيع أن يتكلم بجملتين مفيدتين، لكنه يفتي في المسيحية و الإسلام و إرادة الله و يخبرك َ بالمستقبل الإلهي القادم كأنه يتلقى الوحي كل يوم!

ص: معك حق، شيوخنا معظمهم جهلة و متعصبون، لكن المسيحيون يساهمون في الحملة ضدهم؟
ن: كيف؟

ص: يا رجل الكثير من المسيحين الآن يتكلمون ضد الرسول و القرآن على مواقع التواصل الإجتماعي و يتجاوزن المعقول، و هذا يستثير رد فعل ٍ من الغوغاء ضدهم، و هو ما يزعجك.
ن: رد الفعل المسيحي على مواقع التواصل هو انعكاس لظلم ٍ ضدنا نعانيه منذ قرون، ألم نمر قبل نصف ساعة بجانب أكشاك تبيع كتبا ً تسفه عقائد المسيحين و تحشو عقول المسلمين بثقافة استعدائية لم تتغير منذ قرون، ألم تشاهد ما يباع على الرصيف؟ المسيحيون تعبوا من الصمت، أصابهم القرف من إدارة الخد الآخر، و أنا لا ألومهم، على الرغم أنني لا أشترك في هذه التفاهات فأنا أرى أن تغير ثقافة المجتمع يجب أن يتم بقرار حكومي يمنع شيوخ الكراهية من الكلام تحت طائلة العقوبة، و صدقني لن تجد مسيحيا ً واحدا ً يتحدث عن محمد أو القرآن، أنا لا أوافق على الكراهية من أي جهة، لكن تقتضي الأمانة أن نصف الأحداث كما هي و أن لا نتغاضى عن أصولها.

مرت فتاتان من أمام الطاولة، و كان بنطال أحداهما ينغرز ُ في تفاصيل ِ جسدها بشكل ٍ مبالغ فيه جعل رأس صديقي يلتف بعيدا ً عني.

شتمتُه بود:
ن: حيوان و ستظل ُّ حيوانا ً لا أمل فيك.
ص: لا تقل لي أنك لم ترى تفصيل ِ البنطال لعضوها (قالها بالعامية).

ن: رأيت لكنه لم يشدني.
ص: أنتم المسيحيون تتظاهرون بالورع لكنكم مثلنا تماما ً لا تحاول أن تلعب َ دور شريف مكة أمامي، أعلم كم تحب النساء.

ضحكت ُ من قلبي و اجبته:
ن: نعم أعشق ُ النساء و لست ُ مخصيا ً لكنني لن أدير رأسي كما فعلت، متى ستفهم أن الحضارة ليست بإنكار الغريزة لكن بحسن ِ التعامل معها؟

ثم أضفت ُ مشاكسا ً:
ن: لكن مستحيل أن تفهم، أنت تبحث ُ عن ثقب ٍ تضع ُ فيه إصبعك َ السفلي المتمرد.
ص: أحسن من أصبعك ِ النائم.

ن: ليس نائما ً إنه قائم، لكنه لا يبحث ُ عن القذارات مثلك (ثم أردفت ُ شتمية ً ضحك َ لها صديقي حتى اهتزت أرجاء المقهى).

طال الحديث و احترق رأسا الأرجيلة شدَّا ً و شفطاً و طلبنا قهوة ً بعد الشاي و القهوة ِ الأولين، و عندما تأخر الوقت خرجنا و رجع َ كلُّ منا إلى داره.

فكرت ُ كثيرا ً في ما آل إليه ِ حديثنا و ترسَّخت في عقلي قناعة ٌ سابقة مفادُها أننا يجب ُ أن نهاجر، لم نعد ُ نستطيع ُ أن نحيا بحرِّية ٍ و سعادة ٍ هنا، تألمت ُ للفكرة كثيرا ً و حاولت ُ أن أنقضها، فلم أستطع. كم أنا حزين!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 3 – الماهيَّة و الجذر – ج 2.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 2 – الماهيَّة و الجذر – ج 1.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – مُقدِّمة للسلسلة.
- بوح في جدليات – 13 – لوسيفر.
- قراءة من سفر التطور – 6 – من ال 1 إلى ال 3.
- بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.
- قراءة في الوجود – 5 - الوعي كوعاء للعقل و الإحساس و ما دونه.
- قراءة في الوجود – 4 – بين وعي المادة و هدفها.
- بوح في جدليات – 11 – في مديح ِ عشتار - نحن ُ الإنسان!ّ
- قراءة في اللادينية – 6 – مقدِّمة في مظاهر ما قبل الدين عند ا ...
- بوح في جدليات – 10 – ثلاثة ُ أيام ٍ بعد.
- قراءة في اللادينية – 5 – جذورُ: الإحيائية، الطوطم و التابو ف ...
- قراءة من سفر التطور – 5 – من ال 24 إلى ال 23
- قراءة من سفر التطور – 4 – من ال SIV إلى ال HIV
- المرأة الفلسطينية – بين الأمومة و السياسة.
- بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليبيوس.
- عشتار - 4 – انبثاقُ الحياة.
- عمَّا بين النقد المُنفلت و نجاعة التأثير - 2
- الفيلا في وسط الغابة –الياكيم، باراك، أوباما و التاريخ.
- في نجوى معاذ


المزيد.....




- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال الربضي - مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.